ندوات

“القلب وسنينه”.. ياسمين الخطيب تحاور جمال شعبان في منتدى آتون الثقافي

أمسية ذات طابع مختلف احتضنها منتدى آتون الثقافي، حيث استضاف فيها الدكتور جمال شعبان عميد معهد القلب السابق حول كل مايتعلق بالقلب، من تأثيرات الحزن والفرح، والعلاقات العاطفية، حتى أحدث علاجات أمراض القلب وسبل الوقاية منها، اللقاء الذي أدارته الإعلامية الكبيرة ياسمين الخطيب.

وفي مستهل تقديمها، أعربت الإعلامية ياسمين الخطيب عن سعادتها لتقديم هذه الندوة ذات الطابع المتميز، مقدمة التحية للحضور الكريم، موضحة أنه سيجري الحديث عن الحب لكن بالعلم، والقلب لكن بالعلم، مشيرة إلى أن الدكتور جمال شعبان يمسك بين الحسناويين فيمارس الطب بمشرطه وفي نفس الوقت يكتب الشعر.

ولفتت إلى أننا أمام أحد أهم أخصائيين القلب في العالم، لكنه لمع من خلال علاقته مع الناس، وظهوره عبر منصات التواصل الاجتماعي يتحدث عن هموم الناس، وما يواجه الوطن، وهو رجل اتسم بالتواضع فلم تزده المناصب والألقاب إلا تواضعاً، وقد كان له تحربة عظيمة في إدارة معهد القلب، مؤكدة ما يتمتع به من نبل وإنسانية.

القلب وعظمة الله

وبعد تقديم التحية للحضور ولمركز أتون، بدأ الدكتور جمال شعبان بالتمعن في عظمة الله عز وجل حين خلق الإنسان، ووضع هذه المضغة الصغيرة التي بها سر الوجود، هذا القلب الصغير أو المضعة الصغيرة وزنه للإنسان البالغ لا يزيد على 300 جرام وقد يصل إلى 1000 جرام، ومع ذلك عنده القدرة على تغذية 30 ألف مليار خلية من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين.

ويلفت إلى أن القلب الجزء الوحيد من جسم الإنسان الذي لا يستريح ولا يتوقف، فلو توقف لثوان معدودة لربما غادر الإنسان الحياة، فكتب علي القلب أن يعمل ليلاً ونهاراً، فقد جبلت عضلة القلب وفطرت على أنها ليس لديها خاصية التعب، ويظل القلب ينقبض وينبسط ويعمل على مدار الساعة، بمعدل 3 آلاف مليون دقة لكل إنسان يعيش في المتوسط 70 سنة، أي في اليوم الواحد 100 ألف دون توقف، فالقلب يتمتع بخاصية أوتوماتيكية، والمهام عليه جسيمة.

مخ القلب

ويقول الدكتور جمال شعبان إن العقل والقلب بينهما تفاهم لإدارة هذا الجسم، فيهيمن العقل على أمور والقلب على أمور ولا يتنافسان معاً، وهناك إيمان أن القلب صاحب ملفات الخوف والحب والكراهية، لكن في رأيه أن القلب يفكر أيضاً ويشعر، فلديه مخ داخلي مكون من 40 ألف خلية عصبية كاملة النضج والنمو والتكوين، بينما لا يحتاج القلب ليعمل مع المخ غير ليفة عصبية، وهذا الكم من الخلايا بمثابة عقل داخلي.

ويوضح أن هناك دلائل وتجارب تقول إن هناك مخاً داخلياً في القلب، وهو ما ظهر بعد عمليات زراعة القلوب، وما كان يقال إنه حديث نظري أصبح حقيقة، ويدلل هنا بزوجة رجل الأعمال الراحل أحمد بهجت الذي أجرى عملية زراعة قلب ونقل له قلب شاب عمره 21 سنة، إذ تقول زوجته إنها عاد إليها عاد كشخص آخر؛ فبعد أن كان كثير التعبير عن حبه لها قبل العملية، شعرت أنه يكرهها، بل وأخذ نحو 6 سنوات حتى عاد كما كان.

يدلل كذلك على أن شخصاً أمريكياً كان فظاً غليظ القلب وبعد نقل قلب له تغير تماماً، وأصبح يقرأ الشعر ويحاول عزف الموسيقى، وقد تفاجأت بذلك زوجته، لكنها تعرف أن السبب في ذلك أنه قد نقل إليه قلب شاب يحب الموسيقى والفن، وهنا يشير إلى أن المجال المغناطيسي للقلب أكبر من العقل، وكذلك فإن ذاكرة القلب تسبق ذاكرة المخ، بدليل أن الشخص عندما يرى آخر فإن رسائل القلب تعمل على الفور.

القلب المكسور

وسألت الإعلامية ياسمين الخطيب الدكتور جمال شعبان حول ما يشاع بأن “القلب لو سيطر في أي علاقة أصبحت فاشلة والعكس لو سيطر العقل، أي هل العقل مسؤول عن حماقاتنا اللذيذة”، فيجيب إنه إلى حد ما لأن القلب يسبق المخ كثيراً، فذاكرة القلب أسبق، ورسائل القلب أسرع، فالقلب عضو متحرك ومتقلب، لافتاً إلى أنه صحيح أن القلب يدق سريعاً وبطيئاً عندما يرى شخصاً ما.

ويوضح أن الذين يواجهون صدمة عاطفية نجد أن جهازهم العصبي يعمل بشكل غير طبيعي كما لو كان عاصفة، ويفرز كمية أدرينالين كبيرة للغاية، وهذه الكمية من الأدرينالين تكسر القلب، وبالتالي كسر القلب أمر علمي، ليس كسراً كما تكسر العظام، وإنما عبارة عن هموم وحزن، فهو كسر معنوي، وهناك من لا يتحملون هذه الصدمات.

ويذكر جمال شعبان أن شاباً عندما تم إبلاغه بنتيجة الثانوية العامة سقط ميتاً نتيجة انكسار القلب المفاجيء، وهذا نتيجة الصدمة التي يستتبعها ارتفاع معدل إفراز الأدرينالين بشكل كبير، ما يؤدي إلى تقلص في الشرايين ثم هبوط حاد في الدورة الدموية، منوهاً إلى أن نحو 20% يموتون نتيجة أخبار صادمة، وخاصة بين السيدات لأنهن أكثر حساسية، وهذا بشكل علمي، فمستقبلات الوجع في قلب السيدات ضعف الرجل.

ويقول إن السيدة المصرية تقول لها أمها وحماتها إن الرجل يريدك “عفية وقوية”، ولهذا تأتي إليه حالات قلب متأخرة، نتيجة الإهمال أو كتم الإحساس بالوجع، لكنه يقول إن هذا ليس ضعفاً لدى المرأو، بل قوة روحية وحساسية زائدة، وهنا أدعو إلى الرفق بالنساء “رفقاً بالقوارير”.

الحزن المكبوت

تحدث الدكتور جمال شعبان كذلك حول مقولة إن شخصاً ما “واخد كل حاجة على قلبه”، وأكد أن هذا تعبير عبقري؛ فالحزن المكبوت الذي لا يتم التعبير عنه يتعب القلب، بدليل سيدنا يعقوب الذي أبيضت عيناه من الحزن والضغط، وهو كظيم أي أنه لا يتكلم عماد بداخله بعد أن رأى دم ابنه على القميص في وقت لديه إيمان بأنه على قيد الحياة، لكنه لا يستطيع الحديث، ولهذا أدعو الناس إلى “الفضفضة”، ولكن مع اختيار الشخص المناسب.

ويؤكد أن الأشخاص السعداء في حياتهم الزوجية أقل إصابة بأمراض القلب، وهذا ليس كلاماً نظرياً؛ فجمعية القلب الأمريكية وضعت ضمن عوامل الخطورة على القلب طول فترة العزوبية، والتعاسة الزوجية، مشيراً أيضاً إلى أن العناق يخفف من التوتر والقلق، فالإنسان إذا التقى إنساناً يسعده يفرز 4 هرمونات تجعل الإنسان يشعر بالسعادة والراحة، معتبراً أن السعادة “كيمياء وقرار”.

الحب الجارف بين العقل والقلب

هل الحب له وحدة لقياس مداه ودرجته؟ سؤال آخر أجاب عليه الدكتور جمال شعبان، وهنا أبدى تحفظه على مفهوم الحب بهذه الطريقة، فالزوجة هي المودة والرحمة وليس الحب الشهواني، ويحكي أن شخصاً كان يريد تطليق زوجته بعد أسبوعين فقط من الزواج، رغم أن جمعتهما علاقة حب 4 سنوات خلال فترة الجامعة، وكأن حبه أنه كان يريد الوصول إليها، فالناس مولعة بما لم تذق كما يقول ابن المقفع.

وسألت ياسمين الخطيب: “ألا يكون الحب القائم على الجنون هذا سبب السعادة للقلب؟”، فيجيب جمال شعبان أن المشاعر الحادة والمتغيرة تعطي القلب سعادة مؤقتة، أما الحب إذا تعمق وارتبط بالمخ في تكوين أسرة وأولاد وطموحات وأهداف مشتركة، فإن الحب هنا أقوى، معرباً عن اعتقاده أن 99% من الحب الجامح يكون شغفاً وليس حباً، مثل شغف الوصول لسيدة ما أو لمسها.

ويضيف أن صاحب الحب الجامح أو الشغف بمجرد الوصول إلى هدفه ينتهي 90% من أسباب حبه، ويتبقى 10% تتمثل في جمال هذه المرأة وأخلاقها وأهلها الطيبين، يمكنه هنا أن يكمل، لكن إذا غابت النسبة الأخيرة تكون النهاية الطلاق وهذا يحدث قليلاً، مبدياً اتفاقه في الرأي القائم على أن سيطرة العقل على شغف القلب تؤدي إلى استمرار الحياة ونجاحها.

الحب الحقيقي والحب المزيف

عن الحب الحقيقي والحب المزيف، يقول الدكتور جمال شعبان إن الحب كله يبدأ حقيقياً بشكل لا إرادي دون أسباب، فالحب فعل قلبي لا منطقي، والقلب لا يخضع للعقل والمنطق، وعندما يريد الطرف الآخر تحويل الحب إلا حب عقلي عادة ما يحدث هنا الطلاق، لأن العيوب في وجهة نظر الطرف الآخر تبدأ في الظهور، ولن يعد يرى الجمال الذي كان يراه.

يقول جمال شعبان إن مشكلة كثير من المراهقين أنهم يمثلون على بعضهم البعض في الحب، وهنا يصعب التعرف على أن شخص ما يمثل، ولن يتعرف على ذلك إلا بعد الزواج، وبعد انتهاء الشغف، وهنا على المرأة أن تتسم الذكاء وتستمر في أن تريه الشكل الجميل الذي كان يراه، وأن تستمر في صفاتها الحلوة، منتقداً تركيز البعض على العيوب في مثل هذه الفترة.

الحب من طرف واحد

وتطرق الدكتور جمال شعبان إلى كثير من الأمور المتعلقة بالقلب والحديث عن الحب، مثل الحديث عن “الحب من طرف واحد” معتبراً أنه أمر وهمي وهوس وحب وهمي، أما عن الحب الذي يستمر مثلاً بعد وفاة أحد الطرفين فيقول إنه نوع من الوفاء، وهذا أمر جيد لكن الإنسان ينسى مع الوقت، حتى لو كانت أول تجربة من الحب لها رونقها وشغفها.

ويقول إيضاً إن القلب لديه “بطارية طبيعية” تغذي القلب بالكهرباء، مشيراً إلى أنه قام بزرع بطارية لأحد الفنانين ويتم مراجعة وضعها كل 6 شهور، مشيراً إلى أنه أجرى أول عملية بطارية ثنائية في معهد القلب على يده سنة 1994 أو 1995، وهو أول من زرع بطارية ثلاثية وكذلك أول بطارية سداسية، مشيراً إلى أن هناك بطاريات تنعش القلب.

وفي سياق حديثه، دعا الدكتور جمال شعبان إلى ترشيح الدكتور مجدي يعقوب إلى جائزة نوبل، بعد أن قاد إنجازاً طبياً غير مسبوق ويعد الأول من نوعه فى العالم، بتكوين صمامات قلب طبيعية تدوم طول العمر بدلاً من الاستبدال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى