حملات الكراهية ضد اللاجئين في تركيا.. لماذا الآن؟

تحليل كرم سعيد ..
تصاعدت موجات الكراهية وأعمال العنف مؤخرًا ضد الأجانب، واللاجئين، في تركيا، واتجه الحزب الحاكم بعد فوزه بالانتخابات الأخيرة لتغيير خطابه السياسي وسياساته تجاه الأجانب، واللاجئين، وبخاصة السوريين والعراقيين ليؤكد عددٌ من قياداته أنهم سيتبعون سياسات من شأنها دفع السوريين للعودة إلى بلادهم في أقرب وقت. وبالرغم من التحذيرات الأممية والأوروبية من خطورة تلك الخطوة التي تخالف قواعد ومعايير قوانين اللجوء، وتتعارض مع المبادئ الإنسانية، فقد بدأت السلطات التركية خلال الأشهر الأخيرة إلى جانب الترحيل القسري، في تبنى سياسات لتضييق الخناق على هؤلاء اللاجئين، وتقليل المزايا الممنوحة لهم داخل البلاد.
ورغم تبرير تركيا عمليات العنف ضد الأجانب، وتأكيد وزير الداخلية التركي في 24 يوليو 2023 على أن بلاده ستتعامل بحزم مع المهاجرين غير النظاميين والأجانب الذين لا يملكون أوراق ثبوتية أو إقامة قانونية في تركيا إلا أن العديد من المنظمات الحقوقية وجهت انتقادات حادة للسياسات التركية ضد الأجانب المقيمين على أراضيها، حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في مطلع يوليو 2023، أن السلطات التركية رحلت في الفترة من (26 يونيو حتى 1 يوليو 2023) 390 لاجئاً سورياً، رغم أن هؤلاء اللاجئين يحملون بطاقة الحماية المؤقتة التركية “كيملك”، وأفاد المرصد بأن السلطات التركية قد أجبرت اللاجئين السوريين على توقيع أوراق رسمية تفيد برغبتهم “الطوعية” في العودة إلى بلادهم. وفي وقت سابق أشارت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقريرها الصادر في أكتوبر 2022، إلى إن السلطات التركية اعتقلت واحتجزت ورحّلت بشكل تعسفي مئات السوريين اللاجئين إلى سوريا بين فبراير ويوليو 2022.
واللافت أن الجدل حول حملات الكراهية في تركيا ضد الأجانب، واللاجئين يأتي بعد سنوات من الاتجاهات التوظيفية للنظام التركي لأولئك اللاجئين سواء كورقة ضغط في مواجهة الاتحاد الأوروبي، حيث تلقى النظام التركي منذ العام 2016 مساعدات تقدر بـ6 مليارات دولار لدعم مشاريع يستفيد منها اللاجئون السوريون، أو كورقة وظيفية للتأثير على مقاربات الخصوم، حيث استثمرت تركيا عناصر الإخوان المسلمين المقيمين على اراضيها للتأثير على مقاربات مصر ودول الخليج.
مؤشرات العنف
تكشف العديد من المؤشرات عن توجه أنقرة نحو تعزيز السياسات المتشددة تجاه الأجانب والمهاجرين، وتُظهر الإجراءات التركية الجديدة عن وصول العنف مستويات لم تكن معهودة من قبل، وهو ما يمكن بيانه على النحو التالي:
-ترحيل قسرى للاجئين السوريين: بدأت تركيا منذ مطلع يوليو 2023 بترحيل مئات اللاجئين السوريين قسرياً من تركيا باتجاه الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لها، ومنهم أشخاص مشمولون بالحماية المؤقتة، وتستهدف تركيا من ترحيل اللاجئين السوريين إلى شمال سوريا وليس إلى مناطقهم الأصلية تغيير الوضع الديموجرافى فى الشمال.
-وفي الوقت الذى يُمنع فيه السوريون منذ العام 2016 من مغادرة المحافظات التركية المسجلين فيها، للإقامة أو العمل في ولايات أخرى من دون “إذن سفر” صادر عن “إدارة الهجرة التركية”، فإن السلطات التركية ورئاسة الهجرة تضع اللاجئين في سلة واحدة دون تمييز.
-يبدو أن تركيا ستصعد من سياستها المتشددة تجاه السوريين، خلال المرحلة المقبلة، حيث أكد وزير الداخلية الجديد “علي يرلي كايا”، في تصريحات له في 18 يوليو الماضي على أن بلاده تكافح المهاجرين غير النظاميين، مضيفا أنه أصدر تعليمات لملاحقتهم في عموم تركيا، وأن أعدادهم ستنخفض بشكل ملحوظ خلال 4 أو 5 أشهر.
-استهداف المهاجرين من جنسيات أخرى: بالتزامن مع التضييق التركي على السوريين، بدأت السلطات الأمنية منذ العام الماضي في محاصرة المهاجرين من جنسيات مختلفة، وبخاصة الأفغان والعراق والمغاربة، ودول أخرى، والذين يصل عددهم إلى نحو 320 ألف شخص، حيث تعتبرهم الحكومة التركية في الغالب مهاجرين غير شرعيين وفي حالات قليلة نسبيا أشخاص يتمتعون بوضع اللجوء المشروط، وهنا يمكن فهم إجبار السلطات التركية خلال يونيو الماضي 4 طائرات تحمل مهاجرين أفغان، على مغادرة البلاد .
ولم يكن هذا الإجراء هو الأول من نوعه، ففي سبتمبر 2022، رحلت السلطات التركية مئات المهاجرين المغاربة بما فيهم هؤلاء المتواجدين بطريقة غير قانونية، كما فرضت حصارا أمنيا مشددا على المهاجرين المغاربة الذين يتخذون من تركيا محطة عبور للوصول إلى أوروبا.خطاب عدائي ضد المهاجرين الأجانب: إن ما يعد مؤشراً على الإجراءات التركية المتشددة ضد الأجانب، هو تصاعد الخطاب االشعبوي العنصري ضد اللاجئين والمهاجرين أوساط قطاعات شعبية واسعة في البلاد، ووصل الخطاب التمييزي الذروة ضد الأجانب واللاجئين داخل المدارس والجامعات في السنوات الثلاث الماضية.
لعبت أيضا بعض الأحزاب والشخصيات السياسية والعامة ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دوراً مهماً فى عمليات الشحن ضد الأجانب عموماً في البلاد، والسوريين بشكل خاص، حيث قامت بعض برامج الأحزاب، ومنها “حزب النصر”، وعدد من المرشحين في الانتخابات الأخيرة على فكرة طرد الأجانب واللاجئين من تركيا. وتجدر الإشارة إلى أن الخطاب العدائي ضد الأجانب وجد رواجاً في السوق السياسية والاجتماعية التركية المعقدة والمتشابكة، خاصة أنه ترافق مع توجهات تربط سوء الأوضاع الاقتصادية والبطالة، وضعف مناعة البلاد خارجياً بالمهاجرين الأجانب، وفي الصدارة منهم اللاجئين السوريين البالغ عددهم نحو 3,6 مليون سوري.
تصاعد عنف الشرطة التركية: تتبنى الشرطة التركية مقاربة متشددة حيال اللاجئين والمهاجرين الأجانب، وقد تعزز هذا السلوك مع صعود التيار القومي في البلاد. وتفاقمت اعتداءات الشرطة التركية على الأجانب بصورة لافتة خلال الشهور الماضية، وكان أخرها الاعتداء على مواطن مصري في 25 يوليو الماضي بدعوى عدم امتلاكه وثائق ثبوتية. كما استهدفت الشرطة في أغسطس الجاري لاجئ سوري في منطقة “Şanlıurfa” التابعة لولاية “أورفا”، وتوجيه شتائم وعبارات عنصرية وكشفت هذه الحوادث عن أن الإجراءات والسلوكيات العنصرية لدى رجال الشرطة التركية لم تعد تقف عند أنماط فردية، بل باتت تمثل سياسة لدى صانع القرار، وبين موظفي الأجهزة الأمنية، خاصة المكلفين بمتابعة تحركات الأجانب واللاجئين، حيث ينظر هؤلاء للأجانب كتهديد لأمن البلاد.
تعقب وتوقيف الجماعت المؤدلجة: اتجهت تركيا مؤخراً نحو فرض قيود نوعية على تحركات عناصر جماعة الإخوان المتواجدة داخل تركيا، برغم العلاقة الايديولوجية التى تربط الإخوان وحزب العدالة والتنمية، الذى نجح في توظيف تياراتت الجماعة في المنطقة طوال السنوات العشر التى خلت لخدمة أهدافه التوسيعية.
ورحلت تركيا بعض المنصات الفضائية التابعة للجماعة خارج تركيا في العام الماضي، ولزامت أخرى بميثاق الشرف الإعلامي. ولم تقتصر الإجراءات التركية على ما سبق، ففي 10 يوليو 2023، قامت عناصر الأمن التركية بمداهمات لمقرات تتبع تنظيم الإخوان في تركيا بالإضافة إلى طرد عدد من عناصره ودراسة سحب الجنسية من عناصر أخرى. كما أقدمت السلطات التركية في 13 مارس 2022، على إغلاق مقرات في العاصمة أنقرة تابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” المعروف بـ”الائتلاف السوري” والمدعوم من تركيا، وهو ما يؤشر إلى تحولات تركية حيال الجماعات والتيارات المؤدلجة التي ظلت تحظى برعاية أنقرة طوال السنوات التي خلت.
بيد أن التحركات التركية ضد جماعة الإخوان تندرج ضمن سياقات “فقه الضرورة”، ولا تعبر عن انفصال عضوي أو روحي بين الطرفين، فالاعتبارات الإقليمية الجديدة، وحاجة تركيا الملحة لدعم دول الخليج والقاهرة في ملفات متنوعة، دفعت تركيا إلى تبنى هذه الإجراءات. وكشف عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اجتماعا مع وفد من “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” في 8 أغسطس 2023، عن عدد من الرسائل السياسية، أهمها أن الرئيس التركي لن يتخلى عن ورقة الإخوان وسيظل ممسكا بها لأسباب أيديولوجية، وأن تجميدها أو وضعها على الرف مؤقتا فرضتهما تطورات إقليمية معينة، وأن هناك إمكانية لتوظيفها عندما تسنح الظروف.
التشدد في منح تصاريح العمل: يعاني الأجانب، وبخاصة اللاجئين السوريين من تشدد السلطات التركية في منح تصاريح العمل، والتضييق على منح تراخيص الأنشطة التجارية؛ حيث تشن السلطات التركية العديد من حملات التفتيش على مقار أعمال الأجانب، وهو ما يدفع قطاع واسع منهم لقبول العمل بأجور زهيدة. وفي إطار التضييق على الأجانب، واللاجئين السوريين في أسواق العمل، أصدرت السلطات التركية قرار بمنع كتابة اللغة العربية على واجهات المحال العربية والسورية بشكل كامل. وبدأ الجهات الرقابية والأمنية منذ يوليو 2022 بالمرور على المحال السورية والعراقية، وغيرها من التابعة للاجئين العرب في مناطق مختلفة من أحياء اسطنبول، وإبلاغهم بضرورة مسح أو طمس كل كلمة عربية من واجهات محالهم، وإلا سيتعرض المخالف للتعليمات لغرامة مالية قد تصل إلى أربعة آلاف ليرة للمخالفة الواحدة.
انتقاد المنظمات الحقوقية: تشير تقارير منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى استخدام السلطات التركية العنف بصورة لافتة في التوقيت الحالي لترحيل اللاجئين قسريا، كما تشير تقارير حقوقية إلى قيام السلطات التركية بالقبض على الفارين من الحدود السورية صوب تركيا، وإيداعهم معسكرات اللجوء المعدة على جانبي الحدود، وهو ما أجبر السوريين الفارين من الحرب على سلك طرق جبلية وعرة للهروب من الأمن التركي.
توظيف المال القطرى لبناء مساكن شمال سوريا: سعت أنقرة إلى استثمار علاقاتها الاستراتيجية مع قطر، لإقناع الأخيرة بضخ الأموال لبناء مساكن، ومساكن إيواء في مناطق الشمال السوري لاستيعاب السوريين المرحلين من تركيا. وتجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية التركي السابق “سليمان صويلو” وقع في 24 مايو 2023، مع مدير عام صندوق قطر للتنمية “خليفة الكواري” على مشروع يقضي بالتعاون المشترك لتدشين وحدات سكنية جديدة في شمال سوريا، تمهيداً لاستقبال اللاجئين، وهذه المدينة السكنية التي تطلق عليها تركيا “منطقة آمنة” من المفترض أن تخدم حوالي 70 ألف شخص، وسيكون بها مختلف الخدمات التجارية والصحية والتعليمية.
اعتبارات مصلحية ضيقة
ثمة العديد من الدوافع والاعتبارات التي تقف وراء تصاعد الخطاب المعادي للأجانب في تركيا، ويتمثل أولها، يتمثل في قناعة الأتراك والقوميين بأن الأجانب تسببوا في إحداث تأثيرات سلبية على أوضاع الاقتصاد التركي، حيث باتت قناعة راسخة في الوعي الجمعي التركي على سبيل المثال بأن ارتفاع إيجارات العقارات والسكن، وأسعار السلع والخدمات، وسوق العمل بما فيه العمالة الرسمية وغير الرسمية يرتبط بانتشار اللاجئين في عموم البلاد. وفي ضوء ذلك تصاعد غضب الأتراك ضد الأجانب، وبخاصة اللاجئين السوريين، ربطت المعارضة السياسية التركية بين تدهور معيشة المواطنين الأتراك، وتراجع الاقتصاد، بكثافة حضور الأجانب واللاجئين في تركيا.
وثانيها: صعود التيار القومي في الداخل التركي، وهو التيار الذى يحمل توجهات عدائية ضد الأجانب، ويطالب بضرورة طردهم. ويبدو أن الرئيس التركي بات بحاجة إلى تلبية مطالب القوميين الأتراك، لا سيما وأنهم كانوا أصحاب القول الفصل في فوز أردوغان في جولة الإعادة الثانية للانتخابات الرئاسية. ولا يستطيع الرئيس أردوغان إغفال الموقف القومي الرافض لاستمرار الأجانب، وبخاصة السوريين في الداخل التركي، وذلك خوفا من أن تستغل قوى المعارضة التركية هذه القضية مجدداً في الانتخابات المحلية المقرر لها العام 2024، ولا يريد أردوغان تكرار سيناريو 2019 عندما وظف خصومه السياسيين قضايا اللاجئين والمهاجرين، وتمكنوا من الفوز بالبلديات الكبرى.
وراء ما سبق، تعود المواقف المتشدد حيال الأجانب واللاجئين إلى رغبة تركيا في إصلاح علاقاتها الإقليمية التي تضررت بصورة لافتة خلال السنوات الماضية، ولذلك، فإن توقيف عدد واسع من قيادات الإخوان المقيمين على الأراضي التركية في الأيام التي خلت، وتخفيف الدعم المقدم للائتلاف الوطني السوري المعارض لنظام الأسد ارتبط في جانب معتبر منه بالحرص على تعزيز فرص التطبيع مع دول الإقليم، وبخاصة مصر وسوريا ناهيك عن تراجع توظيف هذه التيارات من قبل الأجهزة التركية، فثمة قناعة لدى أنقرة بأن ورقة التيارات المؤدلجة لم تعد رابحة في التوقيت الحالي.
رابعها، إن ثمة تفديرات، تشير إلى أن تعثر عملية اندماج الأجانب والمهاجرين، وتصاعد العنف الاجتماعي بسبب سياسات النظام التركي، التي غفلت البعد الإنساني والأخلاقي في التعامل مع قضايا اللجوء، وحرصت فقط توظيفها سياسياً. وخامسها، إن تصاعد العنف ضد الأجانب، وبالذات السوريين، يرتبط في جانب معتبر منه، برغبة الرئيس التركي قطع الطريق على عودة المعارضة إلى المشهد السياسي من خلال الانتخابات المحلية المقرر انعقادها في تركيا منصف العام 2024. ويعى أردوغان أن ملف اللاجئين والأجانب لا يزال يمثل ورقة رابحة بيد المعارضة. ولذلك يسعى أردوغان إلى التخلص من ورقة اللاجئين، والأجانب قبل هذه الانتخابات كي لا تستخدمها المعارضة كسلاح ضده ولضمان كسب تأييد الناخبين له، وبخاصة القوميين الذين يحملون توجهات عنصرية ضد الأجانب.
انعكاسات محتملة
ثمة العديد من التداعيات المحتملة خلال الفترة المقبلة، حال استمرار السياسات التركية الراهنة التي تستهدف اللاجئين والأجانب على اراضيها، أولها: صعود الفكر القومي بشقيه المحافظ والمتطرف، وصعود “خطاب الكراهية”، الموجه ضد الآخر، الذي يتمثل بصورة أساسية في الغرباء واللاجئين. وهذا الخطاب العنصري، قد يدفع المجتمع التركي نحو مزيد من التشدد، وهو ما قد ينعكس على الصورة الذهنية لتركيا في الوعي الجمعي العالمي. وثانيها: أن هذه السياسة قد تسفر عن حدوث صراعات وتجاذبات بين الأجهزة الأمنية التركية، ومؤسسة الرئاسة، ففي الوقت الذى تتصاعد فيه حملات وزارة الداخلية التركية ضد الاجئين والأجانب وترحيلهم، استضاف الرئيس التركي في أغسطس الجاري وفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذراع الدعوية لتيار الإخوان المسلمين، ووعدهم بالتراجع عن سياسات ترحيل اللاجئين، والتأكيد على استمرار تركيا كملآذ آمن لأبناء هذه التيارات.
وثالثها: يتوقع أن ينعكس ترحيل الأجانب واللاجئين على واقع الاقتصاد التركي، خاصة أنه يُنظر إليهم بشكل أساسي على أنهم قوى عمل رخيصة، لا غنى عنها لمنفعة الاقتصاد التركي، خاصة في القطاعات الحرفية التي يفتقد الاقتصاد التركي الخبرة والكفاءة فيها، فمنذ ما يقرب من ثلاثة عقود، أدى إهمال الدولة التركية لتعليم وإعداد فئة من الشباب الحرفيين والفنيين مقابل التركيز على الجامعات، إلى نقص في الأيدي العاملة التركية الماهرة. وفي المقابل، ووفقاً للعديد من الدراسات، فإن الأثر الاقتصادي للأجانب واللاجئين، وبخاصة السوريين إيجابي على الاقتصاد التركي، فمثلاً، يحتل السوريين المرتبة الأولى في تأسيس الشَّركات في تركيا، حيث بلغت الشركات المملوكة للسوريين في تركيا بنهاية العام 2020، ووفقاً لتصريحات وزير التجارة التركي نحو 13880 شركة. بنسبة 2٪ من الشَّركات المملوكة للأجانب في البلاد، وبراسمال يعادل 480 مليون دولار.
ورابعها: تراجع التوظيف السياسي لورقة اللاجئين والأجانب، خاصة أن الممارسات التركية ضد اللاجئين والأجانب أثارت استياء العديد من القوى الدولية، كما أن العديد من المؤسسات الحقوقية الدولية انتقدت عمليات العنف الممنهج لأجهزة الأمن التركية ضد اللاجئين والأجانب، وأهمها صعود سياسات الترحيل القسري.
الخلاصة أن السلوك التركي حيال الأجانب والمهاجرين المقيمين في البلاد، يؤشر إلى حوث تغيير فى سياسات السلطة الحاكمة تجاه الأجانب واللاجئين، وذلك في إطار محاولة احتواء حالة غضب التيار القومي الرافض للأجانب بالإضافة إلى أن توظيف ورقة الأجانب لم تعد تجلب منافع حقيقية للأتراك. كما يبدو أن ثمة قناعة باتت لدى السلطة التركية، بأن الخروج من دوامة التردي الاقتصادي، وضبط بوصلة الأوضاع الاجتماعية في البلاد، يرتبط بضرورة تخلص البلاد من عبء اللاجئين والمهاجرين.