دراسات

حتمية نداء السلام بين الكرد والترك والعرب في مواجهة التحديات الاستيطانية

تحليل: دكتور حسني أحمد مصطفى .. تعد القضية الكردية من أعقد القضايا القومية في الشرق الأوسط، حيث تتشابك فيها أبعاد تاريخية وجيوسياسية وثقافية وسياسية في بيئة مضطربة، تتنازعها القوميات والدول المركزية والهيمنة الغربية، هذه القضية يتطلب فهمها بشكل شمولي منظوراً نقدياً راديكالياً، وهذا بالفعل ما فعله المفكر الكردي عبد الله أوجلان، فقد صاغ أسساً جديدة لفهمها، يتجاوز به التصورات القومية التقليدية، نحو تصور أكثر شمولاً، يعتمد على نموذج الأمة الديموقراطية.

    فبالنظر إلى جذور المسألة الكردية؛ لا تكمن فقط في نشوء الدول القومية الحديثة، بل تعود إلى بنية المدنية المركزية التي استندت إلى الهيمنة السلطوية واستبعدت شعوب ومجتمعات، ومنها الشعب الكردي، فالإضطهاد الذي واجهه ولا زال يواجهه الشعب الكردي لم يكن محض استثناء، بل كان جزءًا من عملية تاريخية طويلة تم فيها  “ابتلاع ” المجتمعات الأصيلة من قِبل المركز عبر الصهر الثقافي والإبادة الممنهجة والهيمنة الفكرية.    

    ولقد جرى توصيف الكرد في أطروحات الحداثة الرأسمالية ك ” بقايا ما قبل الدولة “، وعوملوا بوصفهم جماعة لا تستحق السيادة أو التمثيل السياسي،  وفي هذا السياق؛ لم تكن اللغة والثقافة الكردية سوى ضحايا لسياسات الصهر والتذويب، ما خلق أزمة وجودية للكرد، لاسيما في تركيا وإيران وسوريا والعراق.

أولاً- الكرد والأتراك والعرب ” خلفية تاريخية “:

    إن ما تضمنته قراءة أوجلان لتاريخ الإسلام والعرب والترك ليس بهدف تمجيد قومي للكرد، بل من أجل بناء فهم نقدي وجذري للدور الكردي في الحضارة العربية والإسلامية والتركية، ووضع حدّ للتهميش الذي تعرّضوا له، وهو بذلك لا يفصل الكرد عن الحضارة العربية والإسلامية والتركية، بل يؤكد أنهم جزء أصيل منها، مع دعوته المستمرة إلى تحوّل حضاري قائم على الحرية والعدالة والتنوع.

    يمثّل الكرد أحد المكونات القومية والحضارية القديمة في منطقة الشرق الأوسط، وقد كان لهم عبر العصور دور بارز في صياغة معالم الحضارة العربية والإسلامية، من هذا المنطلق، تُشكّل كتابات المفكر الكردي عبد الله أوجلان مرجعًا مهمًا لفهم العلاقة التفاعلية بين الكرد والإسلام، وبينهم وبين العرب كمجتمع وثقافة، حيث يتبنى أوجلان في مشروعه الفكري منظورًا تحليليًا نقديًا للتاريخ، يُعيد من خلاله قراءة دور الكرد بعيدًا عن النظرة القومية الضيقة، ويربط مساهماتهم بالإطار الإنساني والحضاري الأشمل.

   الحقيقة؛ أبداً لم يكونوا الكرد طارئين على الحضارة العربية والإسلامية، بل كانوا فاعلين فيها منذ نشأتها، فقد تجلى الدور الذي لعبته المناطق الكردية – مثل ديار بكر وأربيل وماردين – كمراكز للعلم والتصوف والمدارس الإسلامية الكبرى، وكمحطات عبرت من خلالها الفلسفة الإسلامية والعلوم من الشرق إلى الغرب، كذلك العلاقة الروحية العميقة التي تجمع الكرد ب(الإسلام الشعبي) لا سيما من خلال التصوف والطريقة القادرية والنقشبندية، بما يمثله التصوف ملاذًا للكرد للحفاظ على روحانية الدين ومعانيه الأخلاقية بعيدًا عن استغلال السلطة له، كما شكل التصوف بنية تحتية مهمة للمقاومة الثقافية والاجتماعية، ولا يمكن إنكار أدوارًا كردية أساسية في ميادين العلم والسياسة والدين، ويبرز ذلك في شخصيات مثل ” صلاح الدين الأيوبي ” القائد الكردي الذي أنقذ القدس من الاحتلال الصليبي، والذي يجسّد برؤية أوجلان مثالاً للتكامل بين الهوية الكردية والمشروع الإسلامي الإنساني الواسع.

    ومن الزوايا شديدة الأهمية والتي دوماً يركّز عليها أوجلان – بما يمثله كرمز للكرد والقضية الكردية – أن علاقة الكرد مع العرب علاقة  تكامل لا صراع، وهنا لا تنطلق رؤية أوجلان من خطاب صراع أو تفوق قومي، بل من مبدأ الشراكة الحضارية والإنسانية، حيث يرى أن العرب والكرد كانوا شركاء في مشروع حضاري إسلامي مشترك، وأن الخلافات التي نشأت لاحقًا لم تكن نتاجًا لطبيعة العلاقة بين الشعبين، بل نتيجة تدخلات السلطة المركزية، والانحرافات السلطوية في بنية الدولة الإسلامية.

    ويشير أوجلان إلى أن العرب قدّموا اللغة والثقافة، بينما قدّم الكرد الروحانية والمساهمة العسكرية والفكرية، وبالتالي فإن محاولة طمس أحد هذه الأدوار يشكل خيانة للحقيقة التاريخية ولروح الإسلام نفسه، الذي انبنى على التنوع والتعدد.

    وفيما يتعلق بتاريخ الكرد مع الاتراك فهناك خلفية تاريخية مشتركة، فثمة تأثير للكرد في الثقافة والتاريخ التركي بوصفه تأثيرًا عميقًا ومركبًا، إذ لا يمكن فهم التكوين الثقافي والسياسي لتركيا الحديثة دون التطرق إلى دور الكرد فيها، سواء من حيث الإسهامات أو من حيث التوترات والصراعات، فالكرد والأتراك عاشوا لقرون طويلة في جغرافيا مشتركة، خاصة منذ العهد السلجوقي والعثماني، وكان هناك نوع من التداخل الثقافي والاجتماعي والسياسي بين الشعبين، والجدير بالذكر أن الكرد لعبوا دورًا هامًا في ترسيخ السلطة العثمانية في الأناضول، وشاركوا في الجيش والإدارة، بل وكان بعض الأمراء الكرد من الحلفاء المخلصين للدولة العثمانية، ما يعكس مشاركة فعالة في البناء التاريخي للدولة التركية القديمة.

    لقد شهدت العلاقة بين الكُرد والأتراك بداياتها في سياق توسع الإمبراطوريات الإسلامية، خاصة خلال الحكم السلجوقي، ثم ازدهرت في ظل الدولة العثمانية التي اعتمدت على التحالف مع القبائل الكردية في حماية حدودها الشرقية، فقد لعب الكُرد دورًا محوريًا في صد الصفويين الشيعة، مقابل منحهم نوعًا من الحكم الذاتي ضمن “الإمارات الكردية “.

    يرى أوجلان أن هذا النمط من التعايش لم يكن ديمقراطيًا بالمعنى العصري، لكنه وفر قدرًا من الاستقرار، خاصة حين كان الأتراك يعتبرون الكُرد جزءًا من “الأمة الإسلامية “، دون محاولة فرض صهر ثقافي أو إنكار للهوية الكردية.

    ومع نهاية الدولة العثمانية وبزوغ الدولة القومية التركية في عهد مصطفى كمال أتاتورك، بدأت مرحلة جديدة تتسم بنفي التعددية العرقية والثقافية، وتبني نموذج الدولة المركزية القومية – انهار التحالف مع ولادة الدولة القومية التركية – وجرى إنكار وجود الكُرد كقومية مستقلة، وسُميت مناطقهم بـ” الأتراك الجبليين “.

    ومن منظوره يرى أوجلان هذا التحول بوصفه لحظة قطيعة تاريخية، إذ اعتبرت النخبة الأتاتركية أن أي اعتراف بالهوية الكردية يمثل تهديدًا لوحدة الدولة الحديثة، وجاءت الانتفاضات الكردية المتكررة (مثل ثورة الشيخ سعيد عام 1925) كرد فعل على هذا الإقصاء، لكنها واجهت قمعًا شديدًا وعسكرة متزايدة للمنطقة الكردية.

    وتأتي تجربة حزب العمال الكردستاني (PKK)، منذ تأسيسه عام 1978، تعكس التصعيد الكبير في الصراع الكردي-التركي، فالحزب بدأ كحركة ثورية تطالب بالانفصال، لكنه، تحت تأثير رؤية أوجلان ذات التعاطي المرن مع المتغيرات الدائمة، تحول لاحقًا نحو خطاب أكثر مرونة يركز على “الإدارة الذاتية الديمقراطية ” بدلًا من الاستقلال الكامل، ويُلاحظ في خطاب أوجلان داخل السجن منذ عام 1999، ابتعاده عن منطق الصراع القومي المباشر، واقتراحه لحلول سياسية وسلمية تستند إلى التعددية واللامركزية، وهو ما تجسد في نموذج  “روج آفا”  في سوريا، ويظل مستقبل العلاقة بين الكُرد والأتراك مرهون بتجاوز العقلية القومية الأحادية، والاعتراف بأن التعايش لا يكون عبر القسر بل عبر العدالة، في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، فإن إمكانية بناء نظام ديمقراطي تعددي لم تعد رفاهية بل ضرورة.

   ورغم محاولات التهميش والإنكار للمكون الكردي في الدولة التركية الحديثة؛ إلا أن الكرد ساهموا بشكل فعّال في إثراء الثقافة التركية من خلال الأدب الشعبي، فقد كانت هناك تأثيرات كردية واضحة في الأدب الشعبي، خاصة في الحكايات والأساطير والأغاني الفولكلورية في الأناضول، وكذلك اللغة والموسيقى بما تحمله الموسيقى الشرقية التركية من نغمات وكلمات وأوزانًا مستمدة من الثقافة الكردية، وقد تداخلت اللهجات والألحان بفعل التعايش الطويل، وأيضاً الطرق الصوفية والدينية فقد ساهم شيوخ التصوف الكرد  في نشر الطرق الصوفية في شرق الأناضول، وكانوا رموزًا روحية ساهمت في التشكيل الثقافي والديني للمجتمع العثماني والتركي لاحقًا.

    وهذا ما يعكس في حقيقة الأمر جوهر الطبيعة البنيوية الكردية-التركية، فالعلاقة بين الشعبين لم تكن يومًا قائمة على الكراهية المتجذرة، بل على تحالفات تاريخية أعاقتها البنى السياسية القومية الصلبة، ومع تزايد وعي الشعوب بحقوقها، فإن السبيل الوحيد أمام الأتراك والكُرد هو بناء نموذج مشترك للمواطنة يقوم على المساواة والاعتراف، وهو ما يُعَبَر عنه بـ” الحرية معًا لا الانفصال “، وهذا ما جسده نداء السلام للقائد عبد الله أوجلان في 27 شباط 2025.

ثانياً- الاستيطان في سياق القومية والرأسمالية (الصهيونية):

    اتسمت العلاقات بين الكرد واليهود والأرمن بطابع معقد ومركّب، يتداخل فيه البُعد التاريخي مع الثقافي والديني والاجتماعي، فالمسيحية المبكرة نشأت ضمن سياقات القهر الاجتماعي للإمبراطوريتين الرومانية والساسانية، وهو ما انعكس على الأرمن والآشوريين واليهود، وكذلك على الكرد والعرب جزئيًا، ومع بزوغ الإسلام تحولت كردستان إلى ساحة صراع محوري بين الإمبراطوريات المتنازعة ( البيزنطية، الساسانية، الإسلامية، ولاحقًا العثمانية)، ورغم أن الكرد كانوا أكثرية عددية إلا أنهم ظلوا على تماس ثقافي– ديني مع الأرمن والسريان واليهود، ومع انتشار الإسلام ظهرت شرائح كردية مسلمة، في مقابل شرائح أخرى اعتنقت المسيحية أو تهودت جزئيًا، ما أوجد تداخلاً دينيًا وثقافيًا عميقًا.

    لكن التوازن الديني والثقافي تغيّر مع الهيمنة العربية – الإسلامية التي قلبت موازين القوة لصالح العرب والأتراك، ما أدى إلى تهميش الأرمن والسريان واليهود، ودفعهم أحيانًا إلى أطراف الهوية المشرقية، ورغم هذه الصراعات السياسية، فإن العلاقات بين الطبقات الشعبية الكردية والأرمنية بقيت غالبًا ودّية وتعاونية قائمة على قاعدة  “التكافل الحضاري”  لا  “الصدام القومي”، حيث يبرز أن التجربة التاريخية الفعلية شهدت تعايشًا وتداخلًا ثقافيًا واجتماعيًا أكثر من التناقض العنيف، وأن الروايات الرسمية المهيمنة، التي غالبًا ما تُكتب من منظور قوى الهيمنة، تميل إلى طمس هذه الحقيقة.

    حتى في لحظات الصراع، ظلت العلاقات بين الفقراء والكادحين من الكرد واليهود والأرمن قائمة على التعاطف الإنساني والتشارك في الظروف، في حين كانت الطبقات المتحالفة مع السلطة (الدينية أو السياسية) هي من تؤجج الفتن لأهداف سلطوية، فالصراعات الكبرى بين هذه الشعوب لم تكن شعبية بقدر ما كانت بين الطبقات العليا المتواطئة مع قوى الاستعمار أو السلطة المركزية (الرومان، البيزنطيين، العثمانيين)، فعلى سبيل المثال، تعاونت شرائح من الأرمن والسريان مع بيزنطة، كما تحالفت بعض نخب الكرد مع السلاطين العثمانيين أو الخلفاء العباسيين، ما خلق فجوة بين الطبقات العليا والدنيا، وساهم في تغذية النزاع الطائفي والمذهبي، في المقابل، شهدت العلاقات الشعبية بين هذه الأقوام تداخلًا ثقافيًا وحضاريًا واسعًا، تجلّى في اللغة، والفن، والصوفية، والتجارة، بل حتى في النكهات الدينية المشتركة التي أنتجت الطوائف الإيزيدية والعَلَوية وغيرها.

– الدين والوطن والرأسمالية في المسار الاستيطاني:

    يمثل الوطن قيمة ثمينة وساحة مُلك، بما يحمل من ذهنية ثقافية للامة، فلا ذهنية ولا ثقافة حيث لا وجود للوطن في ذاكرة الفكر، فالوطن هنا اعلى من فلسفة الربح والسوق التي سبغتها الرأسمالية وحداثتها، ويرى اوجلان أن: ” ظاهرتا الوطن المشترك والسوق المشتركة المطروحتان كشرط أساسي للمجتمعات الوطنية بوصفهما عاملاً مادياً، لا تُعتَبَران سمة محدِّدة للأمة “.

    ويمثل كل من الوطن والسوق دعامتان اساسيتنا لتكوين ما يسمى ” أمة الدولة “، وهذا صميم الرؤية الاستيطانية القوموية في سياق القومية الرأسمالية،  فعلى سبيل المثال؛ بالرغم من بقاء اليهود بلا وطن حقبة طويلة من الزمن، إلا أنهم عاشوا مدى التاريخ في كافة الأقاصي الثرية من المعمورة كأقوى أمة، ورغم عدم امتلاكهم سوقاً وطنية، إلا أنهم عرفوا كيف يصبحون الأمة الوحيدة الأقوى في أسواق العالم جمعاء، ما من شك في أن الوطن والسوق أداتان تحصينيتان منيعتان جداً من أجل أمة الدولة، وقد شُنَّت أكثر الحروب عدداً وأشدّها دموية في التاريخ في سبيلِهما.

    وتمثل النزعة القومية في الصهيونية نسخة من القوموية الأوروبية التي أنجبت الفاشية، ويذهب أوجلان برأيه الى أبعد من ذلك بوصفها:  “أصل كل القومويات الحديثة” أي القوموية الاوروبية، ويرى أن مأساة الصهيونية أنها أعادت إنتاج نفس الهيكل السلطوي الذي اضطهد اليهود عبر القرون، لكنها هذه المرة ضد شعب آخر ” الفلسطينيين”.

    يرى عبد الله أوجلان : ” أن الصهيونية ليست مجرد حركة قومية يهودية، بل هي ذروة لمرحلة تاريخية شهدت تَزاوجاً بين العقل الاستيطاني والسلطة الرأسمالية”، فالصهيونية في نظره نشأت في قلب المشروع الحداثي الرأسمالي، وتغذت من أدواته وأيديولوجياته، وارتبطت ارتباطًا بنيويًا بعمليات الاستعمار العالمي الحديث، وبالذات الاستيطاني:

  1. الصهيونية كمنتج للرأسمالية العالمية: ثمة رابط بين صعود الصهيونية وظهور الرأسمالية في قلب أوروبا الغربية، فمع تفكك المدنية التقليدية، وظهور الدولة القومية كأداة سيطرة مركزية، ظهرت الصهيونية كحركة سياسية تسعى إلى خلق “دولة يهودية” وفق النمط الأوروبي للدولة القومية الحديثة، إلا أن هذا المشروع لم يكن منبثقًا من الوجدان الديني فقط، بل من بنية رأسمالية عالمية استخدمت الصهيونية كأداة استيطان وتوسع.
  2. الاستيطان بوصفه أداة رأسمالية :إن الاستيطان ليس فقط إحلالًا سكانيًا، بل هو ممارسة بنيوية للرأسمالية نفسها، فحيثما دخلت الرأسمالية دخلت معها الحاجة إلى تفكيك المجتمعات التقليدية، واحتكار الأرض، وإنتاج مجتمعات استهلاكية مطواعة، بذلك فإن جوهر النظام الرأسمالي في هذا السياق، وإن مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين يمثّل شكلاً متقدمًا من الحداثة الرأسمالية العنيفة:
  3. تهجير السكان الأصليين ” الفلسطينيين “.
  4. السيطرة على الأرض بوصفها رأسمالاً.
  5. بناء دولة قومية تبرر العنف باسم “الأمن القومي”.
  6. إدماج المشروع الصهيوني في المنظومة المالية والعسكرية الغربية.
  7. الربح بوصفه جوهر المشروع الصهيوني: الاقتصاد بحد ذاته، بل السلطة المقنّعة بالربح، ويبرز ذلك بوضوح في المشروع الصهيوني، الذي شكّل أداة من أدوات الربح الرأسمالي العالمي عبر بوابتين:
  8. الاولى: جعل الأرض الفلسطينية  “مستعمرة رأسمالية”  مفتوحة أمام الاستثمارات الغربية، خاصة في الصناعات العسكرية، التكنولوجية، والزراعية الحديثة.
  9. الثانية: استثمار الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي كوسيلة دائمة لإنتاج الربح من خلال بيع الأسلحة، وتبرير الدعم السياسي والاقتصادي لإسرائيل، وخلق سوق دائمة للخوف والأمن والدعاية.   

   وفي ذلك يرى أوجلان أن الربح الرأسمالي لا يقوم فقط على الإنتاج، بل على خلق الأزمات الدائمة، وهي الوظيفة التي باتت إسرائيل تؤديها ببراعة، فكل حرب، وكل توتر، وكل صراع في المنطقة، يفتح الباب أمام مضاعفة الأرباح سواء على شكل قروض، مشاريع إعمار، بيع السلاح، أو تكريس التبعية الاقتصادية.

  • الصهيونية والماسونيةشبكة التحالف العالمي “: يشير أوجلان إلى العلاقة العضوية بين الصهيونية والماسونية، حيث يرى في الأخيرة أحد أذرع الدفاع عن الرأسمالية العالمية، فكما نشأت الصهيونية كحركة استعمارية موجهة من أوروبا، فقد نشأت الماسونية كمؤسسة سرّية تُعبّر عن مصالح النخب التجارية والمالية اليهودية والغربية، وتدعم إعادة هندسة المجتمعات وفق منظور رأسمالي –استيطاني، هذا التحالف سهّل تغلغل النفوذ الصهيوني عالميًا، وربط قضية  “إسرائيل ” بقضايا الأمن الدولي والمال العالمي، وليس فقط بمطالب دينية أو تاريخية.
  • الصهيونية في مازقها التاريخي: المشروع الصهيوني وصل إلى حدوده القصوى، لقد أسس دولة قومية استيطانية، ودمجها في المنظومة الإمبريالية، لكنه في الوقت نفسه أنتج مقاومة شعبية فلسطينية، وواقعًا متفجّرًا لا يمكن حسمه عسكريًا أو اقتصاديًا، إن استمرار هذا المشروع يعني استمرار الحرب، واللاستقرار، وتهديد للمنطقة والعالم.

ثالثاً- الأزمة في دول الشام ومطامع الاستيطان:    

    تُعدّ منطقة الشام بموقعها التاريخي والديموغرافي والجغرافي مركزًا حضاريًا وروحيًا هامًا في الشرق الأوسط، ما يجعلها في قلب التوترات الجيوسياسية، والشام ضمن خرائط الاستهداف العميق من قبل المشروع الصهيوني الذي يرتبط ارتباطًا عضويًا بالبنية البنيوية للرأسمالية العالمية الحديثة، وفي هذا الصدد يرى أوجلان الشام فيما يلي:

  • الشام معقل الحضارة والهوية الانسانية: بكونها مهدًا للمدنية الشرقية وموطنًا لثلاث ديانات كبرى – لم تكن فقط منطقة نفوذ سياسي، بل تمثّل أيضًا البنية الحضارية التي تشكّلت منها مقاومات الحداثة الأوروبية، لذلك استهداف الشام ليس مسألة عابرة أو جزءاً من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فقط، بل هو استهداف لبنية الوعي التاريخي الشرقي الذي قد يشكّل عقبة أمام الحداثة الرأسمالية والصهيونية.
  • المشروع الصهيوني واولوية (تفكيك الشام): أن المشروع الصهيوني في جوهره لم يكن يقتصر على احتلال فلسطين؛ بل كان دائمًا يضع نصب عينيه تدمير “بيئة المقاومة الثقافية والسياسية المحيطة”، أي منطقة الشام، ويظهر ذلك من خلال عدة سياسات:
  • إضعاف سوريا كدولة مقاومة مركزية عبر الحروب الأهلية والتدخلات الإقليمية والدولية.
  • تحويل لبنان إلى ساحة تصفية نفوذ المقاومة من خلال الحروب الإسرائيلية، أو تسعير الانقسام الطائفي.
  • تفكيك الهوية الوطنية الأردنية عبر دمجها ضمن خرائط المصالح الأمنية لإسرائيل، وتحييدها من أي مشروع وحدوي.
  • فرض وقائع نهائية في القدس والجولان وغزة بهدف فرض خرائط جديدة تتجاوز حتى حدود 1967.
  • البعد الرأسمالي الربح من الانهيار: في تحليل أوجلان، لا ينفصل المشروع الصهيوني عن الرغبة الرأسمالية في الاستثمار في الأزمات فكلما تصاعدت الفوضى في الشام زادت فرص الربح في بيع السلاح التوسع الأمني الإسرائيلي تحت شعار حماية الحدود خلق أسواق جديدة لمنتجات التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية استقدام استثمارات غربية عبر شركات إعادة الإعمار بعد التدمير المنهجي لذلك، فإن الأزمة ليست نتيجة عرضية، بل جزء من الوظيفة الهيكلية للصهيونية ضمن النظام الرأسمالي العالمي.
  • التفكيك الطائفي والعرقي كأداة استراتيجية: يشير أوجلان مرارًا إلى أن أخطر أدوات السيطرة هي تفكيك المجتمعات من الداخل عبر الطائفية والقومية الضيقة. والمشروع الصهيوني يعمل على تغذية هذه الأدوات في منطقة الشام، بحيث تتحوّل الشعوب إلى طوائف وكيانات متناحرة:
  • تحوّل المقاومة إلى طوائف مذهبية (سنة–شيعة–علويين–دروز–مسيحيين..).
  •  خلق هويات قومية متصادمة (كرد–عرب–أشوريين..).
  •  دعم الانقسام الداخلي في كل بلد شامي بشكل يجعل إسرائيل تظهر كالدولة الوحيدة المستقرة والديمقراطية في المنطقة.

رابعاً: ممر داوود والتوسع الاستيطاني الصهيوني:

    تتمثل أهداف مشروع ممر داوود الاستراتيجية في إعادة تشكيل سوريا بما يخدم المصالح الاستيطانية الاسرائيلية، عبر تفتيتها وإضعاف السلطة المركزية في دمشق، ففكرة مشروع ممر داوود معتقد إسرائيلي قديم جديد، تكشف الخرائط  الاسرائيلية التي تحمل بذوره أنه سينطلق من مرتفعات هضبة الجولان ليمر بعدها عبر المحافظات السورية الجنوبية المتاخمة لحدود اسرائيل والأردن، وتحديداً محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، حيث يتسع الممر شرقاً عبر البادية السورية، وأحد أهدافه يكمن في الوصول إلى معبر التنف الاستراتيجي، الواقع عند المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني، على ان يتواصل مساره عبر محافظة دير الزور، ليصل إلى نهر الفرات وتحديداً إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) شرق النهر، ثم إلى هدفه النهائي وهو الالتصاق بإقليم كردستان العراق عبر الحدود السورية – العراقية.

    علاوة على ذلك؛ فإن تل ابيب تستمد ربما مشروع ممر داوود من نبوءة توراتية تربط بينه وبين مفهوم إسرائيل الكبرى ليبدو ان المشروع يتخطى مفهوم الهواجس الأمنية، ليصل إلى تحقيق طموحات توسعية ليست خافية على احد، في ظل تعاظم الحديث عن رسم معالم الشرق الأوسط الجديد.

    ولهذا الممر ايضاً جدوى اقتصادية استراتيجية، إذ يمكن أن تتحول من خلاله الدولة العبرية مركزاً اقتصادياً اقليمياً يزيد من جبروتها المالي، من خلال ربطها بمشاريع تجارية جديدة عملاقة، كذلك السيطرة على الجولان وجبل الشيخ تامين المحور الاستراتيجي، حيث تمثل السيطرة الصهيونية على جبل الشيخ إلى جانب تعزيز وجوده في الجولان خطوة إضافية لتعزيز نفوذه على الحدود الشمالية، فالانتقال من الدفاع الى الهجوم في القنيطرة ودرعا يعكس تحولاً واضحاً في الاستراتيجية الصهيونية، التي لم تعد تكتفي بإدارة النزاع، بل تسعى غلى فرض واقع جديد يضمن لها سيطرة طويلة الأمد.

     فالتموضع الصهيوني في هذه المناطق لا يُنظر إليه فقط من زاوية الأمن المباشر، بل يرتبط بشكل وثيق بمشروع ممر داوود الذي يهدف إلى خلق ممر بري يمتد من الجولان إلى نهر الفرات، مروراً بمناطق استراتيجية في جنوب سوريا والعراق، هذا المشروع يتطلب سيطرة عسكرية فعلية على الأرض، وهو ما يسعى اليه العدو الصهيوني  عبر تعزيز وجوده العسكري بشكل متسارع.

     تتداخل هذه المفاهيم والدلالات مع التوترات الاقليمية الحالية، حيث يُعد مشروع ممر داوود تهديداً لسيادة دول مثل سوريا والعراق، وقد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع تركيا، التي ترى في هذه التحركات تهديداً لأمنها القومي.

    وعليه يبقى الشرق الأوسط ساحة للصراعات والتحالفات المتغيرة، حث تسعى القوى المختلفة إلى فرض رؤيتها الاستراتيجة عبر ادوات سياسية وعسكرية متنوعة، فالتحركات الأخيرة في جنوب لبنان وسوريا، إلى جانب التوسع في الضفة الغربية وغزة، تُظهر ان المشهد الإقليمي يتجه نحو مزيد من التعقيد، وبينما يتجلى مشروع ممر داوود ضمن المخططات التوسعية، تبقى التوازنات الاقليمية والتفاعلات بين القوى الكبرى العامل الأساسي في هذه التطورات، فإن المنطقة امام مرحلة جديدة من التحديات التي تتطلب استجابة حكيمة توازن بين المصالح الوطنية والاستقرار الاقليمي.

خامساً: أوجلان ونداء السلام ” حتمية الوحدة والمقاومة “:

    في 27 شباط/ فبراير 2025 أطلق أوجلان نداءً تاريخياً ” نداء السلام والمجتمع الديموقراطي ” يدعو فيه الى تحول أرضية العنف والشدة إلى الرضية القانونية والسياسة واحترام الهويات ” وتحقيق تحول في الادوات والبنية الهيكلية النضالية، ويرتكز نداء السلام على تجاوز العنف والحرب من خلال حل ديمقراطي جذري وشامل، ينطلق من فلسفة مجتمعية تتحدى بنيات الهيمنة الرأسمالية والدولة القومية، ويرتبط بمشروع التحرر الكردي كجزء من مشروع تحرر الشعوب في الشرق الأوسط، يرى أوجلان أن السلام ليس مجرد وقف إطلاق النار، بل هو عملية تحول ذهني ومجتمعي، تعيد تعريف العلاقة بين الأفراد والدولة والمجتمع، وتضع العدالة والكرامة والعيش المشترك في الصدارة، ويقول: إن “الدفاع عن النفس حق مقدس”، ولكنه يميز بين السلطة كأداة قهر وبين قوة الدفاع الديمقراطي، مثل أشواك الوردة، ما يعكس مفهوماً للسلام يقوم على توازن بين المقاومة واللاعنف.

    ويربط أوجلان بين الحرب والعنف الدائمين في الشرق الأوسط وبين بنية الحداثة الرأسمالية، بما فيها من قوموية دموية، ونزعة احتكارية، ودولة قومية استبدادية، فالحرب ليست طارئة بل نتاج لهيمنة الرأسمالية ومركزية الدولة، وأن “القومية الكردية” لا يجب أن تكرر النموذج القومي السلطوي ذاته، بل أن تتجاوزه إلى نموذج الأمة الديمقراطية.

    ينادي أوجلان بتجاوز النموذج القومي إلى ما يسميه “الأمة الديمقراطية”، وهو مشروع يضم جميع المكونات الإثنية والدينية على أساس الحقوق المتساوية والمشاركة الذاتية، في هذا الإطار، يتحول نداء السلام إلى برنامج سياسي وأخلاقي يناهض كل أشكال الإقصاء والتهميش، ويعتمد على بناء الكومينات والمجالس الشعبية باعتبارها أدوات للحوكمة المجتمعية البديلة، ينتقد أوجلان منطق المحاكمات الانتقامية والحلول الفوقية، ويرى أن تحقيق السلام لا يكون بالانتقام من الماضي، بل بفهم الجراح، والاعتراف المتبادل، والبحث عن عدالة تصالحية تُرمم لا تُعاقب.

  1. أهمية نداء السلام للكرد والترك والعرب:

    على مدى أكثر من ألف عام من التاريخ، وجد الأتراك والكرد دائماً أنه من الضروري البقاء طوعاً في تحالف من اجل الحفاظ على وجودهم والوقوف ضد القوى المهيمنة، ولقد هدفت ال 200 عام الاخيرة من الحداثة الرأسمالية الى كسر هذا التحالف، وقد اتخذت القوى المتضررة على جانب اسسها الطبقية خدمة ذلك أساساً لها، ويُعد نداء أوجلان للسلام فرصة تاريخية لكل من الكرد، والترك، والعرب أيضاً، كلٌ لأسبابه الخاصة، ولكن على قاعدة المصير المشترك:

  • النسبة للكرد: يمثل هذا النداء انتقالًا من مقاومة الهامش إلى مشروع وطني ديمقراطي جامع، يتجاوز مطلب الانفصال إلى بناء نموذج مجتمعي تحرري في مواجهة الإبادة الثقافية والسياسية.
  • بالنسبة للترك: يشكل نداء السلام دعوة صادقة لإنقاذ الدولة التركية من عبء الحرب الداخلية الدائمة، واستبدال منطق القمع بمشروع وفاق داخلي يعيد الدمج بين المكونات القومية المختلفة في بنية ديمقراطية حديثة.
  • بالنسبة للعرب: فإن هذا النداء يمنح أفقًا للتعافي من الانقسامات الطائفية والاحترابات الداخلية التي غذّتها الحداثة الرأسمالية، ويتيح للعرب الانخراط في مشروع حضاري مشترك يقوم على التعدد، والمساواة، والعدالة الاجتماعية.
  • وحدة الشرق الأوسط في مواجهة الاستيطان وتفكيك الشام:

    يرى أوجلان أن المشروع الصهيوني لا يستهدف فلسطين فقط، بل يطمع في إعادة تشكيل الشرق الأوسط بأكمله وفق خرائط التفتيت والتجزئة. ولذلك، فإن نداء السلام يتجاوز البعد الكردي أو التركي أو العربي، ليتحوّل إلى نداء من أجل وحدة شعوب الشرق الأوسط في مواجهة أخطر تهديدين معاصرين:

  • الاستيطان الصهيوني الذي يسعى لتكريس واقع استعماري دائم.
  •  مشاريع تفكيك دول الشام (سوريا، لبنان، العراق، فلسطين، الأردن) على أسس طائفية وعرقية لتسهيل السيطرة.
  • وحدة الشرق الأوسط الديمقراطية، كما يراها أوجلان، ليست عودة إلى الإمبراطوريات، بل تأسيس لعقد اجتماعي جديد قوامه الاعتراف، العدالة، التعدد، والتضامن ضد مشاريع السيطرة الإسرائيلية والغربية.
  • نداء الشرق الأوسط سلام مقاوم وليس استسلامي:

    يرى أوجلان أن المنطقة تحوّلت إلى حقل تجارب لقوى الهيمنة العالمية، وأن طريق التحرر يبدأ من السلام الجذري الذي لا يُبنى على التسويات المصلحية، بل على فهم عميق لمعاناة الشعوب، ورفض كل أنواع الاحتلال والصهر القومي، فاستعادة هذا البعد الإنساني من التاريخ تشكل مدخلاً مهمًا نحو بناء مشروع شرق أوسطي ديمقراطي جديد، يقوم على الاعتراف بالآخر، وتجاوز التمركز القومي والديني، لصالح وحدة ثقافية – مدنية قاعدتها العدالة الاجتماعية والتعددية.

   تجاوز الانقسامات القومية والدينية الضيقة من خلال ” الأمة الديمقراطية” ، وهي رؤية تستند إلى التعايش الحر والمساواة بين الشعوب داخل إطار حضاري مشترك، ويرى أن عودة الكرد إلى دورهم الحضاري لا يمكن أن تتحقق من خلال دولة قومية منفصلة، بل من خلال نظام ديمقراطي لامركزي يعيد الاعتبار للمجتمعات المحلية والتنوع الثقافي والديني، بما في ذلك التنوع الكردي-العربي-الإسلامي.

يتضح مما سبق:

الأزمة في منطقة الشام:  تبدو جزءًا من صراع حضاري بين المدنية الرأسمالية والصهيونية من جهة، وحضارة الشرق الديمقراطية من جهة أخرى، والمشروع الصهيوني بما يحمله من طابع توسعي واستيطاني ورأسمالي؛ يرى في الشام – بوصفها بيئة مقاومة حضارية – تهديدًا ينبغي احتواؤه أو تدميره.

– الردّ الممكن حضارة ديموقراطية شرق اوسطية: مواجهة المشروع الصهيوني في الشام لن تتم إلا بالخروج من نموذج الدولة القومية والرأسمالية المعولمة، والعودة إلى نموذج الحضارة الديمقراطية الأصيلة للمنطقة، وهو مشروع يقوم على:

  • الاعتراف بالتعددية الثقافية والدينية.
  •  بناء كونفيدراليات ديمقراطية محلية.
  •  تحطيم القوموية الصلبة ومراكز السلطة المركزية.
  • تمكين الشعوب من أدوات الإدارة الذاتية دون تبعية خارجية ويضع الشام كمنطقة مرشحة لقيادة هذا التحول، إذا ما نجحت في تجاوز أزماتها البنيوية.

    أما الخلاص، فيكمن في إحياء النموذج الديمقراطي الجذري، الذي يتجاوز الاستعمار والربح والقومية الضيقة نحو مجتمعات حرة تتجاوز حدود الجغرافيا والسيطرة، فوحدة الشرق الأوسط الديمقراطية،، ليست عودة إلى الإمبراطوريات، بل تأسيس لعقد اجتماعي جديد قوامه الاعتراف، العدالة، التعدد، والتضامن ضد مشاريع السيطرة الإسرائيلية والغربية، فإن تل ابيب تنتهز فرصة عدم وجود مشروع في المنطقة يجابه توسعها الاستيطاني لتوجيه مشروع ممر داوود من نبوءة توراتية تربط بينه وبين مفهوم إسرائيل الكبرى لتصل إلى تحقيق طموحات توسعية صريحة، إذ يمكن أن تتحول من خلاله (الدولة العبرية) مركزاً اقتصادياً اقليمياً يزيد من جبروتها المالي، من خلال ربطها بمشاريع تجارية جديدة عملاقة، في ظل تعاظم الحديث عن رسم معالم الشرق الأوسط الجديد.

– نداءالسلام نداء يتجاوز الجغرافيا: نداء السلام عند أوجلان ليس شأناً كردياً فحسب، بل دعوة فلسفية وأخلاقية لتحرير الإنسان من الاستلاب، وبناء مجتمع يليق بكرامته، وهو نداء موجه للعرب والأتراك والكرد والفرس والأرمن والسريان، ولكل من يسكن هذه الجغرافيا، بأن زمن الحروب والمجازر يجب أن يُستبدل بزمن الفهم والعيش المشترك، لا على قاعدة الهيمنة، بل على قاعدة العدالة والتنوع والديمقراطية الجذرية.

…………………………………………………………………………………

– المراجع:

  • أوجلان، عبد الله (2018): مانيفستو الحضارة الديمقراطية ” أزمة المدنية وحل الحضارة الديمقراطية في الشرق الأوسط “، ترجمة: زاخو شيار، المجلد الرابع، ط (3)، مطبعة داتا سكرين، لبنان.
  • أوجلان، عبد الله (2018): مانيفستو الحضارة الديمقراطية ” المدنية ، العصرانية الديمقراطية وقضايا تجاوز الحداثة الرأسمالية – عصر الآلهة غير المقَنَعة والملوك المتسترين “، ترجمة: زاخو شيار، المجلد الأول، ط (3)، مطبعة داتا سكرين، لبنان.
  • أوجلان، عبد الله (2018): مانيفستو الحضارة الديمقراطية ” المدنية الرأسمالية ، العصرانية الديمقراطية وقضايا تجاوز الحداثة الرأسمالية – عصر الآلهة غير المقَنَعة والملوك الغزاة “، ترجمة: زاخو شيار، المجلد الثالث، ط (3)، مطبعة داتا سكرين، لبنان.
  • عبد الله أوجالان (2018): مانيفستو الحضارة الديمقراطية المجلد الخامس الـــقــضـــيــــة الـــكـــرديــــــة وحل الأمة الديمقراطية “دفاعاً عن الكرد المحصورين بين فكَّي الإبادة الثقافية”، ترجمة: زاخو شيار، المجلد الخامس، ط (3)، مطبعة داتا سكرين، لبنان.
  • مضمون رسالة القائد عبد الله اوجلان التاريخية ” نداء السلام والمجتمع الديموقراطي “، 27 شباط/ فبراير 2025، https://hawarnews.com
  • عازار، نايف (2025): ممر داوود بين النبوءة التوراتية والشرق الأوسط الجديد، http://www.mtv.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى