كيف تريد أمريكا ترامب الهيمنة على الذكاء الاصطناعي؟ قراءة تحليلية

تحليل: د. أحمد فتحي .. لحظة فارقة تعيد تعريف معالم القوة في القرن الحادي والعشرين، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 23 يوليو 2025 عن “خطة عمل الذكاء الاصطناعيTrump’s AI action plan “، وهي وثيقة استراتيجية من 28 صفحة لا تهدف فقط إلى ترسيخ هيمنة الولايات المتحدة التكنولوجية، بل تسعى إلى إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والسوق، وبين الابتكار والرقابة، وبين أمريكا والعالم – حيث تم الإعلان عنها في قمة الذكاء الاصطناعي بواشنطن وشارك في استضافته بودكاست “All-In” التابع لمستثمرين بارزين في وادي السيليكون- تمثل تتويجًا لتحالف جديد بين التيار المحافظ الشعبوي ونخبة من عمالقة التكنولوجيا، الذين يرون في التنظيم الحكومي عدوًا للابتكار.
وتأتي تلك الخطة في سياق توجس أمريكي متصاعد من التقدم التكنولوجي الصيني وتسارع السباق العالمي على الذكاء الاصطناعي، وتحمل الخطة أكثر من 90 إجراءً فدراليًا موزعة على ثلاثة محاور رئيسة: تعجيل الابتكار، بناء البنية التحتية الأمريكية للذكاء الاصطناعي، والريادة في الدبلوماسية والأمن الدولي، في المقابل، رآها المنتقدون نصًا يعيد رسم علاقة الحكومة بالسوق بتوجيه قوي نحو مصالح الشركات الكبرى، على حساب التنظيم الحكومي والمخاوف البيئية والاجتماعية، وفي هذه الورقة التحليلية، نستعرض أبعاد الخطة وتأثيراتها المتوقعة عبر محاورها التكنولوجي والاقتصادي، والسياسي والدولي.
محاور الخطة وأهدافها
تركّز خطة البيت الأبيض على تذليل العقبات أمام الشركات التقنية الأمريكية وحلفائها، مع التأكيد على الطابع الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي في سباق القوة العالمي، وتشمل السياسات الرئيسية في الخطة:
- تصدير الذكاء الاصطناعي الأمريكي: ستتعاون وزارات التجارة والخارجية مع الصناعة لتسليم حزم «متكاملة» من تقنيات الذكاء الاصطناعي (عتاد ونماذج ولغات برمجية ومعايير سلامة) إلى الحلفاء والشركاء حول العالم. الهدف المعلن هو ترسيخ أمريكا كمركز ريادي للتكنولوجيا، وجعل ما سيسمى “الدبلوماسية التقنية” أداة لتعزيز النفوذ الأمريكي.
- تسريع بناء مراكز البيانات والرقاقات: الشق التنموي يركز على تسريع إنشاء مصانع أشباه الموصلات ومراكز البيانات الضخمة، وتتضمن الخطة تسهيل تصاريح البناء لهذه المراكز، بما في ذلك استغلال الأراضي الفدرالية وبناء محطات طاقة جديدة (غالبًا غاز طبيعي ونووية) لتلبية الطلب الهائل، كما يتم طرح مبادرات لتوسيع التدريب الفني لسد النقص في الكوادر المؤهلة (كفنيي الكهرباء والتبريد).
- إزالة القيود التنظيمية: تسعى الإدارة إلى إزالة “اللوائح الفدرالية المعقدة والمعيقة” للابتكار، وقد ذُكر ضمن الخطة مراجعة إجراءات لجنة التجارة الفيدرالية التي بدأتها إدارة بايدن، للتأكد من عدم إثقالها كاهل الابتكار، كما نصت الخطة على منع حواجز تشريعية جديدة فيدرالية، بالإضافة إلى استشارة القطاع الخاص لحذف نصوص يُنظر إليها على أنها زائدة عن الحاجة.
- ضمين مبدأ الحرية في النماذج الرئيسة: تضمن الخطة تعديل إرشادات الشراء الحكومية بحيث تتعاقد الحكومة الفدرالية فقط مع مطوري النماذج اللغوية الكبرى (LLMs) الذين يؤكدون أن نظمهم «محايدة ولا تحمل تحيزًا إيديولوجيًا» بمعنى آخر، طالبت أن تكون النماذج المشتراة من قِبَل الحكومة خالية من أية دوجمات إيديولوجية من قبيل مبادئ التنوع والمساواة .(DEI)
فلسفة “التحرر الشامل”
يكمن جوهر خطة ترامب في القطيعة التامة مع نهج إدارة بايدن، الذي حاول الموازنة بين تسريع الابتكار ووضع ضوابط أخلاقية وأمنية، ففي أول أيامه في المنصب، ألغى ترامب الأمر التنفيذي لبايدن لعام 2023، واصفًا إياه بأنه “قيود بيروقراطية” تعرقل العبقرية الأمريكية، الخطة الجديدة، التي جاءت في وثيقة من 28 صفحة، تتبنى فلسفة “التحرر” كأولوية مطلقة، وتدعو إلى إزالة ما تصفه بـ “العقبات الأيديولوجية” أمام النمو.
وأبرز تجليات هذا التوجه هو إلغاء أي اشتراطات تتعلق بالتنوع والشمول (DEI)، أو العدالة المناخية، أو تقييمات الأثر الاجتماعي من برامج التمويل الفيدرالية، بما في ذلك قانون “CHIPS Act” الحيوي، وترى الإدارة أن هذه المعايير “اليسارية” تبطئ وتيرة الابتكار وتفرض أجندات هندسة اجتماعية على الشركات، ويلقى هذا الموقف ترحيبًا واسعًا من جماعات الضغط في قطاع التكنولوجيا، يثير قلقًا عميقًا لدى منظمات المجتمع المدني التي حذرت من أن إلغاء الضوابط التنظيمية قد يفتح الباب أمام الشركات لتطوير التكنولوجيا دون رقابة أو ضمانات”.
كما تهاجم الخطة بشكل مباشر سلطة الولايات في التشريع، حيث تهدد بحجب التمويل الفيدرالي عن أي ولاية تفرض “تنظيمات مرهقة” على شركات الذكاء الاصطناعي، هذا الإجراء يمثل تحديًا دستوريًا مباشرًا لولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك، التي لديها قوانين متقدمة لحماية الخصوصية وتنظيم الخوارزميات، وينذر بمعركة قانونية وسياسية شرسة حول حدود السلطة الفيدرالية.
البنية التحتية كأولوية قومية
تدرك الخطة أن سباق الذكاء الاصطناعي هو في جوهره سباق على الطاقة والحوسبة، فالنماذج المتقدمة تستهلك كميات فلكية من الكهرباء، وتشير التقديرات إلى أن مراكز البيانات قد تستهلك ما يصل إلى 8.6% من إجمالي كهرباء الولايات المتحدة بحلول عام 2035، ولمواجهة ذلك التحدي، تدعو الخطة إلى تسريع إصدار التصاريح الفيدرالية لبناء مراكز بيانات عملاقة ومحطات طاقة جديدة، بما في ذلك الطاقة النووية والحرارية الأرضية، مع منحها أولوية الوصول إلى الشبكة الوطنية.
بينما تأتي هذه السرعة بتكلفة بيئية باهظة، وتقترح الخطة صراحة التنازل عن متطلبات التقييم البيئي بموجب قوانين تاريخية مثل قانون السياسة البيئية الوطنية (NEPA)، وقانون الهواء النظيف، وقانون المياه النظيفة، واصفة إياها بـ “العقيدة المناخية المتطرفة”، هذا التجاهل المتعمد للاستدامة البيئية يثير حفيظة المجموعات البيئية التي تحذر من أن هذا التوسع غير المنضبط سيؤدي إلى زيادة الانبعاثات السامة واستنزاف موارد المياه، خاصة في المجتمعات المهمشة التي تقع بالقرب من هذه المنشآت.
الحياد كسلاح أيديولوجي
لعل الجانب الأكثر إثارة للانقسام في الخطة هو الحرب المعلنة على “التحيز الأيديولوجي” في نماذج الذكاء الاصطناعي، حيث وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يمنع الوكالات الفيدرالية من شراء أي أنظمة ذكاء اصطناعي تعتبر “منحازة سياسيًا” أو تروج لأجندات “مستيقظة” (woke) ينص الأمر على أن النماذج يجب أن تسعى إلى “الحقيقة الموضوعية” وتكون خالية من مفاهيم مثل نظرية العرق النقدية أو قضايا الجندر.
يرى المحللون أن هذا الخطاب حول “الحياد” هو في حقيقته محاولة لفرض رؤية محافظة على مخرجات الذكاء الاصطناعي، واستخدام سلطة الدولة لتعريف ما هو “محايد” وما هو “منحاز”، ويحذر الخبراء من أن هذا قد يؤدي إلى قمع وجهات النظر المختلفة وتطبيع الصور النمطية، مما يحول الذكاء الاصطناعي من أداة للمعرفة إلى أداة للدعاية السياسية، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: من يملك الحق في برمجة “الحقيقة” في عصر الآلة؟
الدبلوماسية الرقمية العدوانية
على الصعيد الدولي، تتبنى الخطة نهجًا عدوانيًا يهدف إلى تحقيق الهيمنة العالمية التي لا جدال فيهاK ولتحقيق ذلك، تقترح الخطة إنشاء برنامج لتصدير حزم تكنولوجيا كاملة (full stack) من الذكاء الاصطناعي إلى الحلفاء الدوليين، تشمل كل شيء من الرقائق والبرمجيات إلى النماذج ومعايير السلامة، والهدف هو جعل التكنولوجيا الأمريكية المعيار العالمي، ومواجهة النفوذ الصيني المتزايد عبر مبادرات مثل “الحزام والطريق الرقمي”.
في الوقت نفسه، تدعو الخطة إلى تشديد ضوابط التصدير لمنع وصول التقنيات المتقدمة إلى الخصوم الاستراتيجيين. لكن هذا الهدف يبدو متناقضًا مع سياسات الإدارة الفعلية، ففي خطوة أثارت حيرة المحللين، خففت إدارة ترامب مؤخرًا القيود على بيع رقائق “Nvidia H20” المتقدمة إلى الصين، في صفقة تهدف إلى استئناف بكين لصادرات المعادن الأرضية النادرة، في خطوة تقوض الهدف المعلن للخطة وتمنح الصين شريان حياة تكنولوجيًا.
علاوة على ذلك، فإن خطاب الهيمنة قد ينفر الحلفاء التقليديين في أوروبا وآسيا، الذين يستثمرون بكثافة في بناء أنظمتهم وقواعدهم التنظيمية الخاصة، حيث يرى المحللون أن فرض نموذج “اشترِ أمريكي، ثق بأمريكا” بدلاً من المشاركة في تصميم حوكمة عالمية مشتركة، قد يأتي بنتائج عكسية ويدفع الحلفاء إلى البحث عن سيادة تكنولوجية خاصة بهم.
الأبعاد الأمنية والعسكرية
تتضمّن الخطة تركيزًا على الذكاء الاصطناعي في المجال الأمني والعسكري، فقد ورد فيها دعم إنشاء شبكة وطنية من معاهد أبحاث ذكاء اصطناعي لأغراض الأمن والدفاع، مع تخصيص استثمارات كبيرة لتطوير منصات قادرة على التنبؤ بالتهديدات الأمنية عبر النماذج اللغوية، وترى الخطة أن الارتقاء بمستوى تبني الذكاء الاصطناعي في قوات الجيش يجب أن يسهم في المحافظة على الهيمنة العسكرية العالمية للولايات المتحدة، وتوجه إحدى النقاط إلى وزارة الدفاع لتعزيز استخدامها لتقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ قدرت عقود جديدة مع شركات كبرى مثل OpenAI وGoogle وAnthropic وxAI بمئات الملايين من الدولارات لإنشاء أدوات للجيش.
يعكس هذا التوجه وصفًا تلقيه الخطة بأنها تمثل مسعى قوميا ذكيا يربط التقنية بالقوة الصلبة، وفي الواقع، تعتبر إدارة ترامب الذكاء الاصطناعي أداة مزدوجة: اقتصادية وأمنية في آنٍ واحد، فعلى مستوى الاقتصاد يروجون له كرافد للوظائف والنمو، وفي مستوى الحرب والتجسس يعتبرونه استثمارًا استراتيجيًا لزيادة قدرة الجيش والاستخبارات.
لكن المنتقدين لسياسات ترامب يرون مخاطر في عسكرة التقنية وتسريع سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي دون متابعة مدنية مشددة، فإلى جانب صرف المعونات للجيش، لم تطرح الخطة ضوابط أو مراجعة مستقلة لاستخدامه عسكريًا، وهذا قد يقود إلى مزيد من الاعتماد على الأنظمة ذاتية القرار ومحاكيات الحروب، وهي قضايا تخضع لنقاشات دولية حاليًا، كما يحذر بعض المحللون من احتمال تحوّل دون رقابة واضحة نحو تهديدات أخلاقية جديدة مثل الروبوتات المسلحة والتجسس الذكي على الخصوم.
تأثيرات اقتصادية وصناعية
تعد خطة ترامب صناع القرار بأن مزيدًا من الابتكار سيؤدي إلى وظائف جديدة ونمو اقتصادي، ومن الناحية العملية، من المرجح أن تستفيد الشركات الكبيرة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي وتقنية المعلومات بشكل مباشر، خاصة في مجالات بناء البنية التحتية (مراكز البيانات، إنتاج الرقائق، غيرها)، فقد تعهدت شركات مثل Nvidia وAMD بتوسيع استثماراتها في مرافق إنتاج الرقائق في الولايات المتحدة، مدعومة بإشارات الوعد الحزبي بإزالة الحواجز التنظيمية والجمركية، وتطمح الإدارة الأمريكية إلى جذب رؤوس الأموال التي كانت تفكر في الانتقال لدول أقل تشددًا، عبر تقديم بيئة تنظيمية أكثر ودًا لرجال الأعمال.
ومن جهة أخرى، قد تعود فائدة مضاعفة إلى شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة أيضًا، نظراً لتدني المعوقات القانونية والتوسع في العقود الحكومية، لكن هذا التحول يحمل في طياته مخاطر الاحتكار، فتسهيل العقود الفدرالية وشروط التوافق مع المعايير الوطنية الجديدة يميل لصالح الشركات الكبيرة التي تملك الموارد للتكيّف مع متطلبات الأمان التقنية والامتثال، ومع غياب دعم حقيقي للشركات الناشئة أو الشركات الصغيرة، يخشى البعض أن يتم استبدال المنافسة الرقمية بنموذج جديد للاحتكار بين شركات هيمنة القلة.
ويترافق ذلك مع مكاسب نسبية كبيرة لوادي السيليكون، فقد صنف كثير من المحللين الخطة على أنها “هدية” لصناعة التقنية، صحيح أن بعض شركات التقنية الكبيرة ظلت على خلاف مع سياسة ترامب في مجالات أخرى (كالمناخ أو الهجرة)، لكن على صعيد الذكاء الاصطناعي يبدو أن ثمة توافقًا حاليًا حول الحاجة إلى بيئة أقل تنظيمًا لكي تنمو هذه الصناعة، ولذا فإن دعم الإدارة لهذه الشركات يُنقل بدوره إلى اقتصاد أكبر، وسيؤدي إلى رواج توظيف في القطاع التقني والتقني-الصناعي، ولو على حساب الضغط المستقبلي على الوظائف التقليدية.
فجوات مقلقة وتحديات مستقبلية
على الرغم من طموحها الشامل، تتجاهل الخطة بشكل لافت للنظر العديد من القضايا الحاسمة، فلا يوجد أي ذكر تقريبًا لمستقبل العمل أو كيفية التعامل مع الاضطرابات التي ستحدثها الأتمتة في سوق العمل، كما أنها تفتقر الخطة إلى رؤية واضحة لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، أو لمكافحة التزييف العميق (deepfakes) والمعلومات المضللة، وهي تهديدات وجودية للديمقراطية.
انتقد الباحثون في مراكز بحثية مثل بروكينغز وعدد من الخبراء البرلمانيين استخدام خطاب الحياد كذريعة لقمع نقد ما يعتبرونه مناهج إيديولوجية»في الذكاء الاصطناعي، وحذرت تقارير بيئية وأكاديمية من أن إزالة القيود البيئية باسم دحر أيديولوجيا المناخ سيؤدي إلى تفاقم أزمة الانبعاثات، الأمر الذي قد ينعكس بالسلب على الصحة العامة، وبالفعل، أظهرت تحليلات مستقلة أن استهلاك مراكز البيانات للطاقة قد يضيف مئات الملايين من الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يتعارض مع اتجاهات العالم نحو خفض الانبعاثات.
كما أعربت مجالس محلية في ولايات مثل أريزونا وتكساس (التي تشهد ضغطًا لبناء مراكز بيانات) عن قلقها من تأثيرات المياه والضوضاء والطلب المستقبلي على الكهرباء، ومن جهة العمال، نوه باحثون إلى أن خطة ترامب لم تطرح أي خطة فعالة لحماية الموظفين من بطش الأتمتة أو لإعادة تدريبهم، على عكس خطط سابقة كان من شأنها معالجة الفجوة المعرفية في الاقتصاد المتطور، بل على النقيض، يعتقد بعض النقاد أن الحافز الفدرالي لتبني تقنيات جديدة قد يزيد الضغوط على العمالة التقليدية دون موازنة اجتماعية.
ومن جهة أخرى، لم تخل الأوساط الدولية أيضًا من التعليقات، فقد رأت العواصم الأوروبية في الخطة نموذجًا مختلفًا عن النهج التنظيمي الأوروبي المتمسك بالشفافية والضوابط، ويرى بعض المحللين أن التصادم بين النموذج الأمريكي المطلق والنموذج الأوروبي الحذر سيؤدي إلى تصنيف عالمي جديد للمعايير التقنية، وفي ظل غياب أي إشارة إلى التعاون مع الأمم المتحدة أو الهيئات الدولية، يبدو أن الخطة تمثل إقرارًا بإستراتيجية أحادية الجانب تسعى لتوسيع نفوذ أمريكا مع تجاهل صوت الدول النامية ومجالس التنسيق العالمية.
ويحول الخطاب المحيط بخطة ترامب الذكاء الاصطناعي إلى ساحة صراع أيديولوجي واقتصادي وأمني غير مسبوق. وبينما يتم تسويقه عالميًا كأداة لتحرير السوق وتعزيز النمو، تكشف التفاصيل عن تحولات عميقة يمكن أن تعيد رسم العلاقة بين الدولة والسوق، والعامل والآلة، والمواطن والخوارزمية، وربما تعيد صياغة العقد الاجتماعي ذاته للقرن الحادي والعشرين، ويبقى مستقبل الذكاء الاصطناعي الأمريكي رهينًا بحسم معركة الحوكمة، وبقدرة المجتمع على بناء توافق حول أهداف التكنولوجيا، وحدودها، وأخلاقياتها، في عالم يتغير بوتيرة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا.



