نساء الشرق الأوسط في مواجهة الحرب والسلام والتشريعات الذكورية
تحليل - فاتن صبحي: الصحفية والباحثة المتخصصة في قضايا الجندر

علي الرغم من التشريعات والقوانين والاتفاقيات الدولية جميعها تضمن المساواة بين المواطنين وتؤكد علي حرية وحقوق النساء إلا أنها تواجه تحديات وصعوبات كثيرة وفي المقابل لم تكون يوماً ضحية بل حملت مطالبها وناضلت حتي حققت العديد من المكاسب ومازال الطريق أمامها غير ممهد في ظل غياب الكثير من الحقوق والحريات بجانب متغيرات لاتتعلق مباشرة بهن ولكن المعاناة الأكثر يدفعن ضريبتها بداية من النزاعات المسلحة والحروب وحتي التغيرات المناخية. لعل أبرز إشكالية لدي مجتمعاتنا تؤثر علينا كنساء هي الثقافة الذكورية والتي نتج عنها كافة أشكال التمييز السلبي من عنف بدني ونفسي واقتصادي وجنسي.
العروسة
منذ أن تخبر اللأم بحملها في فتاة تحزن ويغضب الأب وفي بعض المجتمعات يتم التحريض ضد الأم التي تنجب إناث، حتي تصل إلي الدنيا تجد إن وسائل الترفيه وتنمية الذكاء والحركة من نصيب الأشقاء الذكور بينما تكتفي الأسرة بالعروسة في رسالة مفادها إن حلمها منحصر في الأمومة والدور الإنجابي والرعائي، وما أن يشتد عود الفتاة تبدأ في خدمة الأسرة جنباً إلي جنب لمعاونة الأم تحرم من اللهو ومن الراحة ومن مشاركة الأشقاء الذكور في أنشطتهم وتكبل بالمسؤليات الاسرية منذ طفولتها وترعي الصغار وتساهم في تربيتهم وتتعلم فنون الطهو، جميعها مميزات يجب أن تحظي بها لتنال الأم قبول مجتمعي وفي رحلتها التعليمية عادة ماتكون الاسرة هي المحرك الأساسي فيها بل إن رأي الفتاة في أي مسلك قد يربك الأهل مجرد أن يكون لها رأي أمر مخيف قد يجعلها تقفز عن السلطة الأبوية وتصبح منبوذة وبالتالي الكثير من المجتمعات تغرس في الفتاة الميل للصوت الهادئ والطاعة والخضوع للأهل الأمر قد يمزج بآيات دينية أوأعمال فنية يغيب عنها الوعي بحقوق النساء.
الإعداد للمهمة الأسمي
فور الألتحاق بالسنوات الأولي في الدراسة تبدأ الأمهات في الإعداد لعش الزوجية الوردي بشراء مقتنيات العروسة المستقبلية تلك التحركات التي يمكنها أن تقضي علي طموح الطفلة، وإن كانت الظروف الاقتصادية للأسرة لن تسمح بتعليم الأبناء يكون الاختيار الاول للفتيات لحرمانهن من التعليم ويشجعهم علي ذلك تفرغها لخدمة الأسرة وإعدادها كزوجة وأم صالحة وفقاً لما يمليه المجتمع عليهم حتي في الطعام والعلاج يكون للذكور الحظ الأوفر بينما تحصل الفتيات عادة علي النصيب الاقل في التغذية وفرص العلاج في حال تعلق الأمر بالاختيار والمفاضلة بسبب فقر الاسرة. ثم يمنح للذكور مساحة السفر واختبار الحياة العملية واكتشاف الحياة وتكوين صداقات وحتي ارتكاب الحماقات والاخطاء بل وأحيانا تكون مصدر فخر للأهل فيما تحرم الفتيات من هذه التجارب بل وينكل بها إن حاولت التعبير عن رأيها أو خالفت وجهة نظر المحيطين وهي بالأساس وجهة نظر تلقن من الثقافة السائدة ومن يجن جنونها وتفكر في رفض هذه الأدوار تعد مصدر خوف لذويها، ومع مرحلة البلوغ تبدأ رحلة انتظار المخلص أوالعريس المنتظر الذي سيمنحها اللقلب الأهم وفقاً لرأي المجتمع بزواجها لتتحول إلي ماكينة إنتاج لصورة أمها، في بعض المجتمعات وبالأخص الريفية والقبلية تبدأ الضغوط علي الفتاة بسرعة الزواج قبل عمر 18 عام وهو مادفع الكثير من الدول العربية لسن قوانين تنظم الحد الأدني لسن الزواج.
التمكين الاقتصادي
وفقاً لطبيعة الحال في الشرق الأوسط فإن النساء عادة لايحصلن علي إرثهن ويعتبر ذكور العائلة إن تسليم النساء حقوقهن من أصول عينية أمر يضعف هيبة العائلة ويمنح الحق للغرباء وكإن المرأة ككيان ليس معترف به بينما في واقع الأمر هو اعتياد للطمع في حقوقهن فالكثير من البلدان تحرمها من حقها الطبيعي وتكتفي بالترضية بمبلغ زهيد ولولا وجود قوانين لما حصلن علي أي شئ ففي مصر علي سبيل المثال للمطالبة بإرثها بالكامل، النساء أيضاً يمارسن داخل المنزل عمل غير مأجور بداية من العمل المنزلي والتدريس للأبناء وكذلك العمل في الفلاحة بأرض الأسرة بينما ينفق الأهل علي الأبناء الذكور ليمارسوا حياتهم وفي النهاية يحصلوا علي الأرض وفقاً للعرف السائد بينما لاتحصل الفتيات علي أجر مقابل هذا العمل وفي النهاية لايرثن، بينما تقف تونس وحدها علي خطي التمكين الاقتصادي للنساء بالمساواة في الميراث مع الذكور في 2018، وبالرغم من إن بعض الدول التي تضم مواطنين مسيحيين تطبق الشريعة المسيحية في الأحوال الشخصية ومن بينها الميراث إلا أن المسيحيات أن يطالهن نفس الثقافة ولايحصلن علي الإرث أويطالب الذكور بتطبيق الشريعة الإسلامية لضمان منح الوارثات نصف الذكر ففي نوفمبر 2019 استطاعت المحامية المصرية هدي نصرالله”1″ بالاتفاق مع اشقائها الذكور الحصول علي حكم بمنحها إرثها بالتساوي وفقاً للشريعة المسيحية.
لتستخدم هذا الحكم في القضايا التي تخص المسيحيات بينما تعرضت الصحفية المسيحية “هيام نيقولا” “2”
للاحتجاز بمشفي للصحة النفسية بعد أن رفضت تسلم إرثها نصف الذكر وفقاً للشريعة الإسلامية وأقامت دعوي قضائية برقم 33 لسنة 2021 تطالب فيها بالمساواة مع الأشقاء الذكور طبقاً لشريعتها المسيحية مادفعهم للتخلص منها بهذه الطريقة ويقول محاميها بباوي جرجس إن موكلته قيد الاحتجاز في مكان غير معلوم كما إن سير التقاضي بها عوار فالإجراءات جاءت بعد وجود نزاع قضائي ولكن القضاة عادة مايتعاطفون مع الذكور من الاسرة وفقاً للسلطة الأبوية التي تفرضها الثقافة المصرية، وبينما القوانين الرسمية في تونس تساوي بين المرأة والرجل في الميراث ولكن هذا لايمنع طمع الذكور خاصة في المناطق القبلية تخشي النساء من عار التقاضي ويستغل الرجال هذا لثنيهن عن حقهن القانوني بالتساوي في حصتهن بالميراث كما تقف تكلفة إقامة الدعوي دون الوصول لتطبيق القانون في بعض الأحيان “3”.
تأنيث الفقر والجوع
تتصدر إعلانات طلب التوظيف عادة عبارة “مطلوب آنسة حسنة المظهر” تلك الجملة التي تنسف بكافة مكتسبات النساء بل وتتعارض مع ماتنص عليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية والدساتير في المساواة بين المواطنين وتعزيز حق النساء في العمل وتأصل لتسليعهن باعتبارهن مجرد جسد ووجه جميل “4”، وكإن النساء المتزوجات ليس لهن الحق في العمل أو إن كل المؤهلات المطلوبة ان تكون جميلة وفقاً لمعايير المجتمع لتنسف كل فرص الكفاءات والمهارات
تقف أزمة إتاحة فرصة العمل وعدالة الأجر بالتساوي بين النساء والرجال حائل أمام تقدمهن بل يصل الأمر إلي تأنيث الفقر والجوع ليصبحن غير قادرات علي الإنفاق وفريسة أقرب للاستغلال بكافة صوره ففي تونس لايوجد تمييز في الأجور أو فرص العمل والترقي بالوظائف الحكومية بينما تظهر هذه الإشكالية في القطاع الخاص وفقاً لفاطمة يسلم مديرة إدارة تنمية المرأة العاملة بمحافظة عدن التي عقبت بإن شريحة كبيرة من اليمنيات قررن خوض تجربة العمل الخاص وتأسيس مشاريعهن واعتمدن علي ذواتهن ولم يقفن عاجزات، بينما في لبنان ذكر تقرير لمنظمة العمل الدولية انتقاده لسياسات الأجور للنساء العاملات في الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن نظراً لغياب نظام ضمان اجتماعي وأجر عادل مقابل ساعات العمل وكذلك مسألة تنميط هذه الوظيفة بإنها نسائية يجعلها الاقل أجراً رغما أعبائها المهنية “5”.
بينما تري ريم بن جابر الكاتبة والناشطة النسوية التونسية إن القوانين التقدمية والمساواة ووضع مواد تحمي النساء لم تنقذهن من خيبة الأمل بالتفاوت في الأجور مثل باقي دول المنطقة العربية بل والعالم بأكمله ففي القطاع الزراعي تسمح القوانين بالميراث وتملك الأراضي ولكنهن يعملن كعاملات ولسن كمالكات ويحصلن علي أجر أقل من الرجال في مقابل عدد ساعات عمل أكبر بكثير بلا تأمين صحي ولاتغطية اجتماعية في ظل وسائل نقل غير آدمية وتعرضهن للخطر كما إن معدلات امتلاك الثروة والصانع والمتحكمين في القطاع الخاص رجال وبالتالي غير معنيين بحقوق النساء.
الوضع متشابه كذلك في العراق حيث تتساوي بالتقريب معدلات الأجور في الوظائف الحكومية بينما تتحكم الاعراف الاجتماعية السائدة علي تقييم الأجر المناسب ويتم تخفيضها بشكل كبير للنساء وكذلك إتاحة فرصة العمل الكثير منها مهن ذكورية وفقاً للحقوقية لغصون الخفاجي الناشطة النسوية.
النساء لسن ممثلات في العمل بشكل كاف بالمقارنة بالرجال بالرغم من ترجيع أن يكن أفضل تعليم منهم ولايحصلن علي نفس المكاسب من التعليم وفقاً لتقرير منظمة العمل الدولية الصادر في مارس 2019 وذكر التقرير إن متوسط فجوة الأجور بين النساء والرجال تبلغ نحو 20% وعلل التقرير هذا الفارق بما وصفه العقاب علي الدور الإنجابي للنساء بينما يحصل الرجال علي علاوة أجر لإنجابهم!.”6″
وسبقه بنحو 3 أعوام تقرير أكثر توسعاً ففي 2016 أشار إلي وجود فجوة في الأجور كبيرة علي مستوي العالم بأكمله ، استهل التقرير بيانه بإن ملايين النساء فشلن في مساعيهن لتحقيق المساواة بينما تقل أجورهن يعملن ساعات أطول، أشار التقرير إلي أن النساء في الدول المتقدمة تنفق نحو 4 ساعات و20 دقيقة في الأعمال الرعوية غير مأجورة بالمقارنة بساعتين و16 دقيقة للرجال، وفي الجهة المقابة في الدول النامية تنفق النساء 4 ساعات و30 دقيقة للأعمال الرعوية غير المأجورة بمقابل ساعة واحدة و20 دقيقة للرجال. وعن مستوي الأجور اشار إلي إنها تتقاضي نسبة 77% مما يتقاضاه الرجل نظراً لبخس أجر المرأة وليس مرتبط بمستوي أو فارق التعليم أوالعمر. “7”
تشوية الأعضاء التناسلية
تتفاوت انتشار ظاهرة تشوية الأعضاء الأنثوية أو كما تعرف بالختان من دولة لأخي وفي العموم توجد بكثرة في إفريقيا والشرق الأوسط ويختلف أشكال الختان معها وبدأت حملات مواجهة الختان في مطلع القرن العشرين بلا استجابة نتيجة لسنوات طويلة من استخدام عبارات تتعلق بالعفة وصون الفتيات من الانحراف وحمايتهن من الرغبة بالتخلص منها كذلك عبارات طبية من نوعية النظافة والطهارة والتخلص من التلوث لنصل إلي ذروة المشكلة بالثقافة السائدة بإنها لن تكون مرغوبة من زوجها وإنها ستطلب العلاقة الجنسية وهو أمر غير مقبول لذلك استمرت العادة بنفس معدلاتها في الدول التي تمارسها، الظاهرة تنتشر أكثر في جنوب إفريقيا بداية من السودان مروراً بالصومال وإثيوبيا وصولاً لأقصي الجنوب حيث يمارس الختان من النوع الثاني والثالث أوكما يسمي الختان الإفريقي وهو أصعب الأنواع حيث تزال مكونات العضو الأكثر حساسية ويتم خياطة الأطراف الخارجية وتترك فتحة صغير تسمح بمرور البول ودم الدورة الشهرية. ونصل إلي مصر الاشهر في الممارسة ورغم جهود الدولة في مكافحة الختان وتغليظ العقوبة علي القائم بالجراحة وذوي الضحية والمؤسسة الطبية التي يجري بها العملية وإطلاق أرقام استغاثة للإبلاغ عن الضحايا المحتملة عبر المجلس القومي للأمومة والطفولة والقومي للمرأة إلا أنها مازالت تجري في الأحياء الشعبية وتنتشر في القري وصعيد مصر بالجنوب، وتنتشر في دول البحرين والعراق والأردن وسوريا وقطر والسعودية والإمارات واليمن كما توجد بشكل محدود في إيران “8”.
في بعض البلدان يمارس الختان كجزء من التنكيل بالنساء وممارسة العنف ضدهن ففي مصر تعاد تجربة الختان للزوجات اللاتي يسافر أزواجهن لضمان عفتهن ويتم مساومتهن مقابل الإنفاق علي الأسرة وتنتشر بشكل محدود في الأحياء الشعبية بالعاصمة القاهرة وفقاً لمؤسسة قضايا المرأة المصرية.
نيران صديقة
انطلاقاً من قضية الختان والحرمان أوالتمييز في التعليم والسلطة الأبوية لعل الصادم في الأمر أن تكون نساء الأسرة من خالات وعمات وجدات وبتقريب الصورة تكون الأم هي الأكثر ممارسة علي تلك الأفعال وممارسة المزيد من الضغط علي الفتيات، السلطة والرقابة المجتمعية تفرض علي بعض النساء أن يحصلن علي الرضا المجتمعي بالمزايدة علي أفكاره البالية وحمل شعلة الذكورية والأصولية، الأم غالباً هي التي تمارس عادة الختان وهي التي تغرس في وجدان طفلتها الدور الرعائي وأن هدفها هو الزواج والإنجاب وهي التي تعارض في بعض الأحيان من استمرار تعليمها وكثيراً ماتسعي لتزويجها مبكراً، إنها ترغب في ممارسة ذكورية وسلطوية الأب لتثبت إنها أم صالحة أنتجت للمجتمع نفس العقلية لاتحيد عنها ولاتستخدم عقلها أوحواسها سوي لتكرر ذات الأدوار، أيضاً هي تعتقد أن أشكال العنف والقهر التي عاشتها هذه الأم هي التي صنعت منها زوجة وأم مثالية بمعايير الأسرة لذلك تستخدم ذات السلاح مع فتاتها حتي وإن كانت لاترغب في تكرار النموذج ولكنها لاتريد الصدام مع مجتمعها بل تبحث عن التعايش حتي وإن كان علي حساب مستقبل طفلتها.
القانون أم المجتمع
الكثير من التهليل للتشريعات والقوانين في الشرق الأوسط والتغني بحفظها حقوق الأقليات وبالأخص النساء رغم تباينها من دولة لأخري بداية من قوانين العنف الججنسي والتحرشي حتي قوانين تزويج الطفلات وتشويه الأعضاء التناسلية للنساء وبالأخص قوانين الأحوال الشخصية والعنف الأسري، جميعها لم تحقق ضمانة كافية لحمايتهن من الاستغلال، لم نحظي بقانون مدني كامل سوي في تونس الذي يحاول مؤخراً الخروج من التأويلات دينية وتأمين مواد تحمي النساء من إلغاء تعدد الزوجات والمساواة في الميراث كذلك تغليظ العقوبات في حالات التحرش وثبوت التمييز وحالات الاغتصاب بجانب مواد حضانة الصغار والنفقة بعض الدول ألغت الطلاق الشفهي فيما تحتفظ به دول أخري ومازالت جريمة الاغتصاب الزوجي غير معترف بها في التشريعات ويتم التعامل معها باعتبار إن جسد المرأة ملك للرجالة مع استمرار العلاقة الزوجية حتي وإن تم رغما عنها وبممارسة العنف أوبطريقىة غير مقبولة أوغير مناسبة لها، أيضاً الحق في الإجهاض الآمن وحق المرأة في تقرير استمرار الحمل من عدمه حتي في حالات الحمل غير المرغوب فيه مثل وقائع الاغتصاب أوالحمل المشوه أوحتي الذي قد يعرض حياة الأم للخطر كلها أشكال مازالت معظم الدول العربية لاتعترف بحق النساء فيها وتجرمها، بينما لنا وقفة مع مسألة القوانين مازالت النساء في كل الدول العربية ترتفع أصواتهن للمطالبة بتعديل القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية تحديداً لضمان الحقوق التي تهدر داخل اروقة المحاكم علي مدار شهور قد تمتد لأعوام في الكثير من الأحيان وتدمر خلالها نفسية الصغار وتظل أزمة تمكين النساء من المنصة القضائية والمشاركة في تشريع القوانين وكذلك استقبال وتلقي بلاغات العنف ضد النساء من سبل ضمانات العدالة للوصول بأحكام منصفة وغير ظالمة وكذلك لحماية النساء المعنفات من احتمالية تعرضهن لضغوط قد تمارس عليهن داخل أقسام الشرطة أثناء إجراءات الإبلاغ وفي النيابات والمحاكم ومن الجهة الأخري تعترف دول الشرق الأوسط بشكل ضمني من تأثر جهات الإنفاذ الذكور بالثقافة الذكورية السائدة وتعاطفهم من الجناة في بعض الأحيان أو بالأحري في الكثير من الأحيان ففي مصر يحصل الأب المغتصب إبنته تخفيف للحكم إلي اقل مدة ممكن وفقاً لنظرة القاضي للسلطة الأبوية علي جسد إبنته وأحيانا في بعض القضايا المتعلقة بالعنف الأسري يتم تخفيف الحكم خاصة وإن لم تجد صدي إعلامي وضغط مجتمعي مادفع الكحومة لتنظيم تدريبات للقضاة ورجال النيابات والشرطة علي المعاهدات والاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وكذلك الدستور والقانوني وحقوق النساء بهدف التخلص من الثقافة الذكورة التي قد تؤثر علي سير البلاغات ومن جانب آخر تم تدريب عدد من النساء خريجات كليات الشرطة والحقوقي في القطاعات الثلاثة لتوفير أقسام نسائية لتلقي بلاغات العنف “9”.
بالطبع تلك الإجراءات مركزية ومحدودة وغير كافية مازلنا نواجه إشكالية تتعلق بمزيد من الإصلاحات التشريعية والقانونية ومزيد من التمكين للنساء في كافة القطاعات علي أساس الكفاءة الحقيقية لا كمجرد ديكور أمام العالم لنتغني بإفساح الطريق أمام بعضهن بينما يحملن ذات الفكرة أو أكثر حدة وقسوة منه فيما يتعلق بحقوق المرأة وكذلك مسألة التطبيق العادل لتتوازي مع إصلاحات مجتمعيمة حقيقية بداية من المناهج التعليمية الملغمة بأفكار عنصرية ضد النساء بالإضافة إلي الدراما والأعمال الفنية والغناء الذي يشجع علي العنف ويقدمه كصورة مقبولة ورائجة وتعبر عن الرجولة بل وتحرض علي العنف في بعض الأحيان كذلك الإعلام ومايقدمه من صورة نمطية للنساء فقد تخصص المجلات النسائية وصفحات المرأة علي مدار عقود لتقديم مواد تتعلق بصورتها كخادمة منزلية ومربية أطفال فقط تقتصر علي الطهو وفنون التطريز والحياكة ومنتجات العناية بالجمال والأطفال وكإن حياتها تتحمور في المنزل ومشاكلها تتلخص في طريقة طهو الدجاج بالبطاطس وأخيراً بعد نضالات بدأت تتجه الصحافة النسوية لإشكاليات ومطالب، الجانب الآخر من المشكلة في الصياغة والتبرير للمعتدي واستخدام كلمات مسئية مثل جرائم الشرف أوقتلها شكاً في سلوكها لتبرير قتل النساء علي يد ذويهم وفي الكثير من الأحيان تنتهي التحقيقات بالطمع في ميراث.
أقلية الأقلية
وسط النساء توجد أقليات أكثر تهميشاً فالأقليات العرقية والدينية كالأمازيغيات والنوبيات والأزيديات والأشوريات والكرديات وغيرهن لايجدن تغطية إعلامية كافية للتعبير من مطالبهن التي تتمحور عادة مابين الحفاظ علي هويتهن ولغتهن، كذلك المسيحيات بجانب كونهن نساء فهن أقلية دينية يجدن قدراً من التهميش والتمييز في مجتمعاتهن بجانب مشاكلهن الأساسية من قوانين دينية تتحكم في قضايا الأحوال الشخصية بينما تتخلي الدولة عنهن وتركهن للمؤسسة الدينية تتحكم في حريتهن ومصائرهن وكإنهن رعاين ولسن مواطنات!. ففي مصر المسيحيات ينتظرن قوانين الأحوال الشخصية من الكنيسة التي لاتسمح للنساء بتقلد أي مناصب ولا إشراكهن في اتخاذ القرار بل وتري إن الرجل رأس المرأة وتوصيها أن تخافه وتطيعه وتهابه ولاتخالف رأيه وتخاطبه ياسيدي في وصية زواج بالية وضعت منذ أكثر من 600 عام ولم تعد تتفق مع العصر الحالي “10”.
حرية التنقل والاستقلال
كافة القضايا المتعلقة باستغلال النساء تبدأ من إتاحة التعليم وتسلح المراة بشهادة تمنحها فرصة عمل تساعدها علي الاستقلال المادي دون أن تقع فريسة داخل الأسرة اوخارجها وبذلك تعد جريمة تزويج الطفلات كارثة تدمر كيان المرأة وفرصتها في الحياة دون أن تتحول كضحية سيحول دون استمرارها في التعليم ومن ثم العمل وبالتالي تحولت إلي عبء علي المجتمع خاصة في حالات الطلاق أووفاة الزوج، وتظل قوانين وعقوبات تزويج الطفلات غير كافة تحتاج إلي إعادة نظر وكذلك آلية لضمان تطبيقها لإن استمرار الوفاق علي عقد الزيجة يجعل الطرفين مستفيدين وبالتالي من سيقوم بالإبلاغ، نحتاج إلي جانب التوعية إلي طق حماية مجتمعية وتدخل للمجتمع المدني.
القضية لاتقف عند هذا الحد النساء قد يواجهن عنف أبوي من ذكور الأسرة وبعد الزواج من الزوج وأيضاً من البيئة المحيطة بهن وبالتالي نحتاج إلي دور آمنة لاستقبال المعنفات إلا أن هذه الدور لم تلقي اهتمام من قبل حكومات الشرق الأوسط فإلي أين يذهبن هل يتحولن إلي طعام سهل للحيوانات الضالة وللمجرمين، في مصر اكتفت بتخصيص 9 دور موزعة علي بعض المحافظات من بين 27 محافظة كما تحدد إجراءات ولوائح ورسوم تحول دون إتاحتها للمعنفات بالفعل.
مسألة الفكر الأبوي وسلطة الذكور علي النساء تجعل حريتها في التنقل والسفر والاستقلال خارج أسرتها للدراسة اوللعمل أوللحصول علي فرصة تدريبية أمر شائك خوفاً من نظرة المجتمع أن يطال الأسرة لإن الفتاة هي شرف العائلة ويجب حمايته ولذلك كل من تفكر في خلع الحجاب أوتغيير الكود المتعارف عليه للملابس في دائرتها أو تفكر في استكمال دراستها أو العمل والإقامة خارج حدود الأسرة لن تحقق هدفها وسيطالها كم كبير من الاتهامات بعضهن قد ينجحن بعد معاناة وتدخلات وقد يتم القبول بشروط من نوعية ضمانات تتعلق بجهة العمل أوالدراسة والأهم السكن
بينما في بعض البلدان تحرم النساء من التنقل بحرية أوالسفر دون إذن محرمها أي اذكر ينتمي لعائلتها يمكنه منعها بفعل قوانين تميزية منها اليمن والسودان وإيران وليبيا “11”،”12″.
ولايفوتنا الواقعة المحزنة بقتل الشابة الإيرانية مهسة اميني تحت دعوي الحجاب السئ في سبتمبر 2022 نظراً إلي فرض الحكومة زي رسمي لايجب تغييره وبذكر إيرن لايفوتنا كم التراجع في حريات النساء وخضوعهن لنظام أصولي صارم لايعترف بحقوق وحريات النساء.
وإن لم تحرم القوانين حق النساء في التحرك بمفردهن يفرضها المجتمع، فاجئتنا السعودية منذ نحو 8 أعوام بخبر السماح للنساء للقيادة بمفردهن كانت نقلة في وقتها ومؤخراً مع التوجه في المملكة نحو الانفتاح وبعض المدنية أصبحت السعوديات يتمتعن ببعض المساحات الأوسع من الحريات إنه التوجه الرسمي ولكن الثقافة التي تأصلت بالمجتمع ستظل أغلال تحتاج إلي محاولات مجتمعية جادة لفك تعقيداتها.
التغيرات المناخية
مع تردد مصطلح البيئة والتغيرات المناخية ارتبط نقاشه في إطار نسوي كان الأمر غريب نظرياً ولكن مع تزايد الموجات العنيفة من التقلبات المناخية تكشف مدي تضرر النساء بهذه التغيرات أكثر من غيرهن، لعل اقرب الأحداث العام الماضي بزلزال المغرب وسيول ليبيا كانت كارثتان بيئيتان أطاحت بعشرات الآلاف ورغم إن كافة الفئات تضررت لكن بالفعل النساء هن الأكثر في قدرتهن علي المقاومة أضعف الأطفال معلقين بهن مايزيد من إعاقة حركتهن، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الشرق الأوسط فهن الأكثر تاثراُ بسبب الدور الرعائي بالمنزل والتعامل مع الحرارة أثناء عمليات الطهي وتزداد المشكلة في حالات الحمل التي ينقص معها الأكسجين في الدم، أيضاً في المناطق الريفية والتعرض لغاز الميثان السام المنبعث من روث الحيوانات ومع غياب الطاقة في بعض الدول مثل غزة التي حرمت من كل أشكال الطاقة ونظيرتها السودان وتتعرض مصر لفقر مائي ولا تختلف عنهم اليمن والمغرب فالنساء هن الأكثر تحملاً لتكلفة نقص الطاقة في نقل المياة من المنابع والبحث عن وسائل غير نظيفة لإنتاج النار لطهو الطعام كما نري في مشاهد الحصار الغذائي بغزة
هل يستخدمن كوقود للحروب والنزاعات ويدفعن ضريبة الثورات والتمرد علي الحكومات
النساء يدفعن ضريبة الصراعات والحروب التي تحدث في العالم بأكمله فيتعرضن للاستغلال والانتهاك والاغتصاب والتشريد
من سوريا جرائم منظمة
بعد مرور نحو 14 عام علي الحرب في سوريا كانت خلالها النساء أبرز الضحايا حيث فقدت أكثر من 15 ألف إمرأة حياتها وقتل نحو 26 ألف طفل بحسب تقرير ” المرصد السوري لحقوق الإنسان ” الصادر في مارس 2024 تزامناً مع شهر المرأة وجاءت نتيجة الرضدد منذ اندلاع الحرب في 2011 حتي نهاية عام 2023، منوهاً إلي وجود العشرات مازلن قيد الحبس في سجون النظام السوري والفصائل المسلحة يصل عددهن بحسب التقديرات الأولية مايزيد علي 11 ألف فيما غيبت البعض منهن قسرياً وقتلت أخريات تحت التعذيب البشع. “13”.
ويشير تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان في 20243 إلي مايقارب 6 مليون سوري لجأوا في الدول المجاورة أكثر من نصفهم من النساء والفتيات عانين من العنف والاستغلال وسواء التغذية وعدم الوصول للخدمات الصحية “14”
رغم قصص النجاح المبهرة للسوريين في مصر وتأسيس مصانع تفوقت في بعض الأحيان علي المنتج المستورد وأحيانا المحلس سواء في مجال الأزياء وبالأخص ملابس الزفاف وفي الموبيليا وصناعة الحلويات وانتشار المطاعم السورية وإقبال المصريين عليها كما توفقت بعضهن من إدارة مشاريعهن بالمنزل في تحضير الأكل السوري والحلويات وصناعة الأجبان وغيرها إلا أن هذا لايمنع من وجود عنف واستغلال وقدر من الانتهاكات كان أبرزها الزواج العرفي والزواج المؤقت حتي يحصلن علي الإقامة ثم يتعرضن للطلاق دون أي ضمانات قانونية لهن وللصغار “15”.
وانتشرت مكاتب سماسرة تزويج السوريات بالمصريين للاتجار والتربح منهن، تحت كافة شروط العريس المصري دون توفير اي حماية قانونية أواجتماعية ومادية للفتاة بدعوي الزواج العرفي أوالمؤقت “16”.
اليمنيات في مهب الحرب
مع بداية مناوشات ماقبل الحرب في اليومن 2015 أي مع نهاية 2014 أصبحت تدفع النساء الثمن ليس فقط بقتل الرجال أثناء الصراع وترمل الكثيرات وفقدان أطفالهن بل أصبحن هدف رئيس لأطراف الصراع ولعل السلاح الحوثي كان يعتبرها سيلة لتصفية الحسابات، تعرضت اليمنيات خلال الحرب للإصابات والقتل والخطف والاختفاء القسري والتعذيب وبحسب تقرير بعنوان “نساء في مهب الحرب” صادر في مارس 2020 الصادر عن منظمة ” رايتس رادار لحقوق الإنسان العالمي ” تزامنا مع مرور 5 أعوام علي الحرب رصد واقع النساء في 19 محافظة يمنية رصد نحو 16667 إنتهاكاً من كافة أطراف الصراع ضد النساء وكان للحوثيين النصيب الأكبر فيها، حيث قاريت وقائع القتل من 1000 حالة ونحو 20 ألف إصابة و384 واقعة اختطاف واختفاء قسري وتعذيب. بينما كانت زراعة الألغام في القري والمدن والمنازل من أبرز الانتهاكات التي تعرضت لها النساء فقدت جرائها حياتها أو أجزاء من جسدها وأصبحت تعاني من إعاقات بدنية “17”.
ووسط كل هذا الخراب والدمار باتت تعاني أضعاف الرجال من صعوبات التغيرات المناخية الناجمة عن التلوث والدمار من آثار الحرب خاصة وأن شريحة كبيرة منهن أصبحن مشردات ونازحات في الداخل وبعضهن اضطررن للجوء في دول الجوار، ورغم كل هذا كان لهن الدور الأكبر في بطولات إزالة آثار الحرب والركام وحماية البيئة لوعيهن الشديد بإضرارها علي اليمن بأكمله وعليهن بالأخص “18”
ويلات النزاع في الشرق
من ليبيا للعراق وصولاً للبنان الوضع لايختلف كثيراً الكثير من العنف واستهداف حرية النساء حتي في مصر في ظل الحكم العسكري والإخواني حتي 2013 دفعن ثمن الثورات والنزاع المسلح بل كن وقود للغضب الدائر حتي تم استهدافهن سواء بالقتل أوالاعتقال أو حتي الاغتصاب حيث حدثت واقعة الاغنصاب الجماعي بميدان التحرير في ثورة 2013 والتي اتهم فيها النظام الإخواني والموالين لجماعة الإخوان المسلمين بالانتقام من المناضلات ومن الثورة بأكملها في أجساد النساء. ورغم مرور أكثر من 10 أعوام علي ثورات الربيع العربي والهجوم الأمريكي علي العراق والحرب في لبنان مازالت أثار الدمار والآثار الاقتصادية تدفع ثمنها النساء كذلك فترات عدم الاستقرار، ولعل مايحدث منذ أحداث 7 أكتوبر 2023 في غزة من أبشع ما تمر به النساء ليس فقط لوجود حرب مسلحة واستهداف واضح للمدنيين والمستشفيات ولكن بالأكثر لوجود مايسمي من حصار غذائي وانقطاع كامل للطاقة من كهرباء ومياه وغاز ما تسبب في فقر غذائي وتكرار لحالات الإجهاض للنساء الحوامل، المخاوف باتت تتزايد من تفشي الأمراض والأوبئة نتيجة لهشاشة الصحة وغياب التغذية واختفاء الطاقة في ظل دمار وحصار وتزايد الدماء والأشلاء، الروايات من داخل مستشفي رفح المصرية مؤلمة للغاية الكثير من النساء فقدن كل عائلاتهن البعض فقدن صغارهن أويخفين الأطفال داخل خزانات لحمايتهم من عمليات الهدم وقصف المنازل كذلك تم استهداف المستشفيات ووحدات الأطفال والحضانات لم تعد تصل إليهن الخدمات الصحية والكثيرات تعرضن للإجهات نتيجة للحصار والقصف والعنف الدائر، تقول المتطوعات المصريات علي الحدود قصص الألم النفسي والرهبة والفزع تدمي القلوب وتدفع نحو موجات الحزن والاكتئاب حتي إنهن أصبحن بحاجة للدعم النفسي لمواجهة كل هذه القصص المرعبة، الاستهداف الإسرائيلي طال الصحفيين ومخيمات الإعلاميين كما قطعت شبكات الإتصال والإنترنت وبثت صور من ليل غزة المعتم القاتم وكإنها مدينة للأشباح.
أما في السودان الوضع أكثر مأسوية القصف والاستهداف لم يأتي من المحتل او قوات خاريجة بل من الداخل في فصائل متنازعة عي مدار العام بلغت الخسائر البشرية والتشريد والنزوح للداخل وإلي مخيمات دارفور واللجوء في دول الجوار، الحرب الدائرة بين القوات السودانية وميلشيا الدعم السريع خلفت نحو 12 ألف قتيل حتي نهاية 2023 والآن تغيب أعداد القتلي فيما استقبلت مصر الأعداد الأكبر من اللاجئين وصلت إلي نحو 500 ألف لاجئ مظمهم من النساء والأطفال وكبار السن مايعني أن الأمهات الشابات لجئن إلي مصر يحملن صغارهن وبصحبتهن أمهاتن العجائز الأمر مرعب شابات غالبا بلا مال أوملابس ويصطحن عدد من الصغار والآباء وليمة جيدة للسماسرة وقطاع الطرق الكثير من الانتهاكات تعرضت لها السودانيات في الداخل وأثناء رحلة الهروب وبعد وصولهن إلي مصر، فور إندلاع الحرب كان الاستهداف الأساسي لمليشيات الدعم السريع للنساء للانتقام من الثورة هكذا تقول نعمات كوكو عضوة الحزب الشيوعي السوداني بل تم مطاردة عاملات الشاي في الشوارع باعتبارهن مؤيدات أو عميلات للنظام الحاكم كما تم خطف الكثيرات ليعملن بلا أجر والبعض تعرضن للاختطاف والعنف الجسدي والاغتصاب،وفي مخيمات النزوج بدارفور التي توجد بلا أي تأمين يتعرضن لهجمات منظمة من مسلحين وبعضهن مازلن بعد مرور عام من الحرب يفترشن العراء ويتخذن من جذع الشجر متكئ لظهورهن كما يعانين من الوصم نتيجة لتعرضهن للاغتصاب بعض الحالات كانت نتيجة لصراع قبلي استهداف نساء قبيلة من آخرين. “19”.
الكثيرات قررن الفرار إلي مصر وفي رحلة الهروب من حجيم الحرب نحو الشمال الكثيرات منهن أفاقت من نومها علي قصف المنزل وموت بعض أفراد عائلتها حملن الصغار والعجائز وهربن بلا ملابس إضافية للرحلة وبرفقتهن القليل من المال والأوراق الثبوتية بينما خضعنا في الطريق لسماسرة المعبر والخوف من المجهول بينما صراخ الصغار يشق الليل والقلوب نحو مصير غير معروف وانتهاء المال والطعام وجفاف حليب الثدي باتت تحولها إلي حطام إنسان بجانب المشاكل الصحية المتعلقة بفترات الحمل أو علي مشارف الولاد أو فترة الرضاعة التي تستلزم رعاية خاصة صحية وغذائية ونفسية وتتطلب هدوء نتيجة للتغيرات البيلوجية والهرمونية جعلت من الاهتمام بصحتهن وحتي صغارهن مجرد رفاهية أمام صوت إطلاق النيران والقصف واستهداف أجساد البشر حتي تحولت المدن إلي كومة من الجثث. “20”
وفي مصر لاتنتهي المعاناة الكثير منهن اضطررن للاقامة المشتركة مع عائلات سودانية بينما يظل تأمين المال اللازم للحياة وتفير فرصة عمل مناسب امر غاية في الصعوبة الكثير من الانتقادات وجهت لمنظمات المجتمع المدني الدولة التي تكتفي فقط بالشجب والتنديد والبيانات دون تنسيق حقيقي عي أرض الواقع يضمن للاجئين خاصة النساء مستوي معيشي يحميهن من الاستغلال والعنف والانتهاكات المحتمل وقوعها في حال ظلت في حاجة لتوفير المأكل والمسكن والعلاج لأسرتها “21”.
قضية استغلال اللاجئات واعتبارهن بلاغطاء تأميني خاصة من ذوات البشرة الملونة أمر مرتبط بالكثير من الثقافات ومن الصعب العمل علي تغييرها ففهي مصر ظهر منذ نحو شهر حملات تحريض عبر السوشيال ميديا ضد اللاجئين عموماً وخاصة السودانيات باعتبارهم تسببوا في ارتفاع الإيجارات ببعض المناطق منها حي فيصل بالجيزة شمال مصر.
هن الأمل
علينا أن نعتبر المرأة في الشرق الأوسط محاربة بامتياز مازالت تناضل من أجل حريتها وسط كل هذه القيود لم تتنازل عن حقوقها منذ أن كانت محرومة من التعليم والمشاركة في الحياة العامة والسياسية وحتي الممارسات اليومية إلي أن حققت كل هذه المكاسب. مازلت كالفراشة تجول بأحلامها للأعلي تسعي نحو العدالة رغم قيود المجتمع. لعل الأمل في ضمانات إتاحة التعليم والعمل وتكافؤ الفرص في المناصب علي أساس الكفاءة وتمكينها سياسياً واقتصادياً لإن حرية المجتمع لن تتحقق إلا بحرية النساء.
المصادر والمراجع
“1”
mailto:https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.bbc.com/arabic/middleeast-50553685&ved=2ahUKEwiVgKPJmqyFAxWXhP0HHe49AM4QFnoECBYQAQ&usg=AOvVaw14zBngaNNiBSzVD4tkVok7
“2”
mailto:https://masr360.net/%d8%af%d8%b9%d8%a7%d9%88%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%ac%d8%b1-%d8%b3%d8%a4%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%8a%d8%a9/
“3”
mailto:https://www.bbc.com/arabic/tv-and-radio-46524910
“4”
mailto:https://manassa.news/stories/13173
“5”
mailto:https://www.ilo.org/beirut/media-centre/statements/WCMS_859784/lang–ar/index.htm
“6”
mailto:https://news.un.org/ar/story/2019/03/1028491
“7”
mailto:https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_458074/lang–ar/index.htm
“8”
mailto:https://www.bbc.com/arabic/world-51743119
“9”
mailto:https://raseef22.net/article/1089716-%D8%AA%D9%87%D9%83%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A7%D8%A8%D8%B7-%D9%88%D8%B3%D8%AE%D8%B1-%D9%85%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%AC-%D9%88%D9%85%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9
“10”
mailto:https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://raseef22.net/article/1083012-%25D8%25B9%25D9%2585%25D8%25B1%25D9%2587%25D8%25A7-600-%25D8%25B9%25D8%25A7%25D9%2585-%25D9%2585%25D8%25B7%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A8-%25D9%2582%25D8%25A8%25D8%25B7%25D9%258A%25D8%25A9-%25D8%25A8%25D8%25AA%25D8%25B9%25D8%25AF%25D9%258A%25D9%2584-%25D9%2588%25D8%25B5%25D9%258A%25D8%25A9-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B2%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25AC-%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25B9%25D8%25A7%25D8%25B1%25D8%25B6%25D9%2587%25D8%25A7-%25D9%2585%25D8%25B9-%25D8%25AD%25D9%2582%25D9%2588%25D9%2582-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25B1%25D8%25A3%25D8%25A9&ved=2ahUKEwjKyuX2w66FAxXugP0HHRERBg8QFnoECBcQAQ&usg=AOvVaw024bGiUiSMZ-K5pWpZh2rR
“11”
mailto:https://www.hrw.org/ar/news/2024/03/04/yemen-warring-parties-restrict-womens-movement
“12”
mailto:https://www.dw.com/ar/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%B6%D8%A7%D8%B9-%D8%A3%D9%85%D9%84-%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9/a-46725290
“13”
mailto:https://www.syriahr.com/%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%80-%D9%80%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86/705310/
“14”
mailto:https://www.unfpa.org/ar/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7
“15”
mailto:https://daraj.media/14457/
“16”
mailto:https://www.al-monitor.com/ar/contents/articles/originals/2015/12/egypt-syria-refugees-women-marriage-aid.html
“17”
mailto:https://www.independentarabia.com/node/101336/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%B2%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D9%83%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D9%86%D8%B8%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84
“18”
mailto:https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://news.un.org/ar/interview/2022/04/1097892&ved=2ahUKEwjvtMjyt62FAxWXhf0HHd5tAskQFnoECA8QAQ&usg=AOvVaw1kpq4YJ4Et29M0CcdKRPPw
“19”
mailto:https://carnegieendowment.org/sada/89281
“20”
mailto:https://www.sharikawalaken.media/2023/09/14/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7%d8%aa/
“21”
mailto:https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fwww.infomigrants.net%2Fen%2Fpost%2F45013%2F%25D9%2587%25D9%258A%25D9%2588%25D9%2585%25D9%2586-%25D8%25B1%25D8%25A7%25D9%258A%25D8%25AA%25D8%25B3-%25D9%2588%25D9%2588%25D8%25AA%25D8%25B4-%25D8%25AA%25D9%2588%25D8%25AB%25D9%2582-%25D8%25A7%25D8%25B9%25D8%25AA%25D8%25AF%25D8%25A7%25D8%25A1%25D8%25A7%25D8%25AA-%25D8%25AC%25D9%2586%25D8%25B3%25D9%258A%25D8%25A9-%25D8%25B9%25D9%2584%25D9%2589-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D8%25A7%25D8%25AC%25D9%258A%25D9%258A%25D9%2586-%25D9%2581%25D9%258A-%25D9%2585%25D8%25B5%25D8%25B1%3Ffbclid%3DIwAR1mjZjkuHUTF2jAz1KLLH6qcSeqf0H7iuEcNt-3eczYskOUmp7bS8TpPrQ_aem_AUAbAhpSXqGkzpfv90VjaTjJoXp8CfVdVmN286_TlRQHKAveX8eMkIYFqeEafQalxbPjwurnVnftNw0fgod2x_h9&h=AT3GcIneYJT7IuhFPcgqtV20HfQr9ELupoMAHZ_jpC7-uFPYjYZBP58d8ReA5r7LLN0O8GSWOhfYZz5M6zwUXWkHGL-hlIe-D0Uyt6oc-hIEG85ncVt3RqvLLE-JBKqWXwL_