سوريا والجامعة العربية .. الصفقة المرتبكة
تحليل فتحى محمود .. هل أنهى القرار 8914 الصادر من وزراء الخارجية العرب أزمة تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية وعادت علاقة سوريا بالجامعة كما كانت قبل عام 2011، أم أن هذا القرار مجرد خطوة سيعقبها خطوات أخرى، وما هي قصة الشروط المتبادلة بين الجانبين التي شكلت محور صفقة عودة سوريا للجامعة، وماهو دور اللجنة الوزارية العربية التي تم تشكيلها لمتابعة الموقف مع الحكومة السورية، وماذا يعنى تعبير (منهجية الخطوة مقابل خطوة) الوارد في قرار وزراء الخارجية العرب، وماهو موقف الأطراف السورية الأخرى من هذا الملف، وهل ستنسحب تركيا وإيران من الأراضى السورية تنفيذا للموقف العربى المطالب بذلك، وبعد تسلم الرئيس السورى بشار الأسد دعوة رسمية من السعودية للمشاركة في القمة العربية بجدة 19 مايو الجارى، هل سيحضر هذه القمة فعلا؟
تساؤلات كثيرة يثيرها ملف عودة سوريا للجامعة العربية، خاصة الاجتماعات الوزارية العربية التي ناقشت الأمر شهدت بعض الخلافات مع الحكومة السورية وملاحظات محددة، وربطت العودة بخارطة طريق لحل الأزمة السورية سلميا وبما يكفل الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية وحمايتها من التدخلات الخارجية، مع لجنة متابعة عربية لتطورات الأزمة، وهل هناك شروط خفية من جانب بعض الدول العربية خاصة مع رفض دولتين عربيتين هما قطر والمغرب التعامل مع النظام السوري الحالي، وأهمية هذه التساؤلات انها تكشف حقيقة الموقف وتحدد بالتالى سيناريوهات التعامل مع الأزمة من كافة الأطراف خلال المرحلة المقبلة.
· تطورات الأزمة السورية
في سياق ما عرف بالربيع العربى، شهد تاريخ 15 مارس 2011 انطلاق الثورة السورية بأول مظاهرة نظمها ناشطو المجتمع المدني في سوق الحميدية وسط دمشق، حيث ردد المتظاهرون شعارات تنادي بالحرية، فسارعت قوات الأمن إلى مهاجمة المظاهرة وفضها واعتقال عدد من الناشطين المشاركين فيها، ودعت صفحات مؤيدة للثورة إلى مظاهرات حاشدة في المدن السورية يوم الجمعة 18 مارس 2011 تحت اسم “جمعة الكرامة” فتحركت عدة مدن سورية، وادى العنف الكبير في مواجهة المظاهرات السلمية إلى تحول شعاراتها من الحرية والمطالبة بالتغيير إلى الدعوة إلى إسقاط النظام ورفض حكم بشار الأسد.
وأنشأت الجماهير التنسيقيات والمجالس المحلية في المحافظات والمدن السورية لمتابعة الحراك الميداني والتخطيط له، وتنظيم الوضع العام على أرض الواقع، ثم وقعت انشقاقات في صفوف الجيش السوري وأُسس المنشقون الجيش السوري الحر الذى سيطر على عدة مناطق، وفي أكتوبر 2015 أُعلن عن تشكيل “قوات سوريا الديمقراطية”، أو كما تعرف باسم “قسد” وعرّفت عن نفسها بأنها “قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والأكراد والسريان وكافة المكونات الأخرى”، وتتألف من مجموعة من الفصائل المسلحة معظمها تابع للأكراد، وتتمركز سيطرتها على مناطق شمال شرق سورية.
وظهرت خلال السنوات الـ12 جهات قتالية أخرى مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة وغيرهما، إلا أن هذه الجهات انحلت، وبعضها انتهى والآخر انضوى تحت جهات قتالية أخرى، وفى اجتماع أقيم في مدينة الدوحة في نوفمبر 2012، تم تشكيل “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، وبدأت التدخلات الخارجية في الأزمة السورية سواء من جانب بعض دول الخليج العربي التي ساندت بعض مجموعات المعارضة، أو من جانب إيران وحزب الله وروسيا الذين استعان بهم النظام السوري لإنقاذه.
وانعكست تطورات الأزمة السورية على علاقة دمشق بالجامعة العربية، حيث قطعت دول عربية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، وابعدتها عن جامعة الدول العربية في نوفمبر 2011، لعدم استجابة النظام السوري لجهود حل الأزمة، وبمرور الوقت تحولت سوريا إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية.
· حرب الكبتاجون
استغلت بعض أطراف الحرب السورية الظروف في تصنيع وتهريب حبوب الكبتاجون المخدرة بكميات ضخمة وتحولت إلى تجارة مربحة تفوق قيمتها عشر مليارات دولار سنويا، وارتبط اسمها بتنظيم الدولة الإسلامية، وتُعد حبوب الكبتاجون اليوم أبرز الصادرات السورية، وتفوق قيمتها كل قيمة صادرات البلاد القانونية، وفق تقديرات مبنية على إحصاءات جمعتها وكالة فرانس برس، وباتت سوريا مركزاً أساسياً لشبكة تمتد إلى لبنان والعراق وتركيا وصولاً إلى دول الخليج مروراً بدول إفريقية وأوروبية، وتُعتبر السعودية السوق الأول للكبتاجون.
والكبتاجون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت، لكن تلك الحبوب، وأساسها الأمفيتامين المحفّز، باتت اليوم المخدّر الأول على صعيد التصنيع والتهريب وحتى الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وفي العام 2021، ووفق بيانات رسمية، صادرت القوى الأمنية في دول عدة أكثر من 400 مليون حبة كبتاجون. وبحسب ما أظهرت مضبوطات من العام 2022، يبدو أن صادرات الكبتاجون ستفوق تلك التي تمّت في العام السابق، لكن هذا ليس سوى رقم بسيط جداً مقارنة مع ما لم يُضبط، ويقول مسؤولون أمنيون إنه، مقابل كل شحنة يتمّ ضبطها، تصل تسع شحنات أخرى إلى وجهتها.
ويستفيد نظام الرئيس بشار الأسد و دائرون في فلكه وشبكة تجار الحرب بشكل هائل من تجارة الكبتاجون، ويقول مستشار سابق للحكومة السورية لوكالة فرانس برس من خارج سوريا : لا توجد محرّمات في الحروب، والبلاد كانت ولا تزال في حاجة ماسة للنقد الأجنبي من أجل رفد اقتصاد الدولة، ويضيف: استطاعت صناعة الكبتاجون أن ترفد الخزينة ولو بجزء من العملة الأجنبية من خلال اقتصاد ظل متكامل يبدأ من استيراد المواد الأولية، وصولاً للتصنيع وأخيراً التصدير.
وتتورّط أجهزة أمنية وعسكرية سورية عدة في تلك التجارة، قد تكون أبرزها الفرقة الرابعة التي تتبع ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، وفق ما أفادت مصادر عدة بينها أمنيون سابقون في سوريا ومهربون وخبراء. ويعد جنوب سوريا، وتحديداً محافظتا السويداء ودرعا، معقل طرق تهريب أساسية لحبوب الكبتاجون نحو الأردن، وفق ناشطين وأمنيين سابقين من المنطقة، كما دخلت صناعة الكبتاجون وتهريبه مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا في شمال سوريا. ويقول مسؤول أبحاث سوريا في مركز التحليلات العملياتية والأبحاث (كور) إيان لارسون لقد تحوّلت سوريا إلى المركز العالمي لصناعة الكبتاجون عن إدراك، مشيراً إلى أنه لم يعد أمام دمشق سوى خيارات تجارية محدودة جراء اقتصاد الحرب والعقوبات القاسية.
وقد عانت الدول العربية وخاصة السعودية والأردن من تهريب الكبتاجون إليها قادما من سوريا، وكان ذلك أحد الدوافع الأساسية لدى تلك الدول للتفاوض مع الحكومة السورية والموافقة على عودة سوريا للجامعة العربية مقابل تخلص دمشق من صناعة الكبتاجون والسماح باستهداف بعض مصانعه وتجاره، وهو ما قام به الأردن مؤخرا حيث قصفت طائرات اردنية أحد معاقل صناعة وتهريب الكبتاجون داخل سوريا.
· العودة للحضن العربي
تحولت الأزمة السورية إلى مصدر خطر كبير على المنطقة العربية، مع تدخل بعض الدول الإقليمية مثل تركيا وإيران والدولية مثل أمريكا وروسيا بشكل عسكري مباشر لصالح هذا الطرف أو ذاك، وتواجدها على الأراضى السورية مما أدى إلى استحالة حسم الصراع عسكريا لصالح أي طرف، وانتشار الجماعات التكفيرية وسيطرتها على بعض المناطق، وتحول سوريا إلى أكبر منتج ومصدر للمخدرات في الشرق الأوسط، وتزامن ذلك مع تصاعد التنافس بين بعض الدول الخليجية على لعب دور سياسي إقليمي أكبر، وبدأت بعض الدول العربية في مراجعة حساباتها والاقتناع بأهمية وجود دور عربي فاعل في حل الأزمة السورية عبر التواصل المباشر مع كافة الأطراف وعل رأسها النظام السورى، بعدما فشلت جولات مفاوضات قادتها الأمم المتحدة في إحراز أي تقدم.
وبدأت التحركات بالإمارات التي اعادت علاقتها الدبلوماسية مع دمشق عام 2018 وتبعتها بعض الدول العربية بعد ذلك والتي كان آخرها السعودية منذ عدة أيام، وكانت صحيفة “الجارديان” البريطانية قد نشرت تقريرا أكّدت فيه أنه بالنسبة للسعودية والإمارات، فإن إعادةسوريا إلى الجامعة العربية تعد إستراتيجية جديدة تهدف إلى إبعاد الأسد عن دائرة نفوذ طهران، وأنّ هذه الإستراتيجية تعززها وعود خليجية بإقامة علاقات تجارية طبيعية، وضخ أموال لإعادة إعمار سوريا.
وقبيل القمة العربية بالجزائر العام الماضي بذلت الجزائر وعدة دول عربية جهودا كبيرة من أجل عودة سوريا إلى الجامعة العربية لكن دولا أخرى مثل المغرب وقطر وآخرين رفضوا بشدة وفشلت تلك الجهود، وأصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا وقتها أشار إلى المشاورات التي أجرتها الجزائر وشملت سوريا من منطلق مسؤولياتها بصفتها البلد المضيف للقمة، حيث التقى وزير الخارجية رمطان لعمامرة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وقال البيان أن الجزائر تعتزم مواصلة مساعيها في أفق القمة العربية المقبلة لبلورة مخرجات تمكن من تكريس التوجه نحو عودة سوريا واستكماله على النحو التوافقي المنشود، وذلك عبر وضع آلية العمل المناسبة وتبني المنهجية الضرورية لهذا الغرض.
وبدأ الجمود في العلاقات العربية مع الأسد يتلاشى بوتيرة أسرع بعد الزلازل المدمرة التي ضربت سوريا في فبراير، حيث زارت وفود عربية دمشق وقدمت مساعدات إنسانية، وتسعى الدول العربية فيما يبدو لإنهاء عزلة الرئيس السوري، مقابل الحد من تجارة المخدرات المزدهرة لديه، وتأمين عودة اللاجئين، والابتعاد تدريجيا عن المحور الإيراني، وتقديم التسهيلات اللازمة للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، وقادت السعودية الجهود العربية لعودة سوريا و عقدت اجتماعين حول سوريا في جدّة وعمّان في أبريل ومايو تباعاً الجارى بحضور وزراء خارجية مصر والعراق والسعودية والأردن وسوريا، واصدروا بيانا وافقت فيه سوريا على المساعدة في منع تهريب المخدرات والعمل خلال الشهر المقبل على تحديد هويات منتجيها وناقليها، وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لنظرائه العرب في الاجتماع إن التقدم في كبح تجارة الكبتاجون يعتمد على الضغط العربي على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات، وربط عودة اللاجئين بالحصول على التمويل لإعادة إعمار سوريا التي فر منها أكثر من خمسة ملايين إلى الدول المجاورة، وأكد مراقبون إن حاجة الأسد الماسة للمساعدات الخارجية ستحدد شكل التعاون في قضيتي اللاجئين والكبتاجون، لكنهم حذروا من أن قدرة النظام على الإنجاز محدودة مثل سيادته التي يتم تقاسمها الآن بين عدد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك روسيا وإيران والجماعات المسلحة شبه العسكرية المحلية.
وبناء على ذلك أصدر مجلس الجامعة العربية الذى عقد على مستوى وزراء الخارجية القرار رقم 8914 الذى يتضمن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات التابعة لها اعتبارا من 7 مايو، مع تشكيل لجنة اتصال وزارية من مصر والأردن والسعودية والعراق ولبنان والأمين العام للجامعة لمتابعة تنفيذ البيان الصادر عن اجتماع عمان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها وفق منهجية (الخطوة مقابل خطوة)، وقدمت الحكومة السعودية دعوة رسمية للأسد للمشاركة في القمة العربية التي ستعقد في جدة 19 مايو الجارى، لكن مصادر عربية مطلعة ذكرت ل(مركز آتون للدرسات) أن الأسد غالبا لن يحضر القمة لعدة أسباب منها ان تأكيد مشاركته قد يتسبب في عدم حضور قادة آخرين مثل أمير قطر، كما أن سوريا لم تبدأ في تنفيذ المطلوب منها، وأن هناك اتفاق ضمنى بين الرياض والسعودية على توجيه دعوة رسمية له لحضور القمة على أن ينيب أحد المسئولين وغالبا وزير الخارجية للمشاركة نيابة عنه، حتى تنضج بعد ذلك الظروف الموضوعية التي تتيح له الحضور بشخصه اجتماعات القمة.
موقف الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا
أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا طرح مبادرة، قالت إنها تهدف إلى وضع حل سلمي وديمقراطي للأزمة السورية، وجاءت المبادرة في حوالي تسع نقاط، وأكدت الإدارة الذاتية من خلالها عدة أمور، من بينها وحدة الأراضي السورية، مشددة على أنه ينبغي التوصل إلى حل ديمقراطي تشارك فيه جميع فئات المجتمع عبر الإيمان بالاعتراف بالحقوق المشروعة لسائر المكونات… وتأسيس نظام إداري سياسي ديمقراطي تعددي لا مركزي يحفظ حقوق الجميع من دون استثناء.
وأوضح نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، حسن كوجر، أن الإدارة الذاتية لا تعارض إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، إن كان السبب والهدف منه حل الأزمة السورية، ورأى أنه على الجامعة العربية أن تكون الوسيط بين حكومة دمشق والشعب السوري لحل أزمة البلاد، مشدداً على وجوب أن تكون إعادة سوريا إلى الجامعة العربية باباً لحل الأزمة السورية، ووجوب أن يكون الحل داخلياً وليس خارجياً، ويضمن وحدة الأراضي السورية، وأن الحوار السوري- السوري، هو حجر الأساس لحل الأزمة السورية.
وأضاف أنه يجب أن يتم بناء أرضية جديدة من أجل إعادة النازحين واللاجئين إلى سوريا، وإن لم تكن هناك أرضية سياسية فلن نستطيع القول إن الوضع في سوريا سيستقر، وقد عُقدت اجتماعات عديدة بهدف حل الأزمة السورية، لكنها لم تأتِ بأي نتائج إيجابية، وآخر اجتماع شاركت فيه سوريا وتركيا وروسيا وإيران، كان هدفه الأول هو تصفية الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وخلق صراع داخلي بين شعب المنطقة، ونوّه إلى ضرورة أن تنظر حكومة دمشق إلى الوضع السوري بشكل مختلف و بواقعية وموضوعية، وأن يتم حل الأزمة بشكل سياسي وعبر الحوار السوري – السوري، لأنه عدا ذلك سيؤدي بالبلاد إلى التقسيم.
· سيناريوهات المستقبل
إن تشكيل لجنة متابعة عربية للأزمة السورية وللتأكد من تنفيذ مقررات اجتماع عمان واستخدام تعبير(خطوة مقابل خطوة) في بيان وزراء الخارجية العرب وتصريحات أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية، يعنى أن ملف عودة سوريا للجامعة قد انتهى، وانما يعنى أن ماحدث هو بداية تنفيذ صفقة كل طرف فيها عليه التزامات محددة ، وان هناك بعض التشكك العربي في تنفيذ سوريا لالتزاماتها وبناء عليه سيكون أي تقدم في هذه الصفقة متبادلا (خطوة مقابل خطوة)، ولن تكون هناك خطوات مجانية، فقرار عودة سوريا إلى الجامعة تم بالتوافق وليس بالإجماع فهناك ثلاثة دول على الأقل هي قطر والكويت والمغرب ضد العودة غير المشروطة لسوريا، وفى جميع الأحوال فإن هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة للأزمة:
السيناريو الأول: أن تعتبر الحكومة السورية قرار عودتها إلى الجامعة العربية على أنه انتصار لها، وتتعامل مع الموقف باعتبارها الطرف المنتصر فتتعالى على مطالب الجامعة ولا تتعاون في القضايا المطلوبة منها سواء تهريب المخدرات أو عودة اللاجئين أو الاستجابة لمتطلبات التسوية السلمية للأزمة، وفى هذه الحالة ستتعامل دول عربية أكثر مع وجود سوريا في الجامعة على أنه وجود صورى، وستبدأ في اتخاذ إجراءات عقابية ضد النظام السوري.
السيناريو الثاني: أن يبدأ النظام السوري في اتخاذ بعض الإجراءات الخاصة بالحد من تصنيع وتهريب المخدرات، ولكن ليس بالقدر الكافي نظرا لحاجة الحكومة السورية لعائدات هذه التجارة مع استمرار العقوبات الأمريكية عليها، مع السماح بعودة عدد محدود من اللاجئين، وعدم الدخول في تسوية سلمية الأمر الذى يطيل من مسار الأزمة، ويبقى الأمور الأساسية في حالة جمود على حالتها الموجودة الآن.
السيناريو الثالث: أن تعيق التدخلات الخارجية وخاصة التركية والإيرانية أي محاولة لإيجاد حل سياسى للأزمة السورية بمختلف تفرعاتها، خاصة أن تركيا تطمع في احتلال مزيد من الأراضى السورية بينما تنظر إيران إلى تواجدها في سوريا على أنه جزء مهم من مرتكزات مشروعها الإقليمى، ويبلغ النظام السوري الجامعة العربية أن هذه التدخلات وليس هو سبب استمرار الأزمة وعدم تنفيذ مقررات اجتماع عمان، وبذلك يخلى مسئوليته ويعيد الكرة لملعب الجامعة بعيدا عنه.
كل هذه السيناريوهات تؤكد أن عودة سوريا للحضن العربى كاملا مازال بعيدا، وأن الشروط العربية في الصفقة المرتبكة لن تنفذ بسهولة، وسيبقى الحال على ماهو عليه لفترة طويلة.