منتدى آتون الثقافي يستضيف الشاعر والكاتب المجري الكبير دانييل لفانتى بال
في إطار أنشطته المستمرة لنشر ودعم الثقافة والإبداع، استضاف منتدى آتون الثقافي الشاعر والكاتب المجري الكبير دانييل لفانتى بال، الذي قدم رؤية شاملة حول المشهد الثقافي وحركة الترجمة بين دول وسط أوروبا والعالم العربي، بحضور نخبة من الكتاب والمترجمين والمثقفين وأساتذة جامعات، فيما تولى الترجمة الأستاذ الدكتور عبدالله النجار أستاذ اللغة المجرية وخبير الشئون الثقافية لدى الاتحاد الأوروبى.
وفي مستهل حديثه، أعرب دانييل لفانتى بال عن شكره لمركز آتون على استضافته ودعوته للحضور، وبمشاركة هذا العدد الكبير، لافتاً إلى أنه سيلقي محاضرة عن مشهد الترجمة والثقافة في وسط أوروبا مع مقارنة بما يجري في العالم العربي، وإن كانت هذه أمور تتطلب كتابات وأطروحات كثيرة، لكن سيتم التطرق إلى لمحات مختصرة.
العلاقات بين مصر والمجر
وتحدث بال عن العلاقات بين مصر والمجر، إذ قال إنها علاقات قديمة حيث كانتا الدولتان جزأين من الإمبراطورية الرومانية وكذلك الإمبراطورية العثمانية، معتبراً أنه من الأمور الفريدة أن الدولتين تختلفان كثيراً، لكن التاريخ يجمعهما كدولة واحدة باعتبارهما جزأين من الإمبراطوريتين السابقتين، ومن ثم فإن العلاقات تاريخية كبيرة حتى لو لم يجمعنا الاتصال الجغرافي حالياً.
وقال الكاتب المجري إن بلاده تعطي مئات المنح للطلاب المصريين الذين يأتون إلى المجر ويدرسون العديد من المجالات، علماً أن قلة قليلة تدرس في كليات الآداب، فيما أن غالبية الطلاب المصريين يدرسون في مجالات العلوم كالهندسة، مشيراً إلى أنه لفترة عمل مديراً لإحدى دور النشر التي حصل 6 من كتابها على جوائز نوبل، ولهذا فإنه دائماً على علاقة برؤساء الجامعات والكليات ولديهم سعادة بوجود الطلاب المصريين، فهم طلاب نابهين، هذا إلى جانب العلاقات الدبلوماسية والزيارات المتبادلة بين البلدين على مدار الأشهر الماضية.
أشار كذلك إلى أن فترة العصر الذهبي للعلاقات بين البلدين كانت الستينات والسبعينات، لكن بلا شك فإن السنوات الأخيرة يمكن إضافتها إلى هذا العصر، فضلاً عن العلاقات السياحية بين البلدين التي ساهمت في تعضيد هذه الروابط، مشيراً كذلك إلى مواجهات رياضية أبرزها هزيمة المنتخب الأولمبي المجري من نظيره المصري عام 1924 في أولمبياد باريس، ووصفت الجرائد وقتها الهزيمة بـ”الضربة القاضية من مصر”، كما أن الطلاب يدرسون في المرحل المبكرة الحضارة الفرعونية المصرية، التي لا يزال العالم يتعلم منها بما في ذلك المجريون.
الثقافة العربية في المجر
ويلفت بال إلى أن كثيراً من الكتاب المجريين حين كتبوا نسجوا أحداثاً رومانسية من وحي الخيال تدور في مصر، وهناك كثير من الكتب في هذا الإطار، موضحاً أن بداية دراية الشعب المجري بالكتابة العربية كانت مع نقل ألف ليلة وليلة وقد صدرت في 18 جزء بالمجر خلال ثلاثينيات القرن المنصرم، وقد حققت وقتها رواجاً ونجاحاً كبيراً، وذكر كذلك أنه في إحصاء آخر لا يوجد كاتب مجري على الإطلاق لم يقرأها أو لا يعرفها، على الأقل يكون قرأ نسخاً مبسطة منها.
وتحدث الكاتب والشاعر المجري عن وصول القرآن الكريم إلى المجر، حيث تمت ترجمته لأول مرة في القرن الـ 19، وهناك نسخة أو ترجمة ثانية كانت سنة 1947، والثالثة كانت في 1986، والأخيرة كانت الأكثر انتشاراً وذيوعاً في المجر حتى الآن، أما في عام 2010 صدرت الترجمة المجرية الرابعة للقرآن، أما الخامسة فكانت في 2020 وترجمتها جمعية المسلمين في المجر وقدمت شرحاً لمعاني القرآن ولم تكن مجرد ترجمة له فقط مثل النسخ السابقة.
وينوه إلى أن الترجمة كانت مستمرة للقرآن حتى أصبحنا أمام 5 نسخ، ما يعني أننا كنا أمام حالة تفاعل مستمر معه وكذلك مع الثقافة العربية، وهنا يتحدث عن شاعر كان مولده الإسكندرية وكان له تأثيره في الثقافة والشعر المجري، منوهاً إلى أن من كل 2 كتاب أو شعراء مجريين واحد على الأقل كتب عن هذا الشاعر الذي أصبح معلماً وجزءاً في المناهج الدراسية التي تدرس في بلاده.
واستعرض بال عدداً من الكتب التي جرى ترجمتها إلى المجرية، ويتحدث هنا عن الأديب العالمي نجيب محفوظ، مبدياً أسفه أنه لم تتم ترجمة إلا رواية واحدة له، مشيراً إلى أن الثقافة العربية والمصرية دائماً حاضرة في الأدب المجري، ويلفت إلى أن هناك انعكاساً للتأثير المصري كبير داخل بلاده وهناك شخصيات أخرى لها حضورها مثل يوسف إدريس وطه حسين، كما أن هناك أدباء وكتاب مجريين أصولهم مصريين.
تطرق بال كذلك إلى عديد من الموضوعات تتعلق بحركة الترجمة والعلاقات الثقافية بين المجر ووسط أوروبا والدول العربية، وقد أشاد الحضور بما جاء خلال هذا الحلقة والنقاش لا سيما وأن كثيراً من المعلومات جديدة على الأسماع، لا سيما تاريخ العلاقات المجرية المصرية وحركة انتقال الثقافة بين البلدين.