
في إطار فعالياته لدعم الثقافة والوعي والارتقاء بهما، نظم منتدى آتون الثقافي ندوة لمناقشة كتاب “توفيق الدقن .. العبقري المظلوم حياً وميتاً” والذي أصدره مؤخراً الكاتب الصحفي رشدي الدقن، وهو نجل شقيق الفنان الراحل، متناولاً حياة أحد أبرز أساطير الفن المصري على مدار تاريخه.
وضمت المنصة الرئيسية للمتحدثين بطبيعة الحال الكاتب الصحفي رشدي الدقن مؤلف الكتاب، وعلى جانبيه المستشار ماضي توفيق نجل الفنان توفيق الدقن، والأستاذ حنان فتحي نجلة شقيقة الفنان الراحل، فيما شهدت الندوة حضوراً واسعاً لعدد من أبناء الفنانين، مثل أشرف حسن نجل الفنان الراحل حسن البارودي وفاطمة حسين نجلة الفنان الراحل حسين رياض.
وحظت الندوة بحضور واسع لعدد كبير من المثقفين والكتاب والصحفيين والشخصيات العامة، مثل الكاتب الصحفي أحمد ناجي قمحة رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، والكاتب الصحفي أشرف عبدالشافي، والكاتب الصحفي إبراهيم داوود، والكاتب الصحفي عبد الجواد أبوكب، والكاتب الصحفي عبد الوهاب داوود، والكاتب الصحفي عبد الجليل الشرنوبى.
فكرة الكتاب
بدأت الكلمة من من الكاتب الصحفي رشدي الدقن مؤلف كتاب “توفيق الدقن .. العبقري المظلوم حياً وميتاً”، وقد أعرب عن شكره لمركز آتون على تنظيم هذا النقاش، وكذلك الشكر لكل من لبوا الدعوة للحضور، مؤكداً أن المعلومات التي وردت في الكتاب “موثقة بنسبة 100%”، مستنداً فيها إلى المستشار ماضي توفيق نجل الفنان الراحل، مشيراً إلى أن كثيراً من الجوانب الإنسانية استقاها من نجلة شقيقة الفنان الراحل، مثل علاقته بأسرته والقطط التي كان يربيها والببغاء الخاص به.
ويلفت “الدقن” إلى أن هذا الكتاب “عائلي جداً”، لكنه يحمل رصداً في الوقت ذاته للحياة السياسية والاجتماعية في مصر من فترة الثلاثينيات تقريباً وحتى آخر الثمانينيات، أي حتى وفاة الفنان توفيق الدقن، موضحاً أن الكتاب لم يستغرق في كتابته الفعلية سوى 10 أيام، إلا أنه استغرق نحو عامين في عملية جمع المعلومات وتدقيقها؛ لأن حياة الفنان توفيق الدقن كانت مليئة بكثير من المغالطات حولها، ومن هنا جاء اسم الكتاب “العبقري المظلوم حياً وميتاً”.
ويقول الدقن إن توفيق الدقن ظلم حياً ولكن ليس على المسرح فقد شارك مع أسماء كبيرة مثل حسن البارودي وعبدالله غيث وسميحة أيوب وهذا الجيل العظيم، لكنه ظلم في السينما إلى حد كبير، رغم ما قدم من أدوار وشخصيات، متطرقاً إلى “الإفيهات” التي تميز بها الفنان الرحل، والتي كانت صناعة خاصة منه، مثل جملته الشهيرة “يا آه يا آه” التي التقطها من بلطجي في شارع عماد الدين وقام بتوظيفها.
مفارقات في حياة توفيق الدقن
ثم يكشف رشدي الدقن عن بعض المفارقات في حياة الفنان الراحل، فيقول إنه كان صريحاً للغاية، مثل حديثه عن الفترة التي كان يتناول فيها الخمور وكيف أثرت عليه، لكن يعود ويتركها ويلتزم، لدرجة أن الفنانة سميحة أيوب تركت له المسرح القومي ليديره خلال سفر لها، وكان في منتهى الالتزام، وكان متديناً وحفظ القرآن في طفلوته لدرجة أن أقاربه كانوا يطلقون عليه “الشيخ توفيق”.
ويكشف مؤلف الكتاب كذلك عن أن توفيق الدقن كان في طفولته يتم التعامل معه بشكل أكبر من عمره الحقيقي بنحو 3 سنوات، لأنه عاش بما يمكن تسميته “بدل فاقد”، حيث أن والده كان لديه طفلاً اسمه توفيق لكنه مات ولم يستخرج له شهادة وفاة، فقرر أن المولود الجديد يحمل نفس الاسم ونفس شهادة الميلاد، وكان أصغر من الراحل بـ 3 سنوات.
ويقول إن القدر كان له دوراً مهماً في حياة توفيق الدقن، أولها التعامل معه أكبر من عمره 3 سنوات، كما أنه كان صاحب صوت جميل، وعرض عليه في فترة من الفترات مبلغاً كبيراً للغناء في الكباريهات لكنه رفض، وكانت العائلة تعتبره شخصاً مبروكاً، لدرجة أنه كان يرشدهم على الأشياء التي كانت يفقدونها.
كان يرغب في كتاب عن مسيرته
يكشف كذلك الكاتب رشدي الدقن أن فكرة الكتاب كان صاحبها من الأساس الفنان توفيق الدقن، وكان من المفترض أن تكتبه نجلته الراحلة هالة، ويوضح أنه طلب منها أن تكتب عنه كتاباً مثلما كتبت نجلة جورج أبيض كتاباً عن والدها، مشيراً إلى أن الفنان الراحل كتب عدداً من الورقات بخط يده أظهرت بعض الجوانب عن حياته في الريف، ومنها واقعة اتهامه بالقتل وعمره 12 سنة، وهي واقعة لم يعلم عنها أحد.
ويلفت إلى أن الأستاذة هالة لأسباب مختلفة لم تنجز الكتاب، فأخبره بذلك المستشار ماضي توفيق نجل الفنان الراحل، وهنا يقول رشدي الدقن إنه قد شعر بأن هذا تكليفاً له، خصوصاً أنه كان هناك تفكير من قبله في عمل درامي عن توفيق الدقن، وكان الفنان الراحل طارق عبدالعزيز يستعد لهذا العمل، ومن ثم رأي أن عليه المضي قدماً في هذا الكتاب.
ويحكي “الدقن” أنه أثناء كتابته للكتاب كان يشعر دائماً وكأن الفنان توفيق الدقن معه، لدرجة أنه عندما يغفو يراه، كما كان يراه حزيناً عندنا يكتب موقفاً صعباً في حياة الفنان الراحل، أو مبتسماً عندما يكتب موقفاً سعيداً، ويشير إلى أنه كان يهيئ له خلال كتابته أن الفنان توفيق الدقن هو من كان يلقنه ما كان يكتبه، وأنه سعيد بكتابة هذا الكتاب.
والدة توفيق الدقن وأثرها في حياته
انتقلت الكلمة إلى الأستاذة هناء فتحي وهي نجلة شقيقة الفنان الراحل توفيق الدقن، والتي تحدثت عن والدته ذكية الدقي التي كان لها تأثيراً كبيراً في حياته، وكانت الدافع الكبير له، لدرجة أنها كانت تقول له “أنا عايزاك تكون محمود المليجي”، وكانت سعيدة به للغاية ودخوله الفن، وكانت فخورة به، وتحضر لتقيم أعماله.
وتقول إنها كانت أماً رائعة، وحافظت على خصوصيته، وتركت له غرفة بمفرده، وأعطته مساحة ليفكر ويبدع، وكانت تتابع أفلامه ومسرحياته دون معرفته لتقيمها، وكانت تتحدث عنه بشكل إيجابي، نافية صحة أي معلومات مغلوطة تقول عكس هذه الحقيقة.
ليست “إفيهات فقط”
بدوره، يقول المستشار ماضي توفيق نجل الفنان الراحل إن اختزال مسيرة والده في مجرد “الإفيهات” فقط نوع من الظلم له، لأن ما بقى من توفيق الدقن ليس مجرد “إفيهات” فقط، وإنما أعمال كبيرة، بمشاركة فنانين كبار وعظام، وكان حريصاً على إيصال كثير من الرسائل عبر الأعمال التي يقوم بها.
ويؤكد أن والده لم يكن مقلداً فقط، وإنما كان يطور ما يراه في الواقع، معرباً عن شكره للكاتب رشدي الدقن على إنجاز هذا الكتاب، قائلاً إن وجود كتاب بعد كل هذه السنوات من وفاة والده أمر جيد، وجاء في وقت ربما أبناء الفنانين يرغبون في تسليط الضوء على سيرة آبائهم وتكريمهم، وكشف الكثير من المغالطات حول حياتهم.