شهد عام 2024 تصاعدًا غير مسبوق في عدد الحروب والصراعات العسكرية حول العالم، حيث بلغ العدد الإجمالي نحو 56 صراعًا، وهو الرقم الأكبر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. ويعكس هذا التصعيد تزايد الطلب على الأسلحة وحجم الأموال المتداولة في سوقها خلال هذا العام، حيث ارتفعت تجارة الأسلحة العالمية في عام 2024 لتبلغ قيمة المبيعات حوالي 632 مليار دولار، وفقًا لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
على سبيل المثال، وثقت منظمة العفو الدولية استخدام أسلحة مصنعة في الولايات المتحدة في عدد من الغارات الجوية، بما في ذلك ذخائر الهجوم المباشر المشترك المصنوعة في الولايات المتحدة (JDAM) في غارتين جويتين قاتلتين على منازل في قطاع غزة المحتل، بجانب استخدام قنبلة صغيرة القطر من طراز GBU-39، التي صنعتها شركة بوينج في الولايات المتحدة، في غارة إسرائيلية في يناير 2024 أصابت منزلًا عائليًا في منطقة تل السلطان في رفح، مما أسفر عن مقتل 18 مدنياً، بينهم 10 أطفال وأربعة رجال وأربع نساء.
تأجج تجارة الأسلحة في السودان
كما أدت عمليات نقل الأسلحة غير القانونية إلى تأجيج الاضطرابات في السودان. منذ تصعيد الصراع في أبريل 2023، غرق السودان في أزمة حقوق إنسان وإنسانية هائلة. لقد أسفرت المعارك الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحلفائها عن مقتل أكثر من 16650 شخصاً وتشريد الملايين من الناس، مما جعل السودان يشهد أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.
وعلى الرغم من هذه الأزمة، وحظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على منطقة دارفور، تواصل منظمة العفو الدولية توثيق تدفقات كبيرة من الأسلحة إلى الصراع. وقد حددت منظمة العفو الدولية أسلحة ومعدات عسكرية تم تصنيعها مؤخراً من دول مثل الصين وصربيا، وهما طرفان في معاهدة تجارة الأسلحة، وتركيا والإمارات العربية المتحدة، والتي يتم استيرادها بكميات كبيرة إلى السودان، ثم يتم تحويلها في بعض الحالات إلى دارفور، مما يغذي العنف.
أبرز الحروب والصراعات في 2024:
- الحرب في أوكرانيا: استمرت كأحد أكبر النزاعات العالمية، مدعومة بتدخلات مباشرة وغير مباشرة من دول كبرى.
- النزاعات في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا: شهدت هذه المناطق توترات شديدة، مع زيادة حدة العنف واستمرار التدهور الإنساني.
- الحروب في أفريقيا:
- السودان: اشتباكات عنيفة مع تفاقم الأزمة السياسية.
- إثيوبيا: استمرار النزاعات العرقية والسياسية.
- ليبيا: الحرب المستمرة مع تعقيدات التدخلات الخارجية.
- الصومال: تصاعد الصراعات مع الجيران والجماعات المسلحة.
- النزاعات في آسيا:
- ميانمار: حرب أهلية متفاقمة.
- تايوان والفلبين والصين: مناوشات بحرية وبرية تزيد من التوتر في المنطقة.
التدويل المتزايد للصراعات:
تشير التقارير الصادرة عن مراكز الدراسات العسكرية العالمية إلى أن الصراعات أصبحت أكثر تعقيدًا وتشابكًا دوليًا، حيث تشارك 92 دولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذه الحروب. يشمل هذا الدعم العسكري واللوجستي، وتمويل المليشيات، أو الانخراط في حروب بالوكالة، مما يساهم في زيادة شدة واستدامة هذه الصراعات.
هذا الواقع يفسر القفزات الكبيرة في عائدات شركات الأسلحة عالميًا، مع سعي الدول إلى تعزيز ترساناتها العسكرية لمواجهة التحديات الناشئة أو دعم حلفائها في هذه النزاعات المتعددة.
ارتفاع عائدات منتجي الأسلحة في العالم
شهدت جميع المناطق زيادات في عائدات الأسلحة، مع ارتفاعات حادة بشكل خاص بين الشركات التي تتخذ من روسيا والشرق الأوسط مقرًا لها. وبشكل عام، كانت الشركات الأصغر أكثر كفاءة في الاستجابة للطلب الجديد المرتبط بالحروب في غزة وأوكرانيا، والتوترات المتصاعدة في شرق آسيا، وبرامج إعادة التسلح في أماكن أخرى.
زيادة في الإنتاج لتلبية الطلب
في عام 2024، قامت العديد من شركات إنتاج الأسلحة بزيادة إنتاجها استجابةً للطلب المتزايد. وارتفعت عائدات الأسلحة لأكبر 100 شركة بعد انخفاضها في عام 2023. زادت عائدات الأسلحة لنحو ثلاثة أرباع هذه الشركات على أساس سنوي، مع زيادة واضحة في العائدات بين الشركات الأصغر ضمن القائمة.
الشركات الأمريكية تواجه تحديات إنتاجية
حققت 41 شركة من أصل أكبر 100 شركة في الولايات المتحدة عائدات بلغت 317 مليار دولار، وهو ما يمثل نصف إجمالي عائدات القائمة وزيادة بنسبة 2.5% عن عام 2022. ولكن شركتي لوكهيد مارتن وRTX، الأكبر عالميًا، سجلتا انخفاضًا في العائدات.
الصناعة الأوروبية تتأخر في النمو
بلغت عائدات 27 شركة أوروبية (باستثناء روسيا) 133 مليار دولار، بزيادة طفيفة بنسبة 0.2% مقارنة بعام 2022. وتعمل الشركات المنتجة لأنظمة الأسلحة المعقدة على عقود قديمة، مما يفسر النمو البطيء رغم الزيادة في الطلب.
الزيادة الحادة في عائدات الشركات الروسية
ارتفعت عائدات شركتي الأسلحة الروسية المدرجتين بنسبة 40% لتصل إلى 25.5 مليار دولار، حيث سجلت شركة “روستيك” زيادة بنسبة 49%.
نمو قوي للشركات الآسيوية والشرق أوسطية
- زادت عائدات الشركات الكورية الجنوبية بنسبة 39% لتصل إلى 11 مليار دولار.
- زادت عائدات الشركات اليابانية بنسبة 35% لتصل إلى 10 مليارات دولار.
- نمت عائدات الشركات الشرق أوسطية بنسبة 18% لتصل إلى 19.6 مليار دولار، مع تحقيق الشركات الإسرائيلية أرقامًا قياسية نتيجة الحرب في غزة.
تطورات أخرى ملحوظة
- سجلت الشركات الصينية أبطأ نمو منذ عام 2019 بنسبة 0.7%.
- زادت عائدات الشركات الهندية بنسبة 5.8% لتصل إلى 6.7 مليار دولار.
- زادت عائدات شركة Baykar التركية بنسبة 25% إلى 1.9 مليار دولار بفضل صادراتها للطائرات المسيّرة.