ندوات

منتدى آتون الثقافي يكرم عدداً من رموز الدراما المصرية ويصدر ورقة عمل للارتقاء بها

احتفل منتدى آتون الثقافي بتكريم مجموعة من رموز الدراما المصرية تزامنا مع الاحتفال بعيد الإعلاميين، على رأسهم الأساتذة الكبار الفنان محمد صبحي، والمخرج الكبير محمد فاضل، والفنان القدير أحمد ماهر، والفنانة نهال عنبر، في احتفالية أدارها الناقد الفني الكبير سمير الجمل، بحضور عدد من الفنانين مثل الفنان التشكيلي حسين نوح، والكاتب والسيناريست أحمد عوض، إلى جانب المخرج عمر عبدالعزيز، والكاتبة الصحفية بالأهرام والروائية هبة عبدالعزيز، إلى جانب عدد آخر من الصحفيين والمثقفين.

وشهدت الاحتفالية تكريماً خاصاً لاسم الكاتب أسامه أنور عكاشة رائد الأدب التليفزيوني، الذي أثرى الدراما المصرية والعربية بعشرات الأعمال الفنية الرائعة التي لا تزال محفورة في الأذهان، ولا تزال كذلك مصدر إلهام للكثيرين، وكذلك تكريم اسم الكاتب الكبير عاطف بشاي أحد أهم رواد المدرسة الدرامية الإبداعية المصرية التي تقوم على أن النص الدرامي هو الأساس.

الإنتاج والدراما

وقد شهدت الاحتفالية نقاشاً مثمراً حول واقع الدراما المصرية، حيث أكد المخرج محمد فاضل على أن جهات الإنتاج لا يجب أن تكون بعيدة عمن هم ذي صلة بالأعمال الفنية، وأنه يجب أن يكون المشرفون عليه لهم صلة بالملف أو عملوا فيه؛ فإدارة الدراما لها دور مهم في النهوض بالعمل الدرامي.

وأبدى فاضل تفاؤله بوجود الكاتب الصحفي أحمد المسلماني على رأس الهيئة الوطنية للإعلام؛ لأنه صحفي وكاتب ومثقف، مشدداً على أن الحل هو إعطاء إدارة الدراما لمن هم ذي صلة بالملف بالفعل. وقال إنه لا بد أن يعود ماسبيرو إلى جانب القطاع الخاص، كما تحدث عن إشكاليات التمويل، داعياً إلى التعاطي الإيجابي مع ورقة العمل التي اعتمدتها الاحتفالية.

الرقابة على المحتوى الدرامي

بدوره، تحدث الفنان الكبير أحمد ماهر حول ضرورة أن تكون هناك رقابة على المحتوى الدرامي الذي يقدم، مشيراً إلى تجرية قطاع الإنتاج، حيث كانت هناك رقابة عامة خارجية تجيز النص، ورقابة عامة داخلية تجيز أيضاً النص، ورقابة أيضاً للمشاهدة حول كيف قيل النص، ومن ثم كان العمل الدرامي أمام 3 مستويات من الرقابة.

ولفت ماهر إلى إشكاليات تتعلق ببعض مما يرد في المحتوى الدرامي، من مشاهد يصعب مشاهدتها أو عبارات يصعب سماعها بين أفراد الأسرة، مؤكداً في الوقت ذاته إلى الحاجة إلى النظام الأكاديمي في العمل الدرامي، فلا يجب البدء في عمل دون أن يكون نصه مكتوباً بشكل كامل وحلقاته مكتملة، وألا يقوم فنان بعمل دون أن يكون لديه قوام الشخصية التي سيؤديها بالكامل، منتقداً عدم الالتزام بالنصوص في الوقت الحالي والاعتماد على الارتجال.

وشدد الفنان أحمد ماهر على أنه في غياب الدولة وقطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي فإننا “في مضيعة”، داعياً إلى عودة ماسبيرو مرة أخرى للعمل، معتبراً أن احتفالية منتدى آتون فرصة لإطلاق صرخة لإنقاذ الفن والدراما.

غياب الفنان المثقف

من جهته، انتقد الفنان التشكيلي حسين نوح افتقار كثير من الفنانين في الأجيال الجديدة إلى الثقافة، مقارنة بما كان عليه الحال في السابق، أو مقارنة بفنانات مثل فاتن حمامة وسعاد حسني وغيرهن، معتبراً أن كثيرين كل ما يعنيهم أن يكونوا “نجوماً” قبل أي شيء.

وانتقد كذلك غياب النص الفني أو الدرامي الجيد، وتوسع الأعمال التي يمكن وصفها بأنها “للترفيه أو التسلية”، كما انتقد كذلك ما يعرف بـ”الورش الفنية”، التي حمل بعضها إساءات للمجتمع وتشويه له، موجهاً اللوم كذلك إلى من يوافقون على نصوص كهذه.

ورفض نوح كذلك الادعاء بأن أزمة الفن هي التمويل، قائلاً إنه إذا لم يجري التفكير الآن في أن يتحول الفن إلى قيمة مضافة، وأن يكون هناك عمل على تطوير العقول، فإننا لن نتطور، مشدداً على أنه لا يوجد فن في الحياة لا يقدم قيمة مضافة، وأن يكون هناك دور للفن في بناء الدولة، خاصة أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف على قدميها الآن في المنطقة.

الأعمال الدرامية وبناء الأوطان

أما النجم الكبير محمد صبحي فتطرق إلى عديد من القضايا التي تمس الدراما المصرية، منها على سبيل المثال التترات، التي تشهد أموراً غريبة في الأسماء التي تكتب بها، فلا تقل عن 140 اسماً في الوقت الحالي، لدرجة أنه يكتب في بعض التترات “ماكيير الفنان.. وسائق الفنانة .. ومدير أعمال الفنانة.. ومصور الفنان..”.

 كما تطرق إلى فكرة “الورش الفنية”، مبدياً انتقاده الشديد لهذا المصطلح غير العلمي، كما أبدى عدم تفهمه أن يكون هناك عمل فني يشارك في تأليفه أو كتابته مجموعة، فتجد مثلاً 8 أو 10 أفراد كل شخص فيهم يكتب مجموعة معينة من المشاهد في العمل الفني، معتبراً أن هذه “مصيبة”.

وشدد الفنان محمد صبحي على أنه ضد أي عمل فني يحاول اللعب في منطقة انهيار الوطن، ويشير إلى أنه أحياناً تأتي إليه أفكار ليقولها، لكن لا يمكن أن يقوم بها كعمل فني، مشيراً إلى أنه قد يكون بداخله رغبة في مهاجمة كثير من الأمور السلبية في الدولة، ولديه الحق في مهاجمتها، لكنه لا يمكنه القيام بها لأن بداخله “رقيب أكبر”.

ويروي الفنان محمد صبحي بعض المواقف التي تعرض لها، فعندما كان يقدم مسرحية “ماما أمريكا” أخذته مباحث أمن الدولة وطلبت منه إلغاء “تقليد حسني مبارك”، رغم أنه كان يقدم العمل منذ أكثر من شهر، ولما سألهم حول من أبلغهم بأنه يقلد حسني مبارك، كان الرد بأنه قد تم التسجيل له، مشيراً إلى أنه طلب ممن كان يوجه له الأسئلة بأن يحضر ويرى بنفسه، وشاهد المشهد بالفعل وطلب عدم إلغائه مع العرض، ثم أخبره بأن أحد زملائه قدم فيه شكوى بأنه يتعمد الإساءة إلى رئيس الجمهورية.

ويقول إنه تحدث إلى أسامة إلباز الذي كان مستشاراً للرئيس الأسبق مبارك، ليستفسر منه ما إذا كان هذا الأمر سيزعج الرئيس، فأخيره أن الرئيس مبارك أنه يحترمه كفنان ويعلم جيداً أنه لا يقصد، لكنه يخشى من الممثلين الجدد أن يعتبروا هذا الأمر موضة.

ويشير إلى مفارقة أنه ذات مرة سافر إلى ليبيا وكان يقدم نفس العمل هناك، لكنه هذه المرة لم يقم بتقليد حسني مبارك، فسأله دبلوماسي ليبي شاهد العمل من قبل في مصر عن غياب مشهد تقليد حسني مبارك، وهنا رد صبحي عليه قائلاً: “في مصر أقلده عادي واتسجن، إنما بره مصر يفتكروا إني ما صدقت خرجت من بلدي فبتتريق عليه”.

ثم يحكي بعد عودته إلى مصر تفاصيل مكالمة له من قبل الرئيس الراحل مبارك بخصوص عدم تقليده له خلال وجوده خارج مصر، ويقول إن مبارك قال له: “إيه يا محمد، انت عايز تتشهر في البلاد دي لوحدك، ما تشهرني معاك يا أخي”، فقال له الفنان محمد صبحي: “يا ريس انت كدولة فيه رقابة ولكن فيه فنانين كتير محترمين جواهم أبشع وألعن من رقابتك”.

ودعا الفنان محمد صبحي إلى إتاحة المجال أمام من يريد الإنتاج لنفسه، علماً أنه يمكنه تقديم أعمال بتكلفة أقل في إطار توصيل فكر ما، مشيراً إلى أنه عندما أعد مسلسل فارس بلا جواد من قبل كانت تكلفته حوالي 8 ملايين جنيه، لكنه قام به دون أن تتجاوز تكلفته مليونين جنيه “كمحبة من أجل إظهار عمل جيد”، موضحاً أنه لم يأخذ أجراً عن هذا العمل.

يشير كذلك إلى أنه اقترح تكوين شركة إنتاج فني مساهمة من كل الفنانين، وكل فنان يكون شريكاً فيها بسهم، لكنه لم يجد استجابة لذلك، مؤكداً أن المناخ الحالي صعب للغاية، لكنه يرى ضرورة أن يعمل من لا يعجبهم الوضع الحالي على إنتاج أعمال خاصة تقدم للدولة كنموذج إذا أرادت أن تأخذ به للنهوض بالأعمال الدرامية.

في حب الدراما المصرية

وقد صدر عن الندوة ورقة عمل بعنوان “في حب الدراما المصرية”، والتي صاغها المشاركون في هذه الاحتفالية كـ”روشتة علاج” تساهم في تحقيق انطلاقة جديدة للدراما المصرية، وفتح آفاق جديدة أمامها، اعتماداً على ماضيها التاريخي وقوة تأثيرها، بما يتماشى مع متطلبات الوقت الحاضر.

وأكدت ورقة العمل ضرورة العودة إلى النص؛ باعتباره اللبنة الأولى للمشروع الدرامي الناجح والاستفادة من خبرات كبار المؤلفين، وكذلك ربط الدراما بتوجهات ومشاريع وطموحات الدولة في ظل الظروف الداخلية والخارجية. كما دعت إلى وضع عناوين درامية بواسطة الخبراء في كل موسم، واختيار وترشيح روايات أدبية وقصص، لتحويلها إلى أفلام ومسلسلات.

وحثت الورقة على ضرورة استثمار وجود المنصات الإلكترونية في خلق عبوات درامية، منها السهرات أو الفيلم التليفزيوني والخماسية والسباعية، في ظل التطور الحاصل لأدوات الإنتاج من تصوير ومونتاج وذكاء اصطناعي وجرافيك، وغيرها.

وشدد الورقة على ضرورة العودة إلى الإنتاج العربي المشترك، مما يساهم في اللجوء إلى أماكن وموضوعات جديدة لإنعاش الدراما العربية، بعيداً عن التكرار واللجوء إلى أعمال قديمة، لإعادتها بشكل لا يخدم الجديد ولا يفيد القديم.

ودعت كذلك إلى إعادة تنشيط صوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي وقطاع الإنتاج بماسبيرو، والأخير يمكن أن يتم تخصيصه في نوعية معينة من الدراما، وخاصة الدينية والتاريخية، وإعادة المسلسل الإذاعي وتسويقه بالتعاون مع شركات الاتصالات. أيضاً العمل على تقديم الأعمال عن الشخصيات الناجحة والملهمة والمتميزة قديماً وحديثاً لخلق قدوة حسنة أمام الشباب.

ودعت الورقة كذلك إلى تسويق المسلسل الديني مع منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء، بعد ترجمة الأعمال إلى اللغات الأكثر انتشاراً في العالم. وكذلك فتح باب الإنتاج أمام القطاع الخاص بشكل أكبر، مع وجود لجان قراءة ومشاهدة من الخبراء أصل التخصص.

ودعت الورقة إلى إعادة مهرجان الإذاعة والتليفزيون، ومراعاة التوازن بين الألوان الدرامية المختلفة بحيث تتوافر أمام المتفرج اختيارات عديدة. وشددت على ضرورة عدم بدء التصوير قبل اكتمال السيناريو تماماً، وأن تكون إذاعة الإعلانات قبل وبعد الأعمال، وعدم قطع التسلسل على المتفرج، ومنع ظهور إعلان لبطل العمل أثناء تقديم عمل درامي له، بما يحدث الخلط عند المتفرج ويخدم الإعلان أكثر مما يخدم العمل الدرامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى