المرأة

نحو مستقبل مشترك: دور الرئاسة المشتركة فى بناء مجتمعات مزدهرة

تحليل : د. سحر حسن أحمد

يرجع تاريخ الرئاسة المشتركة كذهنية واسلوب للحياة إلى فترات مختلفة مرتبطة بثنائية الحياة وتكاملها بين المرأة والرجل، وربما قد تم تطبيق هذا النمط من الإدارة الجوهرية في مجتمعات متنوعة وفي فترات متباينة. ولكن يُمكن القول إنه لم يكن هناك تاريخ محدد لظهور الرئاسة المشتركة كمفهوم محدد ومصطلح، بل كانت فكرة موجودة في مختلف الثقافات والحضارات ولكنها لم تكن بنفس المفهوم والصياغة والأبعاد الذى طرحه القائد والمفكر آبو (عبدالله أوجلان) .

فكانت النساء يُشاركن في إدارة الحياة بجانب الرجال في بعض المجتمعات التقليدية والقبلية. وفي العصور الحديثة، بدأت النساء في السعي للمشاركة في الحياة السياسية بشكل أكبر، مما أدى إلى ظهور المزيد من الأمثلة على الريادة المشتركة لجهود التغيير والبناء والعمل المشترك إلى مستويات معينة في العديد من البلدان والثقافات.

ومن ثم تُعد فكرة الرئاسة المشتركة التي طُرحت من قبل المفكر عبدالله أوجلان ليست بجديدة بل منتمية للحياة الطبيعية والأخلاقية، فقد كانت موجودة منذ قديم الآزل، فعند البحث في عصر الآلهة الأم يظهر وجود ثنائي مكون من رجل وامرأة في الفترة من 4000 – 2000 ق.م، وقد عَبروا عنها بالإدارة العادلة نرى أساطير عشتار- دوموزي، أستار- بعل، وكيبيلا- أتيس، هيبات- هيباتا، أفروديت- أدونيس وإيزيس- أوزوريس، بعد هذه المرحلة أخناتون-نفرتيتي. ويُذكر أن القيادة المشتركة كانت حاضرة فى ظل الإمبراطورية الرومانية وخلال هذه السنوات كان لدى الرومان نظام ناجح للقيادة المشتركة، استمر هذا النظام لأكثر من أربعة قرون، وقد كان هذا النمط من القيادات المشتركة فعالة للغاية، والتى امتدت من أدنى مستويات القضاء إلى أعلى المناصب.

في العصر الحديث الحديث استُخدِم مفهوم الرئاسة المشتركة ولو بشكل مختلف في أمريكا اللاتينية ، ويُقال إن الأمريكيين أحبوا واحترموا سيمون بوليفار( 1783 – 1830م) كثيراً فقد دعوه بالرئيس المشترك، هذا هو المفهوم الذي تم تطويره من قبل الشعب، أما أول مرة استخدم على الساحة السياسية، فقد كان من قبل  حزب الخضر الألماني . وقد ظهر بأكثر من صورة فى بعض الدول من قبيل:  بريطانيا التى مثل نظام الحكم فيها أحد الأمثلة على القيادة المشتركة، فنجد العائلة المالكة التي تتكون من رجل وامرأة في موقع الحكم شكلًا من أشكال الرئاسة المشتركة ولو بشكل وبمضمون مختلف. على سبيل المثال، الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب. وتُعد نيوزيلندا واحدة من الدول التي تُطبق نظام للعمل المشترك بين الرجل والمرأة بشكل فعال. حيث شغلت جاكيندا أرديرن رئاسة الوزراء في البلاد، وكان لديها قبل ذلك دعم كبير من شريكها كلارك غافن. وفى سويسرا نجد بعض البلديات السويسرية، يتم تطبيق نظام شبيه بالرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة في مجال الحكم المحلي، حيث يتولى رئيس البلدية منصبًا يتشاركه مع  شريكه.

بيد أن فكرة الرئاسة المشتركة منبثقة من فكرة العمل الجماعى التى أصبحت تزداد أهمية لاعتراف العديد من المنظمات بالفوائد التي يُمكن لها أن يُجبلها العمل الجماعي، وهكذا فان العمل الجماعي والقيادة الجماعية أصبحت تحظى بأهمية خاصة في المنظمات للتحقق من فعالية الفريق والعناصر التي تزيد منها، إلى جانب ذلك فقد أصبح من الواضح أن القائد المنفرد من المحتمل ألا يتمتع بجميع المهارات والسمات اللازمة لأداء مهام وظيفته القيادية الضرورية بفعالية لذلك ازدادت شعبية القيادة المشتركة، كما أن للحياة جانبين دائماً لا بد أن يتم أخذهما في الاعتبار.

ولا غرو أن الحديث عن القيادة المشتركة ذو أهمية بالغة ، كما أنه مُتشعب ومُتعدد، إن الإشتراك في القيادة أو الرئاسة تعنى الإشتراك في صنع القرار وتحمل المسؤولية، فالقيادة بالمعنى التشاركي مزيد من العمل. والقيادة الجماعية قبل أن تكون تشريفاً فهي تكليف وبذلك يتوجب على الجميع المشاركة بفعالية وتحمل المسؤولية، وبفضل المشاركة وأخذ الرأي يكتسب القادة حب مرؤوسيهم ويتحقق النجاح لهم ولمن يقودهم، إلى جانب ذلك يُحاول القادة المشتركون عمل المستحيل في سبيل إنجاح هذا النمط من القيادة، والقائد الجماعي يهتم بالبعد الإنساني والعملي ويهتم بالناس بشكل كبير وكذلك بالعلاقات وبالعمل والإنتاج.


الرئاسة المشتركة عند أوجلان

قد جائت فكرة الرئاسة أو القيادة المشتركة من خلال أفكار وأطروحات السيد عبدالله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني (PKK) 1987م ، فإن المفهوم الذى طرحه عكس فلسفته السياسية ورؤيته للحل الديمقراطي عبر الإدارة الذاتية والديمقراطية الشعبية.

يُعد أوجلان من أبرز الشخصيات التي أسهمت في تطوير فكرة الرئاسة المشتركة، وقدم رؤية متكاملة لها خلال فترة نشاطه السياسي والاجتماعي.

وفقًا لأوجلان، تعني الرئاسة المشتركة أن يُشارك الناس في إدارة شؤونهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر وفعّال. ويؤمن بأن الشعب يجب أن يكون هو الجهة المسؤولة الرئيسية في اتخاذ القرارات وتحديد مصيره، وهو ما يُعبر عن مفهوم الديمقراطية الشعبية.

كما أوضح المفكر آبو أن الرئاسة المشتركة تشمل التعاون الفعّال بين جميع فئات المجتمع، بما في ذلك التكوينات الاجتماعية والنساء، وأن يكون لهم دور متساوٍ في اتخاذ القرارات وتشكيل السياسات. كما شدد على أهمية الشفافية والمساءلة في عملية صنع القرارات، وضرورة ضمان تمثيل كافٍ لكل شرائح المجتمع.

بشكل عام، يعتبر أوجلان الرئاسة المشتركة أساساً لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في المناطق التي تُعاني من الصراعات، ويُروج لها كنموذج للإدارة الذاتية الذي يحترم حقوق المكونات والخصوصيات ويضمن مشاركة جميع أفراد المجتمع في الحياة السياسية والاجتماعية.

شكلت مراحل النضال الطويلة أرضية للوصول إلى مرحلة الرئاسة المشتركة، فهناك مراحل تحليلية طويلة اعتمدها القائد كـ ( تحليل المرأة – تحليل المرأة والعائلة – كيف نعيش – علم المرأة جنولوجي – والرئاسة المشتركة ) وطُرحت العديد من النظريات من قبيل : نظرية أيدلوجية حرية المرأة التي كانت بداية جديدة من أجل التحقق من الأيدولوجيات الموجودة، وهذه الأيدلوجية تضع مبادئ الحياة التي ستعمل المرأة على خلقها ونسجها، فتتخلص المرأة من التفكير وفق فكر الرجل والعمل وفق توجهاته. كذلك نظرية الانقطاع عن الرجل والعمل من أجل تجاوز أُسس الرجولة التقليدية والرجعية، بحيث تحولت الرجولة إلى بلاء، لذلك يؤكد القائد على أهمية البحث والتحقق في الوضع الذي تُعانيه الرجولة في المجتمع. ليؤكد بذلك على أهمية التوفق بعلاقة الرجولة المشيدة مع السلطة والعنف والعبودية والاستغلال للمرأة.

فكانت أُطروحات القائد بمثابة ثورة فكرية بالنسبة للمجتمع الكردي حيث تم تحقيق تغير كبير في النسيج الاجتماعي الكردي وخاصة بالنسبة للعلاقات الاجتماعية بين المرأة والرجل ووصول الحركة النسائية من النشاط والحيوية والمشاركة الفعالة والإرادية لكل مجالات الثورة وقيامها بدورها الطليعي على مستوى المنطقة والعالم والوصول إلى درجة الرئاسة المشتركة كل هذا يثبت الصراع والتغير الذي خلقه القائد آبو في المجتمع .


مفهوم الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة عند أوجلان

بالنسبة لمفهوم الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة عند القائد أوجلان، فهو يُعبر عن فلسفته السياسية ورؤيته لتحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز دور النساء في الحياة السياسية والاجتماعية. وتُشكل هذه الفكرة جزءاً من رؤيته لبناء مجتمعات ديمقراطية ومنظمات ذاتية الحكم.

ينظر أوجلان، إلى الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة كأساس لبناء مجتمعات تكون فيها المرأة شريكًا متساويًا في صنع القرار والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية. كما يؤمن بأن المرأة يجب أن تكون لها دوراً مهماً وفعّالاً في تحديد مصير المجتمع وتشكيل السياسات، وأن يتمتعوا بحقوق متساوية مع الرجال في جميع الجوانب؛ إذ جاء المفهوم ضمن مشروع الأمة الديمقراطية ليُعزيز دور المرأة في كافة جوانب المجتمع، ويُحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.

لا غرو أن نظام الرئاسة المشتركة يُعد نموذجاً ومثالاً للمجتمع الحر والحياة الحرة، فهذا النموذج ابتدأ ضمن النظام التنظيمي عن طريق نضال حرية كردستان، كما إنه أصبح مبدأ يُمثل المساواة. وحتى تنضم المرأة بقوتها التنظيمية إلى كافة مجالات الحياة، لا بد من التخلص من الذهنية الذكورية الرجعية التي يتم فرضها بإرادة الطرف الواحد. المرأة بقوة إرادتها ومعرفتها وتمثيلتها وفكرها تنضم إلى ساحة السياسة الديمقراطية.

وفي بعض السياقات، يُشير مصطلح الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة إلى نموذج لتنظيم الحكم والإدارة يتضمن توزيع السلطة الرئاسية بينهما، سواء في الحكومات المحلية أو الوطنية أو في المؤسسات والمنظمات. تعكس هذه الفكرة مبدأ المساواة بين الجنسين وتمثيلهما بشكل عادل في صنع القرارات وإدارة الشؤون العامة.

تأتى مساواة المرأة عن طريق النظام الخاص بها الذى يلعب دورًا حيويًا في تمكينها والحصول على حقوقها، ولكنه لا يعني بالضرورة الانفصال التام عن النظام العام أو الاعتماد الكامل عليه؛ أي أن تمثيل حركة المرأة في هذا المجال وبهذه الطريقة سوف تُصبح فعالة ومرتبطة بحقيقة الحياة عن طريق كسر قيود العبودية أمام الذهنية الرجعية، أي لا تستند إلى المعادلة الكلاسيكية للمساواة، بل تعمل على تغير تلك الذهنية مع ضمان وجودها .

تُمثل الحركات النسائية والمجتمعات المدنية والجمعيات النسوية وسائلًا فعّالة للحصول على حقوقها وتغيير الثقافة والتصورات المتعلقة بدورها في المجتمع. من خلال إلقاء الضوء على قضايا المرأة، وتعزيز التوعية والتثقيف؛ إذ يُمكن للنساء أن يكسروا القيود الثقافية والاجتماعية التي تحول دون تحقيق مساواتهن. ومن ثم يُعد الاندماج في النظام العام والمشاركة في المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة أيضًا ضروريًا. فالمرأة تحتاج إلى تمثيل فعّال في هذه المؤسسات لتأثير أوسع وتغيير أعمق في المجتمع. بالتالي، يجب أن يكون هناك توازن بين العمل على إحداث تغيير في النظام الخاص بالمرأة وتعزيز مشاركتها في النظام العام، مما يؤدي إلى تحقيق المساواة الحقيقية والاستدامة في المجتمع.

فعندما يقوم المجتمع عن طريق ذكاء المرأة بإدارة نفسها، وقتها يُمكننا تعريف نظام الرئاسة المشتركة بكونها السياسة المعادية للسياسة المهيمنة التي تُبرر عبودية المجتمع والمرأة وبهذه الطريقة تقوم بتطوير شروط وأحكام غزوها، لذلك فإن نظام الرئاسة المشتركة هو رفض كلي لهذه السياسة التي تطورت بالذهنية الذكورية المهيمنة والتى أصبحت منبع الضغوطات، والغزوات والعبودية، لهذا فهي سياسة ضد المرأة والمجتمع، تلك التي أخذت شكلها بأسلوب وإيديولوجية الرجل، فالمرأة التي تتشبه بالرجل فقط تستطيع أخذ مكانها ضمن تلك السياسة المهيمنة وبالأصح المرأة التي تعمل ضمن هذه السياسة يجب عليها أن تكون مثل الرجل. فإذا كانت المرأة تضطر إلى تقليد أو محاكاة سلوك الرجال لتحقيق نجاحها أو للمشاركة في الحياة السياسية، فإن هذا يعكس نقصًا في التنوع والتمثيل الحقيقي لمختلف الفئات في المجتمع.

ومما سبق يتضح لنا التحديات التي تواجهها المرأة في المجتمعات التي تعتمد على الهيمنة الذكورية في السياسة والثقافة. وفي الأُطر التي تُفرض فيها القيم والأفكار التقليدية التي تُعزز دور الرجل كمهيمن وتحد من دور المرأة، ويُصبح من الصعب على المرأة أن تُحقق مكانتها بدون تشبهها بالرجل أو اعتماد نمط السلوك الذي يفرضه النظام السائد. لذا، من الضروري تغيير هذه الديناميات وتحول الثقافة السائدة لتشجيع التنوع والمساواة في المشاركة السياسية، وتأكيد أهمية تمثيل المرأة بما يتناسب مع حقوقها وقدراتها، دون الحاجة إلى تقليد النمط الذكوري للنجاح أو الاعتراف بها.

بيد أن حركة حرية المرأة تسعى إلى تحقيق تغييرات جذرية في النظام السائد الذي يفرض الهيمنة الذكورية ويُقيّد حرية ومشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية. من خلال نضالها ضد هذه الهيمنة والتقرب من قيم المساواة والعدالة، وتسعى لتعزيز مكانتها في المجتمع وتحقيق تمثيلها الفعّال في السياسة واتخاذ القرارت. كما أن تفعيل المؤسسات البديلة يعكس إرادة المجتمع في بناء نظام يعتمد على العدالة والمشاركة، ويُحقق حقوق الإنسان للجميع بما في ذلك النساء.

بيد أن نظام الرئاسة يُعد جزءًا أساسيًا من تعزيز الديمقراطية وتمثيل الجميع في عمليات اتخاذ القرار. لذا يجب أيضًا أن ندرك أن تحقيق المساواة الجنسية وتمثيل المرأة بشكل كامل يتطلب جهودًا أكثر من مجرد تطبيق الرئاسة المشتركة. من خلال تمثيلها بمعرفة تنظيم نفسها في كافة المجالات. لذا، يُمكن للمجتمع الاستفادة من تنوع الأفكار والخبرات والمهارات التي تجلبها النساء إلى عمليات اتخاذ القرار. فهى ليست مسألة عدالة اجتماعية فقط، بل هى أيضًا مفتاح لبناء مجتمعات أكثر شمولًا واستدامة.

بلا شك إن مفهوم نظام الرئاسة المشتركة لوحده لا يُفعل إرادة المرأة في الساحة السياسية، لو كان ذلك صحيحاً فهذا يعني إن إرادة الرجل حرة ولكن هذا التقرب خاطئ ، لأن هيمنة السياسة الدولية جعلت الرجل أيضاً بدون إرادة. فإن للرجل أيضاً إحتياج للإرادة كما للمرأة. نظام الرئاسة المشتركة من أحد الأساليب المهمة من أجل أن ينضم الجنسين بإرادتهم إلى السياسة الديمقراطية.

هذا النظام لا يقتصر على إنشاء إدارة مشتركة بين الجنسين، بل يتعدى ذلك إلى تنظيم المجتمع بأكمله ضد أي شكل من أشكال القهر والظلم، وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم. من خلال تفعيل الرئاسة المشتركة، يتمكن الأفراد من تنظيم أنفسهم وتنظيم حياتهم بشكل ديمقراطي ومشترك، حيث يتمتع الجميع بالمساواة في الحقوق والفرص. ويُعزز هذا النظام الروح الجماعية والتضامن في المجتمع، مما يؤدي إلى تعزيز الشعور بالانتماء والمشاركة الفعالة في صنع القرار وتحقيق الرفاهية العامة. بوجود هذا النظام، يتم تعزيز الروابط الاجتماعية والتعاون بين الأفراد أيضاً، وتقوية الروح الجماعية والمساندة المتبادلة. وبالتالي، يُمكن أن تتحقق مجتمعات أكثر عدالة وتقدمًا عن طريق تفعيل مبادئ الرئاسة المشتركة وتطبيقها بشكل فعّال. كما أن هذا النظام يُناضل ضد أنانية الفرد والدولة وتطور الديمقراطية الراديكالية وهو يقوم بحماية المجتمع الأخلاقي والسياسي. فالمرأة هي عضواً أساسياً في السياسية الديمقراطية وتُمثل دوراً مهماً وفعال في مرحلة تغيير وتحويل المجتمع وتنضم إلى العملية السياسية. وبهذه الطريقة يثبت المجتمع وجوده ويقدم الحلول.Top of Form

إن أساس بناء نظام الرئاسة المشتركة هو الدور الذى تقوم به المرأة فيه، مما يُعد هذا استراتيجية مثيرة للاهتمام، كما أن أساس الحضارة هي الدولة . وأن نظام الرئاسة المشتركة هو البديل وضمان الحضارة الديمقراطية هو سياسة الحداثة الديمقراطية، هدفها التخلص من السلطوية وتقوية الديمقراطية.

جاء نظام الرئاسة المشتركة ليكون خطوة نحو تعزيز المشاركة المجتمعية وتمثيل الجميع في صنع القرارات، وهو ما يُدعم قيم الديمقراطية وسياسة الحداثة التي تسعى إلى تقوية الديمقراطية والتخلص من السلطوية  تعكس طموحًا مشتركًا في العديد من الأنظمة السياسية حول العالم.

ويؤدي تنفيذ هذا النظام إلى تعزيز الديمقراطية من خلال تمكين المرأة والمجتمع من المشاركة الفعّالة في العملية السياسية وصنع القرار. فعندما يشعر الأفراد بأنهم جزء لا يتجزأ من العملية الحكومية وأن أصواته مسموعة ومهمة، يُمكن أن يُزيد ذلك من مستوى الشرعية والشفافية في الحكم. يجب أن يُصاحب تطوير الإدارة الذاتية حدوث تطور فى الجانب  الاقتصادي والجانب الاجتماعي، حيث يتم توجيه الجهود نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة الناس. وهذا يتطلب توفير الفرص الاقتصادية والاجتماعية المتساوية لجميع أفراد المجتمع، بما في ذلك النساء، وتعزيز التضامن والعدالة الاجتماعية. وتُسهم حركة حرية المرأة في تعزيز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتسعى لتحقيق المساواة والحرية لها في جميع جوانب الحياة. وفي البلديات، وفي مختلف التنظيمات وتُنظم نفسها حسب هذا النظام، لأن نظام الرئاسة المشتركة هو تطبيق للسياسة الديمقراطية، وفي الساحة الاجتماعية يُعد نصر كبير للمرأة.

يُشكل تاريخ نضال المرأة جانباً مهمًا من تاريخ النضالات من أجل الحرية والعدالة في مختلف أنحاء العالم. وقد اتخذت المرأة أشكالًا متنوعة لتنظيم نفسها وللمشاركة في النضال من أجل حقوقها، سواء من خلال الوحدات الصغيرة أو الانضمام إلى الجيش والحزب والمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق أهداف مشتركة. فقد قامت المرأة الكردية بنضال طويل وشامل من أجل نيل حقوقها وتحقيق المساواة والحرية. وقد أدت هذه النضالات إلى تطور النساء الكرديات ليُصبحن روادًا في تطبيق أنظمة الرئاسة المشتركة في المناطق التي يسكنها الأكراد.

تُجسد الرئاسة المشتركة فكرة التعاون والمشاركة المشتركة في صنع القرار وإدارة الشؤون العامة، وهو ما يتناغم مع قيم المساواة والعدالة التي ناضلت من أجلها النساء على مر التاريخ. وبفضل تطبيق مثل هذه الأنظمة، يُمكن للمرأة أن تحظى بفرص أكبر للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وبالتالي تعزيز دورها كشريك متساوي في بناء المجتمع وتحقيق التنمية الشاملة.


أهداف الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة

تهدف الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة إلى التنوع وتشمل عدة جوانب من التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. من بين هذه الأهداف:

  1. تحقيق المساواة الجنسية :  تهدف الرئاسة المشتركة إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في الحصول على الفرص والمشاركة في صنع القرارات والقيادة، دون تمييز أو تفضيل لأحد الجنسين.
  2. خلق مجتمع تكون فيه المرأة حرة، وهذا بدوره يُؤدي إلى مجتمع حر وأمة ديمقراطية ، لأن الشرط الأولي للتحول الديمقراطي والأيكولوجي في المجتمع، وهو القيام من خلال نظام الرئاسة المشتركة بخطوات في هذا المجال لإعادة تصحيح كل العلاقات التي تم تحريفها عبر التاريخ علاقة الإنسان مع الطبيعة علاقة الرجل والمرأة علاقة الإنسان مع الإنسان 
  3. تعزيز الديمقراطية والشفافية:  تُعزز الرئاسة المشتركة مبدأ الديمقراطية من خلال تمثيل متساوٍ للرجال والنساء في الحكم، وتشجيع الشفافية والمساءلة في عملية صنع القرارات.
  4. تعزيز حقوق المرأة:  تسعى الرئاسة المشتركة إلى تعزيز حقوق المرأة وتمكينها اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وتحقيق تمثيلها الفعّال في المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
  5. تحقيق التنمية المستدامة:  يعمل نظام الرئاسة المشتركة على تحقيق التنمية المستدامة من خلال توفير فرص متساوية للتنمية والتقدم للجميع، بما في ذلك النساء، وتعزيز المشاركة الفعّالة للجميع في صنع القرارات ذات الصلة بالتنمية.
  6. السلم والاستقرار:  تُسهم الرئاسة المشتركة في تعزيز السلم والاستقرار من خلال تعزيز التفاهم والتعاون بين الجنسين، وتقليل التوترات والصراعات الناجمة عن عدم المساواة والظلم.
  7. التنوع والإبداع:  يعزز النظام المشترك التنوع والإبداع من خلال جلب وجهات نظر متنوعة وتجارب مختلفة من الرجال والنساء إلى عملية صنع القرارات.

باختصار، تهدف الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة إلى خلق مجتمعات أكثر عدالة وتنمية مستدامة، من خلال تعزيز المساواة والتعاون بين الجنسين في جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فمفهوم الرئاسة المشتركة يأتي من مفهوم حرية المرأة لأن المرأة أول من طُبقت عليها العبودية والاستغلال، وحرية المجتمع مرتبطة بحرية المرأة، فالرئاسة المشتركة قرار حضاري مسؤول


تطبيق الرئاسة المشتركة

برز منهج الرئاسة المشتركة كمنهج جديد للإدارة في الشرق الأوسط وأصبح له تأثير على أرض الواقع ولقي صدىً على مستوى العالم عبر تطبيقه في المئات من المؤسسات والتنظيمات فى جنوب كردستان وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا وبعض التنظمات في أوربا بعث منهج الرئاسة المشتركة أو الإدارة المشتركة روحاً جديدة في جسد الأنظمة الإدارية، في شمال سوريا وفي شمال كردستان ولجان المناطق ومجالس الشعب وحتى إدارة المقاطعات والأقاليم يُطبقون هذا النظام بشكل واضح، أي قد أصبحنا نُوضح ونُعرف هذا النظام لكل نساء العالم على أساس البراديغما الديمقراطية، الايكولوجية وحرية المرأة.

قد أُدرج نظام الرئاسة المشتركة لأول مرة على جدول أعمال القائد في سجن إمرالي 2004 م ، حيث قال القائد أوجلان في هذا اللقاء:” يتطلب تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في الحزب, لأنه ما لم تتحقق الديمقراطية داخل الحزب، فإن السياسة لن تكون ديمقراطية وإن لم تكن السياسة ديمقراطية، فالمجتمع لن يكون ديمقراطياً، وكلها مرتبط ببعضها بالبعض”.

بيد أن الهدف من الرئاسة المشتركة هو تجاوز الإدارة الفردية وتعزيز تمثيل الإرادة العادلة والحرة، إذ طُبق لأول مرة بشكل عملي فى عام 2005 م. ففي البداية كان نموذج القيادة جديداً ولم يكن مفهوماً جيداً مما أدى إلى تأجليه فترة من الزمن ، وعلى هذا الأساس قامت حركة المرأة الكردية بالتنشئة الاجتماعية في العلاقات بين الرجل والمرأة ، وأوضحت أنه يجب أن يتم تجاوز مقاربات السلطة والتميز الجنسي في المفاهيم، فلن يتحقق تطوير الديمقراطية والحرية في المجال الاجتماعي. فمستوى تطوير المعرفة والوعي والتنظيم مهم، ومن ثم فإن هذا النموذج أثر في نضال النظام العالمي والمجتمع ككل واكتسبت حركة الحرية وجهة جديدة ومهمة. وهذا كله أثر في ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا وتأسيس الإدارة الذاتية ليُصبح هذا النضال أرضية لانطلاق ثورتها.

ومن هنا قامت العديد من الأحزاب والتنظيمات السياسية والمدنية بالإضافة إلى المؤسسات الإدارية في كردستان والمنطقة بتطبيق نظام الرئاسة المشتركة الذى طرحه، وهذا النظام جاء على أساس المساواة بين الجنسين في جميع المستويات، ونبذ احتكار السلطة الذكورية والانفراد بالسلطات. فطبق هذا المفهوم لأول مرة لدى حزب اليسار الألماني.

ومن المعروف أن أوجلان هو أبرز من ناضل في سبيل حقوق المرأة لتتسع مفاهميه بشأن المرأة على مستوى عالمي، وعلى هذا الأساس طبق حزب العمال الكردستاني pkk مبدأ الرئاسة المشتركة، وكذلك الكثير من الاحزاب والتنظيمات والمؤسسات التي تقتدي بفلسفة أوجلان، لاسيما في شمال وغرب كردستان.

جاء تطبيق هذا النظام  من منطلق المساواة بين الجنسين، فالرئاسة المشتركة ليس مبدأ كمّي بل هو نوعي بحت، أي إدارة المؤسسات تكون بالمناصفة بين الرجل و المرأة. ورفض اوجلان فكرة حصر نسبة النساء في القيادة بكوتا نسبية معينة، بل دعا إلى المناصفة، حيث أن المجتمع الحر والذي تُشكل المرأة نصفه وكونها أُمٌاً للنصف الآخر، جدير بأن تقوده المرأة على جميع المستويات.

واعتمد حزب المجتمع الديمقراطي في شمال كردستان نظام الرئاسة المشتركة عام  2007م، ولم ينحصر هذا النظام على الأحزاب السياسية بل طُبق في مؤسسات إدارية وتنظيمات مدنية شتى.

بدأت فكرة تمكين المرأة للعمل في الحياة السياسية والإدارية في شمال وشرق سوريا بعد عام 2011 م ؛ إذ عملت الإدارة الذاتية على طرح رؤى وأفكار حول تحرر المرأة ومحاولة إشراكها في جميع الأعمال السياسية والإدارية التابعة لها، واستحدثت مؤسسات ومنظمات نسائية جديدة كمؤتمر ستار الذي يعطي أهمية كبرى لتحرر المرأة السياسي والاجتماعي.

وقام حزب الاتحاد الديمقراطي- صاحب مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في مناطق شمال شرق سوريا- بتطبيق نظام الرئاسة المشتركة أول مرة فى عام 2012م في المؤتمر الخامس للحزب ابتداء من رئاسة الحزب، ولم تتوقف هذه التجربة عند الرئاسة المشتركة للحزب ففي يومنا هذا ابتداء من التنظيم الحزبي في البلدة إلى المكتب التنظيمي والعلاقات الدبلوماسية للحزب فجميعها تُدار بنظام الرئاسة المشتركة ، وقد تم تطبيق هذا النظام الذي كان نموذجًا لتحقيق المساواة بين الجنسين في جميع مفاصل الإدارة الذاتية عام 2016 م، هذا بتطبيقه على أصغر خلية وهي الكومين (*) إلى مجالس البلدات فمجالس النواحي والمقاطعات إلى المجالس التنفيذية في شمال و شرق سوريا التي تضم سبع إدارات تُدار كلها بنظام الرئاسة . قامت المرأة بدوراً كبيراً فى نظام الرئاسة وكان ذلك سبباً اساسياً في إصلاح المجتمع وخلق ثورة حقيقية في كافة المجالات وبين مختلف الشرائح والمكونات ولا يُمكن تطبيق أي نظام إداري ديمقراطي يُعادل هذا النظام، وأضفى وجود المرأة في الإدارة الذاتية تميزاً على النظام الإداري الديمقراطي، وخاصة فيما يتعلق بنظام الرئاسة المشتركة هذا النظام الذي أشادت به العديد من الدول والأنظمة المختلفة على مستوى العالم واعتبره الكثير بأنه أنجح نظام إداري يُمكن أن يقود مجتمعه نحو الديمقراطية .

أما فى تركيا فقد تم تطبيق الرئاسة المشتركة في انتخابات البلديات 2014م، حيث تم الفوز ب103 بلدية وبنظام رئاسة مشتركة كنموذج ديمقراطي في المجتمع .


العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا

تم الإعلان عن العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا في عام 2014م. وكان نتاج جهود المجتمع المحلي في تلك المنطقة بعد انسحاب القوات السورية من بعض المناطق خلال الصراع السوري. يهدف العقد الاجتماعي إلى تشكيل نظام يعتمد على الديمقراطية المباشرة والشمولية، مع تمثيل لجميع المكونات السكانية في المنطقة، بما في ذلك الأكراد والعرب والسريان وغيرهم . وقد جاء هذا العقد ليؤكد بشكل كبير على دور المرأة في المجتمع والحياة السياسية والاقتصادية. وتُعتبر المرأة شريكًا أساسيًا في بناء وتطوير هذا النموذج الديمقراطي، وتتمتع بحقوق متساوية مع الرجال في المشاركة في صنع القرار وتولي المسؤوليات.

تتمثل أهمية دور المرأة في العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في النقاط التالية:

  1. المشاركة السياسية:  تُشجع المرأة على المشاركة الفعّالة في العمل السياسي والحكومي، سواء كان ذلك من خلال الانتخابات المحلية أو الترشح للمناصب القيادية. يُعتبر تمثيل المرأة في المؤسسات الحكومية والسياسية أمرًا ضروريًا لتحقيق التنوع والشمول الاجتماعي. كما جاء فى المادة (24) التى تنص على ” تعتمد الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا نظام الرئاسة المشتركة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والإدارية وغيرها وتعتبرها مبدأً أساسياً في التمثيل المتساوي بين الجنسين، وتُساهم في التنظيم وتكريس النظام الكونفدرالي الديمقراطي للمرأة ككيان خاص بها ” وكذلك فى المواد من ( 74 حتى  95 )(*)
  2. المساواة القانونية:  يُكفل العقد الاجتماعي حقوق المرأة بموجب القوانين المحلية، بما في ذلك حقوق الأسرة والزواج والطلاق وحقوق الميراث. تُعتبر هذه الضمانات أساسية لتحقيق المساواة بين الجنسين في المجتمع. إذ جاء فى المادة (25) من العقد التى تنص على” ضمان حرية المرأة وحقوقها فى المجتمع والمساواة بين الجنسين”  وكذلك المادة (115) الخاصة بتشكيل العدالة الاجتماعية وفق تنظيم المجتمع .
  3. التعليم والتوعية:  تُعنى الإدارة بتوفير فرص التعليم والتوعية للنساء والفتيات، وتشجيعهن على اكتساب المهارات والمعرفة التي تمكنهن من المشاركة الفعّالة في الحياة السياسية والاقتصادية. كما جاء فى المادة (51) من العقد والتى تنص على ” للمرأة حق المشاركة المتساوية في كافة مجالات الحياة واتخاذ القرارات المعنية بشؤونها.” والمادة (99) الخاصة بمجلس الثقافة والتوير
  4. حماية حقوق المرأة:  يُولى العقد الاجتماعي اهتمامًا خاصًا بحماية حقوق المرأة ومكافحة كافة أشكال التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي. يتم تشجيع النساء على البلوغ الاقتصادي والاجتماعي من خلال دعمهن في مجال ريادة الأعمال والمشاركة في سوق العمل. كما جاء فى المواد ( 26 و 50 ) من العقد التى تنص على ” تتمتع المرأة بإرادتها الحرة في العائلة الديمقراطية التي تؤسس على أساس الحياة الندية المشتركة. تُعد ممارسة  كل أنواع العنف ضد المرأة أو استغلالها أو فرض التمييز السلبي عليها جُرماً يُعاقب عليه القانون” .
  5. المشاركة في القوات المسلحة:  تُعطى المرأة فرصة للمشاركة في القوات المسلحة والدفاع عن المجتمع والمبادئ الديمقراطية. تُعتبر النساء جزءًا لا يتجزأ من الدفاع عن الإقليم وحماية حقوقه وحرياته. كما جاء فى المادة (111) الخاصة بالحماية والدفاع الذاتى .

باختصار، يُعتبر دور المرأة أساسيًا في العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، حيث تُعتبر شريكًا متساويًا في بناء مجتمع متماسك وديمقراطي يعتمد على المساواة والعدالة الاجتماعية. ولمزيد من التفاصيل حول بنود العقد التى أكدت على هذا أنظر بنود العقد المكونة من (134) مادة  شاملة ومتكاملة .

بيد أنه تم تطبيق هذا العقد بعد عام 2016م، وتبنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نظام الرئاسة المشتركة بشكل رسمي وأصبح نظاماً معمولاً به، بدءاً من الكومينات وصولاً إلى الرئاسة العامة لكافة المؤسسات المرتبطة بالإدارة الذاتية العسكرية منها والمدنية.


الصعوبات التى تواجه تطبيق الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة فى شمال شرق سوريا

يواجه تطبيق الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة بعض الصعوبات نتيجة للظروف السياسية والاجتماعية الفريدة في المنطقة. من بين هذه الصعوبات:

  1. الصراعات السياسية والأمنية:  تُعاني المنطقة من صراعات سياسية وأمنية مستمرة، مما يجعل من الصعب توافق الفصائل المختلفة على تطبيق نظام الحكم المشترك.
  2. التحديات الاقتصادية: تشهد المنطقة تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة للاضطرابات السياسية، مما يُؤثر على القدرة على تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي قد تدعم نظام الحكم المشترك.
  3. التحديات الثقافية والتقاليدية:  تُعد بعض التقاليد والمعتقدات الثقافية المتأصلة في المنطقة عائقًا أمام قبول فكرة المشاركة المساوية للمرأة في الحكم، مما يُمثل تحديًا لتطبيق الرئاسة المشتركة.
  4. التدخلات الخارجية:  تتعرض المنطقة لتدخلات خارجية من قبل بعض دول الجاور ، مما يُزيد من التعقيدات السياسية ويُؤثر على قدرة الفصائل المحلية على تحقيق التوافق وتطبيق الرئاسة المشتركة.
  5. التحديات الأمنية والعسكرية:  تشهد المنطقة استمرار الصراعات العسكرية والتهديدات الأمنية من جماعات مسلحة متطرفة، مما يجعل من الصعب تحقيق الاستقرار اللازم لتطبيق الرئاسة المشتركة.

تظل هذه التحديات تُمثل عوائق أمام تحقيق التمثيل الفعال والمشترك للرجال والنساء في عملية صنع القرار والحكم في شمال شرق سوريا. ومع ذلك، فإن الجهود المستمرة للتوعية والتثقيف حول أهمية المشاركة المساوية للجنسين قد تُسهم في التغلب على هذه الصعوبات وتُعزيز الحوار والتفاهم بين المجتمعات المحلية.

إيجابيات الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة:

  1. المساواة بين الجنسين:  يعكس نموذج الرئاسة مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحصول على الفرص وتحمل المسؤوليات القيادية.
  2. التمثيل الشامل:  يضمن تمثيل الجنسين في صنع القرارات، مما يُعزز التنوع والتمثيل الشامل للمجتمع.
  3. تعزيز الديمقراطية والشفافية:  يُسهم تواجد الرجل والمرأة في الحكم المشترك في تعزيز الديمقراطية والشفافية، حيث يتمثل كل منهما في مصالح وآراء جزء من السكان.
  4. التنوع الفكري والتجربة:  يُؤدى تواجد الرجل والمرأة في الحكم المشترك إلى تنوع الخبرات والرؤى والمهارات، مما يُساعد في اتخاذ القرارات الأفضل.
  5. تعزيز الحقوق النسائية:  يعمل هذا النموذج على تعزيز حقوق المرأة ودورها في الحياة العامة، ويُشجع على تغيير النماذج الثقافية التقليدية حول دور المرأة في المجتمع.

من المهم أن يتم تطبيق الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة بشكل شامل وفاعل، وأن يتم توفير الدعم اللازم للتمثيل الفعال لكلا الجنسين في جميع المجالات القيادية والحكومية.


سلبيات الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة

على الرغم من أن الرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة قد تكون لها العديد من الفوائد والجوانب الإيجابية، إلا أنها قد تواجه بعض السلبيات والتحديات أيضًا، ومن هذه السلبيات:

  1. تعقيدات الاتخاذ القرارات:  قد تؤدي وجود آراء متباينة بين الرجل والمرأة في الحكم المشترك إلى صعوبة في اتخاذ القرارات، خاصة في المسائل التي تتطلب قرارات سريعة أو قرارات جذرية.
  2. التوافق السياسي:  يُمكن أن تواجه الرئاسة المشتركة صعوبات في التوافق السياسي بين الرجل والمرأة، مما قد يؤدي إلى تعثر في تنفيذ السياسات والبرامج الحكومية.
  3. المخاوف الثقافية والاجتماعية:  في بعض الثقافات، قد تواجه الرئيسة المشتركة تحديات إضافية نتيجة للمعتقدات الثقافية والتقاليد الاجتماعية التي تقيد دور المرأة في المجتمع والسياسة.
  4. قدرة التنفيذ:  قد يكون من الصعب على الرئاسة المشتركة تنفيذ السياسات والبرامج بشكل فعال وفعّال نظرًا لاختلاف الرؤى والأجندات بين الرجل والمرأة.
  5. التحديات الشخصية والعائلية:  قد تواجه الرئاسة المشتركة التحديات في إدارة الضغوط الشخصية والعائلية لكل من الرجل والمرأة، خاصة في الظروف التي تتطلب تفرغًا كبيرًا للعمل السياسي.

       وفى الختام يُمكن القول إن الرئاسة المشتركة نظام اجتماعي مهم جدًا لبناء مجتمع يسوده الحق والحرية والعدالة. من خلال توزيع السلطة واتخاذ القرارات بشكل مشترك بين مجموعة متنوعة من الأفراد أو الجماعات، وبين قطبيى المجتمع الرجل والمرأة، ومن ثم يُمكن للرئاسة المشتركة ضمان مشاركة جميع شرائح المجتمع في صنع القرار وتمثيل مصالحهم. باعتبار الحق والحرية والعدالة أُسساً أساسية للمجتمع الديمقراطي والمتسامح، كما يُساعد نظام الرئاسة المشتركة في تعزيز هذه القيم وتحقيقها بشكل أفضل. فعندما يشعر الأفراد بأنهم ممثلون بشكل عادل ومتساوٍ في صنع القرار، يزداد شعورهم بالانتماء والمشاركة في المجتمع، مما يُعزز الاستقرار والتفاعل الإيجابي.

بالتالي، فإن الرئاسة المشتركة ليست مجرد نظام سياسي، بل هي أداة فعّالة لبناء مجتمع يسوده قيم العدالة، بل تُسهم في تعزيز الديمقراطية وتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي. وتُمثل أكبر مثال للعدالة والمساوة بين الرجل والمرأة . ومن ثم لا أجد أفضل من كلمات المناضل الكبير آبو عن ثنائية المرأة والرجل فيقول: ” لطالما شعرت من الصميم بضرورة وصول هذا الثنائي إلى التحصن بالمعاني والتفاهم كونه الثنائي الخارق على الإطلاق مما هو معروف ضمن الكون وأبديت أولا الجرأة على التفكير مع المرأة ثم النقاش معها حول زمان ومقدار الفساد الموجود وكيفية تلافيه وسعيت لوضع أهمية ذلك في مقدمة كافة العلاقات ودون أي شك .. فالمرأة القوية المفكرة العاقلة الفاضلة الجميلة التي تتخذ القرارات الصائبة وبالتالي التي تجعلني معجباً بها بتخطيها إياي والتي يُمكن أن تكون محاوراً لي ستكون ركناً من الزاوية في بحثي الفلسفي ولطالما أمنت بأن طلاسم تدفق الحياة في الكون ستجد معانيها مع هذه المرأة بجانبها الأفضل والأجمل والأصح “.


(*)  الكومين : هو شكل التنظيم القاعدي الأساسي للديمقراطية المباشرة ، وهو أصغر وحدة إدارية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا وهو المكان الذي يتطور فيه المجتمع الأخلاقي – السياسي، والذي ينتج الحياة الاجتماعية ، الاقتصادية  والثقافية .

(*)  أنظر بنود العقد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى