مقالات

كيف شكلت الاتفاقيات الدولية مصير الكرد؟ نظرة تاريخية جيوسياسية

تحليل: د. سحر حسن أحمد

على مر العصور، كانت منطقة الشرق الأوسط مسرحًا لصراعات ونزاعات متكررة بين القوى الكبرى، والتي تركت آثارها العميقة على شعوبها المتنوعة. من بين هذه الشعوب، يبرز الكرد كواحدة من أكبر الجماعات العرقية التي لم تحصل على حريتها ولم تحقق بعد هدفها في الحرية والديمقراطية وإدارة نفسها ومناطقها. لا شك أن تاريخ الكرد مليء بالتحديات والتضحيات، حيث وجدوا أنفسهم في قلب النزاعات الدولية والصراعات الإقليمية.

منذ الصراع الصفوي العثماني في القرن السادس عشر الميلادى، كانت منطقة كردستان مسرحًا للتنافس بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية، وتم تقسيم الأراضي الكردية بينهما. هذا الصراع التاريخي أسس لنمط من التجزئة والتقسيم الذي استمر في التأثير على الكرد لقرون لاحقة.

وبعد الحرب العالمية الأولى 1914 -1918م وسقوط الإمبراطورية العثمانية، لعبت الاتفاقيات الدولية دوراً حاسماً في رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط. بمعاهدة سيفر 1920م التى أظهرت لأول مرة إمكانية إقامة دولة كردية، لكن هذا الأمل تبدد سريعًا مع عقد معاهدة لوزان 1923م التي أكدت على تقسيم الأراضي الكردية بين تركيا، العراق، إيران، وسوريا دون الاعتراف بالحقوق القومية للكرد.

وقد أوضحت هذه الاتفاقيات أن مصالح القوى الكبرى والسياسات الدولية تجاهلت حقوق الكرد وطموحاتهم. هذا التجاهل لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان له تأثيرات طويلة الأمد على الهوية الكردية والنضال المستمر من أجل حقوقهم القومية والسياسية.

       وهنا سوف نتناول الاتفاقيات الدولية التى عُقدت، بدءًا من الصراع الصفوي العثماني مرورًا بمعاهدتي سيفر ولوزان؛ إذ شكَّلت تلك الاتفاقيات مصير الكرد وأثرت على واقعهم السياسي والاجتماعي. وتداعيات هذا على الهوية الكردية، والنضالات المستمرة من أجل نيل حقوقهم، والتحديات التي يواجهونها في ظل التقسيم الجغرافي والسياسي المفروض عليهم. من خلال هذا التحليل، سنرى بشكل أعمق كيف تركت القرارات الدولية بصمة دائمة على مصير الكرد، وأثرت بشكل جوهري على تطلعاتهم نحو الاستقلال والاعتراف بحقوقهم . وحتى نستطيع أن نتحدث عن تقسيم بلاد الكرد لابد فى البداية من توضيح حدود الأراضى الكردية كردستان.


إن حدود كردستان كبيرة ومتفرقة ويصُعب الاتفاق على تحديدها ، وحسب ما ذكر شرف خان شمس الدين البدليسى ( 1543 – 1603م ) فى كتابه الموسوم بـ ” شرفنامة” فى عام 1586 م الذى قام بترسيم حدود كردستان بناءً على تكليف من الشاه عباس الصفوى 1571- 1929م؛ إذ حددها كما يلى :

من جهة الشمال : تصل إلى  جبال أررات التى تُعد حاجزاً جغرافياً وسياسياً بين كلاً من إيران وروسيا وتركيا كما تُعد تلك حدود وطنية وقومية للكرد والفرس والأرمن.

من جهة الجنوب : تصل إلى جبل حمرين الذى يقع بين عراق العرب ( بغداد والبصرة ) وعراق كردستان العراق ( ولاية الموصل – سابقاً).

من جهة الشرق : تبدأ من أقصى منطقة لرستان فى إيران.

من جهة الغرب: تصل إلى ولاية ملاطية فى تركيا ، ومن ثم يكون كل سكان ولاية شرق تركيا من الكرد وحدودها واقعة فى الأراضى الكردية ، عدا ولاية طرابزون ، وجزء من ولاية أرضروم.

       تحد الأقسام الشمالية من كردستان هضبة أرمينية ، حيث تُعد الأقسام الشمالية الشرقية جزاءً من هذه الهضبة ، أما الشمالية الغربية فهى جزاءً من الهضبة الكبرى التى تُعرف بالهضبة الأناضولية ، والممتدة فى آسيا الصغرى وحتى إيران الهضبة الإيرانية شرقاً حيث تتصل بأقسمها الشرقية ، ومن ثم يقع الأقليم ضمن حزام خمس دول هى : العراق ، إيران ، تركيا، سوريا ، أرمينيا ، فهو بمثابة جزيرة برية لا تطل على بحر . بيد أن هذا الموقع كان له أهمية كبرى من قبيل:

  • أولاً: من الناحية الجيوسياسية، بوصفها تُمثل حاجزاً استراتيجياً بين الدول الواقعة شرقها وغربها. كما تُشكل كردستان جسراً للربط بين أوربا والمحيط الهندى .
  • ثانياً: من الناحية الإستراتيجية تقع بين ثلاث حضارات ، قامت فى الأناضول ووادى الرافدين وإيران ، وبالتالى فهى تُمثل قلب الشرق الاوسط .

لا شك أن موقع كردستان الجغرافى قد جعلها محط أنظار العديد من دول العالم قديماً وحديثاً ، حيث تعرضت على مر التاريخ لكثير من الغزوات والصراعات من قبل روسيا ومن بعدها بعض الدول الأوربية والأمريكية . وقد مرت كردستان فى العصور الحديثة بمراحل مختلفة للتقسيم بدءاً من الصراع بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية ، وصراعات بعض الدول الكبرى الاستعمارية من قبيل: الدول الثلاث بريطانيا وروسيا وفرنسا وفرض العديد من الاتفاقيات لتقسيم كردستان .


الكرد والإمبراطورية العثمانية والصفوية

    بدت المشكلة الكُردية بصورة واضحة في العصر الحديث عند اصطدام الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية في معركة جالديران 23 أغسطس 1514م،التي كانت كبيرة وغير حاسمة، ونتج عنها عملياً تقسيم الكرد بين الدولة الصفوية بقيادة إسماعيل الأول 1487 – 1524م والدولة العثمانية سليم ياوز الأول 1470 – 1520 م، قبل أن تنظم اتفاقيات تكرس هذا التقسيم قانونياً.

مثل شعب الكرد أحد المكونات الأساسية لشعوب منطقة الشرق، بما كان لهم من دور في بناء دولته وحضاراته وصناعة أحداثه، ومع حلول القرن السادس عشر الميلادي، أصبحت كردستان محط أنظار الإيرانيين والعثمانيين، لغرض السيطرة عليها واستغلال ثرواتها حتى أصبح مصيرها مرتبطاً بالتطورات الداخلية والخارجية لكلا الدولتين، لقد مثلت معركة جالديران التي نشبت بينهما ، فاتحة حقبة تاريخية طويلة من الصراع ، والتي امتدت لأكثر من ثلاثة قرون تخللتها فترات سلام، كانت بلاد كردستان هى محور هذا الصراع، كونها تُشكل حاجزاً طبيعياً يفصل بين القوتين. وقد تطور هذا الصراع أكثر بعد طموحات الدولة الصفوية الجديدة، التي كانت تهدف إلى بسط نفوذها خارج حدودها الإقليمية على حساب كردستان.

 فقد كانت كردستان قبل ذلك تتكون من إمارات مستقلة منشغلة بتنظيم شؤونها الداخلية، لكن سوء معاملة الشاه إسماعيل الصفوي إضافةً إلى الاختلاف المذهبي أدى إلى انضمام أكثرية الإمارات إلى جانب الدولة العثمانية، فضلاً عن جهود العلامة الملا إدريس البدليسي  1452 – 1520م – القائد الأعلى للعساكر الكردية التابعة للخلافة العثمانية – الذي لعب دوراً كبيراً في استمالة الكُرد إلى جانب العثمانيين، وجاءت معركة جالديران لتضع أغلبية أراضي كردستان تحت سيطرة العثمانيين.


  اتفاقية ديار بكر 1515م

وفي عام (1515م) فوض السلطان سليم الأول الملا إدريس البدليسى لعقد اتفاقية مع أمراء الكرد وقد جاءت تفاصيل الاتفاق كالتالى:

تأمين الحكم الذاتى:  

منح السلطان سليم الأول لأمراء الكرد حكماً ذاتياً واسعاً في مناطقهم، حيث احتفظوا بسلطتهم المحلية مقابل الولاء والدعم العسكري للعثمانيين.

دور الوساطة:  

لعب الأمراء الكرد دور الوسيط بين العثمانيين والقبائل الكردية المحلية، مما ساعد في الحفاظ على استقرار المناطق الكردية فى ظل الحكم العثماني.

الحماية والدعم:  

ضمن الاتفاق حماية الكرد من تهديدات الصفويين وأعداء الدولة العثمانية، مما عزز من موقف الكرد في المنطقة.

نتائج الاتفاق على الكرد

  1. ساعد الاتفاق في تحقيق استقرار سياسي نسبي في المناطق الكردية، حيث احتفظ الأمراء الكرد بسلطتهم المحلية وتجنبوا الصراعات الداخلية.
    1. ساعد الاستقرار السياسي في تحسين الظروف الاقتصادية في المناطق الكردية، حيث تم تشجيع التجارة والزراعة.
    1. سمح الحكم الذاتي الواسع للكرد بالحفاظ على هويتهم الثقافية والتقاليد المحلية دون تدخل كبير من الدولة العثمانية.

نتائج الاتفاق على الدولة العثمانية

  1. ساعد الولاء الكرد في تعزيز الحدود الشرقية للدولة العثمانية ضد التهديدات الصفوية.
  2. تمكنت الدولة العثمانية من توسيع نفوذها في المنطقة بفضل دعم الأمراء الكرد وتأمينهم للمناطق الاستراتيجية.

عُد هذا الاتفاق نقطة تحول مهمة في تاريخ العلاقات الكردية العثمانية. كما أتاح للكرد حكما ذاتيا واسعاً ودوراً مهماً في الاستقرار السياسي للمنطقة، في حين استفادت الدولة العثمانية من دعم الكرد في تعزيز نفوذها الإقليمي ومواجهة التهديدات الصفوية.


اتفاقية أماسيا (1555)

عُدت أماسيا أول معاهدة رسمية تُعقد بين الدولة الصفوية فى عهد الشاه طهماسب الأول (1524-1576م) والدولة العثمانية فى عهد السلطان سليمان القانوني( 1494- 1566م) في 29 مايو 1555م. وتم بموجبها تكريس تقسيم كردستان وفق وثيقة رسمية، كما تُعد من المعاهدات المهمة في تاريخ الشرق الأوسط، وأسهمت في تحديد الحدود بين الدولتين خاصة في مناطق شهرزور، قارص وبايزيد وفي تهدئة الصراع الطويل بينهما.

وقد تم توقيع الاتفاقية في مدينة أماسيا التى تقع في شمال تركيا الحالية. وقد حددت الحدود بين القوتين ؛ إذ حصل الصفويون على الاعتراف العثماني بسلطتهم على أذربيجان وأجزاء من القوقاز وشمال إيران، بينما اعترف الصفويين بالسيطرة العثمانية على شرق الأناضول والعراق. وليس هذا فحسب فقد نصت على وجوب عقد هدنة دائمة بين الطرفين، مما أدى إلى فترة من السلام النسبي بينهما.

لاغرو أن هذه الاتفاقية أدت إلى فترة من الاستقرار السياسي في المنطقة، حيث تم تهدئة النزاعات الطويلة بين الدولتين. كما ساعد الاستقرار الناتج عن الاتفاقية في تعزيز التجارة والتنمية الاقتصادية في المناطق الحدودية. كما كان لها تأثير على الكرد، الذين عاشو في مجتمعات كردية في كلتا الدولتين، فتأثرو بشكل مباشر بالصراع العثماني الصفوي. وبالتالي كان للاتفاقية تأثير مباشر على حياتهم واستقرارهم.

ومن ثم تُعد معاهدة أماسيا بداية مرحلة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، حيث سمحت من خلالها بحل أي نزاع يُمكن أن يحدث، وبذلك اعتبرها المؤرخون أول معاهدة صلح بينهما، كونها استطاعت أن تضع حداً للصراع، بعد أن ساد الهدوء لمدة خمسة وعشرين سنة.

تبعت تلك المعاهدة، معاهدات واتفاقيات لاحقة ، معاهدة فرهادباشا (القسطنطينية) 1590م ، معاهدة نصوح باشا 1612م ، معاهدة سراو 1618م ، معاهدة زهاو أو زهاب (قصر شيرين) 1639م ، معاهدة أرضروم الأولى 1823م ومعاهدة أرضروم الثانية 1847م ، التي أثرت بشكل او بآخر على كردستان جغرافيا، سياسيا، اقتصاديا، واجتماعيا، وهذا بعد أن تمت تجزئتها بينهما إلى مناطق نفوذ، حيث أصبحت جغرافيتها تخضع لحالات التمدد والانحسار لكل منهما. واتفاقية طهران 1911م ، واتفاقية تخطيط الحدود بين الدولتين: الإيرانية والعثمانية 1913م في الأستانة، وكذلك بروتوكول الأستانة في العام نفس . ومن ثم سوف نلقى الضوء على أهم تلك المعاهدات .


معاهدة زهاو – زهاب ( قصر شرين ) 1639م

شهدت تلك الفترة العديد من الحروب والصراعات بين الصفويين والعثمانيين، حيث كانت كلا الإمبراطوريتين تسعيان لتوسيع نفوذهما في المنطقة. وكان لكل منهما مصالح استراتيجية ودينية في المناطق المتنازع عليها، مما أدى إلى حروب متكررة. وتخللت خلالها العديد من المعاهدات التى سلف ذكرها، وجلها تنتهى بعد فترة ، فكانت أخر تلك المعاهدات معاهدة سراو 1618 التى تم نقضها سريعاً لتندلع الحرب مجدداً بين القوتين؛ إذ سُرعان ما انهارت بسبب سياسات الشاه عباس الأول الصفوى 1571 – 1629م في إحكام الخناق الاقتصادي على الدولة العثمانية، وحرمانها من تحصيل الضرائب المفروضة على تصدير الحرير الإيراني الذي يمر عبر أراضيها، واستيلائه على بغداد عنوة سنة 1623م، وضم كل من كركوك والموصل، وتمكن السلطان العثماني مراد الرابع 1612- 1640م  من استعادتها عام 1638م .

ونتيجة هذه التطورات دخل الطرفان بعد مساعي دبلوماسية في مفاوضات دامت لمدة عاماً كاملاً نتج عنها توقيع معاهدة زهاو – زهاب (قصر شيرين) على الحدود العراقية الإيرانية التى وضعت حداً للصراعات الطويلة بين الإمبراطوريتين وحددت الحدود بينهما في17 مايو1639م وقد وقعت فى مدينة زهاو بالقرب من قصر شرين فى إقليم كردستان ، وقد نصت المعاهدة على:

أولاً: تحديد الحدود

 اعترفت الدولة الصفوية بسيطرة الدولة العثمانية على كل من بغداد، جسان، بدرة، مندلي، درنة والأراضي الواقعة بين درنتك وسرحيل، القرى الواقعة غربي قلعة زنجير إلى طريق شهرزور، قلعة قزلجة وتوابعها، جميع القلاع في أخسجة، قارص، وان، شهرزور، البصرة، كما خضعت قبيلتي ضياء الدين وهاروني الكرديتين للعثمانيين. كما اعترفت الدولة العثمانية بسيطرة الدولة الصفوية على كل من القلاع الواقعة شرقي مندلي، درنتك، بيرة، زردويكه، زمردهاوا، الغابات الواقعة شرق قلعة زنجير ومهربان، قلعتي كاكوروماكور الواقعتين في أعالي جبال وان وقلعة مغاذير الواقعة في منطقة قارص.

ثانياً: السلام والهدنة

 نصت المعاهدة على فتح صفحة جديدة من العلاقات بين الطرفين ، ووقف الأعمال العدائية بين الدولتين وإقامة فترة من السلام، ما أدى إلى استقرار سياسي نسبي في المنطقة لعدة عقود.

ثالثاً: المناطق الكردية

اعتبرت المعاهدة حجر الأساس فى تثبيت الحدود بينهما، فقد رسخت لتقسيم كردستان، فعلى الرغم من أن المعاهدة لم تُخصص بنداً محدداً للمناطق الكردية، فإنها أثرت بشكل مباشر على الكرد الذين كانوا يعيشون في المناطق الحدودية. تم تقسيم أراضي الكرد بين النفوذ العثماني والصفوي، مما جعلهم يتأقلمون مع سلطات مختلفة وحكم متغير.

نتائج معاهدة زهاو

الاستقرار الإقليمي

 أسهمت المعاهدة في تحقيق فترة طويلة من الاستقرار النسبي بين الدولتين، مما أتاح لهما التركيز على القضايا الداخلية وتعزيز سلطاتهما في المناطق الخاضعة لهما. وعدم تدخل إحدى الدولتين فى شئون الأخرى.

التنمية الاقتصادية

 شجع الاستقرار السياسي على ازدهار التجارة والتنمية الاقتصادية في المناطق الحدودية.

التأثير على الكرد

 تأثرت المجتمعات الكردية بالمعاهدة، حيث كانت أراضيهم موزعة بين الدولتين. أدى ذلك إلى تعقيدات إضافية في الهوية والانتماء السياسي والثقافي للكرد. وليس هذا فحسب فقد كانت واضحة فى ترسيم الحدود بشكل دقيق بين الطرفين دون النظر بعين الاعتبار لمركز السكان الكرد فقسمت بعض القبائل الكردية إلى قسمين .

باختصار، وضعت معاهدة زهاو حداً لصراعات طويلة بين الدولتين العثمانية والصفوية، وحددت الحدود بينهما وساهمت في تحقيق فترة لسيت بالقليلة من الاستقرار السياسي في المنطقة تجاوزت ثمانون عاماً. رغم استمرار التحديات المختلفة للشعوب التي تعيش في المناطق الحدودية، بما في ذلك الكرد.

اتسمت العلاقات العثمانية – الصفوية منذ عقد تلك المعاهدة بطابع الود والاستقرار على الحدود، ولم تحدث حوادث تُعكر صفو الأمن بينهما، ويعكس ذلك مدى رغبة الطرفين في أن يجنحا للسلم ويخلُدا إلى الهدوء والسلام بعد قرن وربع القرن من الحروب والتوتر في العلاقات التي سادت بينهما. ويبدو أن الصفويين كانوا يحرصون على استمرار العلاقات التي بدأت مع الدولة العثمانية بعد معاهدة زهاو، وبادلهم العثمانيون التوجه نفسه ففي عام 1656 م أرسل الشاه عباس الثاني 1642-1667م هدايا إلى السلطان العثماني سليمان القانونى 1494- 1566م ومبعوثاً يحمل رسالة يطلب فيها الحفاظ على الصلح الذي أُبرم بين الدولتين الصفوية والعثمانية، فبادر السلطان بإجابة الطلب وبعث مع رسوله الذي حمل الجواب إلى شاه إيران هدايا. وفي عام 1689م أرسل الإيرانيون مبعوثاً إلى العاصمة العثمانية إسطنبول للتبريك بجلوس السلطان سليمان الثاني 1678-1691م والتأكيد على قواعد الصلح التي أرستها معاهدة زهاو بينهم وبين العثمانيين.

لم تدم حالة الهدوء والسلام، فمع حلول القرن الثامن عشر بدأت مؤشرات الغزو الأفغاني لإيران مع نهاية عام 1719م وإسقاطه للدولة الصفوية بشكل نهائي عام 1722م، ولتعويض ما خسره العثمانيون من ممتلكات في أوروبا، قاموا بالتوسع على حساب إيران مستغلين فرصة احتلالها من قبل الأفغان، وبالفعل أصدر السلطان العثماني أحمد الثالث 1673- 1736م أمراً إلى والي بغداد بقيادة حملة عليها، مكنته من احتلال مناطق عديدة منها، وهكذا بقيت المواجهات تتجدد في سنوات 1726- 1727م و 1733م .

ومع سقوط الدولة الصفوية وقيام الدولة القاجارية شهدت المنطقة سلسلة من المواجهات آلت فى نهاية الأمر لعقد عدة معاهدات ، واصطبغت العلاقات بين الدولتين بالصبغة الإيجابية أحياناً والسلبية فى أحياناً أخرى ، وبالطبع انعكس هذا على المجتمع الكردى، فسوء العلاقة بين الدولتين أفرز انعكاسات اجتماعية متفاوتة، من قبيل فرض المزيد من الضرائب العشوائية ومصادرة أملاك الكرد، يُضاف إليها الاعتداءات التي يقوم بها الجنود على الأهالي، وكذلك سياسة الأرض المحروقة التي مارسها كل من طهماسب الأول وسليمان القانوني، بعد احتلال هذا الأخير بعضاً من الأراضي الإيرانية، وقد لجأ عباس الأول الذي إلى نفس السياسة، والتي تمثلت في إحراق كل مظاهر الحياة ضمن إطار عمليات الانسحاب جراء الزحف العثماني على الأراضي الإيرانية، كردم الآبار، إتلاف المحاصيل الزراعية والقضاء على الثروة الحيوانية، لحق كل ذلك عملية هجرات كردية فردية من إيران نحو الدولة العثمانية أو العكس، غير أن عودة العلاقات السلمية، كان لها تأثير إيجابي على الحياة الاجتماعية من ثقافة، أدب، فنون، وإدارة.

لم يقم الكرد بالدور المنوط بهم من أجل توحيد كلمتهم، فحالة التشرذم بقيت هي سيدة الموقف، فالإمارات الكردية ميزها الانقسام المجتمعي بفعل تناحرها في غياب كفاءات بإمكانها قيادتهم، صاحبها انتشار الجهل وسيطرة العقلية العشائرية، القبلية والإقليمية.

وكان للتحولات التي طرأت على الساحة الدولية مع بداية النصف الأول من القرن التاسع عشر أثراً كبير على الكرد، فلقد خدمت الحرب الروسية- الايرانية 1826-1828م والحرب الروسية-العثمانية 1827-1829م قضيتهم، حيث تزايدت مشاعر الغضب والعداء تجاه العثمانيين وكلها أسهمت في إضعاف الدولة العثمانية وانهيار حكمها في الإمارات الكردية، وأدت إلى تحرير مناطق عديدة من كردستان من السيطرة العثمانية، غير أن الهدنة الروسية-العثمانية سمحت لهذه الأخيرة بإعادة مراقبة هذه المناطق، بعد أن نكلت بقياداتها وعاملت الكرد بقساوة فيما عُرف بالإبادة الجماعية.

رغم أن الكرد وقفوا إلى جانب الدولتين وضحوا بأرواحهم وأموالهم من أجل حمايتهما بعد أن دفعوا ثمناً باهضاً جراء تلك الحروب التي كانت أراضيهم مسرحاً لها إلا أن الدولتان لم تقدرا ذلك. عُدَتْ المعاهدات المبرمة بين إيران والدولة العثمانية، خاصة معاهدة أرضروم الثانية عام 1847م ، بداية المؤامرة للقضاء على الإمارات الكردية الواحدة تلو الأخرى وبشكل كامل، من خلال قطع الطريق أمام حكامها الذين سعوا إلى تكوين دولتهم المستقلة على حدود كردستان الكبرى. ثم اتفاقية طهران (1911م) واتفاقية تخطيط الحدود بين الدولتين: الإيرانية والعثمانية عام (1913م) في الأستانة، وكذلك بروتوكول الأستانة في العام نفسه.

وكرست جميع هذه المعاهدات تقسيم كردستان وشعبها بشكل مجحف، وبسبب ذلك تعقدت المشكلة الكردية يوماً بعد الآخر، ولا سيما بعد بدء انتشار الأفكار القومية في الشرق، وبالأخص منذ بداية القرن التاسع عشر، حيث بدأت الدول الأوروبية تحتك بكردستان عن طريق الرحالة الأجانب والإرساليات التبشيرية، وكذلك عن طريق بعض القنصليات وأهمها البريطانية والروسية والفرنسية ثم الأميركية. ومارست كل هذه الجهات أدواراً مهمة في تحريض العشائر الكردية ضد الدولة العثمانية خاصةً، وكذلك الإيرانية، لكي يأخذوا الامتيازات، أو يزداد نفوذهم في الدولة العثمانية خاصة. وبالرغم من هذا، فإن الدولتين العثمانية والإيرانية، لم تتمكنا من بسط سيطرتهما على كردستان لأسباب عدة، منها طبوغرافية كردستان المعقدة، ودفاع الكرد عن أراضيهم ببسالة.


القضية الكردية فى القرن العشرين

منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن العشرين، لعبت الاتفاقيات الدولية دوراً حاسماً في رسم حدود جديدة في منطقة الشرق الأوسط. وسط هذا الصراع على النفوذ والسيطرة، كانت القضية الكردية واحدة من القضايا الأكثر تهميشًا وإثارة للجدل. الكرد، الذين يُعدون واحدة من أكبر المجموعات العرقية في العالم دون دولة قومية خاصة بهم، وجدوا أنفسهم منقسمين عبر عدة دول نتيجة للاتفاقيات التي أبرمتها القوى الكبرى.

فجاءت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا لتكون بداية هذا التقسيم فى القرن العشرين، حيث قسمت أراضي الإمبراطورية العثمانية دون أي اعتبار للتوزيع العرقي أو الطموحات القومية للكرد. تبعتها معاهدات أخرى، مثل معاهدة سيفر عام 1920 التي وعدت بتقديم دولة كردية، لكن هذه الوعود سرعان ما تبخرت عبر الرياح مع توقيع معاهدة لوزان عام 1923، التي أكدت على الحدود الحالية دون الاعتراف بالدولة الكردية.

هذا التقسيم القسري ترك الكرد موزعين بين تركيا، العراق، إيران، وسوريا، وعرضهم لسلسلة من السياسات القمعية والصراعات الدامية. عبر العقود التالية، ظلت القضية الكردية ملفًا معقدًا في السياسة الدولية، حيث سعى الكرد لتحقيق الحكم الذاتي والاعتراف بحقوقهم القومية في مواجهة تحديات جيوسياسية هائلة.

ويُمكننا القول إن اشتداد الصراع الدولي في الشرق، وخاصة بين القوتين البريطانية والروسية أثرّ بشكل سلبيً في مستقبل الشعب الكردي، وأخرج المشكلة الكردية من الطابع الإقليمي إلى الطابع الدولي، كما يتضح من خلال النقاط الآتية:

أولاً:  بدأت روسيا ثم بريطانيا في وقت مبكر اتصالاتهما بالكرد كما حاولت فرنسا الأمر ذاته

كانت الحكومة الروسية شديدة الاهتمام بأوضاع البلدان والشعوب المتاخمة لحدودها، ونظرت الحكومة البريطانية بقلق إلى المطامح الروسية خوفاً من أن يمتد الروس إلى بلاد ما بين النهرين. وكانت شركة الهند الشرقية من أهم بؤر التجسس في المنطقة، كما كانت هناك محاولات فرنسية للتغلغل في كردستان عن طريق الإرساليات التبشيرية.

ويمكن القول إن الولايات المتحدة الإمريكية كانت موجودة في المنطقة على عكس ما كان شائعاً من تطبيقها لمبدأ “مونرو” الذي يؤكد على عدم التورط في المشاكل السياسية خارج أميريكا.

ثانياً:  محاولات الكرد أنفسهم للتقرب من الأجانب، وخاصة البريطانيين في بداية القرن العشرين، حيث كانت جهود الدبلوماسي الكردي شريف باشا واضحة في هذا المجال، إذ حاول الاتصال بالإنجليز عام 1914م لكي يعرض خدماته، لكن الحكومة البريطانية لم تستجب له، وبحلول عام 1918م وعند احتلال بريطانيا للعراق طلبت وزارة الخارجية البريطانية من السفير برسي كوكس أن يلتقي بشريف باشا في مدينة مرسيليا الفرنسية للاستماع إلى أقواله فقط !

ثانياً:  اتفاقية سايكس بيكو والكرد

اتفاقية سايكس بيكو، التي وُقعت في عام 1916 بين فرنسا وبريطانيا وروسيا خلال الحرب العالمية الأولى، كانت تهدف إلى تقسيم مناطق النفوذ في الشرق الأوسط بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية. وتضمنت الاتفاقية تقسيم تركة الدولة العثمانية، وبما أن القسم الأكبر من كردستان كان تحت السيطرة العثمانية، فقد شملها التقسيم، وهذا الوضع الجديد عمق بشكل فعّال من تعقيد المشكلة الكردية، وأخرجها من الطابع الإقليمي إلى الطابع الدولي، حيث تُعد معاهدة سايكس بيكو أول معاهدة دولية اشتركت فيها ثلاث دول كبرى، وحطمت الآمال الكردية في تحقيق حقهم المشروع في تقرير المصير. فقد كان لهذه الاتفاقية تأثير كبير على شعوب المنطقة، بما في ذلك الكرد، رغم أن الكرد لم يكونوا طرفًا مباشرًا في المفاوضات ولم يتم الاعتراف بمطالبهم الوطنية.

بنود اتفاقية سايكس بيكو

قسمت الاتفاقية المناطق العثمانية في الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ فرنسية وبريطانية:

  • المنطقة الزرقاء: تحت النفوذ الفرنسي وتشمل سوريا ولبنان.
  • المنطقة الحمراء: تحت النفوذ البريطاني وتشمل العراق والأردن وفلسطين.
  • المنطقة أ: تحت النفوذ الفرنسي وتضم شمال سوريا وشمال العراق.
  • المنطقة ب: تحت النفوذ البريطاني وتضم جنوب العراق والأردن.
  • المنطقة الفلسطينية: وضعت تحت إدارة دولية خاصة، ولكنها خضعت لاحقًا للانتداب البريطاني.

تأثير اتفاقية سايكس بيكو على الكرد

  1. التقسيم الجغرافي:  تم تقسيم المناطق التي يقطنها الكرد بين تركيا، العراق، سوريا، وإيران دون الأخذ بعين الاعتبار الوحدة العرقية والثقافية لهم. هذا التقسيم الجغرافي ساهم في تفتيت المجتمعات الكردية عبر الحدود الدولية الجديدة.
  2. عدم الاعتراف بالقومية الكردية: الاتفاقية لم تشر بأي شكل إلى الكرد أو حقوقهم في تقرير المصير، مما ترك الكرد بدون دولة قومية خاصة بهم، على الرغم من الوعود السابقة لبعض القادة الكرد بإمكانية تحقيق الحكم الذاتي أو الاستقلال.
  3. الانتدابات الجديدة: بعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت المناطق الكردية تحت سيطرة الانتدابات البريطانية والفرنسية. هذا أدى إلى بروز مقاومة كردية ضد هذه القوى الاستعمارية ومحاولات جديدة لتحقيق الحكم الذاتي.
  4. التأثير على السياسة الكردية: الاتفاقية ساهمت في تعقيد الوضع السياسي للكرد وأدت إلى زيادة التوترات بينهم وبين الدول التي تضم المناطق الكردية. كما أدت إلى ظهور حركات استقلالية كردية مختلفة في العراق وسوريا وتركيا.
  5. معاهدات لاحقة: الاتفاقية مهدت الطريق لمعاهدات لاحقة مثل معاهدة سيفر، التي وعدت بإنشاء دولة كردية مستقلة، ومعاهدة لوزان التي ألغت هذه الوعود وأكدت على حدود تركيا الحديثة، مما قضى على آمال الكرد في إقامة دولة خاصة بهم.

شكَّلتا اتفاقية سايكس بيكو نقطة تحول مهمة في تاريخ الشرق الأوسط، ونتج عنها تقسيم تعسفي للأراضي والمجتمعات بما في ذلك الكرد. ووجدوا الكرد أنفسهم موزعين بين عدة دول قومية جديدة دون الاعتراف بحقوقهم الوطنية أو الثقافية، مما أدى إلى عقود من النزاع والصراع من أجل تحقيق الحكم الذاتي والحقوق القومية.

لما وضعت الحرب العالمية الأولى برزت إمكانية حل المشكلة الكردية إلى الوجود لأول مرة في أعقابها، ولعل سببها إيجاد منطقة عازلة بين أتراك الأناضول والأقوام التي تتكلم اللغة التركية في آسيا الوسطى والقفقاس وبصورة خاصة في أذربيجان. ومن ثم تحرك الكرد لاستثمار الظروف الدولية وهزيمة الدولة العثمانية بالحرب العالمية الأولى لنيل حقوقهم المشروعة والاستفادة من مبادئ ويلسون الأربعة عشر 1918م بحق الشعوب في تقرير المصير”

وحاول الكرد إيصال صوتهم إلى مؤتمر الصلح في باريس عام 1919م على أمل أن ينالوا حقوقهم المشروعة، ولا سيما بعد أن صرح رئيس الولايات المتحدة الأميركية وودرو ويلسون 1856- 1924م بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، ولم يكن للكرد كيان سياسي مستقل حتى يُشارك وفدهم رسمياً في ذلك المؤتمر، شأنهم شأن القوميات والشعوب المضطهدة الأخرى، ولذلك خول الشعب الكردي من خلال العشائر والجمعيات السياسية شريف باشا بن سعيد  1865- 1951م – زعيم كردى ، وهو دبلوماسي وعسكرى من أسرة أغا خندان – لتمثيلهم والمطالبة بالمطالب الكردية المشروعة.

وأصدر الحلفاء بعد استكمال تحضيراتهم للمؤتمر قراراً في شهر يناير 1919 نص على ما يأتي: “… إن الحلفاء والدول التابعة لهم قد اتفقوا على أن أرمينيا وبلاد الرافدين وكردستان وفلسطين والبلاد العربية يجب انتزاعها بكاملها من الإمبراطورية العثمانية”.

وانطلاقاً من هذا القرار قدم الممثل الكردي شريف باشا مذكرتين مع خريطتين لكردستان إلى المؤتمر، إحداهما بتاريخ 21 مارس 1919م والأخرى فى أول مارس1920م. كما طلب من القائمين على شؤون المؤتمر تشكيل لجنة دولية تتولى تخطيط الحدود بموجب مبدأ القوميات، لتُصبح كردستان المناطق التي تسكن فيها الغالبية الكردية، وإضافة إلى ذلك فقد جاء في المذكرة الأولى “إن تجزئة كردستان لا يخدم السلم في الشرق…”.

كما جاء في المذكرة الثانية “إن الترك يتظاهرون علناً بأنهم مع المطالب الكردية، وإنهم متسامحون معهم، لكن الواقع لا يدل على ذلك مطلقاً…” كما طالب شريف باشا رسمياً من رئيس المؤتمر جورج كليمنصو 1841- 1929م أن يُمارس نفوذه مع حكومة الأستانة لمنع اضطهاد الشعب الكردي، وجاء في رسالته إلى رئيس المؤتمر: إنه منذ أن تسلمت جماعة الاتحاد والترقي السلطة فإن جميع الذين يحملون آمال الحرية القومية قد تعرضوا للاضطهاد المستمر.. وإنه من الواجب الإنساني في المجلس الأعلى أن يمنع إراقة الدماء مجدداً، وإن السبيل لضمان السلم في كردستان هو التخلي عن مشروع تقسيمها.

ودل كل ذلك على أن المشكلة الكردية تقدمت خطوة كبيرة إلى الأمام في أعقاب الحرب. وما تصريح كليمنصو عندما أعلن في مؤتمر الصلح إلا إحدى العلامات حيث قال “إن الحكومة التركية ليست قادرة وكفؤة لإدارة الأمم الأخرى، لذلك لا يُوثق بها ولا يجوز أن تُعاد إلى سيطرة الأتراك قومية عانت من مظالم الأتراك واستبدادهم”.

وعندما رأى شريف باشا أن تعاطف الدول الأوربية كبير تجاه القضية الأرمنية -ربما بسبب الانتماء الديني للأرمن- بادر إلى عقد اتفاقية مع ممثل الأرمن بوغوص نوبار1851- 1930م وبحضور الرئيس المؤقت لوفد جمهورية أرمينيا. ووقع الجانبان –باسم الشعبين- الاتفاقية، مؤكدين فيها على أن للكرد والأرمن مصالح وأهدافاً مشتركة هي: الاستقلال، والتخلص من السيطرة العثمانية. وقدما نص الاتفاقية بمذكرة رسمية إلى المجلس الأعلى للمؤتمر، ووافق المجلس مبدئياً على المذكرة، ووصف المندوب السياسي البريطاني في الأستانة الاتفاقية بأنها من أسعد البشائر.


معاهدة سيفر 1920م

 وُقعت في 10 أغسطس 1920م بين قوات الحلفاء المنتصرة روسيا وبريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الأولى والدولة العثمانية. كانت هذه المعاهدة تهدف إلى تقسيم أراضي الدولة العثمانية وتحديد مستقبل الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب. تُعتبر معاهدة سيفر نقطة تحول مهمة، لأنها تضمنت بنودًا تتعلق بالاعتراف بالحقوق القومية للقوميات في المنطقة، بما في ذلك الكرد والأرمن.

بنود معاهدة سيفر الرئيسية

  1. تقسيم أراضي الدولة العثمانية:
    1. تم تقسيم أراضي الدولة العثمانية بين الحلفاء، حيث حصلت فرنسا على الانتداب على سوريا ولبنان، وحصلت بريطانيا على الانتداب على العراق وفلسطين وشرق الأردن.
  2. الأرمن والكرد:
    1. اعترفت المعاهدة بحقوق الأرمن في إقامة دولة مستقلة في المناطق الشرقية من الأناضول.
    1. تضمنت المعاهدة مواداً تخص الكرد (المادة 62 إلى المادة 64) وتعترف بحقهم في الحكم الذاتي ضمن مناطقهم. نصت المادة 64 على أنه بعد مرور سنة على تنفيذ هذه البنود، مما يُمكن الكرد في تلك المناطق تقديم طلب إلى عصبة الأمم للاعتراف باستقلالهم، وإذا وافقت عصبة الأمم، فإن الدولة العثمانية ستتخلى عن سيادتها على تلك المناطق.
  3. الأراضي التركية:
    1. تم تحديد الحدود الجديدة لتركيا، مما أدى إلى فقدان الدولة العثمانية لمعظم أراضيها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واقتصارها على الأناضول وأجزاء من تراقيا.
  4. المضائق:
    1. وضعت المضائق (الدردنيل والبوسفور) تحت إشراف دولي لضمان حرية المرور البحري.

الكرد ومعاهدة سيفر

البنود المتعلقة بالكرد في معاهدة سيفر إقامة كيان كردى مستقل ذاتياً وتُعد تلك مرحلة فارقة فى التاريخ الكردى خصوصاً ما تضمنته فى موادها ( 62- 63 -64) من تأكيد على الإقرار بحق هذه الشعوب فى إقامة حكومات محلية خاصة بها . وتطرقت المادة رقم 62 إلى الكيان الساسيى الكردى ” تُشكل لجنة يكون مقرها إسطنول حالياً وتتألف من أعضاء ثلاثة تعينهم الحكومة البريطانية والفرنسية والإيطالية كلٌ من جانبه ، وعلى هذه اللجنة أن تضع فى غضون ستة أشهر من التوقيع على المعاهدة مشروعاً للحكم الذاتى المحلى للمناطق التى يسكنها أغلبية كردية واقعة فى شرق نهر الفرات وجنوب حدود تركيا مع سوريا وما بين النهرين، ميسوبوتانيا ( العراق حالياً)” ، كما أكدت الماتان 63 و64 على ضرورة موافقة الحكومات التركية على مقررات اللجنة بهذا الشأن فى حالة موافقة أغلبية السكان فى المنطقة على الانفصال عن تركيا ، فقد كانت تاريخية لأنها كانت المرة الأولى التي يتم فيها الاعتراف بحقوقهم القومية في وثيقة دولية. نصت المعاهدة على:

  • الحكم الذاتي للكرد: إعطاء الكرد حق الحكم الذاتي ضمن مناطقهم.
  • الاستقلال المحتمل:  إمكانية الاعتراف بدولة كردية مستقلة إذا وافقت عصبة الأمم على طلبهم بعد مرور عام من تنفيذ بنود الحكم الذاتي.

فشل تنفيذ معاهدة سيفر

رغم توقيع معاهدة سيفر، لم يتم تنفيذها لأسباب عدة:

  1. المقاومة التركية:  رفض القوميون الأتراك بقيادة مصطفى كمال أتاتورك المعاهدة وقاموا بحرب استقلال ناجحة ضد قوات الحلفاء والقوات العثمانية الموالية.
  2. المفاوضات الجديدة: نجحت القوات التركية في إعادة التفاوض على الشروط عبر معاهدة لوزان 1923م، التي ألغت بنود سيفر المتعلقة بالكرد والأرمن وأكدت على حدود تركيا الحديثة دون الاعتراف بأي حقوق قومية للكرد.
  • إلغاء الآمال القومية:  ألغت معاهدة لوزان أي آمال في إقامة دولة كردية مستقلة التي كانت معاهدة سيفر قد ألمحت إليها.
  • التوترات المستمرة: أسهم فشل تنفيذ معاهدة سيفر في استمرار التوترات والنزاعات في المنطقة بين الكرد والدول التي تضم أراضي كردية (تركيا، العراق، إيران، وسوريا).

كانت معاهدة سيفر وثيقة مهمة في تاريخ الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بحقوق القوميات. رغم عدم تنفيذها، شكلَّت معاهدة سيفر بداية الوعي الدولي بحقوق الكرد، حتى وإن كانت هذه الحقوق لم تُحقق على أرض الواقع بسبب التحولات السياسية والعسكرية التي أعقبت توقيعها. فبعد التوقيع رفض القوميون الأتراك بقيادة مصطفى كمال أتاتورك شروط المعاهدة، وقادوا حركة مقاومة ضد القوات الحليفة والقوات العثمانية الموالية. أدى نجاح القوميين الأتراك في استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضي التي تم التنازل عنها في معاهدة سيفر إلى ضرورة إعادة التفاوض على شروط السلام. وتم عقد مؤتمر لندن 1921م ولكنه كان يُمثل فرصة ضائعة أخرى للاعتراف بحقوقهم القومية. لم يتم تناول قضيتهم بشكل جدي، وركزت المفاوضات بشكل أكبر على القضايا المتعلقة بالمصالح الجيوسياسية للقوى الكبرى وتطلعات القوميين الأتراك.

فقد كان مؤتمر لندن محطة مهمة في سلسلة الأحداث التي أعادت تشكيل خريطة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى. رغم أنه لم يُسفر عن اتفاق نهائي، إلا أنه كان خطوة مهمة في الطريق إلى معاهدة لوزان. بالنسبة للكرد، ومثَّل المؤتمر تأكيداً على تجاهل القوى الكبرى لمطالبهم القومية، مما أسهم في استمرار نضالهم من أجل حقوقهم في العقود التالية.


معاهدة لوزان 1923م

وُقعت معاهدة لوزان في 24 يوليو 1923، وتُعد واحدة من أهم الاتفاقيات التي أعادت رسم خريطة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى. هذه المعاهدة جاءت لتُعيد صياغة بعض البنود التي تضمنتها معاهدة سيفر 1920م التي لم تُنفذ بشكل كامل بسبب رفض الأتراك، بقيادة مصطفى كمال أتاتورك. على الرغم من أن معاهدة لوزان حققت الاستقلال والسيادة للدولة التركية الجديدة، إلا أنها كان لها تأثيراً كبيراً على القوميات والتكوينات العرقية، بما في ذلك الكرد.

تأثير معاهدة لوزان على الكرد

  1. إلغاء معاهدة سيفر:
    1. معاهدة سيفر كانت قد وعدت بإمكانية قيام دولة كردية مستقلة أو حكم ذاتي للكرد في تركيا. بيد أن معاهدة لوزان ألغت هذه البنود بشكل كامل، مما أدى إلى ضياع الأمل في إقامة دولة كردية. وقد تركت معاهدة لوزان الأكراد دون أي تمثيل سياسي معترف به دولياً، مما أدى إلى تهميشهم وإثارة حركات تمرد متكررة ضد الحكومات المركزية في الدول التي تم تقسيمهم بينها.
  2. تحديد الحدود:
    1. معاهدة لوزان حددت الحدود النهائية لتركيا الحديثة، مما أدى إلى تقسيم الكرد بين تركيا، العراق، وسوريا. هذه الحدود لم تأخذ في الاعتبار التوزيع العرقي للكرد، مما أدى إلى تفتيت مجتمعهم بشكل كبير.
  3. الاعتراف بالسيادة التركية:
    1. اعترفت المعاهدة بسيادة تركيا على كامل الأراضي التي يعيش فيها الكرد ضمن حدودها، مما يعني أن الكرد في تركيا أصبحوا أقلية – قومية داخل دولة قومية تركية.
  4. السياسات القمعية:
    1. بعد المعاهدة، بدأت الحكومة التركية في تنفيذ سياسات تهدف إلى تتريك الكرد، بما في ذلك حظر اللغة الكردية والثقافة الكردية. هذه السياسات أدت إلى اندلاع عدة ثورات وانتفاضات كردية تم قمعها بعنف.
  5. الانعكاسات على الكرد في العراق وسوريا:

بالنسبة للكرد في العراق وسوريا، فقد وجدوا أنفسهم تحت سيطرة الانتداب البريطاني والفرنسي على التوالي. فقد شكلت الخلافات حول الموصل وكركوك نقطة نزاع بين تركيا وبريطانيا. في النهاية، أُحيلت قضية الموصل إلى عصبة الأمم، التي قررت بقاء المنطقة ضمن العراق تحت الانتداب البريطاني، مما زاد من تعقيد القضية الكردية. إلى أن حصل الكرد في العراق على بعض الحقوق الثقافية بعد فترة الانتداب، رغم أن الاتفاقية تركت جزءًا صغيرًا من كردستان في عهدة فرنسا، إلا أن آثارها كانت أقل كارثية مقارنة بمعاهدة لوزان. لكنها لا تزال تترك الأكراد والتركمان في سوريا في وضع غير مستقر وتحت سيطرة قوة أجنبية.ظل الكرد في سوريا يُعانون من تهميش مماثل.

  • النضال المستمر:
    • نتيجة لتقسيم الكرد عبر عدة دول، ظل الكرد يسعون إلى تحقيق حقوقهم القومية والسياسية. هذه السعي تضمن حملات سياسية ومسلحة في تركيا، العراق، وسوريا على مدى العقود اللاحقة.
  • الهوية المشتركة:
    • على الرغم من التقسيم الجغرافي، حافظ الكرد على هوية قومية مشتركة وروابط ثقافية قوية. أسهم هذا في استمرار حركتهم القومية وعزز من تضامنهم عبر الحدود.

كانت معاهدة لوزان محطة مفصلية في تاريخ الكرد، حيث تسببت في تقسيمهم جغرافيًا وإلغاء الوعود السابقة بإقامة دولة كردية مستقلة. تركت هذه المعاهدة الكرد في وضع صعب كأقلية – كقومية في عدة دول، وهو ما قاد إلى عقود من النضال من أجل حقوقهم القومية والثقافية. تظل قضية الكرد اليوم واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في الشرق الأوسط، متأثرة بشكل كبير بالتقسيمات التي فرضتها معاهدة لوزان.

كما تُمثل معاهدة لوزان واتفاقية أنقرة محطات حاسمة في تاريخ الأمة الكردية، فكلاهما رسختا تقسيم الأراضي الكردية وأدت إلى تهميش الحقوق القومية للأكراد. هذا التقسيم الجغرافي والسياسي أثر بشكل كبير على الهوية الكردية والنضال المستمر من أجل تحقيق حقوقهم. إن فهم هذه الأحداث يساعد في تحليل التحديات الحالية التي تواجه الكرد في المنطقة، ويوضح الحاجة إلى حلول سياسية تعترف بحقوقهم القومية وتضمن لهم تمثيلًا عادلًا في الدول التي يعيشون فيها.

وقد رأى المناضل والمفكر عبدالله أوجلان أن معاهدة لوزان التي جاءت بعد ثلاث سنوات من معاهدة سيفر، كانت بمثابة التسوية النهائية التي شكلت حدود تركيا الحديثة. وأعتبر أن معاهدة لوزان كانت ضربة قاسية للكراد، حيث ألغت البنود التي كانت تمنحهم حق تقرير المصير. كما رأى أن هذه المعاهدة أسهمت في تقسيم الكرد بين عدة دول (تركيا، إيران، العراق، وسوريا)، وأدت إلى تجاهل حقوقهم وحرمانهم من إقامة دولة مستقلة.

كما أوضح السيد أوجلان أن التوقيعِ على تلك المعاهدة وإعلانِ الجمهورية. يُعد بداية مرحلةٌ جديدة، إذ يُعمل على إنهاءِ الخلافاتِ المستمرةِ مع الإنكليزِ بصددِ الموصل وكركوك من خلال إبرامِ معاهدة جدِّ مأساوية على حسابِ الكرد. فاتفاقيةُ أنقرة المُبرَمةُ عام 1921م مع الفرنسيين، ورغمَ تقديمِها تنازلاتٍ من الميثاق المللي، وانتهائِها على حسابِ الكرد (والتركمان الذين في سوريا) نسبياً؛ إلا إنها لَم تبلغ أبعاداً كارثية. حيث تُرِكَ فيها جزءٌ صغيرٌ من كردستان في عُهدةِ فرنسا. إلا إنها تقتضي التوقفَ عندها بإمعانٍ على صعيدِ السلبياتِ الناجمةِ عنها ضمن واقعِ الأمةِ الكرديّة

وفي المحصلة فتحت معاهدة لوزان الطريق لمسار السياسات القومية المركزية التركية العنيفة التي لم تحرم الكرد من حقهم في تقرير المصير السياسي فحسب، بل فتحت أوسع الطرق وأمنت المساعدات اللوجستية للقيادة التركية كي تشن حرب طويلة الأمد ضد الكرد والأرمن، وعلى نطاق أضيق ضد اليونان. قامت بحملات دموية تحققت عبر مجازر، وحروب إبادة جماعية، فضلاً عن عمليات احلال سكاني، وهندسة ديمغرافية عنصرية داخل عموم تركيا، ومناطق كردستان في شرق الأناضول وشمال غرب نهر الفرات بشكل خاص.

لقد كانت معاهدة لوزان غير عادلة، وغير أخلاقية كما وصفها القنصل الروسي والأكاديمي، وعضو جمعية باريس الآسيوية، ولخص رأيه حول اتفاقيتي سيفر ولوزان واشكالية طي صفحة الدولة الكردية، مدوناً: “بأن لوزان لم تكن عادلة وتظل متخلفة وغير أخلاقية”. وذلك في رسالة إلى جريدة لومتان (الزمان) الفرنسية في سنة 1937م، ولم تنشر الرسالة في حينها، وإنما نشرت في كتابه الكرد دراسة سوسيولوجية وتاريخية: “من الممكن أن تكون معاهدة (سيفر) قد فسرت تفسيراً سيئاً من وجهة النظر السياسية ولم يعد تطبيقها ممكناً في النتيجة. إننا لا نُريد بأي وجه في هذا المجال إعادة بناء التاريخ الدبلوماسي لآسيا الصغرى ما بعد الحرب، ولكن المعاهدة المذكورة كانت قد استصوبت ضمن أساس الاعتراف بمبدأ وجود كردستان مستقل ذاتياً، تقدم المبادئ الأخلاقية الدولية، في حين أن معاهدة لوزان لم تأخذ هذا الموضوع بنظر الاعتبار ، فهي من حيث تقدم وتطور الحقوق الدولية معاهدة جائرة.

ورأى السيد عبدالله أوجلان أن معاهدات التقسيم جلها كانت جزءًا من مشروع استعماري ظالم هدف إلى تقسيم الكرد وحرمانهم من حقوقهم. ودعى إلى نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية كحل لهذه المشكلة، مؤكدًا على أهمية التعايش السلمي والتحرر الاجتماعي في تحقيق العدالة للكرد وبقية شعوب المنطقة.

وبعد مرور ما يربو على قرن من الزمان أتضح أن توقيع اتفاقية لوزان 1923م أوضحت بشكل كبير أكثر الخيوط المتشابكة للسياسة الدولية، وأبانت بصورة جزئية أبعاد الشراكة الإستعمارية بين كل الموقعين على هذه الاتفاقية، إضافة إلى تعاون روسيا من خارج قاعة المجتمعين، وعبر حضورها الضعيف لمناقشة موضوع المضائق. لدرجة أنه يُمكن التعبير عن هذه الشراكة بجملة واحدة، وتوثيقها بقلم باحث أكاديمي تركي أصيل، كحصيلة لدراساته المستفيضة حول مآل المجتمعات الكردية بعد اتفاقية لوزان: “كردستان مستعمرة دولية”.

في الختام، يعد تقسيم الكرد بين دول متعددة أحد أعقد النتائج التي أفرزتها الاتفاقيات الدولية عقب الحرب العالمية الأولى. من معاهدة سيفر التي لم تتحقق آمالها، إلى معاهدة لوزان التي ألغت تلك الآمال تمامًا، وجد الكرد أنفسهم موزعين بين تركيا، العراق، إيران، وسوريا، بدون كيان سياسي يعبر عن هويتهم القومية ويحقق تطلعاتهم.

هذه التجزئة القسرية لم تقض فقط على الطموحات الوطنية للكرد، بل أسهمت أيضًا في تأجيج النزاعات والصراعات التي استمرت لعقود طويلة. على الرغم من التحديات الكبيرة والسياسات القمعية التي واجهوها، حافظ الكرد على هويتهم الثقافية ووحدتهم الاجتماعية، واستمروا في نضالهم من أجل حقوقهم القومية والسياسية.

تظل القضية الكردية اليوم قضية حية في السياسة الدولية، تعكس تعقيدات التوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. إن تحقيق العدالة والتعايش السلمي في هذه المنطقة يتطلب إعادة النظر في الحقوق القومية للكرد، والاعتراف بحقهم في تقرير مصيرهم. فقط من خلال الحوار الشامل والاعتراف بحقوق جميع الشعوب حتى يُمكن بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة في الشرق الأوسط.


المراجع والمصادر

  1. إدمون رباط، تطور سوريا السياسي في ظل الانتداب. ترجمة: سليمان رياشي، بيروت، 2020م.
  2. إسماعيل بيشيكجي، كردستان مستعمرة دولية. ترجمة: زهير عبد الملك، السويد ، 1998م.
  3. باسيلين نيكيتين ، الكرد، دراسة سوسيولوجية وتاريخية. ترجمة الدكتور نوري طالباني،دار الساقى للطباعة والنشر، بيروت ، 2001م.
  4. جان بول شانيولو، وسياح، سيدي ، مسألة الحدود في الشرق الأوسط.  تعريب حسين حيدر، بيروت 2006م.
  5. جليلي جليل ، حسرتيان. الحركة الكردية في العصر الحديث. ترجمة: عبدي حاجي. دار الفاربى للنشر والتوزيع ،بيروت ،2013م.
  6. جنكيز أورهونلو، إسكان العشائر في عهد الامبراطورية العثمانية. ترجمة: فاروق مصطفى. دمشق ، 2005م.
  7. سعدي عثمان هروتى، كردستان والإمبراطورية العثمانية دراسة فى تطور سياسة الهيمنة العثمانية فى كردستان (1514-1858م) ، كلية الىداب جامعة صلاح الدين ، آربيل ، 2008م.
  8. لقمان أ. محو ، الكرد وكردستان ، مؤسسة موكريانى للبحوث والنشر ، 2007م
  9. علي سلطان،
  10. –  تاريخ سورية (1908 – 1918) نهاية الحكم التركي. جزء أول، دمشق ، 1987م- تاريخ سورية (1918- 1920) حكم فيصل بن الحسين. جزء ثاني. دمشق 1987م .عبدالله أوجلان ، مانيفستو الحضارة الديمقراطية ، المجلد الخامس ، القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية ، دفاعاً عن الكرد المحصورين بين فكى الإبادة الثقافية ، ط 3، 2018.
  11. 10. عبد العظيم أحمد عبد العظيم ، الحدود العثمانية الصفوية فى إقليم كردستان – دراسة فى الجغرافيا السياسية ، بحث مقدم لندوة ” مشكلات الحدود والثغور عبر العصور ،قسم التاريخ ، كلية الآداب جامعة المنيا ، 2016م.
  12. 11. عثمان على ، الكرد فى الوثائق البريطانية ، آربيل ، 2008م. 
  13. 12. كمال أحمد مظهر، ، كردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى. ترجمة: محمد الملا عبد الكريم، بيروت، 2013م.
  14. 13.ديفيد مكدول، تاريخ الكرد الحديث. ترجمة: راج آل محمد، بيروت، 2004م.
  15. 15.اليزابيت ماريسكوت، الجمهورية التركية والمسألة الكردية. مواجهة مأساوية. ترجمة عن الإنكليزية: رضوان شيخو. تقديم ووضع الهوامش علي جزيري، أربيل. 2022م.
  16. 16.محمد إحسان ، كردستان ودوامة الحروب ، دار الحكمة لندن ، 2000م.
  17. 17.محمد أمين زكي. خلاصة تاريخ الكرد وكردستان. ترجمة محمد على عونى ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، 1936م،
  18. 18.م. س.لازاريف.
  19. -المسألة الكردية 1917 -1923. ترجمة: عبدي حاجي. ط2، دار الفاربى ، بيروت، 2013م.
  20. -النضال والإخفاق المسألة الكوردية فى سنوات 1923- 1945م، ترجمة صادق الجلاد، أكاديمية العلوم الروسية ، معهد الاستشرق ،مطبعة شفان، السليمانية ،2006م. 
  21. 19. محمود الدرة ، القضية الكردية ، مشورات دار الطليعة ، 1966م.
  22. 20. وليد حمدى، الكرد وكردستان فى الوثائق البريطانية دراسة تاريخية وثائقية ، كتب مكتبة الإسكندرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى