الورقة الأمريكية تحدد مستقبل لبنان: السلاح .. المخدرات .. الحدود مع سوريا وإسرائيل

تحليل فتحى محمود .. أشعلت الورقة الأمريكية التي حملها المبعوث توم باراك إلى قادة لبنان الأوضاع في البلاد، خاصة بعد أن وافقت الحكومة اللبنانية، بغياب الوزراء الشيعة، على الأهداف الواردة بالورقة، وتتضمن “حصرية السلاح وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وضمان استدامة وقف الأعمال العدائية وإنهاء الوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها “حزب الله”، على كامل الأراضي اللبنانية، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس، وتسوية القضايا الحدودية وقضايا الأسرى بالطرق الدبلوماسية من خلال مفاوضات غير مباشرة، إضافة إلى عودة المدنيين من القرى والبلدات الحدودية، وترسيم الحدود، وعقد مؤتمر اقتصادي لدعم الاقتصاد اللبناني، وإعادة الإعمار”.

لكن المواقف السياسية للقوى اللبنانية والدول الكبرى ركزت فقط على سلاح حزب الله، خاصة بعد رفض الحزب للقرار، وخروج مسيرات شعبية مؤيدة له بمناطق نفوذه في الضاحية الجنوبية لبيروت، والحقيقة أن الورقة الأمريكية تناولت قضايا أخرى متعددة بالتفصيل يمكن أن تشكل مستقبل لبنان، ونظرا لوجود مقتطفات من الورقة باللغة العربية نشرتها بعض وسائل الإعلام اللبنانية، ولم تقدم المحتوى التفصيلى الكامل لها، فقد اعتمدنا على ترجمة للنسخة الإنجليزية للمذكرة، لنعرضها بالتفصيل، حتى نتعرف على الخطة الكاملة المقترحة لمستقبل لبنان، ثم نناقش سيناريوهات تنفيذ هذه الورقة والتي بدأـ بالفعل بقرار مجلس الوزراء اللبناني بالموافقة على الأهداف الواردة بها، وتتضمن هذه الأهداف:

 1. تنفيذ لبنان لوثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) والدستور اللبناني وقرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرار 1701 (2006)، واتخاذ الخطوات اللازمة لبسط سيادته الكاملة على كامل أراضيه، بما يعزز دور المؤسسات الشرعية، ويؤكد حصرية سلطة اتخاذ قرارات الحرب والسلم بيد الدولة، ويضمن احتكار الدولة للسلاح على الأرض اللبنانية بأكملها.

2. ضمان استدامة وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك منع جميع الانتهاكات البرية والجوية والبحرية، من خلال خطوات منظمة تؤدي إلى حل دائم وشامل ومضمون.

3. إنهاء الوجود المسلح لجميع الجهات غير التابعة للدولة بشكل تدريجي، بما في ذلك “حزب الله”، في جميع الأرجاء اللبنانية، شمال وجنوب نهر الليطاني، وتقديم الدعم اللازم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.

4. نشر قوات الجيش اللبناني في المناطق الحدودية والمناطق الداخلية الرئيسة، مع تقديم الدعم المناسب للجيش وقوى الأمن الداخلي.

5. انسحاب إسرائيل من “النقاط الخمس” وإيجاد حل لقضايا الحدود والأسرى عبر مفاوضات غير مباشرة.

6. عودة المدنيين من القرى والبلدات الحدودية إلى منازلهم وممتلكاتهم.

7. ضمان انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ووقف جميع الأعمال العدائية، بما في ذلك الانتهاكات البرية والجوية والبحرية.

8. الترسيم المرئي والدائم للحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل.

9. ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا بشكل واضح ودائم.

10. عقد مؤتمر اقتصادي تشارك فيه الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر وأطراف صديقة أخرى للبنان، دعما لإعادة إعمار الاقتصاد اللبناني، وتنفيذا لرؤية الرئيس ترمب لعودة لبنان دولة مزدهرة وقادرة على النهوض.

11. توفير دعم دولي إضافي للأجهزة الأمنية اللبنانية، ولا سيما الجيش اللبناني، عبر تزويدها بالوسائل العسكرية المناسبة التي تمكّنها من تنفيذ بنود هذا المقترح، وضمان حماية لبنان.

الفصل الأول: تمديد وتثبيت إعلان وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل – خطة التنفيذ

المرحلة الأولى: من اليوم 0 إلى اليوم 15– التثبيت وإعادة ضبط آلية المراقبة

المرحلة الثانية: من اليوم 15 إلى اليوم 60:

حكومة لبنان تخطط وتبدأ في تنفيذ خطة نزع السلاح

المرحلة الثالثة: من اليوم 60 إلى اليوم 90– الانتقال العملياتي

المرحلة الرابعة: من اليوم 90 إلى اليوم 120– مرحلة التثبيت والمسار الدبلوماسي

آليات التحقق والتنفيذ

عواقب الإخلال

الحوافز الدبلوماسية

الفصل الثاني: مبادرة لترسيم وتحديد الحدود البرية والبحرية بين سوريا ولبنان والمناطق الاقتصادية الخالصة للدولتين

القضايا الرئيسة

يتطلّب ترسيم الحدود اللبنانية–السورية إعادة فتح النقاشات حول عدد من المحاور الحيوية:

في ما يتعلق بالحدود البرية

التوصيات

الحوافز الدبلوماسية

الفصل الثالث: تحرّك مشترك لمكافحة الإتجار بالمخدرات

يشكّل الإتجار بالمخدرات تحدّيا كبيرا لاستقرار لبنان، وتعافيه الاقتصادي، وسمعته الإقليمية. فقد تحوّلت طرق التهريب عبر الحدود السورية والإسرائيلية، إضافة إلى المرافئ الساحلية والمعابر البرية غير النظامية في سهل البقاع، إلى مصادر رئيسة للدخل غير المشروع لشبكات إجرامية، وعشائر محلية، وتكتلات إجرامية عابرة للحدود. وقد أثارت عمليات إنتاج وتصدير الكبتاغون على وجه الخصوص إدانة خليجية وغربية واسعة.

الأهداف

الحوافز وآليات التنفيذ

ملاحظة ختامية

تبدأ عملية تنفيذ هذا المقترح اعتبارا من الأول من أغسطس/آب، فور مصادقة الأطراف اللبنانية والإسرائيلية والسورية عليه، كل فيما يتعلق بالتزاماته المحددة (الفصل الأول للبنان وإسرائيل، والفصلان الثاني والثالث للبنان وسوريا). وقد طلب المشاركون استمرار دعم الولايات المتحدة وفرنسا وتيسيرهما لضمان تحقيق أمن واستقرار دائمين ومستدامين في أعقاب التنفيذ الكامل لهذه المذكرة.

السيناريوهات المتوقعة للتنفيذ:

إذا كانت هذه الورقة تتضمن قضايا كثيرة، إلا أن أخطر تلك القضايا التخلص من سلاح حزب الله، وحصرية السلاح في لبنان بيد الدولة فقط، ويعد قرار الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش بوضع خطة لنزع سلاح حزب الله خطوة غير مسبوقة منذ اتفاق الطائف (1989)، ويفتح الباب أمام عدة سيناريوهات محتملة في لبنان، تتراوح بين السياسية والعسكرية، مع تداعيات داخلية وإقليمية، على النحو التالي:

أولا التسوية السياسية والتفاوض:

قد يوافق حزب الله على تسليم جزء من سلاحه أو دمجه ضمن إطار “استراتيجية دفاعية وطنية”، كما اقترح أمينه العام نعيم قاسم، بشرط ضمانات دولية مثل انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة ووقف الخروقات. هذا السيناريو يتطلب حواراً شاملاً مع الأطراف اللبنانية والدولية.

وهذا السيناريو قد يؤدي إلى استقرار نسبي، مع تعزيز سيطرة الدولة على السلاح،  لكنه يعتمد على تنازلات متبادلة، بما في ذلك ضغوط دولية لدعم لبنان اقتصادياً وسياسياً، لكن حزب الله قد يربط موافقته بحل الملف النووي الإيراني وتقدم المباحثات الأمريكية الإيرانية.

ثانيا التصعيد السياسي والانسحاب من الحكومة:

حزب الله وحليفته حركة أمل قد يصعدان مواقفهما السياسية، كما حدث بانسحاب وزيريهما من جلسة مجلس الوزراء احتجاجاً على القرار، وقد يؤدي هذا إلى شلل حكومي أو استقالة الحكومة، مما يؤدى تعميق الأزمة السياسية في لبنان، مع تفاقم التوترات الطائفية والسياسية، ويعيق الإصلاحات الاقتصادية والمساعدات الدولية، وهو أمر لن تسمح به الدول الكبرى ومعظم الطوائف اللبنانية.

ثالثا المواجهة العسكرية الداخلية:

في حال إصرار الحكومة على تنفيذ الخطة بالقوة، قد ينشب صراع عسكري بين الجيش اللبناني وحزب الله، لكن النائب عن الحزب علي عمار نفى احتمال المواجهة، مشيراً إلى “تفاهم” بين الحزب والجيش، خاصة أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى حرب أهلية محدودة أو واسعة، مما يهدد استقرار لبنان ويعيد إحياء التوترات الطائفية، لذلك فإن هذا السيناريو يبدو غير واقعى بسبب العلاقة التاريخية بين الجيش وحزب الله، لكنه ليس مستبعد تماماً إذا تصاعدت الضغوط الدولية.

رابعا تصعيد إسرائيلي عسكري:

يمكن أن تستغل  إسرائيل تستغل التأخير أو الفشل في تنفيذ خطة نزع السلاح لشن عمليات عسكرية، كما أشارت مصادر إسرائيلية إلى استعدادها لـ”ضربات مركزة” إذا لم تلتزم الحكومة اللبنانية، سواء من خلال حرب شاملة أو عمليات عسكرية محدودة قد تدمر البنية التحتية اللبنانية وتؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة، وحزب الله قد يرد بتصعيد عسكري، لكنه أضعف حالياً بسبب خسارة خطوط الإمداد مع سوريا.

خامسا تحول حزب الله إلى حزب سياسي بحت:

وهو سيناريو متفائل يتمثل في موافقة حزب الله على نزع سلاحه تدريجياً والتركيز على العمل السياسي، على غرار المليشيات التي نزعت سلاحها بعد الحرب الأهلية، وهو أمر يحقق استقرار طويل الأمد، مع تعزيز سيادة الدولة وفتح الباب أمام دعم دولي وعربي، لكنه يتطلب تنازلات كبيرة من الحزب، وهو أمر مستبعد في الوقت الحالي بسبب تمسكه بالسلاح .

العوامل المؤثرة:

كل هذه العوامل مع التوترات الراهنة تشير إلى مرحلة حرجة يمر بها لبنان قد تقود إلى أزمة سياسية أو عسكرية إذا لم تُدار بحكمة، وبمتابعة دولية قوية، حتى لا تتفجر الأوضاع في لبنان بشكل كامل، وهو ما يؤثر على استقرار الشرق الأوسط ، لذلك لن تسمح به القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

Exit mobile version
التخطي إلى شريط الأدوات