منتدى آتون الثقافي يناقش كتاب ”ثقب المفتاح لا يرى” للكاتبة والشاعرة سارة حواس
في إطار فعاليات المنتدى الثقافي بمركز آتون للدراسات السياسية، عقدت ندوة لمناقشة كتاب ”ثقب المفتاح لا يرى: عشرون شاعرة أمريكية حائزات على جائزتي نوبل وبوليتزر” للشاعرة والمترجمة والأكاديمية الدكتور سارة حواس، بحضور نخبة من الشعراء والمثقفين والأكاديميين والكتاب الصحفيين.
الكتاب الصادر عن بيت الحكمة للثقافة ناقشه الشاعر والكاتب الكبير أحمد الشهاوي الذي حرر وقدم للكتاب، إلى جانب الشاعر الكبير الدكتور أحمد نبوي أستاذ النقد الأدبي، وكان من بين أبرز الحضور الدكتور خالد توفيق أستاذ اللغويات والترجمة ورئيس قسم الترجمة التخصصية باللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة.
من هنا جاءت الفكرة
اُستهلت الندوة بحديث للشاعر أحمد الشهاوي عن الكتاب ”ثقب المفتاح لا يرى: عشرون شاعرة أمريكية حائزات على جائزتي نوبل وبوليتزر” ، موضحاً أنه أول كتاب للدكتورة سارة حواس، وقد أعقبه كتابان لها، أحدهما باللغة الإنجليزية، وقريباً سيصدر لها كتاباً جديداً هو الثالث تحت عنوان “ولاؤهم للروح”، ثم نقل الكلمة إلى المؤلفة.
تحدثت الدكتورة سارة حواس عن بداية اتجاهها نحو الترجمةـ موضحة أن الأمر بدأ معها بالصدفة، فقد كانت تحب الشعر، وتخصصت في اللغويات، ومن هنا اتجهت إلى اللغويات، فيما أتت ترجمة الشعر مصادفة، عبر بعض الترجمات على السوشيال ميديا، موضحة أن هذه الترجمات استوقفت الشاعر أحمد الشهاوي، الذي أرشدها إلى فكرة أن تقوم بالترجمة وتحويل ما تكتب إلى كتب.
وقد نصحها بأن يكون لها مسارها الخاص، ومن هنا جاء اختيار فكرة الكتاب، مشيرة إلى أنها قرأت عن 25 شاعرة من الحائزات على جائزة بوليتزر أو نوبل، واختارت 20 منهن، حيث تناولت كل واحدة والسمات الخاصة بكتاباتهن، وقد استمر العمل لنحو 5 أشهر لإنجازه، مشيرة إلى أنها لاحقاً ستتناول سيرة 20 شاعراً.
تذكر سارة حواس مصادفة غربية عن كتابها، تتعلق باختيارها الكتابة عن 20 شاعرة، وهنا واجهت بعض الانتقادات التي وصفتها بـ”الغربية”؛ لاتهامها بالانحياز للنساء، ولهذا جاءت إليها فكرة الكتاب القادم الذي يتناول سيرة 20 شاعراً أمريكياً، مؤكدة أن ترجمة الشعر قوت ملكة الشعر لديها لأبعد حد، لا سيما تجنبها “الحشو والشروحات الطويلة”، ما انعكس عليها في كتابتها للشعر.
استعرضت الدكتورة سارة حواس كذلك بعض القصائد التي ترجمتها لشاعرات ومنها قصيدة “أماكن” لماريا زاتورينسكا، وهي أمريكية من أصول روسية، وشعرها يتسم بالكلاسيكية والطابع الأوروبي القائم على الرومانسية الحالمة أكثر من الطابع الأمريكي للشعر. كما ألفت سارة حواس قصيدة لها كتبتها منذ نحو أسبوعين تحت عنوان “الشعر حياة ولعنة”، مشيرة إلى أنها أحبت كتابة هذه القصيدة عن الشعر؛ تأثراً بالشعراء الأمريكيين الذين يحبون الكتابة عن الشعر نفسه من منظورهم.
تنوع وثراء الكتاب
انتقلت الكلمة إلى الكاتب والشاعر الكبير الدكتور أحمد نبوي، واستهلها بالإعراب عن سعادته بهذا الكتاب على المستوى الشخصي والثقافي والإنساني؛ قائلاً إن وجه أمريكا بالنسبة لنا ليس محموداً، خاصة في الشرق الأوسط. في المقابل وتحديداً في الستينيات والسبعينات وما بعدها كان الوجه الروسي ناضراً بالثقافة، وأتى ذلك نتيجة الترجمة.
في المقابل، لم نكن نعرف عن الولايات المتحدة إلا الآلة والتطور المرتبط بها، بينما الشعر والأدب الأمريكي لم يكن يعرف عنه كثيرون، أو ربما لا يعرف عنه شيء إلا الخاصة، لا سيما أن كثيرين كانوا يعتقدون أن أمريكا لا يمكن أن تنتج أبداً شعرا وأدباً وثقافة في ظل تصدر الآلة للمشهد، منوهاً إلى أنه من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، الذي يمكن مع كتابات أخرى أن يكشف لنا بعض الجوانب الأمريكية.
أعرب نبوي كذلك عن شكره للشاعرة سارة حواس؛ كونها راعت التنوع في اختياراتها، فاختارت شاعرات يعبرن عن ثقافات متنوعة، لا سيما وأن بعضهن ينحدرن من أصول غير أمريكية، وقد حافظن على ثقافتهن وعبرن عن بعض معاناتهن نتيجة ذلك، خاصة الملونين، في ظل قناعات سائدة أن الرجل الأمريكي الأبيض يتفوق على غيره.
يقول أيضاً إن الكتاب راعى التنوع الفني واتسم بالثراء، فتنوع بين الكلاسيكية الأولى إلى أحدث أوجه الشعر. كذلك تنوعه فيما يتعلق بخلفيات الشاعرات وما اتسمت بها كتاباتهن من تنوع في مختلف فنون الشعر. توقف الدكتور أحمد نبوي كذلك عند مقدمة الكتاب، فيقول إن سارة حواس كتبتها بحب، وقدمت إجابات لكثير من الأسئلة حول الترجمة، كعمل به جزء من الإبداع، مشيداً كذلك بمقدمة الشاعر أحمد الشهاوي للكتاب، الذي وصفه بـ”المحفز للإبداع والجمال”.
يقول نبوي كذلك إنه لاحظ أن أغلب الشاعرات ولدن في نهاية القرن الـ19 وبداية القرن 20، وهي الفترة التي اشتدت فيها العنصرية بالولايات المتحدة تجاه الملونين والسود بشكل بشع. ولفت إلى أن الشاعرات المختارات في الكتاب عبرن عن ذلك، وبالتالي قدمن جانباً إنسانياً ظهر فيما تم ترجمته بالكتاب، وهذا أيضاً يساعد في التعرف على وجوه أمريكا والحياة فيها، لا سيما أن الأدب هو الذي يقدم صورة المجتمع.
وأشاد الدكتور أحمد نبوي كذلك بمقدرة الدكتورة سارة حواس فيما يتعلق بالترجمة؛ فلم تكن ترجمتها حرفية، وإنما تقمصت شخصية الشاعرات. كما اتسمت ترجمتها بالبحث عما وراء الكلمات لتقف على دلالاتها اللغوية وتشعباتها، ولذلك فقد كان لديها القدرة على نقل هذه الحالة، فهي تترجم ما وراء الكلمات. ويلفت كذلك إلى أنها كانت أمام تحد وهو كتابة كتاب مترجم لأول مرة، وقد تفوقت في ذلك.
وفي آخر ملاحظاته، توقف الدكتور أحمد نبوي كذلك عند عنوان الكتاب ”ثقب المفتاح لا يرى”، المأخوذ من إحدى القصائد، معتبراً أن العنوان يوحي وكأنها تقول إن هذه القصائد مجرد مفتاح لفتح أبواب الشاعرات اللواتي ترجمت لهن، وهنا سيجد القراء خلفهن زخماً إنسانياً كبيراً.
مراعاة البساطة والثقافة العربية
وعادت الكلمة مرة أخرى للشاعر أحمد الشهاوي ليقدم بعضاً من إشاراته وملاحظاته حول الكتاب، الذي كتب مقدمته، فقد توقف عند عديد من الأمور بشأنه، أولها فكرة الاختيار، باختيار الدكتورة سارة حواس لـ20 شاعرة، وقد اختارت الشاعرات الأكثر قرباً إليها على المستويين الثقافي والأكاديمي. كما أنها قرأت لكل شاعرة من 50 إلى 60 قصيدة ثم اختارت 3 لكل واحدة، منوهاً إلى أنها اختارت الأقرب إليها والأقرب للبيئة الثقافية العربية.
ويذكر الشهاوي أن سارة حواس انتصرت في اختياراتها للبساطة على ما عداها. كما أشاد بتوجهها نحو ترجمة الشعر، لا سيما أننا من الدول الأقل ترجمة للشعر الغربي، وبالتالي كان أمراً جيداً من الكاتبة أن تسلك ذلك، خصوصاً وأنها متخصصة في الأدب الإنجليزي، في وقت لا يذهب كثير من الأكاديميين إلى الترجمة.
ويلفت كذلك إلى أن الترجمات تناولت شاعرات جرى الترجمة لهن من قبل إلى اللغة العربية، وأسماء أخرى لم تتم الترجمة لهن إلى العربية من قبل، موضحاً أن هذا يساعد في معرفة الكثير من الشاعرات والقراءة عنهن. ويلفت الشهاوي كذلك إلى أن الكتاب يحمل ميزة لمن يكتب القصة والرواية، فسيرة الشاعرات ملهمة لأصحاب المشروعات الروائية والقصيرة، لأن عدداً منهن انتحرن، كما أن لكل واحدة منهن قصة مختلفة.
يلفت الشاعر أحمد الشهاوي كذلك إلى أن هذا الكتاب لم يأت مصادفة، وإنما جاء نتاجاً لجهد وتعب كبيرين، كأول كتاب لها، مشيراً إلى أنه قد صدرت طبعتان من الكتاب، وهذا لا يحدث كثيراً، فغالباً لا تكون هناك طبعة ثانية للشعر في مصر، لكن أن يحدث ذلك ويكون الأمر متعلقة بترجمة، فهذا أمر مختلف ويجب الإشارة إليها.