ثقافة

الأدبُ الكُردي .. الفُلكْلُور

تحليل: د. عزة محمود علي

في عمق الذاكرة الجَمْعِية للأمم يتجسد الفلكلور كصرخة وجود تتحدى النسيان، إنه ليس مجرد ترف ثقافي أو تراكم موروث شعبي، لما يُروى ويُغنى؛ بل هو الوعي الباطن للأمة، اللغة التي تتكلم بها الأرواح حين يعجز اللسان السياسي عن التعبير، الفلكلور الكردي على وجه الخصوص، هو تجسيد حي لصراع طويل من أجل البقاء، مقاومة ناعمة اتخذت شكل الحكاية والموسيقى والرقص؛ لتحفظ هوية شعبٍ عابرٍ للحدود.

لقد تطور الفلكلور الكردي من شظايا الألم والجمال، من حكايات الرعاة في الجبال، من أناشيد النساء اللواتي نسجن الذاكرة بخيوط الحنين والتطلعات والآمال، ومع كل مرحلة عاشها الكرد – من الاستقلالات الناقصة إلى القمع الثقافي – تحوَّل الفلكلور إلى وعاء يحمل مزيجًا من المقدس والدنيوي، البطولي واليومي، الأسطوري والواقعي، إنه سجل روحي لا تكتبه الدولة، بل يكتبه الشعب عبر قرونه الطويلة من النضال والتجدد.

ويُعتبر الفلكلور أحد أبرز مكونات الثقافة الوطنية لأي بلد كانت، فهو كنزٌ من الذاكرة الثقافية والهوية الشعبية التي تعكس تاريخ الشعوب وتقاليدها، ويشكل جزءًا أساسيًا من هُويتها، أما في كُردستان  فيعد الفلكلور عنصرًا ثقافيًا غنيًا ومتنوعًا؛ حيث يعكس التنوع الإثني والجغرافي في البلاد؛ من خلال الموسيقى، الرقصات، القصص الشعبية، والحرف التقليدية، واستطاع الفلكلور الكُردي أن يحافظ على خصوصيته ويعزز الانتماء الوطني بين مختلف فئات المجتمع.

الفلكلور الكُردي: (جذور أسطورية)

تتميز كُردستان بتنوع عرقي وثقافي يعكس تداخل الثقافات السورية والعراقية وغيرها …. من خلال هذا التنوع، تنبثق أشكال فنية وفُلكلورية تُمثل جُزءًا لا يتجزأ من الهُوية الوطنية. فعلى سبيل المثال، نجد أن الموسيقى الكُردية تشمل أنواعًا متعددة؛ والتي تمزج بين الإيقاعات الصحراوية والتقاليد الكُردية القديمة.

ففي أزمنة ما قبل التدوين تكوَّن الفلكلور الكردي من خلال الأساطير الشفوية، التي فسرت للإنسان الكردي معنى الوجود، القوى الطبيعية، والحياة بعد الموت، وظهرت رموز تمثل الحكمة الأنثوية[1] ورموز تمثل الثورة الشعبية؛ فكان الفلكلور آنذاك مرآة للمجتمع الجبلي الصامد، الذي يعشق الطبيعة ويهابها ويقدسها، فنشأت الطقوس والمعتقدات المرتبطة بالمطر، والشمس، والخصوبة، والنماء.

أما في مجال الأدب الشفهي، فالحكايات الشعبية والأمثال الكُردية تروي قصصًا تعكس القيم الاجتماعية مثل الشجاعة، الكرم، والتضحية. وتعتبر هذه الحكايات جزءًا أساسيًا من التربية والتعليم في المجتمع الكُردي؛ حيث تُسهم في نقل المعرفة من جيل إلى جيل، مما يعزز الارتباط بالجذور الثقافية.[2]

 ويكتسب الفلكلور الكردي أهمية استثنائية لكونه وسيلةً للحفاظ على اللغة الكردية، خاصة في ظل الظروف السياسية والتاريخية التي عاشها الكرد، والتي كثيرًا ما حالت دون توثيق تراثهم مكتوبًا؛ فمن خلال الفلكلور، نلمس الروح الكردية في أبهى صورها؛ حيث يتجلى الإبداع الشعبي في كل أغنيةٍ، ومثلٍ، وقصةٍ، ورقصةٍ.

الحكايات والأساطير الشعبية الفلكلورية:

  •  تمثل الحكايات والأساطير أحد أقدم أشكال الفلكلور الكردي، وتُعد مصدرًا غنيًا لفهم المعتقدات والمفاهيم الأخلاقية والاجتماعية للشعب الكردي. من أشهر القصص الكردية، قصة “كاوه الحداد” الذي ثار على الطاغية “ضحّاك” وأشعل شعلة الحرية، والتي تحولت لاحقاً إلى رمز قومي يُحتفل به في عيد النوروز. وتوجد أيضاً حكايات عن الجن والعفاريت والمخلوقات الخارقة، التي تعكس تصور الإنسان الكردي لعالم ما وراء الطبيعة.

الأغاني والموسيقى الكردية:

  • الأغنية الكردية هي مرآة تعكس معاناة وآمال وتطلعات الشعب الكردي، وتتنوع الأغاني بين

تلك الحزينة التي تعبر عن الفقد والشتات، وتلك التي تُغنى في الأعراس والمناسبات السعيدة. كما تنقسم الموسيقى الكردية إلى أنماط متعددة بحسب المنطقة، مثل موسيقى منطقة هاكورك، وألحان منطقة السليمانية، ونغمات دهوك وجبال زاغروس، بالإضافة إلى الآلات الموسيقية الكردية التقليدية مثل البزق، والدُفّ، والزورنا والتي تضفي طابعاً خاصاً على هذه الأغاني.

الرقصات والأزياء التقليدية:

  • الرقصات الكردية الجماعية، مثل رقصة الدبكة (أو الـ “هالاي”)، تُؤدى في المناسبات الاجتماعية وتعبر عن التلاحم الجماعي والفرح الجماعي. وتتميز هذه الرقصات بخطوات منتظمة وإيقاع قوي، وغالباً ما تُؤدى على أنغام الطبول والزورنا.
  • أما الأزياء الكردية التقليدية، فتعكس جماليات خاصة، حيث ترتدي النساء فساتين طويلة مطرزة، في حين يرتدي الرجال السروال الواسع والقمصان ذات الأحزمة العريضة، مما يعكس الخصوصية الثقافية لكل منطقة كردية.
  • الأمثال والألغاز والأقوال الشعبية تلعب الأمثال والأقوال الشعبية دوراً كبيراً في تشكيل الحكمة الشعبية الكردية، فهي تختزل تجارب الأجيال وتعكس قيم الكرم، والشجاعة، والحب، والعدل، والعمل الجماعي. ومن الأمثال الكردية المعروفة: “الجار قبل الدار”، و”الكلمة الطيبة تفتح الأبواب المغلقة”. كما تُستخدم الألغاز في المجالس الشعبية كوسيلة للتسلية والتعليم والتفكير.
  • الفلكلور الكردي في الشعر والملاحم

يُعد الشعر الشعبي الكردي من أهم روافد الفلكلور، وقد لعب دوراً مركزياً في مقاومة النسيان والاندثار. ومن أبرز الشعراء الشعبيين الكرد ملا جزيري، وأحمد خاني الذي ألّف ملحمة “مم وزين”، وهي قصة حب مأساوية تجسّد الصراع بين العشق والقدر والقيود الاجتماعية. تمثل هذه الملاحم تعبيراً عن قيم الشجاعة، والوفاء، والتضحية.

  • الطقوس والعادات المرتبطة بالمناسبات

تتنوع الطقوس والعادات الكردية المرتبطة بالمناسبات الدينية والاجتماعية، ومنها طقوس الزواج، والولادة، والختان، والوفاة، والحصاد. وتُعد مناسبة عيد النوروز، الذي يصادف 21 آذار (مارس) من كل عام، من أهم الأعياد التي تحتفل بها العائلات الكردية، حيث تُشعل النيران للإضاءة والشواء وتُؤدى الرقصات وتُغنى الأغاني احتفاءً بتجدد الحياة.

  • الحرف اليدوية والفنون البصرية:

تُعد الحرف اليدوية مثل النسيج (خصوصاً السجاد الكردي)، والتطريز، وصناعة الأدوات الخشبية، جزءاً مهماً من الفلكلور الكردي، وتعكس هذه الفنون مهارة المرأة الكردية وذوقها الفني، كما تبرز الرموز والزخارف المستخدمة في هذه الأعمال دلالات ثقافية وروحية عميقة.

التحديات التي تواجه الفلكلور الكردي:

رغم غنى الفلكلور الكردي، فإنه يواجه تحديات كبيرة تهدد استمراريته، منها العولمة، وتهميش اللغة الكردية في بعض المناطق، وغياب التوثيق الرسمي والبحث الأكاديمي. ومع ذلك، فإن الجهود الفردية والجماعية، بما فيها المهرجانات والبرامج الثقافية، تُسهم في الحفاظ على هذا التراث.

الفلكلور والتراث الكردي:

إن لكل شعب من الشعوب و كل أمة من الامم تراثاً حضارياً و اجتماعياً معيناً خاصاً به، فللشعب الكردي؛ كبقية الشعوب ذخيرة فولكلورية بعضها مدروسة والأكثر منها غير مدروسة، ومن خلال تأريخه تجمعت و تألفت لديه خبرات و عادات و تقاليد و اتجاهات عمل و أساليب تفكير؛ والتي تشكل الأصالة لهذا الشعب.

وإن هذا لا يعني أنه لم يتأثر ولم يتفاعل مع التقدم والمعاصرة والتحديث، لأن العناصر الفولكلورية الأصيلة أخذت تتأثر بالموجودات أو العناصر الحضارية وما طرأ عليها من تبديل و تغيير، وأخذت معاني مختلفة على امتداد الزمن والتاريخ، كما أنها استخدمت استخدامات مختلفة في السباق الحضاري العام للقوى والتركيبات الاجتماعية السائدة؛ فالفولكلور موجود مع عنصر التجديد و التحديث.

وحتى اليوم نجد أن الأسر الريفية التي تتأصل فيها العناصر الفولكلورية تتواجد فيها المواقد النارية بجانب المدافئ النفطية أو الغازية، وتحرث الأرض بالمحراث الخشبي الذي تجره الحيوانات بجانب ماكينات الحرث الحديثة “التراكتور” والمنجل بجانب الحاصدة، والحب بجانب الثلاجة، كل هذا يدل على عدم زوال الفولكلور، والعناصر الفولكلورية بل دخل عليها عنصر التحديث و التجديد.

فالشعب الكردي كما أشرنا له تراث فولكلوري كبير ومتنوع، فالذي ساعد على تكوين هذا التراث الضخم و نموه وانتقاله من جيل إلى جيل آخر، هو الموقع الجغرافي الذي سلكه هذا الشعب من جبال وأنهار وعيون دفاقة وأراضٍ خضراء وبساتين جميلة وهواء منعش.

إن هذا الموقع الجبلي المنعزل بطبيعته عن أسباب الحضارة و مقوماتها ساعد من جانبه على أن يحتفظ الشعب الكردي بفولكلوره الأصيل.

لقد اهتم الباحثون والمستشرقون الذين زاروا كردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى والثانية بالقضايا الفولكلورية للمجتمع الكردي، ودونوا ما أتيحت لهم فرصة تدوينه.

يقول غوركي: (أن الفولكلور مادة خام كبيرة، وهو مصدر ومعين لجميع الشعراء والأدباء و(الباحثين الفولكلوريين) ، وإذا فهمنا الماضي جيداً فسوف يكون نتاجنا الحالي رائعاً جداً، وسوف نفهم آنذاك بدقة أهمية الفولكلور.

ويقول المستشرق “أبو فيان”[3] عن الفولكلور الكردي” أن الروح الشاعرية تكمن في أعماق كل كردي، وحتى عند الشيوخ الأميين، فإنهم جميعاً يمتلكون القدرة والموهبة في الغناء، وهم يغنون ببساطة و هدوء، يغنون لوديانهم و جبالهم و شلالاتهم و أنهارهم ودورهم وأسلحتهم وأفراسهم، وهم يغنون للشجاعة ولجمال بناتهم ونسائهم، وكل ذلك يتدفق في أعماق مشاعرهم وأنفسهم دون أن يبالغوا في ذلك، ويقول المستشرق “مينورسكي”: “إن الغناء الكردي ورواية القصص الكردية قد أصبح عادة عامة عند الاثوريين الذين يعيشون في المناطق الجبلية في كردستان.

ويقول باسيل نيكتين[4]: ” أن الأدب الكردي هو الفولكلور الكردي في الدرجة الأولى، وإننا لا نجد في ذلك الفولكلور بقايا وتراث الأجيال والأجداد في الماضي فحسب؛ بل إن ذلك الفولكلور يبرهن القدرة على الحياة التي تزيد يومًا بعد يوم، “ذلك النتاج غني وتمنحه الطراوة والسعة وليس في النادر أن نجد عناصر نتاج الشعوب المجاورة تصب وتغني في قالب كردي”

إن هذا التراث الضخم الذي يمتلكه الشعب الكردي لم يدرس حتى الآن دراسة ميدانية وعلمية، ولم تتبع البحوث والدراسات المكتوبة في هذا المجال المنهج العلمي الدقيق؛ الذي يتطلب من الباحث الفولكلوري الميداني العلمي أساليب متعددة يستوجب اتباعها من أجل الوصول إلى الجذور الأساسية لقضية الفولكلور، إلا أنهم اعتمدوا على معلوماتهم الشخصية والاستفسار من بعض كبار السن، دون اللجوء إلى الاقامة في ميدان البحث، وفي جانب آخر أن معظم البحوث والدراسات التي اهتمت بالفولكلور الكردي ركزت على جانب واحد هو الأدب والشعر وأهملت الجوانب المادية الأخرى التي تشكل جزءًا مهما من تراثنا الشعبي و الحضاري الذي لا يمكن تركه أو إهماله.

التراث الفلكلوري الكُردي .. والتدوين:

لم يدوَّن من التراث الفلكلُوري الهائلٌ للشعب الكردي إلا الشيء اليسير؛ حيث ركزت معظم البحوث والدراسات التي اهتمت بالفلكلور الكُردي على جانب واحد هو الأدب والشعر[5]، وأهملت دراسة جوانب أخرى مهمة من ذلك التراث كما ذكرنا آنفًا. وثمة عدد كبير من المستشرقين والرحالة ورجال الفكر الذين زاروا كُردستان وقاموا بجمع تراثها أمثال “باسيل نيكيتين” و”ليسكو” و”مينورسكي” و”مارغريت رودينكو”[6] وهذه الأخيرة الرائدة الحقيقية في مجال إحياء التراث الكُردي. أما الباحثون الكُرد فعلى رأسهم “عز الدين مصطفى رسول”؛ صاحب دراسة «في آداب الفُولكْلُور الكُردي» و”علي الجزيري”؛ صاحب كتاب «الأدب الشفاهي الكُردي» و”جليلي جليل”، و”صبحي جعفر”، والشاعر الكبير “جكرخوين” والباحث الشاعر”صالح حيدو“.

إلا أن هذا التراث الضخم الذي يمتلكه الشعب الكُردي لم يُدرس حتى الآن دراسة ميدانية وعلمية ؛ لأن الباحثين اعتمدوا على معلوماتهم الشخصية، وعلى الاستفسار من بعض كبار السن دون الاضطرار إلى الإقامة في ميدان البحث.

ويقول “الجزيري[7]: «الفلكلور الكُردي رغم ثرائه ورغم وصفه كمعينٍ لا ينضب؛ إلا أنه مُهدد بالنسيان، بسبب موت من كان لهم الفضل الكبير في حفظه في صدورهم وصيانته. ومن هنا، تتأتى ضرورة تدوينه ودراسته». وقد بذل الشاعر والباحث “صالح حيدو” جهودًا جبارة في جمع التراث والأدب الكُردي الشفاهي؛ حيث صدرت له مجموعة من الكتب، منها «مجموعة من الأغاني الكُردية في الفلكلور الكُردي في سوريا» في خمسة أجزاء، و«شرح الأغاني الكردية مع النصوص الكاملة» و«أغاني الأطفال التراثية» و«مجموعة من القصص الكُردية». لقد كتب خمسة وأربعين مجلدًا جمع فيها التراث الكُردي الأصيل من أغانٍ فلكلورية إلى القصص والحكايات الرمزية والحقيقية التي يشتهر بها الأدب الكُردي، وفي الحِكم والأمثال جمع أكثر من أربعة آلاف مَثَلٍ كُرديٍ شرحًا، وخمسمائة «حزورة»» وخمسمائة قصة كردية تراثية» وقصص ذات نكت ومناقب ومثالب تحكي روح الشعب وطريقة عيشه في الحياة الاجتماعية.

الأغاني الكردية إرثٌّ أصيل بتاريخٍ عريق:

تُعدّ الأغنية من أقدم أنواع الفنون الفلكلوريّة، وألوان التعبير الشعبيّ الكُردي، بصفته سجلّاً حافلاً يشير بدقة بالغة إلى مواطن الوجع والألم والفرح الذي عايشه الإنسان الكردي لقرون طويلة، ولا يزال، ويوثّق تفاصيل حياته في العمل والمناسبات الاجتماعية، كالرعي والغزْل والحصاد والأعياد والأعراس، كما يستوعب مظاهرها ووقائعها وحوادثها، فلا تمرُّ ظاهرة أو حادثة مهما كانت صغيرة أو كبيرة في حياة الكرد دون أن تترك لها الأغنية أثراً.

الأغنية وخصوصياتها في الفلكلور الكردي:

لا جدال حول غِنى الأدب الشعبي الكُردي، ويتمثل هذا الغِنى في تنوع أشكاله؛ فالأغاني الكُردية الفلكلورية لا حصر لها؛ لأنها حاضرة في كل تفاصيل الحياة اليومية للشعب الكُردي؛ حيث تعبِّر عن أمنياته وآماله؛ فهناك أغاني الحب، وأغاني الزواج، وأغاني الحرب؛ التي تثبت بطولة الرجل الكُردي في معاركه مع أعدائه، وأغاني الأطفال، وأغاني الشباب، وأغاني الحصاد والفلاحة والرعي.

وطبيعة الأغنية الفلكلُورية الكُردية سواء غزلية أوفُكاهية أودينية، لا تغفل عن أن تتحدث عن طبيعة كُردستان وجمالها، ولقد كان ازدهار الغناء مرتبطًا بالإمارات الكُردية، إذ كلما كثرت الإمارات كثُر المغنون، والعكس بالعكس، والسبب هو أن المغنين كانوا يكسبون رزقهم من الغناء أمام الأمراء.

وهنا يؤكد الكثير من المستشرقين والباحثين على أنّ الكرد هم من الشعوب الشغوفة بالموسيقى والألحان والغناء، حيث تتنوّع بشكل هائل الألوان والأشكال الغنائية في تراثه الشعبيّ، حتى وصفت بالنهر الذي تصبّ فيه جداول الحياة كلّها، وتكثر الأسماء التي تشتهر في هذا المجال، من أمثال: عارف جزيري، مريم خان، دمّر علي، رفعت داري، وغيرهم.

ولقد دوّن الشاعر “صالح حيدو” مئة وخمسين أغنية، كتابة ولحنًا، لكي تنتشر في أنحاء كُردستان، ويستفيد منها الشعب الكُردي بانعكاس شخصيته من خلال موروثه الثقافي ومعظمها جمعه “حيدو” من أغانٍ إيقاعية تدل على أصالة كُرديتها؛ لتوثيق الحياة اليومية

كالحصاد والجرش[8]، والأعياد، والأعراس، وكل ما يتعلق بمسيرة هذا الشعب عبر التاريخ. وتتكون الأغنية الفلكلورية من ثلاثة مقاطع؛ وكل مقطع من ثلاثة أسطر أو أربعة تحمل قافية واحدة، وتتغير القافية أثناء المقطع الثاني أو الثالث، وغالبًا ما يكون الموضوع أحاديَّ الجانب، وتروي موضوعًا بذاته، تستخدم فيه جماليات التعبير والوصف والكلمة السلسة والمفهومة والجذابة، يفهمها كل أفراد المجتمع، وتحمل لحنًا شجيًا وجذابًا.

وتصنّف الأغاني الكُردية وفقاً لمضمونها؛ فهناك القصة (جيرُوك) والأقصوصة (جير جيرُوك) اللتان يرويهما شخصٌ يدعى (جيرُوكبيج) Girokbij أو الراوية، وينشدها (دنكبيج) Dengbej أو المغني[9]. وهناك ما يعرف بـ (ديلوك) Deloj الذي يقصد به أغاني الرقص والدبكة؛ أما (شر) التي هي أغاني الحرب أو الحماسة كما في الملاحم والأساطير فتقابلها (لاوك) التي هي أغاني الحب التي تتحدث عن الفتى الخيّال وتصور شجاعته، وتتميز الأخيرة عن لحن (حيرانوك) الذي هو عبارة عن قصائد حب يعبَّر فيها عن الحُب الناقص غير المكتمل وكآبة الفراق، كما أن هناك فرقًا بين ما يسمى (لاويجوك أو لاجه) أي النشيد والترتيل الديني، وبين النشيد الجماعي الكلاسيكي المعروف في الأدب الكُردي بـ (بليتيه).

وتطول القائمة لتشمل أغاني (بايزوك) الحزينة التي تغنيها القبائل الكُردية في الخريف خاصةً، وأغاني (لاوج) التي تعزف في مراسم الحداد والتعزية، وليس أخيرًا الأغاني التي تُهدهِد بها الأمهات صِغارهُن.

الفلكلور الكُردي (الأحاجي والألغاز والأمثال):

وتحتل الأحاجي والألغاز موقعًا مرموقًا بين الأشكال المختلفة للأدب الكُردي الشعبي الفلكلُوري. وتمثل الأحاجي مختصرًا لحادثة أو ظاهرة معينة، على عكس الأمثال والحكم التي تسعى إلى تمرير جزء معرفي.

وتستخدم الأحاجي عادةً من أجل صَقْل التفكير، أو لقضاء الوقت والتسلية، كما هو الحال بالنسبة للطرائف، أو الرمز في ميدان الأدب المكتوب، وقد ظلت الأحاجي والألغاز غير مدوَّنة طويلاً مكتفية بالانتقال شفاهيًا من جيل إلى آخر، ولم يتطوَّر حالها لتصبح جزءً من الأدب المدون؛ إلا في عهدٍ قريب.

الملحمة الفلكلورية:

من جهة أخرى، تشكِّل جزءً من الأدب الشعبي عند الكُرد؛ والملحمة هي الحادثة أو الواقعة العظيمة التي قلما تتكرر، وتخلد لأهميتها وقيمتها في أغانٍ وأناشيد تصور حجم الواقعة. وتتميز الملحمة بوجود الحوار والوصف فيها؛ بحيث يُعطيان للملحمة مظهر “القصة” التي يكون الإنسان المحور الرئيس فيها. وتنقسم الملاحم الكُردية تقريبًا إلى ملاحم البطولة، وملاحم الحب. في ملاحم العشق تظهر الفوارق الاجتماعية والدينية، وعدم رضا الأهل؛ كعوائق تحول دون اكتمال قصص الحُب، بل وتظهر أحيانًا الدسائس والحيل التي تضمن الانفصال الأبدي بين المتحابين.

ومن ملاحم العشق الكُردية ملحمة «شيرين وفرهاد»، و«خجي وسيامند» و«زمبيل فروش». إلا أن أعظم وأشهر ملحمة في الموروث الكُردي هي ملحمة (مم وزين) التي صاغها الشاعر أحمد خاني شعرًا، وهي مبنية على أصول وقواعد «ممي آلان» وهي الشاهد الوحيد على وقائع وأفعال المجتمع القديم، وتحمل أيضًا إلى يومنا هذا جذور وشخصية المجتمع الكُردي آنذاك؛ ويمكن اعتبار ملحمة “مم وزين” آنفة الذكر مثالاً على تعدد الرموز والموضوعات التي يتناولها الأدب الكُردي الشعبي؛ فهناك الحلم، والجن، والعفاريت، والحوريات، وخوجة، الذين يمثلون قُوى الخير. وأيضًا هناك العقبات التي تعترض المحبين مثل “بكو عوان” الذي فرّق بين “مم وزين”، وهناك الحيلة والخداع والامتحان والجزاء. ويحضر الموت أيضاً باعتباره النهاية؛ حيث يموت كلا العاشقين في الملحمة. كما أن رمز الخاتم الذي يظهر جليًا في الملحمة نفسها، إذ تقوم الأختان “زين وستي” بتبديل خاتميهما بخاتمي “مم وتاج الدين”. وهناك أيضًا “ماء الحياة” أو المياه المقدسة، والرسول أو “القاصد” و”المرأة العجوز الحكيمة” التي تُصلح بين المتحابين وتصل بينهم، ومثاله “العجوز هيلانة”.

أما ملاحم البطولة فأشهرها ملحمة «قلعة دمدم» التي تُصور بطولة “خان صاحب الكف الذهبية” واستماتته في الدفاع عن «قلعة دمدم» ومقاومته لجيش “الشاه عباس الصفوي” في أعوام 1608-1610م، وتقترب ملاحم البطولة كثيرًا في شكلها من الأسطورة التي يدور الصراع فيها بين الإنسان من جهة، والعفاريت والجن من جهة أخرى، يمثل الأول قُوى الخير، بينما يمثل الثاني قوى الشر على الأغلب، وتمثل “الأفعى” صورة لقوى الشر في الميثولوجيا الكُردية؛ كما في أسطورة “عيد نوروز”؛ حيث نمت اثنتان من الأفاعي على كتفي “أزدهاك” الحاكم الظالم لشعبه، وفي المقابل تظهر شخصية “خوجة خضر”، باعتباره المُلهم والمُنقذ للآخرين، جلية واضحة في ملحمة «ممى آلان» الفلكلُورية؛ حيث ظهر للأخوة الثلاثة في الملحمة، وأشار عليهم بتزويج أكبرهم ليساعدهم في محنتهم. مثل ذلك نجد الجنّ الخيّر، الذي يساعد الإنسان ولا يؤذيه؛ حيث تقوم الجنيات الثلاث، بنات ملك الجن، بحمل “زيني” ووضعها إلى جوار «ممى آلان» النائم.

ويخدم الأدب الشعبي عند الكُرد أهدافًا شتى، لكن أبرزها على الإطلاق؛ أنه يحمل القيم الكُردية ويصور الممارسات الاجتماعية اليومية؛ حتى غدا مخزونًا هائلاً ثريًا لكل ما يتعلق بحياة الإنسان الكُردي

مما سبق نقول: أن للفلكلور والتراث الشعبي أهمية كبيرة في حياة الشعوب كافة، فهو الهوية الوطنية لها، ويمثل تجارب الأجداد وخبراتهم وينقلها إلى الأجيال اللاحقة، فالمرء عندما يريد أن يعرف شعبًا سيلجأ تلقائيًا إلى البحث عن ثقافته وتراثه؛ لأنهما تقدمان طبيعة هذا الشعب وفلسفته ومعتقداته وتقاليده؛ فيستطيع بذلك أن يعرف تاريخهم ما بين الماضي والحاضر وربطه بالمستقبل، ويُعرف الفلكلور الذي تعود جذوره إلى خبرات متراكمة للشّعوب، بأنّه مجموعة الآثار (الفكرية والمادِّيّة) التي تشير إلى ما خلّفه الأجداد من موروثات متعلِّقة بالمنتج الفكري والثقافي والفنيّ، وهو بذلك يشتمل على المعارف والمعتقدات والعادات، والأساطير والخُرافات والحكايات، والأمثال والأغاني والنداءات الشّعبية المتداولة، ويشتمل كذلك على أنواع الفنون الشّعبية والحِرف والرقـص واللعب الشّعبية، وغيرها من الموروثات الشّعبية؛ فثقافة وتراث الشعوب ليست بأمرٍ هينٍ يُستباح التعدي عليه، ولكن هناك من يعرفه حق المعرفة ويحاول استغلاله ويسعى إلى محوه؛ فالشعب الذي ليس له ماضٍ لا يملك الحاضر ولن يستطيع أن يستمر، وللكرد تاريخ عريق وماضٍ حافل بالأحداث والخبرات، وتسعى القوى العالمية إلى تهميش هذا التاريخ ليدمروا حقبة تاريخية مهمة، والمعروف سعي الاستعمار دائمًا لمحاربة التراث الشعبيّ لذلك البلد؛ كونه يمثِّل فكره وهُويّته وجذوره، إلا أنّه يواجه الفشل لأنّ جذور الفلكلور راسخة في القِدم، ووثيقة الصلة ببقاء الشعب وديمومته.

التراث الكردي وثرائه..

ويقول القاصّ الكرديّ (صبري رسول): “التراث الكردي الشَّفوي؛ ثريٌّ للغاية؛ حيث تجد في كلِّ جيل ملحمة، وفي كلّ كهف ووادٍ حكاية، ومع تدفّق الينابيع العذبة ثمة حكاية وأسطورة ترويها الأحجار والأنهار والبساتين.. والمخزون الكردي الفلكلوري لا ينضب، ينتظر من ينقله إلى الآخرين من خلال فنِّ الكلمة، فكلُّ امرأة كرديّة هي مغنّية رائعة لوليدها في المهد، وتتحوّل إلى روائية بارعة عندما تصبح جدّة. 

يقول (أبافيان) عن الفلكلور الكردي: إنّ الروح الشاعرية تكمن في أعماق كلِّ كرديٍّ، وحتى عند الشيوخ الأميين، فجميعهم يمتلكون القدرة والموهبة في الغناء، فهو يتدفّق في أعماق مشاعرهم وأنفسهم، ورغم كل محاولات أعداء الكرد بتشتيت تاريخهم وثقافتهم وتبديل مصطلحاتهم والتعدي على حرمة الكيان الكردي لم ينجحوا بتحقيق ما يريدون.

أثر الفلكلور على الهُوية الوطنية:

يلعب الفلكلور الكُردي  دورًا مهمًا في تعزيز الهوية الوطنية، حيث يشكل قاعدة أساسية للانتماء إلى الوطن؛ فالحفاظ على الفلكلور والتقاليد الشعبية يعد علامة من علامات التفرد والخصوصية الثقافية للمجتمع الكُردي . ولأن الفلكلور يجسد روح الأمة وقيمها، فإنه يعمل على تعزيز الهُوية الوطنية وتعميق شعور الانتماء لدى الأفراد.

في السياق الكُردي، يُعد الفلكلور أداة فاعلة في بناء الوعي الوطني؛ حيث يسهم في تقوية الروابط بين مختلف المكونات الثقافية في المجتمع من خلال الاحتفالات والمهرجانات التي تقام سنويًا، يتم التأكيد على الوحدة الوطنية واحترام التنوع العرقي والثقافي.

الفلكلور كمصدر للابتكار والإبداع:

تعتبر الفنون الفلكلورية في كُردستان ليست فقط وسيلة للحفاظ على التراث، بل أيضًا مصدرًا للإبداع والابتكار. ففي عصر العولمة والانفتاح على الثقافات المختلفة، بات من الضروري أن يتم إعادة إحياء الفلكلور الكُردي بطرق مبتكرة تواكب التغييرات الاجتماعية والتكنولوجية، مما يساهم في جذب الأجيال الجديدة وتحفيزهم على الحفاظ على هذه القيم.

العديد من الفنانين والمبدعين في كُردستان قد تبنوا هذا التوجه؛ حيث قاموا بدمج الموسيقى الفلكلورية مع الأنماط الحديثة، مثل الموسيقى الإلكترونية والبوب، ليعطوا الفلكلور طابعًا عصريًا يتماشى مع ذوق الشباب. هذا التزاوج بين التقليدي والحديث يعزز من قوة الفلكلور كمصدر دائم للابتكار والتعبير الفني.

المرأة والفلكلور الكُردي:

ومن أروع ما يمكن أن نتناوله في تلك المقالة قبل الخاتمة هي صورة المرأة في الفلكلور الكردي، فالمرأة الكردية ليست كائنًا ثانويًا أو رمزًا للخصوبة بل هي محور الذاكرة ومرآة للكرامة، فهي الأم التي تغني للحرية وتنتظر الغائب، والمناضلة التي تمضي في الجبال، هي الكيان المتحرك في الملاحم والسير والأغاني والقصص؛ بين حدود الأسطورة والواقع.

إن تصويرها في الفلكلور هو تمرد ناعم ضد أنماط وأشكال وصور القهر، وإعادة صياغة للبطولات من زاوية العاطفة والقوة الداخلية، فهي المعنى الذي يولد من الألم، والقدرة على البقاء التي تنبع من قمة الضعف.

المرأة في الفلكلور بكافة ما تمثله من مفردات فلكلورية ليست مجرد انعكاس للواقع، بل تمثيل رمزي لعلاقة الوجود الكردي بالمعاناة والكرامة، إنها ليست راوية الحكاية؛ بل هي نفسها الحكاية، تتجسد في الغنائية الشعبية كأم تنتظر الشهيد، وعاشقة تحترق شوقًا في انتظار البطل الغائب، ومحاربة لا تهاب المصير.

وفي ذلك السياق نستعرض ما ذكره المفكر “عبد الله أوجلان” عندما يتحدث عن المرأة فيقول: لا تختزل المرأة إلى دور اجتماعي، بل تُرفع إلى مرتبة أسطورية تتجاوز الزمان والمكان؛ حيث تكون هي الذاكرة والصوت، وهي الرابط بين الأرض والحرية.

ومن هنا يتمثل فيها الفلكلور الكردي وكأنه يُعيد الاعتبار لفلسفة الألم من خلال المرأة، التي تحوِّل الفقد إلى غناء، والغربة إلى أشعار، والخذلان إلى عزيمة وإصرار، فهي ليست فقط ضحية التاريخ، بل صانعته الصامتة، والتي تُبقي النار مشتعلة في قلب الهُوية الكُردية.    

وأخيرًا …

التحديات التي تواجه الفلكلور في العصر الحديث:

رغم الأهمية الكبيرة للفلكلور في بناء الهوية الوطنية، إلا أن الفلكلور الكُردي  يواجه بعض التحديات في العصر الحديث. من أبرز هذه التحديات هو تأثير العولمة والتكنولوجيا التي قد تؤدي إلى طغيان الثقافات الأجنبية على الثقافات المحلية. كما أن هناك تراجعًا في الاهتمام بالفلكلور التقليدي لدى بعض الأجيال الجديدة، الذين قد يفضلون الأساليب الثقافية الحديثة على التراث الشعبي.

من هنا، يصبح من الضروري تكثيف الجهود للحفاظ على هذا التراث، سواء من خلال التعليم أو من خلال دعم الفنون الشعبية على المستويين الرسمي والشعبي؛ فالفلكلور ليس فقط موروثًا ثقافيًا، بل هو أيضًا أداة لتعزيز الوحدة الوطنية والمحافظة على التنوع الثقافي الذي يميز المجتمع الكُردي .

خاتمة:

إن الفلكلور الكُردي  يمثل أحد أهم ألوان الثقافة الوطنية على الإطلاق؛ والتي تسهم بلا شك في تشكيل الهُوية الكُردية، ويعكس تاريخًا طويلًا من التنوع والابتكار،وذلك من خلال روافده الأساسية مثل الموسيقى، الأدب الشفهي، والرقصات التراثية… الخ، ويعبر الفلكلور عن القيم التي تميز الشعب الكُردي وتوحده في ظل تنوعه، وعلى الرغم من التحديات التي تواجه الفلكلور في العصر الحديث؛ فإنه يظل أحد الركائز الأساسية لبناء الهوية الوطنية والحفاظ على الثقافة الكُردية للأجيال القادمة

والفلكلور الكردي لم يتوقف عند كونه محفوظًا في الذاكرة، بل تطور ليتماشى مع التحولات المعاصرة، دون أن يفقد جوهره، فقد انفتح على وسائل الإعلام، وصار موضوعًا أكاديميًا وعلميًا بجانب كينونته الأدبية، لكنه بقي في جوهره ذلك النبض البدائي للحقيقة الإنسانية، فإن الإنسان لا يُعرف فقط بما يملك، بل بما يكتب، وبما يغني، وبما يرقص، وبما يروي.

والفلكلور الكردي ليس مجرد ترفٍ ثقافي، بل هو وسيلة حيوية لصون هُوية شعب بأكمله. إنه الذاكرة الجمعية التي تروي تفاصيل الحياة اليومية، والصراعات، والأحلام. وفي ظل التحديات المعاصرة، تزداد الحاجة إلى توثيق هذا التراث وإحيائه، بما يضمن استمراره وانتقاله إلى الأجيال القادمة ككنزٍ لا يُقدَّر بثمن.

وهكذا يظل الفلكلور الكردي أكثر من مجرد أغانٍ تُتلى، ورقصات تُؤدى، وحكايات تُروى، إنه مرآة الروح الكردية، وتعبير عن مقاومة الزوال في وجه النسيان، في أعماقه يكمن السؤال الفلسفي الأبدي: من نحن حين نُصبح صدى لأجدادنا؟ إنه تذكير بأن الهوية ليست حاجزًا ثابتًا بل نهرًا حيًّا يتغذى من ينابيع الذاكرة، ويجري في مجرى الزمن؛ ليصوغ الإنسان الكردي لا كما تريده السياسة؛ بل كما يريده التاريخ والأمل والكرامة.


[1] الأدب الكردي غني بالرموز والشخصيات التي تمثل الحكمة الأنثوية، بعض هذه الرموز تأتي من الأساطير والقصص الشعبية الكردية، حيث غالبا ما تصور النساء كشخصيات قوية ذات حكمة عميقة ومن الأمثلة على ذلك شخصية “مريم” التي مثلت الرحمة والحكمة وشخصية “خاتون” التي مثلت الشجاعة والقيادة.

[2] مركز آتون للدراسات: الأدب الكردي، القصة، تحليل تكتبه: د. عزة محمود، يناير 2025م

[3] المستشرق خاتشاتور أبوفيان Khachatur Abovian  مفكر ومثقف أرمني بارز في القرن التاسع عشر، يعتبر من أوائل من جمعوا وسجلوا الفلكلور الكردي مما يجعله شخصية محورية في تاريخ الدراسات الكردية، ولد أبوفيان عام 1809م في قرية كاناكير بالقرب من يريفان ويعرف بأنه أبو الأدب الأرمني الحديث لكتابته أول رواية باللغة الأرمينية العامية بعنوان “جراح أرمينيا” عام 1841م وتناولت معاناة الأرمن تحت الحكم الفارسي، وكان من أوائل المهتمين بالفلكلور الكردي وأقام علاقات وطيدة مع المجتمعات الكردية والأزيدية مما مكنه من توثيق تراثهم الثقافي.

[4] باسل نيكتينBasil Nikitin :: مستشرق ودبلوماسي روسي بارز ولد عام 1885 وتوفى عام 1960 يعد من أوائل الباحثين الذين أسهموا بعمق في دراسة المجتمع الكردي وثقافته خاصة في فترة عمله القنصلي في إيران في أوائل القرن العشرين، وقام بترجمة الراعي الكرمانجي وتقديم دراسة شاملة عن المجتمع الكردي.

[5] مركز آتون للدراسات: الأدب الكردي، الشعر، تحليل تكتبه: د. عزة محمود، أبريل 2025م

[6] مارغريت رودينكو: مستشرقة روسية ولدت عام 1926 أطلق عليها السنبلة الروسية درست المخطوطات الكردية وأصدرت كتابها عام 1961 وكرست جهودها لتحقيق وترجمة ونشر تلك المخطوطات وجعلت منها مرجعا للباحثين والدارسين في القصص والأدب الكردي؛ حتى أطلق عليها ينبوع الثقافة والتراث الكردي.  

[7] الملا أحمد جزيري من أعلام الشعر الكُردي،كاتب وشاعر كُردي متصوف ولد عام 1570م في جزيرة “ابن عمر” بمحافظة “شرناق” جنوب شرقي تركيا حاليا. ينتمي لمدرسة الشعر الكلاسيكي، ويعد الأشهر بين أقرانه، وهو في مرتبة ابن الفارض في الشعر العربي، للمزيد راجع: مركز آتون للدراسات، المرجع السابق.

[8] الجرش: هي عملية طحن الحبوب بعد الحصاد، وهي آلة طحن وسحق الحبوب، وكان الكرد يجرشون الحبوب لتحويلها إلى طحين ودقيق لتحضير الخبز والأطعمة الأخرى والحلوى وتستخدم في الطحن آلة الجرشة مثل الطاحونة الحجرية، وتكون الجرشة طريقة للتواصل بين الأهل والجيران ووسيلة للتجمع الأسري لدى الكرد.

[9] الدنكبيج: مصطلح كردي يشير إلى المُغني الذي يقوم بأداء الأغاني والقصائد الشعبية الكردية ويرافق أداؤه العود أو آلة موسيقية أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى