ندوات

“السودان إلى أين” حلقة نقاشية بمركز آتون للدراساتI صور وفيديو

تغطية محمد صابر

 بحضور مجموعة متنوعة من الخبراء السياسيين، نظم مركز آتون للدراسات حلقة نقاشية هامة بعنوان السودان إلي أين ؟ .. شارك فيها السفير شريف شاهين مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، والسفير ناصر حمزاوى رئيس المكتب الدبلوماسى المصرى السابق فى وادى حلفا، وطاهر المعتصم سكرتير عام نقابة الصحفيين السودانيين، والدكتور عبد الرحمن الغالى الأمين العام السابق لحزب الأمة القومى بالسودان، والكاتبة الصحفية اسماء الحسينى مدير تحرير الأهرام، والإعلامى نبيل نجم الدين خبير العلاقات الدولية.

وتطرقت الندوة إلى محاولة تصور السيناريوهات المتوقعة ووضع الحلول لما يهدد السودان من تدهور وتهديد لحياة المدنيين، بهدف التوصل إلى الرؤى والاقتراحات المختلفة، وقد تمت مناقشة الموضوع من عدة مداخل ومنظورات عدة، كما تناول الحضور العلاقات المصرية السودانية، والدور المصري والإفريقي في حلحلة الصراع القائم ومحاولات تقسيم السودان المتكررة.
ومناقشة التصعيد القائم بين كافة الأطراف بالسودان، من خلال مجموعة جوانب مختلفة، لاسيما تطور الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ودور المجتمع الدولي في توفير الحلول لمواجهة الأزمة وتطوراتها المتسارعة.، الذي يتطلب بعض التعديلات في فرض الاتفاق بين أطراف الصراع بالسودان، خاصًة بعد انشغال العالم بالحرب في غزة بعيدا عن الأزمة السودانية مؤخراً رغم تصاعد المخاطر بدرجة حادة للغاية.


العلاقات السودانية المصرية:  
استهل الأستاذ “فتحي محمود” رئيس مركز أتون للدراسات الإستراتيجية النقاش بطرح التساؤل الرئيسي للحضور وهو السودان إلى أين ؟ وردًا على السؤال تناول السفير “شريف شاهين” مساعد وزير الخارجية الأسبق الحديث بدايًة عن مدى أهمية السودان التاريخية لمصر، حيث أكد أن الأولى تمثل العمق الاستراتيجي والامتداد العرقي والثقافي والاجتماعي لها، مشيرًا إلى العديد من المواقف الثنائية بين البلدين التي تدل على علاقة أقوى من الصداقة، بل أن هناك تاريخ مشترك ومصير واحد جمع البلدين، لاسيما انتقال الكلية الحربية المصرية للسودان عام 1967 واستضافة “الخرطوم” للقمة العربية بلاءاتها الثلاث في مواجهة إسرائيل، والتي انطلق من خلالها الكفاح العربي في مواجهة إسرائيل ورفض الهزيمة.
كما أشار إلى أن هناك دلالات عديدة في التوقيت الذي تم به انطلاق الصراع المسلح على السلطة وتقسيم السودان إلى شمال وجنوب، وتحدث “شاهين” عن وجود مساعي إسرائيلية إلى جانب أعوان “تل أبيب” مثل: “أثيوبيا وكينيا” لما وصل إليه الوضع في السودان، والتقسيم لشرق وغرب، مؤكدًا على أن تداعيات التدمير الذي يتم بالبلد ستطول دول الجوار بالأكثر وأهمها “مصر وليبيا وتشاد”، من حيث النزوح الكبير الذي قد يتم إضافًة إلى ما تم أيضًا، كما أكد على أنه يجب أن يبتعد الجيش بالسودان عن الحياة السياسية وترك المجال للأحزاب وعقد ميثاق وطني يضمن الاستقرار والتوافق، وتفرغ الجيش لمهام الأمن. 
 
تدمير مخطط وممنهج:  
وأكد الأستاذ “طاهرالمعتصم” سكرتير عام نقابة الصحفيين السودانيين أنه بالرجوع إلى إبريل 2019 حيث قامت الثورة التي أطاحت بنظام حكم البشير، وأنهت فترة سيطرة الإسلاميين على السلطة التي وصلت إلى 30 عام، نجد بداية الخطر نتيجة ظن المناضلين أن الكفاح انتهى بذلك، وبالنظر إلى توقيع الوثيقة الدستورية آنذاك نجد ان التفاوض برعاية “أبي أحمد” رئيس وزراء إثيوبيا، كما تناول التطورات التي أدت إلى وقوع النزاع المسلح، مؤكدًا أنه في في 14 إبريل الماضي عملت القوى المدنية والصحفيون السودانيون على طرح محاولات لمنع الصراع وانطلاق الطلقة الأولى، التي انطلقت في 15 إبريل الماضي، كما أشار إلى أن الصراع اليوم أنهك أطرافه وأدى لخسائر للجميع، وهناك تقدم ملحوظ بتفاهمات منبر جدة وهناك حديث يدور حول التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار لمدة 6 أشهر.  
ومن جهته أكد السفير “ناصر حمزاوي” رئيس المكتب الدبلوماسي المصري السابق في وادي حلفا، أنه منذ 2005 وحتى 2010 لم يكن أحد يتوقع ما وصلت إليه الأمور بالسودان، حيث كانت هناك نهضة حقيقية وتطوير ملحوظ، ومشروعات مصرية تتم بالخرطوم وتنمية للطرق، إلا أنه وفي عام 2011 ومع انفصال الجنوب السوداني بدأ يتم كل شئ بشكل مدار وممنهج بطريقة واضحة، مشيرًا إلى أن كل ذلك ضمن مخطط إسرائيل، وأن هناك مخططات أخرى تجري الآن للتقسيم إلى شرق وغرب، والعالم اليوم في ظل الانشغال بما يجري بين إسرائيل وفلسطين لا نجده يتحدث أيضًا عن السودان ويسلط الضوء عليه.


تصورات حول مستقبل الأزمة:
وعن “كيفية التعامل مع الأزمة” أجاب الإعلامي “نبيل نجم الدين” خبير العلاقات الدولية أن مصر لم تكن أبداً غائبة عن السودان، ولكن هناك قاعدة أساسية تلتزم مصر بها وهي “عدم التدخل في شئون الدول الأخرى” إلا أنه أكد أن السودان ليست بلد آخر، بل أن السودان جزء أساسي في ضمير كل مصري، وأكد على الروابط القوية بين البلدين وأن مصر تضم أكثر من 6 ملايين لاجئ سوداني، إنما اليوم ونتيجة مخططات الاستعمار وإسرائيل نجني ثمار شجرة غير طيبة بالعلاقات المصرية السودانية، فقد ترك الاستعمار بالسودان قنابل موقوتة من الأزمات قبل خروجه.
كما مارست عناصر تمكين نظام الإسلاميين نوعًا من الإرهاب السياسي، وتلاعبت الدولة العميقة بالأوضاع مما أدى لكل ذلك التدهور، وفي ختام حديثه وضع “نجم الدين” 3 تصورات لكيفية التعامل مع الأزمة، وهم على النحو التالي:
() السيناريو الأول: تدخل قوة كبيرة كالحكومات وبالأخص دول الجوار لإجبار طرفي الصراع بالسودان ” الجيش” و “قوات الدعم السريع” على القبول بالتفاوض والتوصل إلى اتفاق بشكل سريع لإنهاء الأزمة، من منطلق أن الطرفين مسئولان عن الخراب ويجب محاسبتهما معًا. () السيناريو الثاني: أن يفرض أحد الطرفين القوة على الطرف الآخر ويجبره على الخضوع إلا أن نتائج هذا السيناريو تظل شديدة السوء وينتج عنها مزيد من الدمار، مشيرًا إلى أنه اليوم تسيطر قوات الدعم السريع على العديد من المناطق بالخرطوم ودارفور وغيرها بشكل أكبر.
(*) السيناريو الثالث: انتصار الإرادة الشعبية السودانية، عبر انتفاضة كبيرة من القوى المدنية لإنهاء الصراع ومحاسبة أطرافه، وقد حث “نجمالدين” الشعب السوداني على ذلك مؤكدًا أنه لا يمكن تصور أن يقوم أحد أطراف الصراع بقتل أكثر من 8000 مواطن سوداني بالشوارع خوفًا من أن يتم محاسبته دوليًا.

وفي ذلك الإطار أكد الدكتور “عبد الرحمن الغالي” الأمين العام السابق لحزب الأمة القومي بالسودان أن البلد متنوع ومتعدد التكوين، مشيرًا لهشاشة التكوين القومي، كما أكد أن العديد من الأطراف الدولية ذات مصالح هامة بالسودان، لاسيما الصين والولايات المتحدة وروسيا وإيران ودول الخليج، لكل دولة من هذه الدول أجندة ومصالح إستراتيجية، تمهد لتدخل أحدها بالصراع بشكل مستمر، إلا أن بعض الأطراف عند تدخلها تكون منحازة لأحد طرفي الصراع على السلطة، الذي انطلق مع سقوط نظام البشير وتسبب في انهيار الاستقرار بالدولة أكثر.
واستكمل الدكتور “عبد الرحمن” أن معالجة الوضع الحالي غير داخلية بالأكثر لأن الأسباب في معظمها غير داخلية، إنما هي مخططات قائمة على المصالح الدولية، لاسيما في ظل استمرار الدعم الدولي من بعض الحكومات لقوات “الدعم السريع”، لذلك الحرب ممتدة، كما أكد على أن تكوين الوساطة يجب أن يتم بشكل متوازن ثم أن يتم تسيير اقتراح حل مقبول للأطراف بعيد عن السياسة البحتة المتعثرة، إلى جانب أن يكون الحل في النهاية سوداني وأن تتشارك به كل القوى الوطنية.
 
خارطة الطريق للأزمة السودانية:
ورداً على تساؤل الأستاذ “فتحي محمود” حول خارطة الطريق لحل الأزمة عَقَّبت الأستاذة “أسماء الحسيني” مدير تحرير الأهرام، بأن ما يجري بالسودان هو تدمير ممنهج بمخطط مخرب، مشيرة إلى استهداف المنشآت الحيوية لاسيما “كوبري شمبات”، وأرجعت أكثر الأسباب في الأزمة السودانية إلى ما آل إليه السودان خلال فترة حكم الإسلاميين ، وبعد سقوطهم، مؤكدة أن انفصال جديد بالسودان لا يمكن أن يتم وأن اليوم إما سودان واحد أو لا سودان، ومازال البلد يسقط في نفق مظلم، والقوى الدولية تبدو وكأنها متواطئة أو أنها تترك الطرفين ينهمكان أولًا في الحرب.
وأشارت “أسماء” إلى أهمية السودان للأمن القومي المصري بشكل خاص والإفريقي بشكل عام، لكن هناك العديد من المساعي لتوريط مصر بالصراع إلا أن الدولة المصرية استطاعت إدارة هذه المواقف بذكاء دون السقوط في مخاطر الأزمة ،لكن الوضع أصبح معقد جدًا اليوم ،ويستدعي وحدة الموقف الإفريقي والعربي، مؤكدة على أن الحل اليوم أسهل من الغد، حيث أنه كلما حدثت انفراجة بمسار التفاوض بجدة تحدث انتكاسة، وهناك أطراف خارجية تتورط بالانحياز لطرف من طرفي الصراع.
وفي الختام أكدت الأستاذة “اسماء” أنه يجب الضغط على الطرفين سواء بضغوط دولية أو شعبية. وأنه إذا كانت هناك ضغوط دولية وإقليمية وتحذيرات للجيش السوداني وقوات الدعم السريع لكان الأمر مختلف، كما دعت إلى استمرار التنسيق بين مصر والسعودية والإمارات وأشادت بنتائج هذا المسار في التوصل للحل للأزمة السودانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى