
يعد إعلان كل من الجارتين النوويتين الهند وباكستان مؤخرًا قبول الدعوات والمطالبات التي نادت بها الأمم المتحدة ومعظم دول العالم، والقاضية بضبط النفس لدى الدولتين، ووقف إطلاق النار، وكذا وضع حد للصراع بينهما، بمثابة إلتقاط المجتمع الدولي والعالم لأنفاسه، وتنفسه الصعداء بعد تهديد بتطور الصراع بين الهند وباكستان إلى حرب ضروس، قد تتطور لحرب نووية، تهدد العالم بأسره، بشره وحجره، ويذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تندلع فيها الخلافات بين الجارتين النوويتين، ولكنهما لم تكونا لتصطدمان صدامًا مدمرًا لهما وللعالم في كل مرة، بل إن نيران الصراع التي تشتعل بين الحين والآخر كان يتم تداركها قبل أن يتفاقم الوضع بشكل غير محسوب، وذلك منذ خروج الاحتلال الإنجليزي من منطقة جنوب آسيا 1947 والخلاف على السيادة الكاملة لكل من البلدين على المنطقة الحدودية المتنازع عليها بينهما “كشمير” ذات الأغلبية المسلمة، وقد خاضت الجارتان عدة حروب على هذه المنطقة، كما أدت المناوشات بين القوات المتمركزة التابعة للبلدين على طول الحدود الفعلية إلى جعل كشمير خطًا للمواجهة في نزاعاتهما، والتي باتت بدورها كامنة تحت رماد السكون وهدوء العلاقات الظاهري بينهما في السنوات الماضية، إلى أن تعرض الشطر التابع للهند من كشمير وتحديدًا مدينة “باهالغام” السياحية لهجوم في 22 أبريل 2025 ، والذي يعد الأعنف منذ 20 عامًا مضت، حيث أودى الهجوم بحياة 26 شخصًا، ولم تعلن أيّ جهة بعد مسؤوليتها عن الهجوم غير أن الهند التي اعتادت اتهام باكستان كلما وقع فيها حادث تفجير أو قتل، وجّهت أصابع الاتهام مجددًا إلى الجانب الباكستاني، الذي نفى الأمر نفيًا قاطعًا، وكرد على هذا الهجوم أعلنت نيودلهي اعتزامها قطع مياه الأنهار التي تنبع من أراضيها وتتجه للأراضي الباكستانية، بتعليق معاهدة نهر السند وروافده1960 مع باكستان، التي تنظم تقاسم المياه من نهر السند وروافده، مما أثار حفيظة المسئولين في إسلام أباد، وأعلنوا بدورهم أن إقدام الهند على مثل هذا الأمر يعد إعلانًا صريحًا للحرب، كما علقت باكستان في المقابل كل صور التبادل التجاري مع الهند بما في ذلك من خلال دول ثالثة، وأغلقت الدولتان مجالهما الجوي أمام شركات الطيران التابعة للبلد الآخر، وألغت نيودلهي معظم التأشيرات الممنوحة للمواطنين الباكستانيين.
خطورة تطور الصراع المزمن إلى حرب بين الدولتين
- موقع الصراع منطقة استراتيجية غنية بالممرات البحرية الحيوية، فبحر العرب والمحيط الهندي تمر عبرهما ناقلات النفط الخليجية، والسلع الآسيوية نحو أوروبا، ويجاورهما مضيق هرمز، الذي يشكل نقطة ارتكاز للطاقة العالمية، ومن الشرق، يمر مضيق ملقا الذي تعتمد عليه التجارة الصينية باتجاه إفريقيا وأوروبا، وأي اضطراب في تلك المنطقة قد يشل نصف تجارة الطاقة والبضائع العالمية.
- حسب دراسة نُشرت في مجلة Science Advances عام 2019، فإن حربًا نووية شاملةً بين الهند وباكستان قد تؤدي إلى مقتل ما بين 50 إلى 125 مليون شخص في غضون أسبوع واحد، وهو عدد يفوق ضحايا الحرب العالمية الثانية.
- استمرار الصراع في هذه المنطقة، وتطوره يمكن ربطه بواقع الوضع الراهن في الشرق الأوسط مما تقتضيه مصالح الدول الكبرى وإسرائيل في الشرق الأوسط، ورسم خريطة جديدة لها، ومحاولات التهجير في غزة، وتسهيل تنفيذ مشروع (قناة بن جوريون) الإسرائيلية، التي يُفترض أن تمر من صحراء النقب إلى البحر الأحمر وتستقبل البضائع القادمة من الهند عبر الخليج، المرهون بتهجير سكان غزة لتأمين عمق أمني وجغرافي له.
- التأثير سلبًا على الببيئة والمناخ، حيث يزداد الوضع سوء بالنسبة للتغير المناخي وزيادة معدلات درجات الحرارة في العالم، وزيادة معدلات الكربون، والتأثير سلبًا على الموارد المائية والثروات البحرية، لاسيما حال حدوث تسرب إشعاعي من أي من المفاعلات لدى البلدين، أو حدوث حرب نووية وهو أمر مستبعد.
- تضاعف معدلات الهجرة واللجوء وتضاعف سوء الأحوال المعيشية والاقتصادية على مستوى العالم، لاسيما مع اندلاع بؤر أخرى للصراع في العالم.
- تفاقم أزمات التغذية وزيادة معدلات المجاعة، والإخلال بالأمن الغذائي العالمي.
عوامل وأسباب تأزم الصراع مؤخرًا
لقد أدت عدد من العوامل إلى تأزم الصراع وتفجره بين نيودلهي وإسلام أباد، وكان من أبرزها:
- إرسال الهند طائرات تجسس إلى باكستان ورفض أي مسعى دولي لإنهاء الأزمة وتقريب وجهات النظر.
- ترسانة الأسلحة الإسرائيلية الفتاكة ذات التكنولوجيا المتقدمة، التي زودت بها إسرائيل الهند، حيث بلغت واردات الأسلحة من تل أبيب لنيودلهي نحو مليارين وتسعمئة مليون دولار خلال العقد الأخير، منها المسيرة “هاروب” التي تحمل رأسًاحربيًا يزن 23 كجم، ولها قدرة على تدمير أنظمة الدفاع الجوي والردارات بكفاءة عالية، ويمكنها الطيران لأكثر من 9 ساعات متواصلة، والمسيرة “هيرمز” 900 ” التي تطير في الجو لأكثر من 36 ساعة متواصلة، وهي ثان أكبر طائرات استطلاع في سلاح الجو الإسرائيلي، والقابلة للتذخير بقنابل وصواريخ بعيدة المدى، وكذلك بنادق “تافور” الإسرائيلية التي تعتمد عليها الهند منذ 2008، ونظام التوجيه الدقيق “سبايس 2000” والذي كان له الفضل في الغارات الهندية على الأراضي الباكستانية 2019، ناهيك عن نظام الدفاع الجوي “باراك 8” ، وصواريخ “لورا الإسرائيلية” التي تقترب من سرعة الصوت.
- اعتزام الهند قطع مياه نهر السند وروافده عن الأراضي الباكستانية، ووقف الاتفاقية المائية التاريخية التي يشرف عليها البنك الدولي، وهي سابقة فريدة من نوعها لم تحدث من قبل في أي فترة من فترات التوتر والصراع بين الدولتين، لاسيما وأن 70 % من حاجة باكستان من المياه تأتي من هذه الأنهار، وأن الهند كانت قد بدأت ببناء سدود سببت أزمة بين البلدين في وقت سابق.
- اتهام مصادر باكستانية للهند بفبركة حادث الهجوم على السياح في إبريل الماضي، حيث أنه تزامن مع زيارة “جي دي فانس” نائب الرئيس الأميركي للهند، لاسيما مع الرجوع لتصريح “جون فاينر” نائب مستشار الأمن القومي الأميركي ديسمبر 2024، بأن باكستان النووية تشكل خطر ناشئ على واشنطن، ناهيك عن تدهور العلاقات الباكستانية الأمريكية منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان 2021.
- احتدام التنافس بين القوى الدولية، الذي أفضى بدوره إلى تأزم التوتر بين الهند وباكستان، ودخولهما دائرة الصراع، حيث تعد باكستان حليفًا استراتيجيًا للصين، وتمتلك علاقات واستثمارات واسعة معها، فقد استحوذت الصين على ميناء جوادر في إقليم بلوشسان في 16 مايو 2013، وبلغت قيمة مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان حتى عام 2022 حوالي 65 مليار دولار، وتعتبر باكستان كذلك نقطة مهمة في مشروع طريق الحرير، ولطالما اعتبر نشاط الانفصاليين المدعوم من الخارج في هذه المنطقة نشاطا يستهدف الاستثمارات الصينية، في المقابل تمتلك الهند علاقات وطيد اقتصادية وسياسية مع روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل، لاسيما وأنها عنصر مهم في مشروع الممر القاري التجاري الذي يربط الهند بدول الخليج وإسرائيل ودول أوروبا وتدعمه الولايات المتحدة، وهو مشروع ينافس طريق الحرير الصيني.
- محاولات الهند إغلاق الموانئ الباكستانية ومنها ميناء كراتشي الذي يُدخل موارد إلى البلاد بقيمة 100 مليار دولارًا سنويًا من خلال تحريك أسطولها البحري باتجاه الموانئ الباكستانية.
جذور الصراع المزمن
قامت بريطانيا وكعادتها كدولة احتلال قبل خروجها من شبه القارة الهندية سنة 1947م بتقسيم البلاد هنالك إلى دولتين على أساس طائفي ليبق الصراع بينهما قابل للاشتعال في أي وقت، احداهما “الهند” وتضم الأغلبية الهندوسية وبعض الأقليات المسلمة والمسيحية والبوذية، والدولة الثانية “باكستان” وتضم الأغلبية المسلمة بالإضافة لبعض الأقليات من ديانات مختلفة، وقد حظي قرار التقسيم المشار إليه بقبول الطائفتين الكبيرتين في شبه القارة الهندية وهما المسلمون والهندوس ولا يزال، إلا أن ما عرقل سير الأمور عدم قيام بريطانيا بالبت في وضع “كشمير” وترك الأمر معلقًا بين الدولتين كما فعلت في عدد من الدول التي احتلتها سالفًا، ليكون مثارًا للتشاحن بين الدول ذات الصلة، خاصة مع منح حكام الولايات الأميرية الحق في الانضمام إلى إحدى الدولتين أو البقاء مستقلين، ادعت كل من الدولتين حقّها في الإقليم، فاندلعت المواجهة العسكرية، واضطر الأمير الهندوسي الذي كان يحكم كشمير، والذي رفض في البداية التنازل عن سيادته، للانضمام إلى الهند مقابل ضمانات أمنية، بعد دخول ميليشيات باكستانية أجزاءً من إقليمه، وتوالت سلسلة من الأحداث، شملت اندلاع ثورة للمسلمين بالإقليم على الحدود الغربية وتدخل قبائل البشتون، مما أرغم المهراجا على التوقيع على “وثيقة الانضمام” إلى الاتحاد الهندي في أكتوبر 1947، فأصبح جزء من كشمير خاضعًا للسيطرة الهندية، وتدخلت باكستان التي اعتبرت الإقليم امتدادًا طبيعيًا لها، وتولد النزاع.
أهم محطات الصراع المزمن:
مر الصراع المزمن بين البلدين النوويين بشأن إقليم كشمير بعدد من الحلقات والمراحل التي أثرت سلبًا على العلاقات بين الجارتين النوويتين، وأدت للتصعيد العسكري والدبلوماسي، وكان أهمها:
يناير 1949:
انتهت أول حرب بين الهند وباكستان بشأن كشمير بعد تدخل الأمم المتحدة للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار، وبموجب شروط الاتفاق، رُسم خط يقسّم الإقليم بشكل مؤقت لحين الوصول إلى تسوية سياسية، فاحتلت الهند نحو ثلثيه، وباكستان الثلث المتبقي، فحكمت الهند سيطرتها بموجب الاتفاق على مناطق جامو ولاداخ ووادي كشمير، وسمتها “جامو وكشمير”، بينما سيطرت باكستان على مناطق آزاد كشمير وجيلجيت بالتستان، وسمتها “آزادي كشمير (كشمير الحرة)”.
1965:
نشبت “الحرب الهندية الباكستانية الثانية” بفعل مجموعة من الأحداث، منها إرسال باكستان قواتها إلى منطقة خاضعة للسيطرة الهندية، أعقبتها هجمات من الجانبين في أبريل من العام نفسه، وعندما شنت باكستان هجوماً عبر خط وقف النار في كشمير في أغسطس، تصاعد القتال سريعاً إلى حرب شاملة، استمرت نحو 3 أسابيع وخلّفت دماراً واسعاً، بعدها أطلقت باكستان “عملية جبل طارق” في أغسطس 1965، وبدأت غزو الجزء الهندي، فردت الهند بهجوم عسكري شامل على غرب باكستان، واستمرت المعارك 17 يومًا، مخلفة آلاف القتلى من الجانبين.
1966:
وقعت الهند وباكستان على “إعلان طشقند”، وهو معاهدة سلام تعهد فيها الطرفان بإعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وسحب القوات والعودة إلى حدود عام 1949.
1972:
بعد حرب إقليمية عام 1971 أدت إلى قيام بنغلاديش التي انفصلت عن باكستان، قررت باكستان والهند إعادة النظر في مسألة كشمير العالقة، وفي ديسمبر 1972، أعلنت الدولتان حلّ الجمود حول خط وقف النار؛ لكنه لم يتغير شيء سوى اسم الخط، فأصبح «خط المراقبة» الرسمي، مع احتفاظ كل من البلدين بالجزء الذي كان يسيطر عليه لأكثر من 20 عاماً.
1974
أجرت الهند أول اختبار نووي لها، بينما أجرت باكستان اختبارها النووي في وقت لاحق، وأصبحتا ضمن قائمة أقوى 10 دول نووية في العالم، ما أثار قلقًا دوليًا من استخدام السلاح النووي في الصراع بينهما.
1989
اندلع تمرد مسلح بقيادة “جبهة تحرير جامو وكشمير” ضد حكم الهند على الجزء الواقع تحت سيطرتها من الإقليم، إذ دعت بعض الجماعات المتمردة إلى الاستقلال، بينما طالبت أخرى بالاتحاد مع باكستان، مع اقتراب الألفية الجديدة، وبدا أن الهند وباكستان قد تكونان على أعتاب سلام دائم.
فبراير 1999
استضاف رئيس وزراء باكستان نظيره الهندي في زيارة رسمية بعد غياب لمدة عقد كامل، وتم توقيع وثائق تؤكد التزامهما بتطبيع العلاقات بين البلدين، لكن بعد 3 أشهر، اندلعت الحرب مجدداً، وكانت كشمير نقطة الصراع، وانتهت الحرب بعد أن طلب “نواز شريف” انسحاب المسلحين، ثم أُطيح به بعدها بانقلاب عسكري قاده جنرال باكستاني تبين لاحقاً أنه أمر بالعملية التي أشعلت الحرب في كشمير.
مايو – يوليو 1999:
تسبب قيام قوات غير نظامية مدعومة من الجيش الباكستاني باحتلال مواقع هندية على خط وقف إطلاق النار؛ إلى اندلاع حرباً غير معلنة داخل منطقة كارجيل في مدينة كشمير، وتعرضت وقتئذ باكستان لضغوط أمريكية أجبرتها على التراجع والانسحاب من المواقع التي احتلتها.
ديسمبر 2001:
شهد هذا التاريخ توتر حاد بين البلدين وصل وقتها إلى حد اندلاع الحرب بينهما، وذلك عندما قضى 9 أشخاص نحبهم إثر استهدف مهاجمون مدججون بالسلاح مبنى البرلمان الهندي في نيودلهي، واتهمت الهند باكستان وتحديدًا جماعتي “جيش محمد” و”عسكر طيبة” المتشددتين أنهما وراء ارتكاب الحادث.
نوفمبر 2008:
تم استهداف 10 مهاجمين مسلحين في مواقع رئيسة في مومباي، بما في ذلك فندقان فاخران ومركز يهودي ومحطة القطار الرئيسة، مما أسفر عن مقتل 166 شخصاً، وأوقفت الهند جميع قنوات الحوار والتواصل مع باكستان، ثم استأنفتها بعد أعوام في إطار ما اقتضته عملية سلام بين البلدين.
يناير 2016:
تم اقتحام قاعدة جوية هندية قرب الحدود مع باكستان، بواسطة خمسة مهاجمين، وقد ترتب على هذا الهجوم إطلاق النار المتبادل مع القوات الهندية التي خاضت معارك استمرت أكثر من 15 ساعة بدعم من الدبابات وطائرات الهليكوبتر، مما أسفر عن قتل جميع المهاجمين الذين هاجموا القاعدة وحارسان هنديان، واتهمت السلطات الهندية باكستان، بينما نددت السلطات الباكستانية بالهجوم، ما أدى لتعقد الأمور بين البلدين.
سبتمبر 2016:
قتل 18 جندياً هندياً بهجوم على قاعدة عسكرية داخل أوري ضمن كشمير الهندية، وحملت نيودلهي باكستان مسؤوليته، وردت بشن “ضربات دقيقة” عبر خط المراقبة على ما وصفته بأنها منصات إطلاق إرهابية، في حين نفت باكستان وقوع أي توغل على أراضيها.
فبراير 2019:
أسفر حادث تفجير انتحاري عن مقتل 40 من أفراد قوات الأمن الهندية في كشمير، في المقابل نفذت القوات الهندية غارات جوية على بالاكوت داخل باكستان، وردت باكستان بغارات جوية، وأسقط كل طرف طائرات تابعة للطرف الآخر، ثم تعرضت الدولتين لضغوط دولية لوقف المواجهات بينهما.
أغسطس2019:
ألغت الهند الوضع الخاص بكشمير بإرادة منفردة؛ لتنهي بذلك بنداً دستورياً كان يسمح لولاية جامو وكشمير بسن قوانينها الخاصة، ما ترتب عليه خفض باكستان لمستوى العلاقات الدبلوماسية مع الهند وتعليق التجارة معها.
عملية البنيان المرصوص
أعلن أحمد شريف شودري المتحدث العسكري الباكستاني 10مايو 2025، أن الهند شنت هجومًا صاروخيًا استهدف قواعد نور خان، ومريد، وشوركوت، وتوعدت باكستان بالرد على الهند من خلال إطلاق عملية عسكرية موسعة “البنيان المرصوص” ضدها لقصف عدد من المطارات والمدن الهندية.
العودة للتهدئة
تصاعدت المناشدات الدولية للدولتين المتصارعتين لضبط النفس والتهدئة، وكان من بينها دعوة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى خفض فوري للتصعيد، ووقف الصراع بينهما، وضرورة الانخراط في حوار مباشر بين الطرفين للتوصل إلى حل سلمي، وهذا بالرغم من المصالح الفردية التي تسعى بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة جراء هذا الصراع، وسعيها لتقويض قوة باكستان بالرغم من دعوات “ترامب” لوقف إطلاق النار لتحقيق مكاسب بعينها، إلا أن الدولتين استجابت لنداءات التعقل والتهدئة.
رؤية استشرافية لمستقبل الإقليم وتجدد النزاع
كما ذكرنا أن ترك بريطانيا لوضع إقليم كشمير دون حسم إثر انسحابها من شبه القارة الهندية، لم يكن من باب المصادفة، بل هي إحدى استراتيجيات الدول الاستعمارية لإيجاد مجال ومبرر لإحداث صراع بين الدول المتجاورة لتحقيق مصالح بعينها في منطقة ما من العالم، لاسيما مع وجود مناطق توتر حدودي بين أغلب الدول في العالم التي كانت محتلة من قبل هذه الدول يمكن أن تلتهب لتشعل فتيل الحرب بين الدول المتجاورة في أي وقت، مع حرص كبريات الدول في العالم على إبقاء مناطق التوتر والنزاعات الحدودية دون حل حاسم لاستثمارها، لتحقيق مكاسب بعينها واستخدامها كأوراق ضغط على دول المنطقة المراد إشعال الصراع فيها، وهذا هو الوضع بالنسبة لإقليم كشمير، فإذا لم تتفاهم الهند وباكستان وتضع حل نهائي لأزمة قليم كشمير سيبقى التهديد باندلاع حرب ضروس بين الدولتين قائم لا محالة بين الحين والآخر، مما يؤرق السلم والأمن الدوليين، ويهدد طرق التجارة والاقتصاد في العالم، ويهدد بتكرار الصراع من وقت لآخر لذلك ينبغي على الدول المعنية والمجتمع الدولي أن يصفر المشكلات الحدودية بين الدول المختلفة وعلى رأسها الدول النووية التي يمكن أن يؤدي استمرار الصراع بينها إلى الوصول لمرحلة لايمكن معها التنبوء بالعواقب، كما ينبغي على هذه الدول أن تسوي نزاعاتها بحيث لاتترك مجالاً للدول الكبرى أن تستخدمها كأداة للمساومة والوصول لأغراضها السياسية والاقتصادية وتحقيق مصالحها.