ثقافة

الأدبُ الكُردي .. “الشِعْرُ”

تحليل: د. عزة محمود علي

إن الكائنات البشرية جبالٌ من الكينونة اللاواعية، تُسيرها أخاديد من الغريزة والحياة البدائية في حد ذاتها وبنفس مدلولاتها؛ رغم التغيير الملموس من حولنا، في حين تمثل المشاعر الإنسانية البريق القابع في قمم تلك الجبال، تتوهج بالانفعالات وتتقد اشتعالًا بالتفاعل البشري بين الأجناس؛ فتتشكل صيغ الفكر الإنساني.

ولقد كافحت البشرية لجعل تلك المشاعر تتسامى وتزداد تناميًا بتهذيب الشكل الفكري بكافة صوره؛ والتي ما لبثت أن وجدت في الأدب ملاذها وملجأها، ووجدت في الشعر الإلهام والإشراقات التي تستطيع أن تحوِّل الحياة البشرية من الوميض المتقطع إلى الوعي المستنير.

وإن التفاوت ما بين كيان الإنسان ووعيه، هو الذي يُحيي نشاط الحياة ويمنحها فعالية ورغبة البقاء والتطور، وهو الذي خلق روعة التعبير، والرغبة في حب الحياة ومفرداتها، والنهم للسيطرة على المعرفة.

ونتاجًا لكل ذلك كان لا بد للفكر أن يقود الفعل وليس العكس، ولكن يشترط لذلك أن يعرف وأن يتعلم كيف يقود، فالكيان يسبق المعرفة، التي تتطور بوصفها امتدادًا لذلك الكيان.

ولكن الوعي الذي يجمع ما بين الفكر والشعور لم يكن بمفرده مصدرًا لقوة المجتمعات أينما كانت، وكيفما تشكلت، فكل ما يمثل المجتمع الإنساني بصلابته المادية وقواه الاقتصادية كان ولا يزال دائم الحضور تحت سيطرة الكائن الواقعي، في حين يحمل الكائن ببشريته في اللاشعور واللامعقول ذلك الوميض المتقطع الذي يقاوم التغييرات المادية ويجنح دائمًا للقوة الكامنة في النفس البشرية؛ والتي تُسهم في النتاج الأدبي والفني وكل ما يستشعر به الإنسان روعة الوجود والقدرة على التعبير عنه سواء في أوقات السعادة أو المعاناة.

فما يكمن داخل الإنسان من رغبة في الملذات أو المخاوف، أو الانفعالات والرغبات كان يحتاج إلى وسيلة للتعبير الذاتي تختلف كل الاختلاف عن مفردات الحياة المعتادة لدى البشر. 

هذا المنبع لكل ما يُسعد ويُشقي البشرية؛ والذي يستشعر به الإنسان حريته في التعبير، والذي يمثَّل التفاوت بين إنسان وآخر؛ هو القدرة الذاتية على التعبير بطريقة مختلفة، ومفردات مختلفة عن معاناة البشر وأحلامهم وتطلعاتهم ورغباتهم النفسية من خلال اللغة المُصاغة في أسلوب أدبي وشعري يعبر عن خلجات النفس، ويختلف عن لغة البشر المعتادة رغم تماثل المفردات وتوحد حروف اللغات.

وقد تناولنا في مقال سابق ما يتعلق بموضوع الأدب الذي يُعدّ أحد الألوان التّعبيريّة والإنسانيّة حول أفكار الإنسان وعواطفه ومخاوفه، والتي يعبّر عنها باستخدام الأساليب الكِتابيّة المُتنوّعة، والتي تُعطي مجالات واسعة للتّعبير، وذكرنا أنّ الأدب يتعلّق بالّلغة تعلّقًا كبيرًا، فاللّغة أو الثّقافة التي يتمّ تدوينها، تُحفظ على هيئة “الأدب” بأشكاله المُختلفة، وقد أُطلِق الأدب على ما يُكتب من الأعمال الشِّعريّة التي تحتوي على الجماليّات الخياليّة والتّصويريّة، بهدف إيصال معانٍ مُعيّنة مِن قِبل كُتّابها، والجدير بالذِّكر أنّ الأدب يُصنّف إلى عدّة تصنيفات بحسب الّلغة، أو الموضوع الأدبيّ، أو نوع الأدَب، كذلك بحسب الفترة التّاريخيّة الوارد فيها، وحسب قوميّة الشّعوب أيضًا.

  واليوم نستكمل ما بدأناه عن موضوع الأدب من خلال صورة راقية أخرى من صوره، فننتقل من “القصة” – والتي تناولناها في مقال سابق وذكرنا من خلالها “القصة في الأدب الكُردي” – إلى “الشعر في الأدب الكُردي” والذي يعتبر جزء لا يتجزأ من الثقافة الكُردية الغنية والمتنوعة، ويمتد الشعر الكُردي إلى قرون عديدة وعصور قديمة، وتأثر بالثقافات واللغات المختلفة؛ التي تعايشت مع الشعب الكُردي عبر التاريخ، ويعكس الشعر الكُردي مشاعر الحب والغضب والألم والأمل الذي عاشه الشعب الكُردي على مر العصور.

ويتميز الشعر الكُردي بقوته العاطفية وعمقه الفلسفي؛ حيث يعالج موضوعات الحب والحرية والوطن والهُوية، ويلجا الشعراء الكُرد إلى اللغة الكُردية الغنية والمليئة بالرموز والاستعارات لوصف أحاسيسهم وخبراتهم.

والشعر الكُردي ليس فقط وسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار، بل هو وسيلة إيجابية للتواصل والتفاعل مع العالم الخارجي، ويعكس الشعر الكُردي القيم الأخلاقية والثقافة الكُردية ويعتبر جزء لا يتجزأ من الهُوية الكُردية وما تحملته من ضغوط ومعاناة عبر الزمن.

نظرة عامة على تاريخ الشعر الكردي:

يُعد الشعر الكردي – باعتباره وحدة أدبية – هو لسان حال أُمة بأسرها، ووعاءً تاريخيًّا يحمل ما مرّ على هذا الشعب من أحداث وقصص، وله جذور ضاربة في القِدم، ويتألف الجزء الأعظم من بدايات الشعر الكُردي من ملاحم بطولية وروايات تصف البطولات ومكارم الأخلاق، في استحضار الثقافة الكُردية الشفاهية؛ لذلك يُعد الشعر أبرز حامل لغوي أساسي للتاريخ الكُردي وثقافته بعد “القصة”.

الشعر الكُردي بين الكلاسيكية والتنويرية:

أولًا – (الشعر الكردي الكلاسيكي)

المراد بمفهوم الشعر الكلاسيكي الكُردي واضح؛ إذ يشمل مجموع النتاج الشعري في مختلف اللهجات الكُردية قاطبة، وذلك في زمن يمتد منذ القرن الحادي عشر الميلادي إلى النصف الأول من القرن العشرين، والشعراء البارزون باللهجة الكرمانجية العليا[1] هم؛ الجزيري، والخاني[2]، و الهكاري، وباللهجة الكرمانجية الجنوبية هم؛ مولانا خالد، ونالي[3]، وسالم، وبيكاس، و بيخود، وملا حسن القاضي، وآخرون، وباللهجة الهورامية[4]؛ الشيخ احمد التختي، وخاناي قبادي، وبيساراني، ومولوي، وملا جباري وغيرهم .

ونتيجة لتلك الحقائق والمسلَّمات؛ فإن الشعر الكلاسيكي الكُردي لا يمكن الغوص في أعماقه، والوقوف على مفرداته الراقية العميقة، دون التضلع والتمكن في اللغة والبلاغة، وفنون المعاني والبيان والبديع، ففي أبياته العديد من المصطلحات المركبة الهادفة، والمعادلات الذهنية التي تؤدي بالقاريء إلى التفكير العميق والتدبر المنهجي، وقد تأثر الشعراء الكُرد ببيئتهم المحيطة؛ حيث لم تكن اللغة الكُردية هي لغة الكتابة الوحيدة لديهم، لذلك لجأ الكثير منهم إلى الكتابة باللغة الفارسية، ثم العربية في كتاباتهم، وخاصةً بعد إسلامهم؛ لكونها لغة القرآن والسنة، ولأجل الانتشار والوصول إلى العامة بشكل أسرع.

ورغم ذلك، فإن الكثير منهم استمر في الكتابة باللغة الكُردية لأنها اللغة الأم، وقد تُرجمت أعمالهم لاحقا إلى العربية والفارسية وغيرهما.

وتمتد حقبة الشعراء الرواد (الكلاسيكيون) في الأدب الكُردي إلى قرابة القرنين من الزمن، وتحديدًا منذ منتصف القرن العاشر الهجري، وهي المرحلة التي ضمت كبار الشعراء أمثال “ملا جزيري”[5] وآخرون حتى القرن الثاني عشر؛ حيث المرحلة التي ظهر فيها الشاعر حسين الباته يي[6] وأحمد الخاني، إضافة إلى شعراء ناطقين بالسورانية أمثال الشاعر “نالي” و”حاجي قادر” و”مولوي”، ممن ظهروا أوائل القرن الثالث عشر.

ويرى الكثيرون من الدارسين للشعر الكُردي وإرهاصات نشأته وتطوره أن “الشعر الكُردي المعاصر نزع إلى التحرر من قيود القصيدة الكلاسيكية القديمة، وأصبح يميل أكثر نحو التجدد، رغم أنه ظل متأثرا بالأنماط الشعرية للدول المحيطة والثقافات المجاورة”.

ونتيجة للأحداث السياسية والاجتماعية السائدة بالمجتمع الكُردي، كان من الطبيعي أن يتأثر الشعر الكُردي خلال الفترات التاريخية المختلفة بالجو العام الذي صاحبه، وخاصةً لما مر به الشعب من التجارب الصعبة التي صاحبت تشكيل ذاتيته وهُويته، بدءًا من مرحلة التقسيم الكُردي بين الدولة الساسانية والرومانية، وصولُا إلى وقتنا الحالي وانقسام الشعب بين خمس دول.

وقد قطع الشعر الكُردي في تاريخه أشواطًا عديدة من التطور البنيوي، فاتسم في كل شوط منها بخصائص وميزات من حيث المضمون والشكل متاثرًا بالحياة العامة، ومستوى الحضارة والمدنية للأمة الكُردية و ثقافتها و رؤيتها للحياة.

ولكن فهم الشعر الكلاسيكي الكُردي أمر لا يتم دون معرفة شخصية الشاعر الكُردي، برؤيته الكونية، وفلسفته، ومعارفه، وخبراته، ورؤاه الصوفية، ورسالته الاجتماعية، وتجاربه الذاتية؛ فهو شخص مُطَّلع على تجارب السابقين، متمكن من مقاليد الشعر ورموزه مما يؤهله لنقد النتاج الشعري بكافة تنوعاته، وبالتالي يخضع في رسالته وتجربته للمرحلة التي يعيشها، والوعي الذي يحمله والرسالة التي يتمثلها.

فإذا أخذنا مثالًا على ذلك “رباعيات الهمداني”[7] وكذلك أبيات “كتاب سرانجام”  وهو الكتاب المقدس لدى الطائفة الكاكائية “اليارسان”[8] وتمثل جزءًا من الشعر الكلاسيكي الكُردي، فمن حيث الشكل نجدها تتبع بدقة للأوزان العروضية العربية بواسطة العروض الفارسية.

ومن أنماط الشعر الفارسي (القصيدة، والغزل، والمثنوي، والرباعيات، والمزدوجات، والتركيبات، والترجيع، والقطعة، والفرد)؛ فضلًا عن المحسنات البديعية الواردة في علم البديع المدروس في حلقات التدريس التابعة للمساجد في كردستان .

وقد نظم الشعراء الكُرد الكلاسيكيون الشعر بمختلف اللغات، وحسب الأبحر العروضية المتنوعة، والقوافي المتقنة، كما اتضحت لدى الكثير منهم القدرة على وضع القصائد الطويلة، مثل القصيدة التي اشتهر بها الشاعر “محوي” وهي القصيدة المسماة “بحر النور” في مديح الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، والتي بلغت 135 بيتًا شعريًا.

ومن حيث المحتوى الضمني للشعر الكلاسيكي الكُردي؛ فنجد أنه ينتمي إلى عالم المثال وعمق الذات الانسانية وتجاربها الروحانية؛ ليرسم من هناك صورة للعالم والكون والارتباط بالمطلق، بعيدًا عن الكيان البدائي منطلقًا إلى الوعي المستنير، كما تتمحور موضوعاته حول الحب المُطلق بكافة ومختلف معانيه، والحنين الدائم إلى الماضي، كما يشغف شعراء الكُرد بالتواصل  مع الذات الإلهية؛ حيث يستشعرون أسمى معاني التعلق بالمحبة الربانية والارتباط برسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته والصحابة والتابعين؛ فيجدون ملاذهم وراحتهم في تدوين ما يختلج بنفوسهم عن محبة الله ورسوله، ولا ينسى شعراء الكُرد كذلك محبتهم وانتماءهم لبني قومهم، والتغني بطموحاتهم وأحلامهم في حياة حرة كريمة، متأثرين بقضاياهم ومعاناتهم وبالظروف السياسية والاجتماعية العصيبة المحيطة بهم.

ونظرًا للثقافة الدينية السائدة لدى الكُرد، والمؤلفة من العقائد الأشعرية والمذهبية الشافعية، والتوجه الصوفي السني، والمدروسة في حلقات الدروس الدينية المرتبطة بنظام الخلافة العثمانية فقد تماثلت البنية الشعرية إلى حد كبير لدى الأكراد والفرس، وكان التصوف من أبرز المضامين الشعرية لديهم، وكان الأفق الشعري لديهم مغرقًا بجماليات الأدب العرفاني؛ والنقشبندية[9] و القادرية[10] في السنوات المتأخرة.

 ويعد مولانا خالد[11] هو رأس طليعة الشعراء المتنورين والمتنفذين في سماء الشعر الكلاسيكي الكُردي بشقيه السُوراني و الكُوراني؛ فلأدبه و توجهه الروحاني انعكاس واضح في تراث من أتى بعده مباشرة مثل “نالي” و “فائق” و بصورة غير مباشرة على “مولوي” و “محوي” ، ولقد خطا الشعر الكُردي خُطوات واسعة بظهور الخماسي المتألق في إمارة “بابان” وهم: (نالي وسالم وكردي ومحوي وشيخ رضا)، فظهرت مدرسة شعرية قوية البنية لا زالت تاثيراتها قائمة في تشكيل الوعي الأدبي الكُردي المعاصر؛ والذي نجده وفيًا لتراث الشعراء الكلاسيكيين الكبار سالفي الذكر، وتبدأ مرحلة تأكيد الذات في اللحظة التاريخية الحاسمة من القرن التاسع عشر؛ حيث تسقط إمارة بابان، و يأبى نالي العودة إلى كردستان مرجحًا حياة الغربة على العيش بذلة؛ فيبعث بقصيدته الرائية المشهورة إلى صديق عمره سالم، فيجيبه برائيته المشهورة الأخرى ليخلدهما التاريخ.

أما موضوعات الشعر الكلاسيكي فهي متنوعة:

  • لعل أهمها على الإطلاق بحث الذات الإنسانية عن محبوب يتصل بها قلبًا، بحيث يكون كعبة لقلب تلك الذات وروح لها؛ هذا المحبوب قد يكون هو الله سبحانه وتعالى “جل جلاله”، وقد يكون هو الوطن، أوالشعب، وأحيانا هو المعشوق المجازي، إذ يتمثل المحبوب في مخيلة الفرد الكُردي، ومن الممكن أن تجتمع كلها باعتبارات مختلفة تحت عنوان واحد وشامل؛ فيقرأه كل قاريء حسب مستواه المعرفي و ذوقه الوجداني .
  • وكذلك التأمل في الطبيعة والعالم، ورؤية اللوحات المتفردة في الحياة، تعتبر أداة حية لتعامل الشاعر الكردي مع موهبته الشعرية؛ وبالتالي يعمل على مزجها بالمفاهيم اللاهوتية، ومن ثم يكشف عن التناسق القائم بين الانسان والطبيعة، ثم التعبير عن هذا التناسق بأسلوب تعبيري أخاذ، و تُعد قصائد مولوي و بيساراني و صيدي و خانا القبادي من أروع الأنماط الشعرية في موضوعات الشعر الكلاسيكي.
  • تربية الفرد والمجتمع على أسس الدين والحياة والآداب الاجتماعية ثيمة أخرى للشعر الكلاسيكي الكُردي، مثلما نجده لدى حكم وأمثال بيرة ميرد ورباعيات بابا طاهر وفقي تيران[12] و المنظومات الشعرية للشيخ معروف النودهي وأحمد الخاني .

أما “القصة الشعرية” فتتجلى آثارها في نتاج شعراء الكُرد من خلال منظوماتهم؛ حيث حاولوا الولوج الى أعماق الشعب بطرح القيم والمباديء العليا الانسانية والوطنية والقومية والخصال الخلقية الحميدة كالصدق، والوفاء، والأمانة، والشجاعة، والحب، والإيثار.

ومن الخطوات الجديرة بالذكر في تاريخ الشعر الكُردي ما قام به “الحاج قادر الكوئي” من محاولات تجديدية لتطويره وتغيير مغزاه وإحياء رسالته، متأثرًا بالنقلة الثقافية التي حدثت في المجتمع العثماني؛ والمتجسدة في تحول رسالة الشاعر ورؤيته لخدمة الحياة الإنسانية الجديدة، والدخول الى العصر الحديث بمفاهيم الشعر ومعطياته الواقعية بعيدًا عن التخيلات المخالفة للواقع، وقد يكون”حاجي قادر” في هذا الأمر خليفة لكل من “نالي” و “مولانا خالد”

  • وفي النصف الأول من القرن العشرين واصل الشعر الكلاسيكي الكُردي دوره وتألقه من خلال أدبيات مجموعة من الشعراء المجددين، ولم تنطفيء شرارة هذا الأدب رغم ظهور تيارات حداثية تنادي بتغيير النمط الشعري؛ فبقيام جمهورية كردستان 1946م، برز في منطقة “مكريان” بـتأثير الحركة القومية التحررية شعراء كبار نهلوا من منابع الشعر الكلاسيكي، وأبدعوا نمطًا شعريًا متصلاً بالواقع السياسي، والمرحلة الفكرية الناهضة؛ فتغنوا بالقومية الكُردية، وجبال كُردستان، والمقاومة من أجل الحصول على الحقوق السياسية والاجتماعية للشعب الكُردي، ومنهم عبد الرحمن شرفكندي وآخرين.

خلاصة القول؛ إن الشعر الكلاسيكي الكُردي في كافة مراحل نشأته و ظهوره كان عاملاً مؤثرًا بدرجة كبيرة في تنمية الوعي الاجتماعي وعنصرًا أساسيًا لمعرفة الذات الكُردية، كونه قد فتح الباب على مصراعيه أمام المثقف الكُردي؛ كي يفكر في ذاته ومجتمعه وشعبه ومصيره، ويتخذ من الشعر وسيلة للدفاع عن حقوقه المشروعة وقضاياه العادلة، وفي الوقت ذاته ليفتح ذراعيه بكل شوق وإيجابية للآثار الأدبية والثقافية الوافدة من لدن الشعوب الأخرى ناقلاً وناقدًا و مساهمًا في نشرها وتطويرها.

ثانيًا – مرحلة الشعر التنويري:

بدأت إرهاصات مرحلة الشعر التنويري بظهور مجموعة من الأسماء اللامعة في ساحة الأدب الشعري؛ والتي استلهمت الشعر الحر من الأدب الغربي، وخاصةً الشعر الفرنسي، كما  طرأت الحداثة على بنية القصيدة الكُردية فمن الناحية الظاهرية، خالفت الشعر الكلاسيكي الكُردي بعدم التساوي في طول شطرات الأبيات، وكذلك عدم تكرار القافية كما في النظام التقليدي سالف الذكر، ويعتبر الشاعر عبد الله گوران[13] هو من افتتح عصر الكتابة الحديثة التنويرية، وأيضًا وُلدت الدراما الشعرية على يديه، كذلك برز الشاعر “قدري جان”[14] الذي أتقن الفرنسية، وقدّمه المترجمون على أنه كتب قصيدة النثر؛ فهو إضافة إلى قصيدة النثر كان على دراية بالأوزان الشعرية الفرنسية التي تعتمد على وحدة المقطع، فاستخدمه في قصائده، كما يعتبر قدري جان نقلة واقعية بين الكلاسيكية والحداثة.

هنا طرأ الانقسام على الشعر الكُردي التقليدي، فسار شطرًا منه رصينًا فخمًا زاخرًا بالفنون الكلاسيكية والصناعات البلاغيـة والبديعية، في حين ظهر الشطر الآخر مفعمًا بالحركة والتوثب والواقعيـة.

ومن هنا يمكننا تلخيص أبرز خصائص الشعر الكُردي الحديث في تلك الحقبة بما يأتي:

البساطة، وسهولة الاستيعاب، والتجديد، والصراحة، والإيجاز، وقرب الأدوات اللغوية إلى لغة الشعب اليومية، وكذلك إضافة “التأريخ الكُردي”عن طريق الشعر.

ومن ذلك نستخلص المراحل التي مر بها الشعر الكُردي على صعيد المضمون الشعري؛ من صُوفي وقصصي إلى ملحمي ومسرحي ثم قومي، وعلى صعيد الشكل الشعري؛ من القصيدة العمودية والرُباعيات إلى الغنائي والشعر الحر والمُرسل والتفعيلة، وأخيرًا النثر.

وعلى مر العصور المختلفة لم يكن الشعراء الكُرد مغتربين عن ثقافة من حولهم من الشعوب المجاورة، وامتازوا بالانفتاح على الآخرين أدبيًّا وثقافيًّا؛ فنجد أسماء كُردية كبيرة كتبت بالعربية مثل: شعراء العائلة التيمورية (محمد تيمور – محمود تيمور – عائشة التيمورية- أحمد تيمور) وفي عصرنا الحالي حفيدة محمد تيمور السيدة “رشيدة تيمور” التي أصدرت روايتها بالكُردية بعنوان: «ميفان»، ومحمد كرد علي[15]، وبلند الحيدري[16]، وأحمد شوقي[17]، وعشرات الكُرد الآخرون الذين تركوا لنا تراثًا ثقافيًّا زاخرًا بلغات قومياتنا الشرقية.

Top of Form

أثر الشعر الكردي في الشرق الأوسط:

الشعر الكردي له تأثير كبير في الشرق الأوسط، ليس فقط في كُردستان ولكن أيضًا في الدول المجاورة. وهنا نُضمِّن بعض الأثر الذي تركه الشعر الكُردي في المنطقة:

  • تأثير الشعر الكُردي ثقافيًا وسياسيًا واجتماعيًا

الشعر الكُردي له تأثير كبير على الأدب العربي وكذلك الأدب الفارسي، خاصة في العصور الوسطى؛ فالعديد من الشعراء العرب والفرس قد استوحوا من الشعر الكًردي في أعمالهم الشعرية والأدبية، كما تأثر بهم الشعراء الكُرد أيضًا

كما نلمس أثره الكبير على الحركة الكُردية السياسية والقضية الكُردية بمجملها؛ حيث يعبر عن القيم والتطلعات والأهداف الكردية ومحاولات الكُرد في دعم واسترداد حقوقهم، كما أن له أثره الملحوظ على العلاقات الدولية، خاصة بين كُردستان والدول المجاورة.

أما من جهة التأثير الاجتماعي فلا يخفى أثر الشعر الكُردي على المجتمع الكُردي، حيث يُعبر عن القيم الكُردية والهُوية الكُردية، كما نلمس أثره على طموحات وتطلعات الشباب.

أما فيما يتعلق بالتأثير على النساء الكُرديات فهذا أمر لا يخفى على أحد؛ حيث صارت المرأة من أهم وأبرز القضايا المتناولة في الشعر الكُردي؛ والذي يعبر عن حقوق النساء وتطلعاتهن وحقوقهن المشروعة في المجتمع سواء في التعليم والثقافة ومشاركة الرجل في كافة مناحي الحياة وتبوء المناصب القيادية والسياسية

مما سبق يتضح أثر الشعر الكُردي على الحالة السياسية بالشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالقضية الكُردية، حيث يعتبر هو لسان الحال الذي يعبرعن الهُوية والقيم الكُردية، ويسهم الشعر الكُردي بدور فاعل لا محالة في الحفاظ على الهُوية الكُردية كما سلف وذكرنا سابقًا، كما أنه يعبر بفاعلية عن معاناة الشعب الكُردي لاحتواء القضية الكُردية، ويبرز ثقافة المقاومة والصُمود الذي يعيشه الشعب في مواجهة قضيته، وحقه الشرعي في تقرير المصير، كما أنه يعتبر الأداة المؤثرة على الرأي العام والوسيلة القوية لجذب الانتباه في الشرق الأوسط .

التأثير على العلاقات الدولية

من حيث دعم وتمتين العلاقات بين كُردستان والدول المجاورة؛ فالشعر الكُردي له تأثير كبير على العلاقات الكُردستانية مع دول الجوار، خاصة فيما يتعلق بتعضيد ومساندة القضية دوليًا، وكذلك التأثير على الصورة الدولية في عيون الغرب مما يساهم في تعزيز الحركة الكُردية.

هذا بعض الأثر الذي تركه الشعر الكُردي في الحالة السياسية بالشرق الأوسط، فالشعر الكُردي له عظيم الأثر على الحركة الكُردية والعلاقات الدولية.

المشكلات التي يواجهها الشعر الكُردي في وقتنا الراهن.

رغم طاقات النور التي تتفتح في مسيرة وطريق الشعر الكُردي؛ إلا أنه يواجه بعض العقبات التي يسعى للتغلب عليها، وأهم تلك العقبات تتمثل في ترجمة الشعر الكُردي إلى اللغة العربية واللغات الأخرى، والسبب هو عدم إجادة العرب والشعوب الأخرى للغة الكُردية والترجمة منها، فتقع مسؤولية الكتابة والطبع والتوزيع والترجمة على عاتق الشاعر الكُردي المعاصر، وهذا عمل شاق وصعب، لذا يغدو التواصل قليلاً بين الشعر الكُردي والقرّاء العرب في بلدان الشرق الأوسط والعالم العربي، لذلك تصبح فكرة تبني المؤسسات الثقافية للنتاج الشعري الكُردي ونشره وترجمته من أهم أهداف واقعنا المعاصر، كما بدأت النتاجات الشعرية التي تتضمن النص الكُردي مترجمًا من الكردية إلى العربية أو أي لغة أخرى بين دفتي كتاب واحد، من أسمى الأهداف التي يُسعى إليها اليوم.

وختامًا نقول:

في الوقت الحاضر يظل الشعر الكُردي حيًا ومزدهرًا؛ حيث يوجد العديد من الشعراء الكُرد الشباب الذين يتعايشون مع التُراث الشعري الكُردي ويقدمون رؤى جديدة ومبتكرة تعكس التحولات التي عاشها الشعب الكُردي عبر العصور، كما يتضمن شعرهم في طياته القيم والأعراف والتقاليد الكُردية العريقة، ومعهم تستعيد القصيدة الكُردية عافيتها، عبر تشكيل وصياغة هُوية شعرية كُردية جديدة على طريقتهم، هُوية لا تجد فيها الإنسان الكُردي ضائعًا ومأساويًا؛ بل نجده أكثر حياة وطموحًا قادرًا على مواجهة الظروف السياسية الصعبة التي تمُر بها كردستان، هي بحق هُوية تتضح فيها روح المقاومة والتحدّي ضد الأنظمة المقيدة للحريات بكافة صورها.


[1] اللهجة الكرمانجية هي لهجة الغالبية العظمى من الأكراد في تركيا وسوريا وأرمينيا وأذربيجان، وعدد قليل في العراق وإيران ، وهي مشتقة من اللغة الكورانية الأصلية، وتعد هي والسورانية أهم لهجتين في الكُردية.

[2] خاني: (1650- 1707م ( شاعر كردي من القرن السابع عشر ولد في بايزيد، يُعتبر من أشهر الشعراء الكُرد في التاريخ، وهو أحمد بن إلياس بن رستم الملقب بـ (خاني)، شاعر وأديب من كبار الأدباء التي أنجبتهم الأمة الكردية طوال قرون، وهو صاحب الملحمة الشهيرة “مم وزين”

[3] نالي: أحد شعراء الأكراد المشهورين، ولد عام 1800 في بلدة شهرزور بمحافظة السليمانية، وتأثر كثيرا بالأدب العربي والفارسي، وينتمي إلى مدرسة الشعر الكلاسيكي المدون باللهجة الكردية السورانية. وقد ذكره الباحث الروسي فلاديمير مينورسكي بقوله “أعتقد أن المركز الرئيسي للشعراء الأكراد قد انتقل إلى مدينة السليمانية، حيث عاش الشاعر المشهور جدا (نالي) وقدّر له أن يعيش فترة من الزمن“. 

[4] اللهجة الهورامية: هي جزء كبير من مجموع لهجات اللغة الكردية حيث يتحدث بها الآلاف من الناس في هورامان، Hawraman وهي منطقة جبلية تقع ضمن محافظتي كردستان وكرمانشاه في غرب إيران وفي شمال شرق إقليم كردستان بالعراق، ولها مكان مهم في الأدب الكردي، حيث يتم كتابة جزء كبير من الأدب والقصائد الكردية باللهجة الهورامية.

[5] الملا أحمد جزيري من أعلام الشعر الكُردي، وهو كاتب وشاعر كُردي متصوف ولد عام 1570م في جزيرة “ابن عمر” بمحافظة “شرناق” جنوب شرقي تركيا حاليا. وينتمي لمدرسة الشعر الكلاسيكي، ويعد الأشهر بين أقرانه، وهو في مرتبة ابن الفارض في الشعر العربي، وجمع في قصائده بين اللغات الكردية والعربية والفارسية والتركية متجاوزًا حاجز اللغة في شعره. كما تميز بتضمين شعره لمحات من صراعات القوى العظمى في ذلك الوقت، كالعثمانيين والفرس والروم. شهرة هذا الشاعر ومكانته دفعت بعائلة الكُتبي أواب أحمد إلى تسمية مكتبة العائلة وسط مدينة دهوك باسم “مكتبة جزيري”، وقد أنشئت عام 1989، وهي تضم نتاجات لشعراء وكتاب أكراد، وتنوع محتواها بين اللغتين الإنجليزية والكُردية.

[6] ملا حسين الباته يي:  ولد عام 1494م في قرية ” باته ” الواقعة في منطقة هكاري بكردستان تركيا، يعتبر من شعراء الصف الأمامي بين الشعراء الكلاسيكيين الكرد، له عدة قصائد وملاحم وله ديواناً ثميناً عالي المقام ورسالة شعرية في مولد النبي صلى الله عليه وسلم باللغة الكردية طبع “المولد النبوي” في الشام عام 1947م وله مناظرة شعرية جميلة مع الشاعر منصور الكركاشي في منطقة بهدينان كردستان العراق في عام 1767م . ديوان الباته يي ” طبع من قبل السيدان تحسين إبراهيم دوسكي ومحسن إبراهيم دوسكي وهما إخوان أديبان عام 1996م  ويعتبر أول من الف رسالة شعرية كٌردية بمناسبة المولد النبوي الشريف تقارب ”600 ” بيت من الشعر .

[7] هو بابا طاهر عريان، أو بابا طاهر الهمداني، حظى بالمزيد من الشهرة بسبب الرباعيات الشعرية التي اتسمت بالسلاسة والبساطة، فكانت سهلة الفهم بالنسبة للعوام و محببة للخواص، و بالتالي دخلت القلوب دون استئذان ، وقد اشتهر بنزعته الإيمانية الخالصة وصارت أشعاره مضربًا للأمثال.

[8] الكاكائية أو اليارسانية أو الأخية تسمى أيضا طائفة أهل الحق (من قبل الإيرانيين، والعرب) هي أحد فروع الديانة اليزدانية القديمة (كلمة “يزدان” تعني الرب أو الخالق أوالإله)، التي كانت معتنقة من قبل معظم الأكراد قبل المد الإسلامي في إيران، والذي يقسم في الوقت الحاضر إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي اليزيدية، اليارسانية، والعلوية.

[9] النقشبندية”: هي طائفة من طوائف الصوفية وسميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد شيوخها، وهو محمد بهاء الدين شاه نقشبند المتوفى سنة (791 هـ). ويزعم بعضهم أنه لُقِّب بـ “نقش بند” لأنه من كثرة ذكره لله تعالى، أصبح اسم الله تعالى منقوشًا على ظاهر قلبه، وقد تمثل تلك المعتقدات ما يمثل التعلق الروحي.

[10] “القادرية”: هي أحد الطرق الصوفية السنية والتي تنتسب إلى عبد القادر الجيلاني 471هـ – 561 هـ)، وينتشر أتباعها في بلاد الشام والعراق ومصر وشرق أفريقيا وشمال أفريقيا. وقد كان لرجالها الأثر الكبير في نشر الإسلام في قارة أفريقيا وآسيا، وفي الوقوف في وجه المد الأوروبي الزاحف إلى المغرب العربي.

[11] خالد البغدادي: (1779- 1827)، متصوف كُردي، مؤسس فرع من الطريقة النقشبندية الصوفية تسمى الخالدية – كان له تأثير عميق ليس فقط على أرضه الكُردية، ولكن أيضًا على العديد من المناطق الأخرى في العالم الإسلامي الغربي. وتعتبر كتاباته من أقدم الأمثلة على النثر والشعر باللغة الكُردية. اكتسب لقب البغدادي من خلال إقامته في بغداد، لأنه كان في بلدة قره داغ في منطقة شهرزور، على بعد حوالي 5 أميال من السليمانية.

[12]  فقي تيران: أحدث ثورة في الشعر الكردي؛ فتجد في شعره أعلى صوت هو صوت الإنسان، ويغلب عليه الطابع الدرامي والحواري، وتميل قصائده إلى اللغة الحوارية الموزونة، ويقف إلى جواره الشاعر ملا باتي أحمد (1417 – 1492م) شاعرًا مهمًّا يعد أول من كتب وابتكر في الأسطورة بالأدب الكردي القديم، ومزج بين اللغة الأدبية الرصينة وبين كلام العوام مثلما في ديوانه «بائع السلال» مستخدمًا الميزان الثُّماني الشعري الذي يقارب وزن بحر الرَّجَز، لكن بثماني تفعيلات، مازجًا بين العربية والكردية والفارسية وشيء مُختار من اللغةِ التركية.

[13] الشاعر الكردي عبد الله كوران أحد الشعراء الذين يفتخر بهم الشعب الكردي، باعتباره النجم الساطع والينبوع الدافق والجبل الشامخ في الشعر الكردي المعاصر.. يعتبر كوران أستاذا لمدرسة الشعر الكردي الحديث، لقد ساهم بشكل جدي في تطور الشعر الكردي، وتغيير أوزانه وعروضه وإيقاعاته متلائما مع الظروف التاريخية والاقتصادية والاجتماعية لمجتمعه، لقد دشن كوران مدرسة جديدة في النصف الأول من القرن العشرين، ونبذ عملية التقليد والتكرار وأوصل الشعر إلى قمة الإبداع، وأحب الجمال وغنى له وتمحور شعره حول الجمال في جانبيه: “المرأة والطبيعة”.. لقد وصف كوران الطبيعة كثيرا وصوَر جمالها وروعتها ولكنه اعتبر جمال المرأة أفضل بكثير من جمال الطبيعة، ويجد كوران أن الجمال في الإنسان هو الروح والعمل الطيب، فالجسد سوف يفنى ويضمه القبر المظلم بين دفتيه، وهناك جمال واحد سيخلد عبر القرون.. وكان كوران دائماً مع الحدث، ويعد من أبرز الأدباء الذين انخرطوا في الممارسة الأدبية النضالية.

[14] ولد الشاعر “قدري جان” عام 1911 في ديريك ( جبل مازي) التابعة لمحافظة ماردين بشمال كوردستان ( تركيا) واسمه الحقيقي عبد القادر بن عزيز جان مارس التدريس في مدارس حي الأكراد، ثم انتقل إلى عمل اداري في وزارة المعارف (التربية)، وبعدها انتقل إلى السجل العام للموظفين. يعتبر من مؤسسي المدرسة الواقعية الحديثة في الأدب الكردي،. ولمع نجمه وذاع صيته بعد مشاركته في أولى أعداد مجلة روناهي برفقة جلادت بدرخان و كتب قصيدته المعروفة (Riya teze) الطريق الجديد) عام 1936، حيث يعتبرها النقاد أول قصيدة كردية حرة في تاريخ الشعر الكردي وكانت بمثابة نقلة نوعية ومنعطف أدبي قوي في تاريخ الأدب الكردي الحديث وفصل بين مرحلتين ألا وهي الكلاسيكية والحداثة، كما لحنت قصيدته المشهورة  (Gula Sor) الوردة الحمراء وغنت من قبل الفنان الكبير جوان حاجو.

[15] محمد كرد علي: محمد بن عبد الرزاق بن محمد كرد علي. ولد في دمشق 1293 هـ، 1876 م. هو مفكر كردي سوري ومن رجال الفكر والأدب والصلاح والمدافع عن اللغة العربية، فهو أول وزير للمعارف والتربية في سورية، وكان رئيسًا لمجمع اللغة العربية في دمشق منذ تأسيسه 1919 م حتى وفاته 1953 م. سافر كرد علي إلى القاهرة سنة 1319هـ 1901م، ولبث فيها عشرة أشهر تولى خلالها تحرير جريدة الرائد المصري وعاد بعدها إلى دمشق فراراً من وباء الطاعون الذي انتشر في مصر بتلك الفترة. ثم عاد إلى مصر عام 1905 أو 1906، وأنشأ مجلة المقتبس الشهرية نشر فيها البحوث العلمية والأدبية والتاريخية. وتولى إلى جانب ذلك تحرير جريدة «الظاهر» اليومية، ولما أُغلقت دعاه الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيدوهي يومئذ كبرى الجرائد في العالم الإسلامي- إلى التحرير فيها؛ فعمل بها إلى سنة 1326هـ 1908م) حيث غادر القاهرة إلى دمشق بعد الانقلاب العثماني فيها

[16] بلند الحيدري 1926- 1996: شاعر عراقي، كردي الأصل واسمه يعني “شامخ” في اللغة الكُردية. والدته فاطمة بنت إبراهيم أفندي الحيدري التي كانت تشغل منصب “شيخ العرب في إستانبول“. ولد في بغداد وتوفي في لندن يوم 6 أغسطس 1996على إثر عملية جراحية على القلب لم تكلل بالنجاح. من مؤلفاته الشعرية خفقة الطين- شعر بغداد 1946،أغاني المدينة الميتة- شعر- بغداد 1951. جئتم مع الفجر – شعر- بغداد 196، زمن لكل الأزمنة- مقالات- بيروت 1981وقصائد أخرى كثيرة

[17] ولد أحمد شوقي الشاعر المصري في القاهرة،واتفقوا أنّ ولادته كانت سنة 1868م، وجده لأبیه ينحدر من أصول كردية، وجده لأمه تركي، أمّا جدته لأمه فكانت يونانية، وقد كان شوقي وحيد والديه، فحظي بالحب والاهتمام والعناية والرعاية، وتربى في بواكير طفولته في أحضان جدته لأمه، وعاش معها في قصر الخديوي حيث نشأ وترعرع، وفي عام 1873م ألحقه والده بكُتّاب الشيخ صالح، حيث تلقى علومه الأولى هناك لمدة أربع سنوات، ثم انتقل إلى مدرسة المبتديان الابتدائية التي شهدت ولادة موهبته الأدبية، إذ نظم أثناء دراسته فيها أول أبياته الشعريّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى