المستقبل السوري: رؤية استراتيجية نحو الاستقرار الشامل والتنمية المستدامة
الباحث السياسي/ محمد صابر

تمر سوريا بمرحلة حرجة من تاريخها، حيث تبرز تحديات معقدة على مختلف الأصعدة الإستراتيجية، نتيجة الصراع والنزاعات الداخلية الخارجية التي استمرت قرابة 14 عام. تتجلى آثار هذه الفترة في تراجع الثقة بين فئات المجتمع السوري والحاجة إلى بناء المؤسسات السيادية، وانتشار الفوضى الأمنية في مناطق عدة. وقد أثرت المراحل والتجارب السابقة في رسم ملامح الواقع الذي يجعل الطريق نحو الاستقرار والتنمية محفوفًا بالمخاطر والتحديات. ومع ذلك، يتضمن هذا الوضع فرصة لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة ترتكز على العدالة ومشاركة كافة مكونات الشعب في صنع القرار، مما يستدعي الحاجة إلى تبني رؤية استراتيجية متكاملة تسعى إلى تحقيق تحول حقيقي في كافة المجالات الحيوية.
ففي ظل هذه الظروف القائمة، أصبح من الضروري إعادة النظر في نماذج الحكم والتنمية لتلبية تطلعات الشعب السوري الذي عانى لسنوات في انتظار الحياة الكريمة والاستقرار. التحديات السياسية المتمثلة في الانقسامات الداخلية وتدخلات وأطماع القوى الخارجية تفرض إعادة بناء نظام سياسي ديمقراطي قادر على أن يشمل كافة المكونات ويدعم إرساء قواعد سيادة القانون. مع العمل على استعادة سلطة الدولة في كافة مناطقها وإنهاء تفكك الأجهزة الأمنية، مع ضمان احترام حقوق الإنسان وتعزيز الثقة المتبادلة.
ولذلك هناك حاجة ملحة إلى الإصلاح السياسي الجذري، وبناء مؤسسات أمنية حديثة، مع تنمية اقتصادية متوازنة ترتكو على العدالة الاجتماعية. فإعادة البناء الوطني لن تتم إلا من خلال استراتيجية متكاملة تجمع بين الإصلاح السياسي والأمني والتنمية الافتصادية والاجتماعية، بما يتيح إمكان خلق بيئة مستقرة وآمنة تدعم عملية الانتقال السياسي الحقيقي وتضمن استدامة الإنجازات.
ويسعى هذا التحليل إلى تقديم دراسة متعمقة للواقع السوري المستقبلي من خلال تقديم رؤية شاملة لإعادة بناء الدولة على مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد، مع إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والإصلاح الشامل في مواجهة التحديات التنموية، والقضايا الأساسية التي ينبغي معالجتها لتحقيق تحول حقيقي مستدام.
أولًا/ المحور السياسي والأمني:
يشكل الإصلاح السياسي حجر الزاوية في إعادة بناء سوريا وإرساء أسس الحكم الديمقراطي المنشود بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوري. وتحتاج الدولة إلى وضع دستور جديد يضمن تمثيل كافة المكونات الاجتماعية والسياسية، ويعكس إرادة شعبية في اختيار المستقبل السوري بحرية وعدالة. يتطلب ذلك عملية حوار وطني شاملة تضم كافة الأطراف السياسية، وتوافر الدعم الدولي فنيًا في ضمان الشفافية والمصداقية بالمرحلة الانتقالية.
فلا يقتصر بناء المؤسسات الديمقراطية القوية على صياغة الوثائق القانونية فقط، بل يمتد إلى تعزيز ثقافة المواطنة والمسؤولية الجماعية، مع تطوير آليات خاصة للرقابة والمساءلة بما يحول دون تكرار التجارب السابقة. حيث يتطلب إصلاح النظام السياسي جهودًا متكاملة لإعادة بناء الثقة بين الحكومة والشعب، مما يمهد الطريق لتحقيق تحول ملموس في المشهد السياسي السوري.
يجب أن يتضمن الإصلاح إعادة هيكلة الأجهزة الحكومية لضمان صياغتها بصورة أكثر كفاءة وشفافية، مع تعزيز استقلال السلطة القضائية والوسائل الإعلامية لضمان دور الرقابة المستقل عن السلطة. يشكل ذلك المسار خطوة ضرورية نحو إنهاء ظاهرة المحسوبية والتعيينات الأحادية التي تقوض مبادئ العدالة وضمان المساواة بين كفة المكونات الاجتماعية والسياسية. إضافًة إلى ذلك، يجب أن يتم إشراك القوى المدنية ومنظمات المجتمع المدني في عملية صنع القرار، بما يعزز شعور المملوكية الوطنية لتحفيز المشاركة الشعبية الفاعلة. حيث يضمن تبني نهج شامل في الإصلاح السياسي، أن تخطو سوريا خطوات حاسمة نحو تحقيق الاستقرار السياسي وبناء دولة قانونية تضمن حقوق الجميع.
ويمثل البعد الأمني أحد المحاور الرئيسية في إطار التحول الشامل الذي تحتاجه سوريا لاستعادة سيادتها والحكم الفعال، نظرًا لكون السلطة على كامل الأراضي السورية تتطلب إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية وتحديثها لتكون قادرة على مواجهة كافة التحديات على المستويين المحلي والدولي. وفي سبيل تحقيق هذه الغاية لابد من اعتماد آليات تدريبية جديدة تستند إلى مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان، مع توافر بيئة عمل تضمن الكفاءة والاحترافية، لأن هذا البعد يتضمن الخطوات الأساسية لإنهاء حالة الفوضى التي تسببت بها النزاعات المسلحة، وإعادة الثقة للمواطنين الذين عانوا من تداعيات مختلفة نتجت عن الممارسات العنيفة والفوضى المستمرة. ولذلك يجب توفير آليات أيضًا لمراقبة وتقييم أداء الأجهزة الأمنية بشكل دوري لضمان عدم انحرافها عن المسار المطلوب.
وفي هذا السياق من الضروري أن تقوم الدولة بدمج العناصر المقاتلة من فصائل المعارضة وكافة المكونات الاجتماعية في صفوف القوات النظامية، في إطار برنامج إصلاح وطني شامل يهدف إلى توحيد الجهود ويسمح بتفادي سيناريوهات الانقسامات في المستقبل. وفي هذا النهج خطوة محورية نحو بناء قوة أمنية حديثة تساهم في استعادة الاستقرار الداخلي وإرساء الأمن الحقيقي للمواطنين.
إجمالًا، فإنه لا يمكن تحقيق الاستقرار دون التكامل بين الإصلاح الأمني والسياسي، كون هذين المحورين متداخلين بدرجة وثيقة في إعادة البناء للنظام السياسي والاستقرار، بحيث يستغل كلا الجانبين دعم الآخر، عبر التنسيق المحكم بين مختلف الجهات الفاعلة داخليًا وخارجيًا، لضمان توافق السياسات الوطنية مع المتطلبات الأمنية الفعلية، وخلق مناخ ملائم للانتقال الديمقراطي وتحقيق الاستقرار الشامل الذي طال انتظاره.
ثانيًا/ المحور الاقتصادي والتحديات والفرص للتنمية:
يشكل المحور الاقتصادي والاجتماعي أيضًا أساس تحقيق التنمية المستدامة في الدولة، كونه يعكس العلاقة الوثيقة بين الاستقرار الاجتماعي والسياسي والحالة الاقتصادية. وفي ذلك الإطار، يمكن تسليط الضوء على مجموعة من العناصر الحيوية التي يجب معالجتها في سبيل الوصول إلى مرحلة النهوض الشامل، فيما يلي:
- إعادة الإعمار وتحديث البنية التحتية:
إن إعادة الإعمار خطوة حاسمة لإعادة الحياة في المدن والقرى السورية، حيث يجب استبدال البنية التحتية المتدهورة بأصول حديثة تواكب التطورات العالمية. ويشمل ذلك إصلاح شبكات النقل والطاقة والمياه والصرف الصحي، بالإضافة لتطوير المرافق العامة مثل المستشفيات والمدارس.
ويلزم في سبيل تحقيق هذه العملية بشكل فعال توفير استثمارات ضخمة من القطاعين العام والخاص، مع تبني شراكات استراتيجية مع الجهات الدولية والمؤسسات التمويلية الهامة، حتى تتم عملية إعادة الإعمار وفق خطط استراتيجية تضمن الشفافية والمساءلة في توزيع واستغلال الموارد، والعمل على إعادة تأهيل البيئة الحضرية والريفية أيضًا بما يسمح بخلق فرص عمل جديدة ويعزز النمو الاقتصادي، مما يساهم في تحسين مستويات المعيشة وإعادة الثقة لدى المواطنين.
- تنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز الاستثمارات:
يتطلب تنشيط الاقتصاد الوطني إصلاح البيئة الاستثمارية وتحفيز القطاعات الإنتاجية الحيوية، بما يسهم في تحقيق النمو المستدام. ويجب تبني سياسات اقتصادية داعمة للاستثمارات المحلية والأجنبية، عبر تسهيل الإجراءات الإدارية وتقديم حوافز ضريبية وتشجيع الابتكار في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة والسياحة. فهذه الآليات تحقق تطوير البنية التحتية الاقتصادية لتسهيل التجارة داخليًا وخارجيًا، وتحسين شبكات المواصلات والاتصالات والمشاريع التنموية بكفاءة وفعالية، في ظل مناخ استثماري محفز لريادة الأعمال وتوفير فرص العمل، لدعم الاستقرار الاقتصادي والمسيرة الوطنية نحو التنمية.
- تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد:
تفعيل آليات الشفافية والمساءلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، حيث يجب أن يتم إدارة الموارد الوطنية بصورة تضمن التوزيع العادل وخدمة الصالح العام. ويتضمن هذا المطلب أن يتم وضع أطر قانونية ورقابية قوية لمكافحة الفساد وتحسين كفاءة إدارة الأموال العامة. وفي سياق هذا التطوير يجب اعتماد اجراءات تعزيز المشاركة الفعالة من قبل المجتمع المدني والمنظمات الرقابية المستقلة، وتوافر الدعم الدولي لدعم سوريا في تطبيق أفضل الممارسات بهذا المجال، حيث يسهم تعزيز الشفافية في استعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، ويشجع جذب الاستثمارات وتفعيل دور القطاع الخاص في عملية إعادة البناء الوطني.
- تحسين الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية:
يحتاج المجتمع السوري لإعادة هيكلة نظام الخدمات الاجتماعية بما يلبي احتياجات المواطنين بعد سنوات من الإهمال والتدهور. ويتضمن ذلك تحسين القطاع الصحي عبر بناء وتجديد المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير الأدوية والتجهيزات الطبية الحديثة، بالإضافة إلى تطوير النظام التعليمي لمواكبة المعايير الدولية.
من جهة أخرى يساهم أيضًا التركيز على السياسات الاجتماعية في تقديم دعم مباشر للفئات الضعيفة وتحسين خدمات الرعاية الاجتماعية لضمان الحد الأدنى من المعيشة الكريمة للجميع، عبر برامج تنموية شاملة لكافة المكونات الاجتماعية، مع مراعاة متطلبات العمل والابتكار وتعزيز قدرة المجتمع على المشاركة في عملية التنمية.
- دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة:
تمثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة فرصة للاقتصاد في العديد من الدول، لذلك يمكن أن تمارس دورًا محوريًا في إعادة البناء للاقتصاد السوري، بعد سنوات عديدة من الانهيار. ويعتبر المطلب الأساسي في تحقيق ذلك أن تتبنى الدولة سياسات دعم شاملة تتضمن تسهيلات عديدة، وبرامج تدريبية، وتوفير بيئة تنظيمية تساعد على نمو وتنمية هذه المشاريع وتحافظ على تنافسيتها، مع بناء قدرات إدارية وتسويقية لدى رواد الأعمال، تتيح لهم مواجهة التحديات السوقية وتحقيق استدامة النمو الاقتصادي، عبر المبادرات التي تسهم في خلق فرص عمل واسعة لتقليل البطالة، وما ينتج عن ذلك المسار من استقرار اجتماعي وتنشيط للاقتصاد الوطني.
ثالثًا/ استراتيجيات وحلول مقترحة:
بناءً على ما تقدم سالفًا، يمكننا السعي إلى وضع تصورًا لرؤية مستقبلية شاملة، نحو المستقبل السوري وإعادة الإعمار، في إطار مجموعة من الحلول القابلة للتنفيذ، والتي يمكننا تناولها من خلال المحاور التالية:
(*) الإصلاح السياسي: يجب أن تكون الاستراتيجية السياسية جزء لا يتجزأ من برنامج وطني شامل لإعادة الثقة بين المواطن والدولة، مع بناء مجتمع يستند إلى مبادئ العدالة والمساواة، فتتطلب إعادة البناء للنظام السياسي السوري رؤية استراتيجية شاملة ترتكز على إنشاء آليات ديمقراطية حقيقية، تضمن مشاركة جميع الفئات والمكونات في عملية صنع القرار، ويتطلب هذا أن يكون قرار الدولة السورية أولًا نابعًا من الأطراف السورية والمصلحة العامة للمواطنين وللوطن، واستبعاد أي ضغوط لأطراف إقليمية أو دولية تسعى للتأثير على الصراع السوري لتحقيق أطماع ومصالح خاصة لا تضع في اعتبارها مصلحة الشعب السوري. لذلك، يتطلب الأمر الانطلاق من عملية حوار وطني موسع تشمل جميع الأطراف السياسية والاجتماعية، مع الاستعانة بخبرات دولية في تقديم الدعم الفني والتقني بصياغة الدستور الجديد، وأن يعكس الأخير إرادة الشعب ويضمن الفصل بين السلطات. ولتنفيذ هذه الرؤية، يجب إنشاء لجان وطنية تضم ممثلين عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية لرصد سير العملية الانتقالية وضمان تطبيقها بشفافية وتبني برامج إصلاح متكاملة لإزالة الفساد وتعزيز حكم القانون، تمهيدًا إلى إقامة انتخابات حرة ونزيهة تضمن انتقالًا سلسًا لنظام ديمقراطي متكامل وأكثر قربًا من المواطن، مع إرساء آليات رقابة مستقلة تضمن مساءلة المسؤولين على كافة المستويات.
(2) الإصلاح الاجتماعي: يرتبط التقدم المجتمعي بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتطوير رأس المال البشري الذي يشكل محور التنمية الشاملة والمستدامة، ويتطلب هذا الجانب تعزيز الخدمات الأساسية ولاسيما التعليم والصحة والإسكان، بالإضافة إلى دعم برامج التدريب المهني والتقني التي تسهم في تأهيل الشباب لسوق العمل. ويجب أن يتم تطوير منظومة التعليم بما يواكب التطورات العالمية، مع ضمان تنمية مهارات الإبداع والابتكار لدى الطلاب، وإنتاج جيل قادر على قيادة عملية التحول والتنمية في البلاد. كما يجب العمل على تحديث المستشفيات والمراكز الصحية وتزويدها بالمعدات الطبية الحديثة، وإنشاء برامج وقائية تضمن رفع مستوى الوعي الصحي بين المواطنين. من جهة أخى يجب الالتزام والحرص على وضع سياسات اجتماعية تهدف إلى تقليل الفجوات الطبقية وتعزيز العدالة الاجتماعية، من خلال توزيع الموارد بشكل عادل وتوفير دعم مباشر للفئات الأكثر هشاشة.
(3) الإصلاح الاقتصادي: في هذا المحور تجدر الإشارة إلى ضرورة تبني رؤية إصلاحية شاملة ترتكز على تنشيط القطاعات الإنتاجية وتطوير البنية التحتية الحيوية، على أن تركز هذه الرؤية على خلق بيئة استثمارية جاذبة من خلال تبسيط الإجراءات الإداررية وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص. كما ينبغي تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في مختلف القطاعات الحيوية مثل قطاع الطاقة، الصحة، والنقل، وغيرها.، حيث يسهم هذا النهج في تطوير فرص العمل ونهضة الاقتصاد المحلي. كما يمكن اعتماد سياسات مشجعة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تُعد مصدرًا رئيسيًا للابتكار والنمو الاقتصادي، عبر برامج تدريبية ومالية تتيح لها المنافسة في الأسواق المحلية والدولية، ويشمل ذلك أيضًا العمل على دعم الصناعات التقليدية وتحويلها عبر اعتماد التكنولوجيا الحديثة، لضمان استمرارية الإنتاج ورفع جودة المنتجات المحلية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
ختامًا، يمكن القول أن مستقبل سوريا يعتمد بشكل أساسي على تحقيق تحول شامل يدمج الإصلاح السياسي والأمني مع التنشيط الاقتصادي والاجتماعي. والطريق إلى الاستقرار الحقيقي يتطلب إعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية شفافة تعكس إرادة الشعب، وإصلاح الأجهزة الأمنية لتكون أداة لحماية المواطن وتعزيز سيادة القانون. وتُعد الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ركيزة لا غنى عنها في تفعيل آليات التنمية الشاملة والمستدامة، التي تعيد الأمل لدى المواطنين وتخلق فرص عمل جديدة تسهم في تخفيف معاناة المجتمع وتوزيع الثروات بصورة عادلة، ويتطلب ذلك تكاتف الجهود الوطنية والدعم الدولي لتطبيق استراتيجيات إصلاحية متكاملة تحول سوريا من حالة الانقسام والشتات إلى دولة متماسكة تسير على نهج التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
لكن كل هذه المسارات لا يمكن البت فيها دون إنهاء كافة الخلافات والانقاسامات، وردع التدخلات الخارجية التي تستهدف التفرقة بين السوريين لأجل مصالح لا علاقة لها بالشأن السوري سوى بتدمير وحدة صفوف الشعب وإعاقة فرص الحوار الوطني الشامل. لذلك، لابد من إنهاء التواجد العسكري لأي قوات أجنبية على الأراضي السورية مع حظر احتكار الدولة لسلطة التسلح، ودمج كافة المكونات الاجتماعية دون تهميش لدور أي منها أو تمييز لأي منها على حساب الآخر، في ضوء بناء المؤسسات الوطنية الجامعة لكافة المكونات سياسية كانت أم اجتماعية.
ولابد من النظر بنظرة موضوعية إلى الحاجة الملحة لإعادة بناء سوريا وتجنب تكرار سيناريوهات الفوضى، وأن يكون لكل المكونات والأطراف السورية مشاركة فاعلة، إلى جانب دعم خارجي يضمن انتقالًا سلسًا نحو نظام حكم ديمقراطي يعيد للدولة مكانتها ويحقق استقرارها. ويعتمد النجاح في تطبيق هذه الرؤية على الإرادة السياسية القوية وتضافر الجهود العربية والدولية مع القوى المحلية، بما يجعل المستقبل السوري هدفًا قابلًا للتحقيق، بما يضمن أن تتحول سوريا إلى نموذج للتجديد والنهضة في المنطقة.