لبنان إلى أين؟.. حلقة نقاشية جديدة لمركز أتون للدراسات| بالصور والفيديو
يواصل مركز أتون للدراسات السياسية عقد حلقاته النقاشية المتعددة التي تحلل وتبحث في الأزمات التي تحاصر المنطقة العربية والشرق الأوسط بصفة عامة، وكان في المقدمة منها هذه المرة لبنان، الذي يبدو أنه على صفيح ساخن وأن الوضع هناك قابل للاشتعال في أي وقت سواء ما يتعلق بجبهة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل من ناحية، وكذلك الأزمات السياسية الداخلية وأبرزها شغور منصب رئيس الجمهورية.
وقد أدار الحلقة النقاشية الكاتب الصحفي فتحي محمود مدير مركز أتون للدراسات، وبمشاركة نخبة من المتخصصين في الشأن العربي والشأن اللبناني مثل السفير شريف شاهين مساعد وزير الخارجية الأسبق، والكاتب الصحفي المتخصص في الشأن اللبناني محمد القزاز، والكاتب الصحفي البارز العزب الطيب الطاهر، واستاذى التاريخ الحديث والمعاصر د.حسين السيد، د.حماده الشافعى.
وبعد ترحيبه بالضيوف، أعرب الكاتب الصحفي فتحي محمود مدير مركز أتون للدراسات عن قلقه بشأن ما يجري في لبنان قائلاً إنه قد فاق التصور، مشيراً إلى أن اللبنانيين في حالة حرب مما يجري على الحدود مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ولفت إلى أن الوضع في لبنان به عديد من المحاور التي بحاجة للنقاش مثل الفراغ الرئاسي والوضع الاقتصادي وتأثير ما يحدث في غزة، بالإضافة إلى أن هناك تساؤلات بشأن جبهة لبنان وما إذا كانت هناك احتمالية لحرب شاملة أم أن الوضع سيكون مختلفاً تماماً وما هي إلا حرب استنزاف.
أزمة ثلاثية
وقد بدأت الحلقة النقاشية بكلمة مصورة للسيد شارل جبور رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية والذي عرض رؤيته بشأن ما يجري في لبنان الآن، قائلاً إن البلاد تعيش 3 أزمات مترابطة ومتداخلة الأولى سيادية فلا يوجد سيادة في لبنان، على حد قوله، والثانية أزمة مالية ناتجة عن غياب السيادة، وثالثاً أزمة سلطة وهي أيضاً بسبب السيادة.
وبشأن أزمة السيادة يوضح “جبور” أن فصولها تعددت منذ عام 1969 وحتى اليوم أي منذ اتفاق القاهرة في هذا العام، والذي انتهت مفاعيله في 1982، ثم علق الشعب اللبناني بالاحتلال السوري الذي دام من عام 1990 وحتى 2005، ومن بعد العام الأخير فإن الدولة مختطفة من قبل حزب الله أحد أذرع إيران والذي يمنع قيام دولة فعلية ويبقي لبنان منتهكاً السيادة.
وانتقد السياسي اللبناني موقف حزب الله بإعلان الحرب مع إسرائيل في إطار ما أسماه المساندة للشعب الفلسطيني، إذ أنه ذهب بهذا الاتجاه دون العودة إلى الحكومة اللبنانية، واعتبر أن هذه الحرب حق من حقوقه ولم يأخذ أية مشورة من أي طرف وورط لبنان في حرب يدفع اللبنانيون ثمن تداعياتها وانعكاساتها اقتصاديا، إلى جانب آلاف المهجرين ومئات القتلى وقرى دمرت بأكملها، نتيجة هذه الحرب التي اتخذها حزب الله دون مشاورة، معرباً عن خشيته أن تمتد إلى بقية لبنان.
وتحدث رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية عن أن حزب الله يسيطر على الحدود ويمنع قيام الدولة، وبالتالي لا عدالة ولا مؤسسات وهناك فساد مستشري ولا توجد سيادة، وتم عزل لبنان عن الخارج، معتبراً أن البلاد في أزمة سيادية سياسية كيانية، مشيراً إلى أن هناك ثلاثة استحالات آهمها أن حزب الله لن يسلم سلاحه لأن قراره إيراني، مقارناً ذلك بما يحدث في العراق.
وأشار كذلك إلى أنه فيما يتعلق بالأزمة المالية فهي مرتبطة بغياب الدولة ووجود سلطة تريد تغطية حزب الله، في المقابل لمد تلك القوى سلطة وفساداً، على حد اتهامه، على نحو خلق انهياراً مالياً غير مسبوق في لبنان. وأما عن الأزمة الثالثة فهي فراغ منصب الرئيس وهي أزمة ستستمر لأن حزب الله يضع البلاد أمام معادلة وهي ضرورة أن يأتي مرشحهم أو الشغور الرئاسي ويرفضون خيار الحوار والدستور رغم عدم قدرتهم على انتخاب رئيس.
لبنان إلى أين؟
عقب ذلك انتقلت الكلمة إلى السفير شريف شاهين مساعد وزير الخارجية الأسبق والذي بدأ حديثه بمحاولة الإجابة على سؤال هو “لبنان إلى أين؟”، معتبراً الإجابة على السؤال هذا بمثابة التعامل مع حصان جامح ومحاولة السيطرة عليه، لافتاً إلى حالة التفاعل في المجتمع اللبناني الناجمة عن حالة الثراء العرقي والديني والمذهبي في البلاد، بالإضافة إلى دخول المكون الفلسطيني إلى هذا البلد العربي.
وأعرب عن اعتقاده بأن الأزمة اللبنانية قد بدأت فعلياً بعد أن تم تنفيذ اتفاق الطائف سنة 1989 برعاية عربية، قائلاً إن هذا الاتفاق الذي أنهى الحرب اللبنانية كان آخر اتفاق عربي عربي، ثم بدأت القوى الأجنبية تتدخل في الشؤون اللبنانية، ولم يستطع العالم العربي السيطرة على شؤونه بعد هذه القضية على الإطلاق، مشيراً إلى أن لبنان تأثر بما جرى في المنطقة من تطورات والتي كان أبرزها الغزو العراقي للكويت الذي كان بمثابة زلزال هز العالم العربي.
ولفت كذلك إلى أن سوريا بدورها كانت ترى لبنان شوكة في خاصرتها وفي توجهها الاستراتيجي، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي الراحل بوش الأب التقى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بشأن المشاركة في التحالف الذي يواجه العراق لتحرير الكويت، وكانت هناك 3 مطالب سورية أولها أن يكون اتفاق الطائف بتنفيذ ورعاية سورية مطلقة، والطلب الثاني أن تكون القوات السورية نسق ثان وليس أولاً في المواجهة؛ نظراً للارتباط بين البعث في العراق وسوريا، والطلب الثالث رفع العزلة الدولية المفروضة على سوريا، وقد استجاب الرئيس الأمريكي لذلك، وكانت نتائج ذلك مواجهة تمرد العماد ميشال عون الذي كان يجابه اتفاق الطائف.
تطرق كذلك السفير شريف شاهين إلى العلاقة بين سوريا وحزب الله، قائلاً إن الحزب كان يعمل تحت غطاء القوات السورية في لبنان، ودمشق كانت ترى أن الحزب يستطيع أن يحقق لها ما لم تحققه الجبهة السورية على الجولان، ومن خلال حزب الله وعلاقته الوثيقة مع إيران وكذلك علاقة النظام السوري مع حزب الله بما يوفره من غطاء أمني وسياسي له، إلى أن استطاع الحزب اختطاف القرار اللبناني كما يقول الساسة اللبنانيون، وكانت ذروة هذا النفوذ السياسي الطاغي باغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005، وكانت نقطة الانطلاقة للقضاء على أي نفوذ سني، مشيراً إلى النفوذ الماروني كان قد انتهى.
وأكد أن لبنان حتى الآن يقع رهينة الصراع الإقليمي في المنطقة، معتبراً أن هذا أمر معتاد، لكن المختلف أن لبنان بلا رعاة دوليين كما كان من قبل، وحتى القوى المتداخلة هناك تفتقد القدرة على الحل والضغط، مشيراً إلى أن الشغور الرئاسي جاء ليعبر عن هذا الأمر في ظل عدم القدرة على الضغط على الحزب، مشدداً على أن لبنان لن يرى النور طالما أن الرئيس يأتي بتوافقات خارجية، وأنه إن لم يتم كسر شوكة الحزب في الجنوب سبقى الأمر على حاله.
غياب الدور العربي
انتقلت الكلمة إلى الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن العربي العزب الطيب الطاهر، والذي يرى أن لبنان ليس حاضراً بقوة في النظام الإقليمي العربي المتمثل في الجامعة العربية، وإنما فقط نراه مع كل اجتماع للجامعة من خلال بند دائم متعلق بإنهاء الانقسام الداخلي وسد الشغور الرئاسي وسحب الاحتلال الإسرائيلي من شبعا وغيرها، موضحاً أنه لم تكن هناك تدخلات عربية للحل بين الفرقاء بدلاً من القوى الخارجية، معتبراً أن هذا يعبر عن غياب الدور العربي تماماً من لبنان.
ويشدد “الطاهر” في حديثه على أن غياب الدور العربي يرتبط بشكل كبير بتغول إيران في الداخل اللبناني وعلاقتها كذلك بحزب الله لا سيما في ظل ابتعاد العرب كذلك عن العراق بعد الغزو الأمريكي في 2003، وهذا الوضع أي وضع الفراغ العربي استغلته إيران ثم تركيا، ولهذا ما كان بإمكان جورج بوش الابن أن يغزو العراق إلا وأن هناك توافق بين واشنطن وطهران على إسقاط نظام صدام حسين؛ نتيجة العداء بين الجانبين العراقي والإيراني وقتها المعروف.
إسرائيل والحرب على لبنان
وتحدث الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن العربي عن أن حزب الله قد دخل إلى سوريا من بوابة مساندة النظام وكانت النهاية أن انتصر جيش النظام بالبراميل المتفجرة وبالتعاون مع القوى الدينية الشيعية، وهنا لم يعد هذا الجيش جيش مقاومة ضد إسرائيل، لافتاً إلى أمر في غاية الخطورة وهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيمين نتنياهو يفكر في شن حرب على لبنان من بوابة حزب الله، ولكن هناك محاولات من أمريكا وفرنسا وأطراف غربية تحاول ضبط الأمر على جبهة لبنان.
وأشار إلى أننا نرى تجليات تلك المحاولات من خلال عدم تجاوز قواعد الاشتباك بين لبنان وإسرائيل، فيما رأينا الأخيرة تقوم باستهداف القيادات التابعة لحزب الله وكذلك القيادي الفلسطيني بحماس صالح العاروري في إطار الاستفزاز لحزب الله، لأن إسرائيل تريد أن ترى لبنان مدمراً كما هو الحال في غزة، مشيراً إلى أن طهران بدورها لا تريد من حزب الله توسيع الحرب، ولهذا من المؤكد أنه لن تكون هناك حرب واسعة، إلا لو هزم “نتنياهو” استراتيجياً، وهنا يمكن أن يشن حرباً على الجبهة اللبنانية لتعويض هزيمته الاستراتيجية.
وأعرب العزب الطيب الطاهر عن أمنياته أن يستقر لبنان، لكن يؤكد أن ذلك يتطلب أن يتموضع الفرقاء اللبنانيين تحت راية التوافق الوطني، معرباً عن أسفه من اعتقاده بأن هذا الأمر بعيد المنال، مشيراً كذلك إلى أن لبنان لو تعرض لحرب من إسرائيل سيتعرض لتدمير كبير سيكون أكبر حتى مما حصل في عدوان عام 2006.
المواجهة بين إسرائيل وحزب الله
من جهته، أعرب محمد القزاز الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن اللبناني عن اعتقاده بأن نشوب مواجهة شاملة بين إسرائيل وحزب الله أمر مستبعد، مدللاً على أن ذلك يمكن التعرف عليه من كثرة المبعوثين الذين يصلون إلى بيروت بما في ذلك وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من أجل عدم توسيع المواجهة.
لكن “القزاز” تحدث عن السيناريو الثاني وهو أن تنشب مواجهة بالفعل، وقال في هذا السياق إن إسرائيل تعلم أن سلاح حزب الله أقوى من سلاح حركة حماس، كما أن شبكة أنفاقه أسفل المنطقة الحدودية أقوى من أنفاق حماس، وبالتالي سيكون هناك تدميراً متبادلاً بين البلدين، فقد يتم تدمير لبنان بالكامل لكن حزب الله في المقابل سيدمر أجزاء كبيرة من الشمال الإسرائيلي، وبالتالي هناك تحسب بين الطرفين لعدم المواجهة الشاملة.
وتوقف عند ما ذكره السياسي اللبناني شارل جبور في بداية الحلقة النقاشية وتحديداً لماذا يحدث ذلك من إسرائيل تجاه لبنان بين كل فترة وأخرى، معرباً عن رؤيته بأن اتفاق القاهرة الموقع عام 1969 هو سبب رئيسي، مع مطالبة الرئيس جمال عبدالناصر وقتها بنقل الفلسطينيين إلى لبنان لشغل الجبهة الشمالية، ما تسبب في الاجتياحات الإسرائيلية للبنان في 1982 و1996 و2006 والآن، وكل ذلك بسبب وجود الفلسطينيين في لبنان والذي يعود سببه إلى اتفاق القاهرة.
واستوقف “القزاز” عند ما قاله الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله بعد حرب عام 2006 حين قال إنه لو كان يعلم أن أسر جنديين إسرائيليين سيحدث كل هذا الدمار لما كان فعل ذلك، معرباً عن اعتقاده بأن حزب الله يدرك وضع لبنان الاقتصادي والاجتماعي والحاضنة الشعبية كل ذلك قد تغير عن عام 2006، ولهذا فهو يلعب مع إسرائيل في إطار قواعد الاشتباك.
أزمة الشغور الرئاسي
وتطرق الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن اللبناني إلى مسألة الشغور الرئاسي، فقد أشار إلى أنه منذ اغتيال رفيق الحريري وخروج القوات السورية، فإن قدوم رئيس جديد للبلاد يأتي بعد صعوبات كبيرة، في ظل تعطيل حزب الله عملية الاختيار من أجل أن يأتي من يريده.
وانتقد “القزاو” بعض القرارات السياسية التي اتخذها تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري الذي أثر على كتلة السنة في الانتخابات النيابية، مؤكداً أن الوضع الحالي سيصل في نهاية المطاف نحو انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للبلاد، معتبراً أن التعطيل الحالي جزء من الألاعيب السياسية.
التشرذم في لبنان
الدكتور حسين السيد وهو أستاذ في التاريخ الحديث والمعاصر ورسالتيه للماجستير والدكتوراه عن لبنان يرى أن مشكلة لبنان كما لخصها الرئيس اللبناني الأسبق بشارة الخوري في مذكراته ما معناه أن كل لبناني يريد “هلال خصيب” أو أن لبنان أخذ من الحالة العربية مسألة الاتفاق على ألا يتفقوا، مشيراً إلى أن حالة التشرذم بدأت منذ الكتلة الوطنية والكتلة الدستورية وفترة الصراع الفرنسي الإنجليزي الذي كان موجوداً وانتهى بفوز الكتلة الدستورية بزعامة بشارة الخوري بدعم عربي وبدور مصري قوي.
وأعرب عن قناعته بأن هناك حاجة إلى دور فاعل لمصر في لبنان مذكراً بالدور الذي لعبته القاهرة إبان الأزمة اللبنانية سنة 1943 والتي ترتب عليها عملية الاعتقال لقادة الرأي اللبنانيين، مشيراً إلى الضغوط التي مارستها مصر وقتها لدرجة أن مصطفى باشا النحاس هدد بمصادرة المملتلكات الفرنسية في مصر.
أما فيما يتعلق بالعلاقة بين إسرائيل ودول المواجهة وبينها لبنان، فللأسف الأخير دائماً نقطة الضعف ومسار التنفيس الإسرائيلي دائماً، وحتى في حرب 1948 كانت مشاركة بيروت مجرد كتيبة وكانت عند حدود معينة لكن مشاركتها كانت انتصاراً للتيار العروبي، كما أشار إلى أن تل أبيب سنة 1968 ضربت مطار بيروت بالكامل وقد كان ذلك معاقبة للبنان على الوجود الفلسطيني، إذ اتهم الإسرائيليين الحكومة اللبنانية بالتقاعس أمام مرور الفلسطينيين وتنفيذ حادث طائرة العال في أثينا، رغم أن التحقيقات أثبتت لاحقاً أن تكون الحكومة عندها علم أو قادرة على منع ذلك.
وينتقل إلى الاحتياح الذي حدث في 2006، مشيراً إلى أنه كان وقتها مع “المقاومة” طالما سيوصف ذلك في إطار عربي، أما فيما يتعلق بالجزء الإيراني فيؤكد أنه ليس ضد حزب الله طالما أنه سيحدد هويته ما إذا كان حزباً لبنانياً أم إيرانياً وهل يسلك مسلكاً عربياً أم أنه حلقة من حلقات الصراع الفارسي العربي، لافتاً إلى أن ظهور حزب الله كان مرتبطاً بالوضع أو البنية الداخلية في لبنان والصراعات التي حدثت إبان الحرب الأهلية ولعبة تغيير الكراسي ما بين مع وضد في البلاد وقتها.
وأضاف أنه لو قلنا مجازاً إن هناك تحالف أقليات في لبنان، فإن بشار الأسد مستفيد من ذلك كونه ينحدر من الأساس من أقلية، مؤكداً أن إيران هي الموجه الأكبر، وأنه مع أن يكون هناك وجود سوري في لبنان ولكن الإشكالية في طبيعة هذا الوجود وتحت أي مظلة سيكون، تحت هل مظلة عربية أم سورية أم إيرانية؟، وللأسف هو تحت مظل إيرانية، داعياً اللبنانيين أن يغلبوا المصلحة العامة على مصلحة الطوائف وأن يعبروا الطائفية إلى الدولة الوطنية.
الدور الإيراني
أما الدكتور حماده الشافعي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر والمتخصص في الشأن الإيراني فيقول إنه بالنظر إلى الأزمة في لبنان فلا يمكن أبداً استبعاد إيران من المشهد تماماً، لأن القوى الفاعلة داخل لبنان أبرزهم حزب الله وهو تابع بالأساس إلى طهران، وبالتالي تأتي إليه التعليمات أولاً من إيران في إطار تصدير الثورة ونظام الولي الفقيه، لافتاً إلى أنه لن يأتي رئيس للبنان دون أن يوافق عليه حزب الله، أو أن يكون هناك موافقة عليه من الحزب.
وأضاف أنه بالنسبة لإيران والصراع الإقليمي في المنطقة، فقد أصبحت طهران الفزاعة للضغط على دول الخليج لبقاء القواعد العسكرية الأمريكية، رغم أننا نرى سياسة الموائمات الدولية بين طهران وواشنطن وقد أصبحت مكشوفه وقرأناها منذ أحداث غزة الأخيرة، فقد كنا جميعاً ننتظر ردة فعل حزب الله وإعلان الحرب، لكنه يخرج ويتحدث عن ضبط النفس، وبالتالي ما يجري هو التعامل مع قوى كل ما تريده تحقيق مصالحها الإقليمية سواء الجانب الإيراني أو الجانب الأمريكي.
وأعرب عن قناعته بأنه لحل أزمة السلطة في لبنان فإن هذا سيأتي من خلال إيران وأمريكا فهما القوتين الفاعلتين في الأمر والذين لديهم القدرة على حل هذه الإشكالية في ظل حالة الطائفية التي ينص عليها الدستور اللبناني، معرباً كذلك عن اعتقاده بأن إسرائيل تحاول استغلال ذلك بالضغط على الولايات المتحدة بأنها يمكنها الدخول في حرب مع حزب الله لتنفيذ ما يتم الإملاء به على واشنطن من سياسات إسرائيلية متمثلة في اجتياح غزة بشكل تام وتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين القديم.