المرأة

الجنولوجيا: من عبودية الرأسمالية والرجعية لعالم المساواة

تحليل: فاتن صبحي

يفسر مصطلح جنولوجيا بإنه كلمة من مقطعين الكلمة الكردية وتعني “المرأة jin” والكلمة اللاتينية وتعني “علم lojy” وعلم المرأة هو الخروج للحياة الحرة بعيداً عن الاستبداد بكل صوره، والقيود التي تحد من مسيرة النساء وحريتهن، بل يراها علم جنولوجيا شريك في الوطن، وتحريرها ضرورة وخطوة أساسية لتحرير الأوطان من الاستعمار ويري القائد عبدالله أوجلان إن الجنولوجيا يجب أن تقوم الإنسان بتقوية المرأة ورغم إن ألوهيتها لافتة لكنه يستلزم بطولة”. ويشكل النضال الثوري والسياسي والفكري للمرأة أهمية بالغة تستلزم تطوير الذهنية التحررية لها ضد أفكار السلطوية للمنظومة الأبوية التي فرضها المجتمع علي النساء بهدف استعبادها للرجل والسلطة. وبناء هوية المرأة التي ستطور كاملاً وتضع إطار لهوية المجتمع ككل والنظام الاقتصادي وشكل العائلة والطفل.

إن معرفة المرأة هي التي خلقت الحياة، والحياة الاجتماعية، والحب، والعدالة، والحرية، والعديد من القيم الجميلة الرائعة التي جعلت من الإنسان إنساناً، والمسؤلية الأولي لكلاً من الرجل والمرأة يقفان باحترام أمام الإنسانية أن يكونا متنورين وواعيين، ويعملا علي تدريب نفسيهما بالتعليم وإذا كانوا إشتراكيين وثوريين ونسويين ومعارضين وديمقراطيين، يمثلان قوي معارضة للنظام ويصبحا مثالاً يحتذي به في المجتمع وفقاً للحياة التشاركية، وعلي النقيض فالفردية هي الخاصية الروحية الأساسية للنظام المولد للمجتمع الرأسمالي وهي زئير وصراع الفرد الذي لاتوثقه أية روابط أومقدسات وصلت إلي حد الطيش والجنون والذي لايقدس سوي منفعته الشخصية بصراخ الفرد المستمد قوته من الأنانية والفردية، ويعد الفرد الرأسمالي جزء من حركة انتقام الرأسمالية من ظاهرة المجتمع، بتلخيص انقطاع الفرد عن كل مايوثق رباطه بالماضي في مفهوم التحرر ويقرن قوة المال بقوة الرب بمعني إن المال يساوي الرب”2″.


علم الجمال

يذكر الفيلسوف شهاب الدين سهر وردي في جوهرة علاقة الجمال والعلم والوعي “من الظلم أن يشير المرء بالجمال إلي من ليس أهلاً له قاصداً الخبراء والعلماء” ذاكراً إن الجمال خلق بالمعرفة مشيراً لما أسماه بعلم الجمال، وبعد نحو ألف عام تاكدت مقولته فلا يجب أن يكون إنسان كل عمله إنه حاملاً للجمال ولكي يتمكن المرء من حمل الجمال ينبغي أن يكون واعياً وعارفاً بداية من “إعرف نفسك” إنه الشخص الذي يحطم في ذهنه حكم العقائد الجامدة والاحكام المسبقة  أي الإنسان الحر فالشخص الحر إنسان جميل في حد ذاته.

وفي الفكر الاقتصادي انتقدت نانشا إلهة العدل السومرية البعض ممن يأكلون من جهد غيرهم وينكرون ذلك ويتم محاكمته وهو العصر الذي عاشت فيه الآلهة السومرية والله في آن واحد بتوازن إنها عدالة المراحل التي نشأ فيها الاقتصاد بعقل وقلب المرأة الإلهة.

وتتناول الجنولوجيا المرأة الأم التي هي القوة الأولية للمجتمع كمبدعة لفن السياسة ومنذ البداية فإن المناهضة الوجودية لبعضها البعض تتسبب بالحرب بين المجتمعية التي تطورت حول المرأة الأم والحضارة الدولتية والسلطوية حيث اندلعت هذه الحرب منذ البداية. وكما إن السياسة متعلقة بالحرية الاجتماعية والحياتية، فالدولة أيضاً كي تجعل المجتمع عبداً كانت علي علاقة لخلق الخلافات الأيديولوجية والسياسية ولكي تجتمع الدولة باسم المجتمع بأكمله بدأت في استخدام بعض المتسلطين وتضييق السياسة وتحديد ميادينها، كان عليه تدمير وإبادة الوحدات الاجتماعية الأساسية، التي تحيي المجتمع ومصادره.


تعريفها

وفقاً للقائد والمناضل عبدالله أوجلان فإن علم الجنولوجيا يعرف بإنه “علم المرأة والحياة والمجتمع”، والحياة التشاركية الحرة، وعلم المرأة في الحداثة الديمقراطية، هي العلم الذي يبحث ويهتم بالمرأة والحياة ويطرح عدة تساؤلات: كيف، وأين، ولماذا، وبماذا، وبيد من، أبعد هذا العلم عن المرأة والحياة وتم إخراجه من المجتمع، لنصل بإن المرأة والحياة في النهاية هما الحياة وكينونة المرأة متصلان بعضهما ببعض. والجنولوجيا تعمل في فكرها ضد كل أيدولوجية مستبدة تعمل ضمن جنسوية مجتمعية وربما هذا لإن المرأة الأكثر في التعرض للظلم والقمع والاستغلال، ومن له أن يشعر من قلبه بكل ماتتعرض له النساء حتي لجرائم القتل علي يد أقرب الناس إليهن، ويتعرضن للكثير من الجرائم بداية من التحرش والمضايقات بكل الصور، وصولاً للخطف، حتي بيعهن في أسواق العبيد كما يتم إفقارهن عمداً بالتعامل معهن باعتبارهن عمالة رخيصة تصل إلي حد الاستغلال والسخر كما يهدر مجهودهن في العمل المنزلي وكأن الآلة  الرأسمالية تتوجه نحو المرأة لإضعافها وإبادتها بهدف إبادة المجتمع بأكمله. بينما يردد القائد أوجلان إن الجنولوجيا تستطيع أن تصبح مخرج أساسي للخروج من الحياة الاجتماعية المغلقة السلطوية”. فقد تم تخريب عقلية المجتمع عموماً والنساء خصوصاً بالسلطة والتسيد عليهن فإنها الوسيلة الأقرب لقتل الفكر والرؤية وحتي المشاعر.  

ففي الماضي لم تكون النساء بحاجة للرجل مطلقاً ولم تبقي مرتبطة به، ولكن اليوم لدينا ملايين النساء في العالم لايستطعن السفر بمفردهن دون إذن ذكور العائلة سواء أب أو زوج، كانت المرأة سابقاً تملك القول والإرادة بخصوص جسدها واجتماعيتها وأطفالها وكامل حياتها، بينما اليوم أغلبية النساء فقدن حريتهن وحقوقهن هذه. مع نقد النساء اللاتي يربطن طموحهن بالرجل ويتشبهن به فهن يمثلن خطر علي المرأة ولايختلفن كثيراً عن الرجل المتحكم.


نشأة وحتمية الجنولوجيا

يرجع علم الجنولوجيا إلي أجيال مابعد ثورة البلوريتاريا والفلاحين وجاء الأحفاد فيما بعد ليطوروا علم المرأة ويخرجوا بفلسفات خاصة بحياة النساء وإحياء الإنسانية وعلوم النسوية وفقاً لما أسسه الأجداد في ثورتهم ولذلك فإن تأسيس فكر الجنولوجيا في الشرق الأوسط باعتبار إنهن مبدعات وخالقات للحياة، واجهت المرأة كل مستويات الحياة من تقلد المناصب حتي درجة الآلهة وكذلك خلعت من عرش الألوهية وخرجت عن سلطة النظام الأبوي والذكوري وانحسر دورها كأم فحسب ومع تطور الحياة والعلوم وتقنيات التكنولوجيا وباعتبار إن الجنولوجيا أوعلم المرأة هو فكر القرن الحادي والعشرين سيجلب معه ثورة المرأة وستستمد منها الثورات روح المرأة وتتقوي بها بينما تريد الرأسمالية قمع النساء وتعنيفهن، باعتبار إن علم القرن الحادي والعشرين في الفكر الرأسمالي قائم علي قتل النساء. فيما ينادي القائد عبدالله أوجلان بضرورة تحرير النساء ومن ثم يحصل المجتمع بأكمله علي حريته ويبني حضارته بل ويستطرد بقوله “إن موضوع و حركة المرأة هي حركة القرن الحادي والعشرين، فإذا خرجت الإنسانية بإنجاز مهم من الآن فصاعداً فسيولد هذا الإنجاز من أعماق المرأة، بل ويفرض وضع مقدمات لثورة النساء انطلاقاً من مبدأ إما الحياة أو التوحش وبات من الضروري قيام ثورة تحمي حقوق الطبقة الكادحة من الفلاحين وبنفس القوة لابد من ثورة نسائية فهما بالسير معاً بالتوازي سيحركان قوة الجينولوجيا”.

الملهمات أهم مصادره وتطوره

إن اعتبرنا بداية الحياة بوجود الآلهة الأم والتي خرج منها المنظومة السائدة فإن علم الجنولوجيا كان أهم مصادره نضال النساء الذي تطور بعد انهيار منظومة الآلهة الأم، إما بشكل فردي أو بشكل مستهدف ومنظم، هذا بالنسبة للعصور القديمة أما في التاريخ القريب فإن الحركات النسوية والتحررية والنضالات المنظمة واتخاذهن مواقع ريادية في صفوف المعارضة والدفاع عن المهمشات وغيرهن كانت من القيم التحررية والمقاومة التي خلقتها نساء العالم.

ومن أهم عوامل ظهور وتطور علم الجنولوجيا وقوته ثورة حرية كردستان التي كانت من أهم معالم الثورة النسائية ووفقاً للتاريخ فإن علم المرأة ولد بالأساس في كردستان وشهد مراحل تطوره وبلغ ذروته بالثورة النسائية وكإنها ثورة داخل ثورة أو قوة ولدت من رحم قوة، ومنذ أواخر السبعينات وحتي أوائل التسعينات احتلت المرأة في الثورة النسوية أو الثورة الجنولوجية مواقع قيادية ومراكز أمامية بناء علي الموروث الجوهري والثقافي وبالانخراط النسوي في ثورة كردستان. ومنذ عام 1987 حينما تشكل  “اتحاد النساء الوطنيات الكردستانيات” وتم “تشكل جيش المرأة عام 1993، وتلاها ال YJWK”

YAJK  في عام 1995.

وفي العام التالي برزت نظرية الانفصال أما في 1998 ظهرت أيدولوجية تحرر المرأة ومشروع الحياة الحرة وتغيير الرجال. وفي 1999 خاضت تجارب التحزب، ومنذ الألفينية 2000 تطور تجارب العقد الاجتماعي وكونفدرالية المرأة لتمثيل حركة حرية المرأة التي خاضت تجارب النضال الوطني.


ما الحاجة للجنولوجيا

دارت التساؤلات حول أهمية هذا العلم وإضافته للحياة وهل جاء ليغير واقع الذهنية والفكر السائد فالرأسمالية نتج عنها الكثير من الانحرافات والقاذورات بدعوي الحداثة والتي دعمتها طوباوية الاشتراكية ومثاليتها والتي خنقت في محرقة الليبرالية الحرة. وتحت علامات استفهام عديدة تطرح أسئلة عن ماهية هذا العلم وماسيقدمه للنساء في ظل إفقار وتجويع وقتل وعنف ممنهج وانتهاكات متنوعة وجوع ورعب وتشريد في العراء وتعذيب وإهانات وحرمان من التعليم والعمل وبيع أجسادهن واعتبارهن ناقصات وبلا عقل ولاهوية لهن فكيف لهذا العلم أن يكون مصدر حماية وأمان لهن أو مواجهة لكل هذا الظلم والقهر؟.

نستطيع هنا تناول سوسيولوجيا الحرية في مرافعة القائد أوجلان المسماة، تجاوز قضايا الحداثة الرأسمالية والحداثة الديمقراطية كوجهة نظر أساسية للجنولوجيا “ينبغتي علي المرأ أن يفكر باسم للسوسيولوجيا التي تتناول موضوع الوقت القصير الأقصر قصراً للخلق من الناحية الاجتماعية، واقتراحي الشخصي هو أن الإنسان لكي يتناول سوسيولوجية الواقع والأحداث الاجتماعية في لحظة الخلق، يجب أن يطلق عليها سوسيولوجيا الحرية، وستكون هذه التسمية في محلها. والأهم هو إنها ستكون قد وصلت إلي مقدرة منقطعة النظير تحت تأثير اجتماعية الإنسان وبذهنيتها المرنة فتحت الطريق أمام إبداع مدهش ونحن علي يفين إننا بحاجة ملحة لهذه السوسيولوجيا الذهنية ويمكن أن نسميها سوسيولوجيا الحرية.

ونظراً إلي أنه معني بالمرأة والحياة والمجتمع ويناقش الحياة الحرة التشاركية، إذن لابد أن يجيب علي هذه الأسئلة بل ويتمكن من مواجهة كل هذا. إنها تساؤلات إيجابية ، ويجب إحاطة هذا العلم وتغليفه بروح المرأة، أو أن يتم نسج العالم بروح نسوية، والجانب السلبي معني بمواجهة العنف والشدة والاستعمار والانتقاص والتهميش الإيديولوجي، الإبادة والإنكار، وباتت حاجة ملحة مواجهة كل هذه الأشكال من العنف وإيقافها، وإلا فهذا العالم سيبتلع نفسه وتتحول الإنسانية إلي مجتمع للحمقي. وعبر التاريخ وطولة أسست النساء نظام اجتماعي أمومي وقمن بتنظيمه وتسييره وسادت قيم غاية في النبل، منها السلام والعدالة والخير والبركة، وتم تحليل النزاعات الذكورية والتي تستصغر من ذكاء وعمل المرأة وإما أن يستولي علي جهدها ونجاحها وينسبها إلي نفسها أو إنه يحطم نجاحها ويسخر منها بعبارة هذه أعمال نسائية حتي إنه يردد عبارة لايصح لكي ممارسة أعمال الرجال وفي يديكي عجين بينما الخميرة التي تقوم عليها العجين هي أول اختراع كيميائي عرفته البشرية ولولاه ماكانت الحياة استمرت ولااستطاع هذا الرجل أن يجد طاقة ليقف علي قدميه ويصنع تلك الحضارة المزعومة.

& ومن أجل تطوير تعريف للحرية يتجاوز العبودية التي لقموها قسراً للنساء، فكانت الدعوة للجنولوجيا علم المرأة بهدف بلوغ سر الحياة لمواجهة الإبادة الاجتماعية، ومعرفة علم المرأة لتزول حالة الجهل السائدة والمسيطرة. وكما يقول سبينزوا “الفهم هو الحرية”

& بناء صحيح للحياة التشاركية، فإذا افترضنا إن للحياة وجهان متناقضان إحداهما المرأة والآخر هو الرجل وبالتالي إذا استمرت العلاقة بينهما تشاركية وتكاملية وحرة ومتكافئة، فالطبيعة الاجتماعية ككل ستسير بطريقة منظمة ومرتبة أما إذا ظلت في حالة صراع بينهما تصل إلي حد الإبادة سنصل إلي مجتمع ممزق وحالات اغتراب. أي إن الجنولوجيا هي سمة لبناء الحياة التشاركية الحرة وخلقها، إذن تطوير الحياة التشاركية الحرة هي إحدي أبجديات علم الاجتماع “السيسيولوجيا”، وبحسب تفسير أوجلان للحياة التشاركية فهي ليست مبنية  بين الذكر والأنثي، بل بنيت بين النسوية والذكورية المجتمعية ولايفوتنا إن السلطوية قد أضعفت الطرفان وقد تأثرت علاقتهما وانعكست عليهما وتحولت لمحاولة للتسلط بينما يري القائد إن العشق لايتطور في ظل علاقة سلطوية مستبدة فالشرط الأساسي في إنجاح العلاقة هو تكافؤ الأرادة الحرة بين طرفيها.


التشاركية القديمة بين الآلهة

تعد ثقافة العائلة الحاكمة النبيلة من أقوي الضربات التي تلقتها الحياة التشاركية وهي لاتقتصر علي الشرق الأوسط وحده بل تنتشر في كل أنحاء العالم باختلاف ثقافاته، وتناقلت عبر العصور حتي يومنا هذا لإن النظام الاجتماعي والأديان والدول دعمت هذه المنظومة وحافظت عليها. محاولة حماية سلطاتهم من خلال السلطوية العليا هبوطاً حتي استبداد الرجل علي المرأة ومن ثم يحقق عدة مزايا للسلطات الأعلي منها زيادة النسل والمزيد من الخضوع للحكام وبالتالي تنتقص من المرأة وتفرض عدم المساواة واستغلالهن.

وبالرجوع لميثيولوجيا الجغرافيا والتاريخ والعقيدة والفلسفة والعلم، وعلي المستوي التاريخ إذا تم تحليل المصطلحات الرأسمالية، من بينها الميدان الخاص وعكسه الميدان العام، فهي مصطلحات مزورة لا اساس لها ومنذ قدم التاريخ وحتي يومنا هذا أضفت الرأسمالية فلسفتها الخاصة وتأثيراتها علي الميثولوجيا والفكر الديني والفلسفي والعلمي، وأثرت علي الحياة التشاركية وفرضت عليها حدود وبالتالي أثر الميدان الخاص علي الشكل العام. ففي قوانين وحقوق الإمبراطوريات الأولي مثل تحليل الصيغ الأولي لتطور الفكر الإنساني الميثيولوجي والديني.

وفي الميثيلولوجيا الدينية بين الله والآلهة وبين الموت ونقيضها من الحياة الأبدية كانت تترد وكإنها لون من فنون الشعر. ففي العصور الأولي بجانب الألهة التي كانت علي العرش كانت تقرب إليها  الأب والأخ والإبن والعشيق وقاموا باستبعادها عن العرش وإحلالها في أدوار أقل مرتبة سواء في الدعارة أوكخادمة ويتضح هنا كيف تحولت الحياة الحرة التشاركية إلي منظومة عبودية واستغلال، ففي قصص النساء المأساوية التي تسردها الميثيولوجيات، تقف كمثال لانهيار المجتمع الحر. وهو علي نقيض العلاقة بين الرجل والمرأة التي لايكون فيها أحدهما ملكاً للآخر وتقدر المرأة قدراتها وإمكانياتها علي مجرد الدور الإرشادي، وتتعارض مع الخطة البدائية لشكل العلاقات بداية من الميثيلوجيا الشعرية المتمثلة في ثقافة حمورابي، والتي جاءت لتضمن وتحدد حقوق الإمبراطوريات فيما قبل الميلاد وحددت مكانة المرأة وعلاقتها بالرجل.


هي والديانات

 وبظهور الديانات التوحيدية عانت النساء بشكل آخر فالمسيحية مثلاً قامت علي أساس الحياة الرهبانية وتم تحريم الجنس علي الرهبان والراهبات وينظر بنظرة دونية للعلاقة الجنسية معتبرين إنها بهدف الإنجاب فحسب وليس للمتعة، ثم فتحت الحداثة الرأسمالية الطريق نحو الجنسية البارزة بدعوي الحريات الجنسية، جاءت كرد فعل علي المحظورات التي فرضتها الأديان. لذلك يجب بحث الأحكام المسيحية علي الحالة التشاركية المتأزمة في الوقت الحالي. وتبدوا جلية في الغرب والشرق بأكمله الثقافة المسيحية والنظرة الدونية للجنس  

وعلي الجانب الآخر في الشرق الأوسط كان للإسلام رأي مختلف ففيما هو لم يحرم الجنس ولم يحظره لكنه منح للرجل سلطة لانهائية علي المرأة بينما حريتها فقط في إطار ماحدده الإسلام، ويطبق الرجل العدل في علاقاته بزوجاته فيما حدد له أربع زوجات ويعتبر الرجل في علاقته الجنسية مع زوجته إن الله في السماء والزوج علي الأرض مع زوجته انطلاقاً من “إن الرجال قوامون علي النساء”، وما يقوله الرجل ينفذ وكإن زوجته صورة لنموذج الباغية في بيت الدعارة ولكن وفقاً لمشروعية دينية، لذلك فإن تأثير السياسة والضغط الجنسي للدين الإسلامي ظاهر علي الكثيرين مروجاً لرغبات الرجل ووجوب الخضوع لتلك الرغبات وحتميتها أدت لعبودية المرأة.

أما في كردستان يتم حماية مساواة المرأة والرجل وفقاً للمزدكية والخوارمية، واليارسانية والعلوية ، والتي استخدمتها السلطة الحاكمة وقامت بعكسها طبقاً لتلبية مصالحها. ومنذ ظهور المزدكية في القرن الخامس والسادس الميلادي ظهر مفوم المساوة وحظي بقبول الحاكم الساساني آنذاك كاواد “كاواز” الأول، تم تسريح حرم القصر  الملكي، ومن ثم انخرطت النساء في الحياة الاجتماعية. وجاء الياراسانيين بين القرن 7:8 الميلادي وحتي اقرون 12:13 ظهرت في حقبتهم فنانات وشاعرات، ومع بروز العقيدة الزرادشتية  والتي كان لها انعكاسات علي العلاقة التشاركة الحرة في وقتنا الراهن.

وعن الدراويش أو الصوفية فكانت صداقة رابعة العدوية وحسن البصري حيث يقول إنه بقي 24 ساعة مع رابعة متحدثين فيها عن الطريقة والحقيقة، طالت النقاشات ولم يتذكر إنه رجل ولا هي إنها إمرأة. وهو مادفعهما للتفكير عن علاقة الرجل والمرأة خاصة مع الخلوة وهو ماتناوله المتصوف بيازيد بيستامي، والذ عاش في نفس فترة رابعة والبصرق قائلاً: “شيخ طريقتي كانت إمرأة” ويردد شيخ الصوفية ابن العربي “بقدر مايري الله في صورة إمرأة”.


معركة التنوير

بحسب رؤية المناضل عبدالله أوجلان “بدون نقاش المرأة تشكل الجزء الأوسع من الطبيعة الاجتماعية، من الناحية الفيزيائية وايضاً المعني، ولإبقاء طبيعة المرأة في الظلمة سيبقي المجتمع بأكملة بلا تنوير”. لذلك نواجه الوعي الذي يري العلم خاضعاً للرجل، ويعيد الاكتشافات خاضعة له. وضم الميثيولوجيا وأساطير المجتمع وعبر الأديان فإن المرأة اخرجت الرجل من الجنة بشهوتها في أكل التفاحة وأطعمت زوجها بمساعدة صديقتها الأفعي، وبحسب الفلسفة أصبحت المرأة سجينة داخل تشبيه إنها رجل ناقص، وفي الفكر التنويري مع بدايته حرقت المرأة “الساحرة” علي الخوازيق حية، وتم حرق الفتيات امام أعين أمهاتهن، وأحيانا العكس حرقت النساء حية أمام أعين بناتهن. ومع تطور الحضارة وظهور الإبيستومولوجيات الفامينية، صانت تقييماً صحيحاً وفقاً للحاجة بدلاً من رؤوي ومفاهيم نظرية المعرفة الغربية المبنية علي أساس التعاكس والتضاد. وتنتقد الجنولوجيا النظريات التي لاتنتقد الليبرالية، وتولي أهمية للحداثة الرأسمالية، وتخضع عقل وذكاء المرأة لصلاحها مع المجتمع بينما تولي الجنولوجيا أولوية للناحية الاخلاقية للمعرفة، انطلاقاً من مفهوم أوجلان “الإنسان هو الأساس”. لذا وجب تنظيم انفسنا ووضع أطر من أجل حركة نسوية ديمقراطية ولتطوير إسلوب بحث يتوافق مع حقيقة المرأة لتكون داعمة في تطوير الأساليب مع التطور الاجتماعي. وأدي الانقطاع مابين الذكاء العاطفي والتحليلي لحالة من العجز وخسائر إنسانية  فادحة، فيما تنسب الجينولوجيا الذكاء العاطفي لكافية الاحياء ولم تقتصرها علي المرأة وحدها، وخلال الأعوام القليلة الماضية كانت الحركة النسوية ديناميكية تعمل تصفية المجتمعات المستعمرة البدائية من أشكال الحداثة الرأسمالية للوصول إلي جينولوجيا قوية. ورغم ذلك يري القائد أوجلان إن الفامينية هي بالكردية التعصب النسوي، ويعد ناقصاً للتعريف الكامل لقضايا المرأة بل يعد تعصب رجولي قد يدفعها للإنزلاق في نحو السوء وقد يخلق معني الخاضعة “الأمة”، لرجل مستبد بينما تستطيع حركة حرية المرأة والمساواة والديمقراطية المستندة إلي هذا العلم، استبدال تلك المفاهيم التي تحط من شأنها.


مناهضة سلطوية الجنسوية

بحسب أوجلان فإن إضفاء المعني علي الجنسوية كذهنية سلطوية منذ ظهور الهرمية يمكن أن تصبح الجنولوجيا انطلاقة أساسية. وعبر 5 ألاف سنة وضعت المرأة علي عتبات الطمس والإبادة فقد أفلست الجنسوية وهنا جاء دور الدعوة للجنولوجيا ليتم من خلالها الدفاع بقوة عن حقوق النساء وحمايتهن من الاستغلال، وفقاً للمبدأ القائل إن ماتم بناؤه بيد الإنسان يمكن تغيير أيضاً بيد الإنسان، بتحطيم الاستسلام الأيدولوجي المفروض علي المرأة، نحن بحاجة إلي ذهنية جديدة للرجل والمرأة علي حد سواء.


الخلاصة

نستخلص من هذا العلم إن النساء لسن فقط مساويات للرجل بل هن قدرة وطاقة جبارة يجب أن يؤمن بذواتهن ولكنهن وقعن فريسة لاستغلال سلطات عديدة منها الرأسمالية والسلطات السياسية التي جعلت منهن أداة لإنتاج الأبناء وتابعة للرجال. وسبقها كذلك قبل الحداثة حيث كانت الآلهة ضحية للذكور ممن رفعتهن إلي جوار عرشها وصلت لجرائم القتل للتخلص منهن والاستيلاء علي ملكهن، وتعلي ذلك ظهور الأديان التي حطت من شأن المرأة وحقرت من الجنس ومنحت للرجل سلطة عليهن باعتبارهن فقط للمتعة الجنسية وتابعات بل ورفيقة للأفعي سارت نحو شهوتها متنازلة عن إعمال العقل وأسقطت معها الرجل من الجنة وهكذا سلسلة من التفسيرات التي وضعتها موضع أقل وبحاجة للتقويم، حتي مع عصر الحداثة والتنوير جاء الفلسفات اعتبرتها ساحرات وطلب منهن الذكاء الاجتماعي. ليظهر علم الجنولوجيا يضعها في مقدمة الثوراتوحتي مع المطالبة بالذكاء الاجتماعي العاطفي طلب من الرجال والنساء استخدامه علي حد سواء،إن مكانة المرأة وحريتها يعول عليه لتغيير الشعوب وتخليصهم من الاستعمار ومقياس لتحضر وتقدم شعب ما.

المصادر “1”علم الجينولوجيا”

“2” مانفيستو حرية المرأة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى