
في عالم مليء بالتحديات والصراعات، تبرز شخصيات تترك بصمات لا تُمحى في سجل التاريخ. واحدة من هذه الشخصيات هي زينب كناجى الشهيرة “بزيلان كناجي” تلك المرأة الكردية التي أصبحت رمزاً للنضال من أجل الحرية والعدالة، فقد وُلدت زينب في قرية كردية صغيرة، وشهدت منذ نعومة أظافرها المعاناة والظلم الذي يتعرض له شعبها. لم تكن زينب مجرد شاهدة على هذه الأحداث، بل قررت أن تكون جزءاً من التغيير، وانضمت إلى صفوف المقاتلين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة. من خلال شجاعتها وإصرارها، لم تكن زينب مجرد مناضلة عادية، بل تحولت إلى أيقونة تُلهم النساء والرجال على حد سواء لمواصلة الكفاح من أجل حقوقهم وحرياتهم. والسؤال الذى يطرح نفسه هنا من هى زينب كناجي؟ وما هو الدور الذى أسهمت به فى الحركة الكردية؟ ولماذا نفّذت عمليتها الفدائية؟ وهنا نُلقى الضوء على دورها البارز في الحركة الكردية وتأثيرها العميق على الحركة النسائية والمجتمع الكردي بأسره حتى أصبحت أيقونه للشعب الكردى .
اسمها الحقيقي زينب كناجي، من مواليد عام 1972م ، ولدت في قرية صغيرة تُدعى المالي التابعة لمدينة ملاطيا في باكور كردستان التى تقع ضمن مناطق الكرد، وترعرعت في بيئة تُعاني من التهميش والاضطهاد. وكانت شاهدة على المعاناة اليومية لشعبها منذ صغرها، مما شكّل وعيها السياسي والاجتماعي ودفعها إلى التفكير في سُبل تحسين أوضاع مجتمعها.
لقد لعب تعليم زينب كناجي في طفولتها دوراً كبيراً في تشكيل شخصيتها وتوجهاتها المستقبلية. حيث التحقت فى المرحلة الابتدائية والإعدادية بمدارس في مدينتها التى ولدت بها. وكانت تلك المدارس تُركز على التعليم الأساسي وتشمل مناهجها اللغة الكردية، العربية، والمواد العلمية والاجتماعية. كما أولت مدارس زينب أهمية كبيرة لتعليم اللغة الكردية والتاريخ الكردي، مما ساعدها على فهم ثقافتها وتراثها بعمق. كانت المواد الأدبية والتاريخية مفضلة لديها، حيث وجدت فيها ارتباطًا عميقًا بهويتها. كانت عائلتها داعمة جدًا لتعليمها، حيث شجعوها على القراءة والمشاركة في الأنشطة الثقافية. وكذلك على تحقيق التفوق الأكاديمي والتميز على الرغم من إنها كانت الأبنه السادسة لهم فكان لها خمسة من الأخوات. كما شاركت زينب في الأنشطة الثقافية والمهرجانات المحلية، والتي كانت جزءًا مهمًا من تعليمها غير الرسمي. هذه الأنشطة ساعدتها على تطوير مهاراتها الاجتماعية وفهم أعمق لتراثها.
لا شك أن زينب اختلفت عن بنات جنسها فى طفولتهن فكانت المطالعة والقراءة تأخد من وقتها الكثير فكانت تقضي ساعات طويلة في قراءة الكتب، سواء كانت كتبًا مدرسية أو كتبًا من الأدب الكردي والعالمي. وقد ساعدها هذا الشغف بالقراءة على توسيع آفاقها وزيادة معرفتها. وليس هذا فحسب بل بدأت بالكتابة في سن مبكرة، حيث كانت تكتب مقالات وقصص قصيرة تُعبر فيها عن مشاعرها وأفكارها. ساعدها هذا أيضاً على تطوير أسلوبها الأدبي وتعزيز ثقتها بنفسها. هذا بالرغم من إنها لاقت صعوبات فى تلك المرحلة الأولية من حياتها؛ إذ كانت تعيش في فترة مضطربة سياسيًا، حيث كانت الأوضاع السـياسية تـؤثر عـلى نظام التـعليم ومـسـتوى الأمان في المنطقة. على الرغم من ذلك، كانت زينب مصممة على مواصلة تعليمها. كما كان هناك بعض التحديات الاقتصادية التى واجهتها وأثرت على إمكانية الحصول على مواد تعليمية أو الانضمام إلى برامج تعليمية متقدمة. لكن عزيمتها وإصرارها ساعدها على التغلب على هذه الصعوبات.
لم تكن زينب طفلة عادية فكان لديها طموح كبير جعلها قائدة في مجتمعها، وهو ما تحقق لاحقًا من خلال مساهماتها في المجالات الأدبية والسياسية. فاكتسبت من خلال تعليمها المبكر أهمية القيم مثل المثابرة والإصرار على تحقيق الأهداف. هذه القيم ظلت ترافقها طوال حياتها وأثرت على مسيرتها المهنية.
بعد أن أكملت تعليمها في قريتها، انتقلت زينب إلى مدينة ملاطية لمتابعة تعليمها الثانوي في مدرسة “حيدر باشا المهنية الصحية” ، وبعد إنهائها للمرحلة الثانوية توظفت في مستشفى “بيراجيك” الحكومي بمدينة أورفا. وبعد ذلك التحقت بقسم علم النفس بكلية التربية والتعليم في جامعة ” إينونو ” في مدينة ملاطية عام 1990م، ثم انتقلت وظيفتها إلى مستشفى ملاطية الحكومي فى قسم التصوير والأشعة السينية، وأكملت دراستها وتخرجت من قسم التوجيه والإرشاد النفسي ، وتزوجت من زميل لها في الجامعة درست معه لمدة عامين يُدعى محمد على أطلى.
الانضمام إلى حزب العمال الكردستانى PKK
لقد تأثرت زينب بالتاريخ الكردي وبالنساء الرائدات الأوائل في المجتمع الكردي، مما جعلها تسعى إلى المساهمة في نضال الشعب الكردي سواء كان ذلك من خلال الأدب، الفن، أو السياسة. و أسهمت نشأتها في بيئة تهتم بالهوية الكردية وصمودها أمام التحديات في تشكيل شخصيتها القوية والمؤثرة. كل هذا جعلها تتجه للاهتمام بالفكر اليسارى منذ أن كانت بالمرحلة الثانوية وتطور اهتمامها به وبالقضية الكرية وتعمقت أفكارها فى شتى أمور الحياة خلال هذه السنوات ، ولم ترتكن إلى أى نهج سياسى ستسلكه خلال المرحلة الجامعية لتوضيح اتجاهتها نحو الأفكار اليسارية عامه، إلى أن وجدت أن أفكارها تميل إلى نهج حزب العمال الكردستانى pkk ، وأصبحت تُسانده بشكل واضح. فعلى حد قولها إن اهتمامها وميلها إلى الشعور الوطنى الكردى ( الكردايه تى ) كان نابع من أن عائلتها كانت تتمتع ببعض الخصوصيات الوطنية سابقاً ولو بحدود ضئلية .
ومع تطور الجانب الفكرى لديها بشكل كبير اتخذت قرارها بالانضمام إلى صفوف الكريلا – قوات الكريلا التى تُعد رمزاً للمقاومة الشعبية لدى الشعب الكردى _ وبالفعل بدأت فى عام 1994م بالمشاركه فى فاعليات الجبهة فى مدينة أضنة ، واستمرت بها لمدة عام ، ولم تتلقى فيها تدريباً جدياً بسبب الاعتقالات التى تمت على مستوى الإدارة ، وأيضاً بسبب عدم وجود مساندة لها. ومن ثم، لم يحدث أى تطور فى شخصيتها إلى أن التحقت بصفوف الكريلا فى مدينة ديرسم عام 1995م. وفى تلك الفترة استطاعت زينب من التعرف على كل جوانب شخصيتها واكتسبت تطوراً جديداً قياساً بالمراحل السابقة من عمرها ، إذ قالت ” أستطيع القول بأننى استمدت القوة فى مسألة المعنويات والقرارات والإدارة والحسم فى كثير من القضايا آنذاك”.
وبعد انضمامها لحزب العمال PKK أطلقت على نفسها اسم زيلان الذي يعني في اللغة الكردية (زيل ان) أي (الانبعاث) بما يُقابلها في اللغة العربية. وكان هذا الاسم نسبة إلى وادي زيلان (كَلي زيلان) الذي ارتكبت فيه السلطات التركية مجزرة بحق المدنيين الكرد من الرجال والنساء والأطفال ، التى تمت في يوليه 1930م، حيث أحرقت القوات العسكرية القرى وطردت السكان من منازلهم راح ضحيتها حسب المصادر الرسمية حوالى 15 ألف مدنياً، وهناك مصادر أخرى أوضحت أنها تعدت أكثر من 17 ألف مدنياً، بحسب ما نشرت جريدة الجمهورية التركية آنذاك ، كما ذكرت ذات الجريدة أن وادى زيلان ملئ الجثث والضحايا ، وقد أوضحت وزارة الخارجية البريطانية أنها مجزرة ضد المدنيين. ولمواجهة حقيقة شعبٍ ووطنٍ مفقود، بذلت زيلان جهداً مضنياً في خدمة القضية الكردية لتحقيق الحياة الحرة بمعناها الحقيقي.
فقد كان انضمامها لـــ PKK نابعاً من تلك المعاناة التى يرزح تحت نيرها الشعب الكردى من احتلال أراضيه؛ كما كان انضمامها بسبب قناعتها بضرورة النضال من أجل حقوق الكرد في تركيا. فكانت ترى أن الحزب يُمثل وسيلة لتحقيق العدالة والحرية لشعبها. فأسهمت زيلان في العديد من الأنشطة السياسية والعسكرية للحزب. وكان لها دوراً فاعلاً في تعزيز الوعي السياسي بين الكرد وكذلك حول معرفة حقوقهم وقضاياهم ، وقد شاركت في النضال المسلح ضد الحكومة التركية. وكانت تُلقي المحاضرات وتكتب المقالات لتعزيز الوعي السياسي والثقافي. كما تولت مناصب قيادية داخل الحزب، حيث كانت تُنسق الأنشطة وتُسهم في وضع الاستراتيجيات؛ لذا تُعد زيلان من الشخصيات المؤثرة والمُحفِّزة للأعضاء.
ومن ثم ، قررت المـنـاضلة زيلان كـنـاجى – التى أراهـا مـن وجـهة نـظـرى ” عـروس الشــهـيدات “- أن تقوم بعملية فدائية ضد قوات الاحتلال على مايُلاقونه من معاناه، ولكن قبل تنفيذ العملية قامت بإرسال رسالة إلى القائد أوجلان، قالت فيها: ” بدوري أريد أن أُعبّر عن حرية شعبي ضد السياسة الإمبريالية التي تستعبد المرأة، لأُعبّر عن غضبي الكبير ضدها، وأُصبح رمزاً لمقاومة المرأة الكردية ” .
رسالة زيلان للقائد أوجلان قبل تنفيذ العملية الفدائية
لقد حملت هذه رسالة زيلان للقائد معاني عميقة من التفاني والشجاعة والتضحية من أجل القضية الكردية. والتى تضمنت عدة نقاط من قبيل:
- التفاني للقضية الكردية: عبّرت في رسالتها عن التزامها العميق بالقضية الكردية ورغبتها في تقديم حياتها كرمز للنضال من أجل حرية الشعب الكردي وحقوقه.
- التقدير لأوجلان: أظهرت احترامها الكبير لعبد الله أوجلان، واعتبرته قائداً يلهمها ويدفعها للمُضي قدماً في طريق النضال. وكان لها مصدر إلهام وشجاعة كما كانت تُقدر توجيهاته واستراتيجياته.
- الشجاعة والتضحية : أكدت في رسالتها على أنها تدرك تماماً المخاطر والتضحيات المطلوبة، وأنها مستعدة لتقديم حياتها في سبيل تحقيق أهداف الحركة الكردية. فكانت تعتبر أن التضحية بالنفس هي أعلى أشكال التفاني والإخلاص.
- الأمل في النصر: عبّرت عن أملها في أن تُسهم تضحيتها في تعزيز الروح النضالية لدى رفاقها وفي تحقيق النصر والحرية للشعب الكردي.
العملية الفدائية
أكدت زيلان أن الذين يعشقون الحياة هم القادرون على صنعها ومنحها، والقيام بالفعاليات العظيمة، ذلك إبان عمليتها الفدائية التي كانت الأولى في تاريخ حركة التحرر الكردستانية. وبثت المعنويات والقوة في صفوف شعبها والرعب في صفوف الدولة التركية بعد تنفيذ عمليتها الجريئة في 30 يونيه 1996 م في مركز للجيش التركي أثناء مراسم رفع العلم بمدينة (ديرسم) تونجلى بباكور كردستان. وكانت حينها مقاتلة لعام واحد، وذلك ضد الهجمات التي استهدفت القائد ” آبو”، بالأخص العملية التي قامت بها الدولة التركية في عام 1996م، والتي صرفت الآلاف من الدولارات واستخدمت العشرات من أطنان المواد المتفجرة في اللغم الذي استهدف القائد عبد الله أوجلان لاغتياله في العاصمة السورية دمشق، وقد حققت عمليتها في مركز مدينة ديرسم ضد القوات الحربية التركية أثناء مراسيم رفع العلم، وهي محملة بثمانية كيلو جرام من المواد المتفجرة ” TNT ” ، وقطع من الحديد وقنبلتين يدويتين، فنفذت عمليتها في المكان المستهدف بنجاح، وكانت حصيلة عمليتها ثمانية عشرة قتيلاً وواحد وعشرون جريحاً، فزرعت عملية الرفيقة زيلان رعباً وخوفاً كبيراً بين صفوف الجيش التركي، كونها كانت العملية الأولى من نوعها التى خططت لها وقامت بتنفيذها بمفردها ولم يعلم أحد بعمليتها قبل تنفيذ العملية .
نتائج عملية زيلان كناجى
أسفرت العملية الفدائية فى مدينة تونجلي (ديرسم)عن نتائج عدة، فقد كان لها تأثير كبير على الشعب الكردي، سواء من الناحية النفسية أو السياسية. من قبيل :
- الخسائر البشرية: أدت العملية إلى مقتل عدد من الجنود الأتراك وإصابة آخرين. الأرقام الدقيقة للضحايا غير موثقة بشكل دقيق، لكن العملية كانت تهدف إلى إلحاق أكبر ضرر ممكن بالقوات التركية وتذكر بعد المصادر أنها بلغت ثمانية عشرة قتيلاً وواحد وعشرون جريحاً.
- التأثير الإعلامي والسياسي: أثارت العملية اهتمامًا كبيرًا في وسائل الإعلام التركية والدولية، مما سلط الضوء على الصراع بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية. أصبحت زيلان كناجي رمزًا للتضحية والفداء في صفوف الحزب، وزادت من التوتر بين الطرفين.
- رفع الروح المعنوية: داخل صفوف حزب pkk، رفعت العملية من معنويات الأعضاء والمؤيدين، حيث أظهرت استعداد أفراد الحزب للتضحية بحياتهم من أجل القضية الكردية رفعت عمليتها من معنويات العديد من الكرد الذين رأوا فيها نموذجًا للتضحية والفداء في سبيل حقوقهم القومية.
- تعزيز الهوية القومية: أسهمت العملية في تعزيز الهوية القومية الكردية وتأكيد عزم الكرد على تحقيق مطالبهم بالحقوق الثقافية والسياسية، حتى وإن تطلب الأمر التضحية القصوى.
- . تكثيف القمع الحكومي: ردت الحكومة التركية بزيادة القمع العسكري والأمني في المناطق الكردية، مما أدى إلى تصعيد العنف ووقوع ضحايا بين المدنيين. هذه الحملات العسكرية أضرت بالسكان الكرد وزادت من معاناتهم. كما زادت العمليات العسكرية والأمنية ضد حزب العمال الكردستاني.
- زيادة الدعم لحزب العمال الكردستاني: كثير من الكرد رأوا في العملية دليلًا على التزام حزب العمال الكردستاني بالنضال من أجل حقوقهم، مما زاد من الدعم الشعبي للحزب في بعض المناطق الكردية.
- التأثير على المجتمع المدني: العمليات الفدائية وغيرها من أعمال العنف أثرت سلبًا على الحياة اليومية للسكان الكرد، حيث زادت من حالات الاعتقالات والنزوح والتوترات الاجتماعية.
- التأثير على الرأي العام: ساهمت العملية في تعميق الانقسام في الرأي العام التركي بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها، وأيضًا بين مؤيدي القضية الكردية ومعارضيها.
9- إبراز القضية الكردية دوليًا: العملية جذبت انتباه المجتمع الدولي إلى الصراع الكردي-التركي، مما ساعد في تسليط الضوء على معاناة الكرد والسعي لتحقيق حقوقهم.
فى المجل، كانت عملية زيلان كناجي حدثًا ذا تأثير عميق على الشعب الكردي، سواء من حيث تعزيز الروح القومية وزيادة الدعم لحزب العمال الكردستاني، أو من حيث تكثيف القمع الحكومي والمعاناة التي لحقت بالمدنيين الكرد. بشكل عام، كانت هذه العملية جزءًا من سلسلة من الأعمال العسكرية والسياسية التي شكلت العلاقة المعقدة والمشحونة بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، وما زالت هذه العملية تُذكر كجزء من تاريخ الصراع الكردي التركي.
وجهة نظر أوجلان حول عملية زيلان كناجي:
أعرب مؤسس حزب العمال القائد عبد الله أوجلان عن رأيه في عملية زيلان كناجي في كتاباته وخطاباته. وأشاد بتضحيتها وشجاعتها، واعتبر عمليتها رمزًا للتفاني والالتزام بالقضية الكردية. في فلسفته، رأى أوجلان أن التضحية بالنفس هي تعبير عن أعلى درجات الإخلاص والتفاني من أجل الحرية والكرامة للشعب الكردي، وأوضح أن عملية عروس الشهيدات حملت عدة أمور منها:
- التضحية القصوى: رأى أوجلان في زيلان مثالًا للشجاعة والتفاني. كانت عمليتها تُمثل، بالنسبة له، التضحية القصوى من أجل تحرير الشعب الكردي وتحقيق حقوقه.
- مصدر إلهام: أشاد بزيلان كرمز يُلهم النساء الكرديات للانخراط في النضال. يرى أن تضحيتها تشجع النساء على المشاركة الفعالة في الثورة والمقاومة، مما يسهم في تحقيق تحرر المجتمع الكردي بشكل كامل.
- دور المرأة في النضال: أكد على أن مشاركة المرأة في النضال الكردي ليست فقط قضية مساواة، بل هي ضرورة استراتيجية. يرى أن النساء مثل زيلان كناجي يُقدمن مثالاً حياً على القوة والتفاني والإرادة، مما يعزز من فعالية الحركة التحررية.
- رفع الروح المعنوية: تقديم زيلان كرمز يُمكن أن يرفع من معنويات الأعضاء والمناصرين للحزب. اعتبر أن مثل هذه العمليات تُزيد من العزم والإصرار على مواصلة النضال.
- الرمزية والدلالة: أوضح أن عملية زيلان حملت رمزية قوية في النضال الكردي. كانت دليلاً على أن الكرد مستعدون للذهاب إلى أبعد الحدود من أجل قضيتهم.
- التأثير السياسي: على الرغم من إشادته بالعملية، كان أوجلان مُدركًا أيضًا للتبعات السياسية والعسكرية لمثل هذه الأعمال. التى قد تُعزز العملية العزيمة، لكنها أيضًا تؤدي إلى ردود فعل عنيفة من الحكومة التركية.
التقييم النقدي:
في فترات لاحقة، خاصة بعد اعتقاله في 15 فبراير 1999م، قدم أوجلان وجهات نظر أكثر نضجًا حول استراتيجية الحزب وأساليبه. بدأ في الدعوة إلى حل سلمي للنزاع والتفاوض من أجل تحقيق حقوق الكرد بدلاً من الاعتماد على العنف. يُمكن أن يُفهم من هذا التحول أن أوجلان أدرك أن العمليات الفدائية، رغم رمزية تضحياتها، قد لا تكون دائمًا الوسيلة الأكثر فعالية لتحقيق أهداف طويلة الأمد.
أشاد أوجلان بتضحية زيلان كناجي وشجاعتها، واعتبر عمليتها رمزًا للالتزام بالقضية الكردية. ومع ذلك، فإن تقييمه الاستراتيجي لاحقًا قد أظهر تحولًا نحو البحث عن حلول سلمية وتفاوضية بدلاً من العنف، مما يُشير إلى تقييم نقدي أعمق لأساليب النضال المختلفة. وتُعد زيلان مثالاً للشخصية الكردية الملتزمة بقضية شعبها، والتي لم تتردد في الانضمام إلى النضال المسلح والسياسي لتحقيق حقوق الكرد. كانت مسيرتها مليئة بالتحديات والتضحيات، لكنها تركت أثرًا عميقًا وإرثًا يُحتذى به في مسيرة النضال الكردي.
ماذا قال القائد أوجلان عنها؟
لا شك أن استيعاب المناضلة لفكر القائد أوجلان وإدراكها مدى حساسية المرحلة التى كانت تمر بها حركة التحرر الكردستانية جعلها تفدى بأغلى ما تملكه ، وبعد شهادتها تركت تاريخاً مليئاً بالنضال والمقاومة.
فبعد تنفيذها لعمليتها الفدائية قال القائد آبو عنها فى كتابه الموسوم بــ ” مانيفستو حرية المرأة فى القرن الحادى والعشرين: ” الرفيقة زيلان قائدة وأنا مقاتل لها وتُعتبر ملكة شهداء حركة التحرر الكردستانية لأنها بينت مدى معرفتها بالوطنية وعمقها فى نهج الاشتراكية والحرية ” وقد قيم عمليتها الفدائية فسماها ” مانيفستو الحرية وقانون الحب ” كما وصفها ” بقوله عنها ” زيلان هى الرعد ، برقت كالرعد وأضاءت المحيط”.
ووصفها أيضا بأنها ” رمزاً الإحياء لثقافة الإلهة الأم التى ترسخت فى أراضى ميزوبوتاميا فى العهد النيوليتى” ، وذلك لأن تلك الإلهات قد أبدعن الحياة الحرة وكافحن على مدى ألفى عاماً ضد العقلية الذكورية المهيمنة على المجتمع ، فأصبحن رمزاً للحرية وبرهاناً على شغف المرأة بها. إن إرث زيلان كناجي هو دعوة مستمرة للتحدي والصمود، وعلامة فارقة في تاريخ النضال الكردي من أجل الحرية والمساواة.
في الختام، نرى كيف تتجسد في شخصيتها روح التضحية والشجاعة التي تُمثل نضال الشعب الكردي من أجل حقوقهم وكرامتهم. زيلان لم تكن مجردرقم فى الحزب، ولم تكن مجرد مقاتلة، بل كانت رمزًا للأمل والقوة والإصرار. تضحيتها الكبرى ألهمت الكثيرين من الرجال والنساء من أبناء شعبها ، وأثبتت أن النضال من أجل الحرية يتطلب أحيانًا أعلى درجات التفاني.
زيلان كناجي ستبقى في ذاكرة التاريخ كشعلة تُنير درب كل من يسعى لتحقيق العدالة والمساواة. إن إرثها يعزز الإيمان بأن التضحية من أجل قضية نبيلة لا تذهب سُدى، وأن الشجاعة والإصرار يُمكنهما تغيير مجرى التاريخ. لذا، نتذكر زيلان كناجي بكل فخر واعتزاز، ونستلهم من قصتها الدروس والعبر في بناء مستقبل أفضل.